الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطور الاستشراق
العوامل التي ساعدت على تطور الاستشراق
كانت فكرة حرب الأمة الإسلامية حربًا ثقافية مطروحة على الفكر الغربي قبل الحروب الصليبية، ولكن كفة المواجهة العسكرية كانت الراجحة، أما بعد الحروب الصليبية فقد رجحت كفة الحرب الثقافية، وهذا يعني دعم المستشرقين ودفع الحركة الاستشراقية، وقد ساعدت عوامل عديدة على تطور الدراسات الاستشراقية حتى بلغت أوج ازدهارها في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين.
وفيما يأتي إبراز لأهم تلك العوامل والتطورات:
1 -
مما ساعد على تقدم الدراسات الاستشراقية في نهاية العصر الوسيط ما كان من الصلات السياسية والدبلوماسية مع الدولة العثمانية التي اتسعت رقعتها حينذاك، وكان للروابط الاقتصادية لكل من إسبانيا وإيطاليا مع كل من تركيا وسوريا ومصر أثر كبير في دفع الحركة الاستشراقية (1).
2 -
وفي القرن السادس عشر الميلادي وما بعده ساعدت ما تدعى (النزعة الإنسانية) في عصر النهضة الأوروبية على تقدم الدراسات الاستشراقية بأساليب جديدة قد تكون أقرب للموضوعية من ذي قبل، ومن جهة أخرى شجعت البابوية الرومانية على دراسات الشرق من أجل التنصير (2).
وكان مما يرمي إليه كذلك محاولة صرف أنظار الأوروبيين عن أن تتوجه بالنقد المعادي لسلطة الكنيسة من خلال إيجاد عدو خارجي تعمل
(1) انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (28)، مرجع سابق.
(2)
انظر المرجع السابق نفسه ص: (29).
على مهاجمته والتحذير منه لتغطي على عيوبها وأخطائها إبان النهضة الأوروبية وما انطوت عليه من حركات إصلاحية تمس العقيدة النصرانية وتهاجم سياسة الكنيسة ومظالمها (1)، وفي ظل هذه الظروف والتناقضات التي هزت الغرب فترة طويلة من الزمن تطور الاستشراق وراجت دراسات المستشرقين بمختلف نزعاتها وأهدافها ودوافعها، وكان لظهور الطباعة كذلك أثر بارز في دفع الاستشراق (2).
3 -
وفي القرن السابع عشر الميلادي بدأ المستشرقون بجمع المخطوطات العربية وجلبها من بلدان الشرق (3)، وفي القرن نفسه أنشئت كراسي اللغة العربية في أماكن مختلفة، كان أولها: كرسي اللغة العربية في (الكوليج في فرانس) في باريس، ثم تتابعت تلك الكراسي في الجامعات الغربية إنفاذًا لقرار مجمع (فينَّا الكنسي 1312 م)(4).
وقد ارتبط إنشاء هذه الكراسي ثقافيًا بالأهداف التنصيرية؛ مما يؤكد ذلك ما جاء في قرار إنشاء كرسي اللغة العربية في جامعة (كمبردج عام 1636 م) حيث نص على خدمة هدفين، أحدهما: تجاري، والآخر: تنصيري، فقد جاء (في خطاب مؤرخ في 9 آذار (مارس) من سنة 1636 م
(1) انظر أحمد العناني: أطول معارك التاريخ ص: (151)، مرجع سابق، وانظر في ذلك: كافين رايلي: الغرب والعالم القسم الأول ص: (195 - 199)، ترجمة عبد الوهاب محمد المسيري وغيره، من سلسلة عالم المعرفة، كتاب رقم:(90)، رمضان:(1405 هـ)، يونيو حزيران:(1985)، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
(2)
انظر: أحمد سمايلوفتش: فلسفة الاستشراق ص: (77)، مرجع سابق.
(3)
انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (30 و 61)، مرجع سابق.
(4)
انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (29)، وما سبق ذكره في الصفحات السابقة، البحث نفسه.