الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعث اللَّه به محمدًا صلى الله عليه وسلم المتضمن لشريعة القرآن: ليس عليه إلَّا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والإسلام اليوم عند الانطلاق يتناول هذا، وأما الإسلام العام المتناول لكل شريعة بعث اللَّه بها نبياً فإنه يتناول إسلام كل أمة متبعة لنبي من الأنبياء) (1).
وقبل هذا عرف دين الإسلام الذي لا يقبل اللَّه غيره في دعوة كل رسول من الرسل، فقال:(وذلك إنما يكون بأن يطاع في كل وقت يفعل ما أمر به في ذلك الوقت)(2).
* * *
الإسلام إذا وصفت به الأمة
للإسلام إذا وصفت به الأمة أو أضيفت إليها معنيان:
أ - المعنى العام: وينتظم جميع الأديان السماوية، وتكون الأمة
= والإيمان جميعًا)، وقد تعقبه الطبري بقوله:(ولا وجه لما قال ابن زيد).
- إنَّ اللَّه اختصَّ أمة محمد صلى الله عليه وسلم دون سائر الأمم بمسمى الإسلام، والأدلة على ذلك من الكثرة بمكان.
راجع هذه المسألة لدى: عثمان بن جمعة ضميرية: الإسلام وعلاقته بالشرائع الأخرى، ص:(41 - 45)، الطبعة الأولى:(1410 هـ - 1990 م)، عن دار الفاروق، الطائف، وأساس الكتاب بحث في مجلة البحوث العلمية والإفتاء، العدد:[21]، صدر بتاريخ:(1408 هـ) في الصفحات: (311 - 352) ونشر فيها بعنوان: الإسلام وعلاقته بالديانات الأخرى، (مرجع سابق)، وانظر: محمد عبد اللَّه دراز: موقف الإسلام من الأديان الأخرى وعلاقته بها، مجلة لواء الإسلام؛ المرجع السابق نفسه.
(1)
ابن تيمية: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (3/ 94)، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: ابن تيمية: الرسالة التدمرية، ص:(98)، طبعة دار الوعي - دمشق، (بدون تاريخ).
(2)
ابن تيمية: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (3/ 91)، (المرجع السابق نفسه).
المنسوبة إلى هذا الدين أمة واحدة كما في قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].
ب- المعنى الخاص: وهو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم عقيدة وشريعة أخلاقًا وهديًا، وينبثق هذا الدين من كتاب اللَّه ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم القوليَّة والفعلية والتقريرية، والأمة الملتزمة بهذا الهدي والمطبقة لتعاليمه والمتبعة للرسول صلى الله عليه وسلم هي الأمة الإسلامية تشترك مع أمة الرسل في معنى الإسلام العام، وتختص بمسمى الإسلامية أو المسلمة؛ ولذلك أسباب أهمها:
1 -
كونها دعوة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128] هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كونه سماها مسلمة:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج: 78].
وقد قال بعض المفسرين: (ألهم اللَّه إبراهيم اسم الإسلام ثم ادخره بعده للدين المحمدي، فنسي هذا الاسم بعد إبراهيم ولم يلقب به دين آخر؛ لأنَّ اللَّه أراد أن يكون الدين المحمدي إتمامًا للحنيفية دين إبراهيم)(1).
وعلي الرغم من وجاهة هذا التبرير إلا أنه ينبغي عدم إطلاق المحمدية على الإسلام أو المحمديين على المسلمين، وإنما يقال: المسلمون أو الأمة الإسلامية التزامًا بما ميَّزهم اللَّه به من مسمى؛ ولأن في ذلك متابعة للمستشرقين الذين يحرصون على إطلاق مسمى (المحمدية) و (المحمديون) على الإسلام والمسلمين، ولهم مقاصد معينة سيأتي الحديث عنها في موضع آخر (2).
(1) الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير: (1/ 720)، طبعة الدار التونسية، (بدون تاريخ).
(2)
انظر: أكرم ضياء العمري: الرسالة والرسول: ص: (38)، (مرجع سابق).
2 -
كونها آخر الأمم ورسولها خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ورسالته هي خاتم الرسالات، وبها تمَّ صرح الإسلام والأمم:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 115].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتًا، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوبة، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين"(1).
لذلك ناسب أن تسمَّى أمته صلى الله عليه وسلم المسلمة أو المسلمين أو الإسلامية؛ لأنه يتحقق فيها الآتي:
1 -
كمال الخضوع والاستسلام باعتبارها تؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من كتاب وحكمة، وتؤمن بالكتب السابقة وجميع الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136]، وقال تعالى:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
2 -
كمال الدين الذي تعتقده والشريعة التي تنتهجها والرسالة التي تحملها والإسلام الذي تنتسب إليه هذه الأمة في معناها الخاص، يشتمل
(1) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: (3/ 1300)، الحديث رقم:[3342]،كتاب المناقب - باب: خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، تحقيق: مصطفى ديب البغا، (مرجع سابق)، وأخرجه مسلم بروايات متقاربة في كتاب الفضائل، باب: ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين: صحيح مسلم: (4/ 1790، 1791)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).
على أفضل الأعمال والأقوال والمعتقدات، وهو في صورته التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم قد بلغ ذروة التمام والكمال.
فكل صورة للإسلام في حياة أي أمَّة من الأمم السابقة تندرج تحته، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48]، قال ابن كثير في تفسيره (مهيمنًا) بعد أن أورد معاني عدة:(فهو أمين وشاهد وحاكم على كل كتاب قبله)(1). وهو يغني عمَّا سواه ولا يغني ما سواه عنه؛ لذلك اختصت الأمة التي تحقق عقيدته في وجودها وتطبق شريعته في حياتها وجميع شؤونها، وتحمل رسالته للعالمين أن تنسب إليه.
وعلي هذا فإن مصطلح الأمة الإسلامية يتحدد على النحو الآتي:
الأمة الإسلامية: جماعة المكلفين ومن في حكمهم الذين يدينون بعقيدة الإسلام، وما ينبثق عنها من تصور للكون والحياة والإنسان، ويطبقون شريعته وينشرون رسالته، ويصطبغون بصبغته في سلوكهم وعاداتهم ومظهرهم بما يميزهم عن غيرهم، وإمامهم في ذلك محمد بن عبد اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكتابهم القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفهم.
وأصل هذه الأمة ضارب في أعماق التاريخ من لدن كان الناس أمة واحدة على الحق وهو الإسلام توحدها عقيدة التوحيد والإيمان باللَّه، وتتواصل عبر التاريخ حتى تمثلت في الرسالة الخاتمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وستستمر حتى يأتي أمر اللَّه وهي على الحق، أمة واحدة من دون الناس لا يضرها من خذلها ظاهرة منتصرة، تُؤَمُّ وتُقْصَدُ لما تحمل من الحق والخير،
(1) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (2/ 65)، (مرجع سابق). انظر: ابن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (17/ 43، 44، 45)، (مرجع سابق).
وتحمل لواء الدعوة إلى اللَّه لتكون كلمة اللَّه هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ومجال دعوتها الأرض بجميع أقطارها والناس جميعًا مقصودون بهذه الدعوة أينما كانوا؛ لأنها رحمة للعالمين وسلم لهم.
* * *