الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - وجهة نظر الباحث حول حاضر الاستشراق والمستشرقين ومستقبلهم:
تلخص هذه الوجهة في الأمور الآتية:
أ - لا يعني تغيير مسمى الاستشراق نهاية حركته وتوقف المستشرقين عن دراسة الإسلام وتاريخ الأمة الإسلامية، كما لا يعني تغيير مسماه تغيير تلك الروح العدائية التي لازمت المسار العام للحركة الاستشراقية وكتابات المستشرقين للإسلام وأمته، بل غير الاستشراق جلده ليدخل مرحلةً جديدة.
ب- الخطر في المرحلة الجديدة ربما يصبح أشد خطورة وأكثر عمقًا، ولا سيما أن الاستشراق تحول إلى ميدان العلوم الإنسانية (1).
ج- على الرغم من أن الفترة التي عاش الاستشراق فيها أوجه وازدهاره هي الفترة ما بين (1850 - 1950 م) وقد شهدت جهابذة المستشرقين من أمثال (جولدزيهر) و (يوسف شاخت) و (كارل بروكلمان) وغيرهم إلَّا أنَّه يوجد في الحاضر والمستشرقين من يترسم خطى السابقين ويسير على دروبهم بل ويتفوق عليهم في العداء للإسلام والأمة الإسلامية، من مثال (برنارد لويس) الذي أنجز أبحاثًا تعادي العرب والمسلمين وتعزز معتقدات اليهود وسياستهم إزاء قضايا الأمة الإسلامية، وقد أعلنت الدولة الإسرائيلية عن تكريمه من أجل بحوثه ودراساته تلك (2).
د- مما يفسح للاستشراق مجالًا واسعًا ويفتح له طورًا جديدًا الأطماع الصهيونية في بلاد العرب والمسلمين والمخططات المرسومة لإذابة ذاتية الأمة الإسلامية وإضعافها والهيمنة عليها، وإذا كان اليهود قد دخلوا
(1) انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (52)، مرجع سابق.
(2)
انظر: أنور الجندي: الإسلام في وجه التغريب ص: (417، 315)، المرجع السابق نفسه.
الحركة الاستشراقية منذ نشأتها بصفتهم الغربية لا بصفتهم اليهودية لأسباب دينية وسياسية حققوا من أهدافه القريبة والبعيدة ما حققوا فإنه يوجد اليوم جناح ضخم من الاستشراق الصهيوني قوامه (ردنسون) و (برنارد لويس)، يركز هذا النوع من الاستشراق اهتماماته بقضايا زرع الأمة اليهودية في قلب العالم الإسلامي، وما يتطلب ذلك من دراسات وأبحاث وبرامج وخطط لإضعاف الأمة الإسلامية وإذابة تميزها، ومن ثم إسكات تاريخها واحتوائها والتحكم في حاضرها ومستقبلها.
ومن أبرز هذه القضايا البحث والدراسة في تاريخ فلسطين والأنبياء عليهم السلام (إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق) وتاريخ القدس والعرب واليهود، وتفسير هذا التاريخ بما يتفق والمطامع الصهيونية والعقائد اليهودية (1).
هـ - على الرغم من ظهور دراسات معتدلة وظهور النزعة العلمية في دراسات بعض المستشرقين مثل (أنا ماري شميل) و (جاك بيرك) وغيرهما، إلا أن هذا الاتجاه وتلك النزعة تنحصر في أفراد قلائل من ناحية وفي مسائل محدودة من ناحية أخرى.
أما المسار العام للحركة الاستشراقية وكتابات المستشرقين فإنه لا زال معاديًا للإسلام.
و- مهما ضعف الاستشراق ومهما قيل عن تراجع دراسات المستشرقين أو توقفها فإن ما تم إنجازه عبر قرون من الزمان يعد ذلك -في حد ذاته بصرف النظر عن التحولات في مسار الدراسات الاستشراقية- مرجعية فكرية للغرب يصدر عنها في مواجهة الأمة الإسلامية وقضاياها، ويعتمد عليها وقت الحاجة بشتى الطرق وعلي جميع الأصعدة.
(1) انظر: المرجع السابق نفسه ص: (309 - 328).