الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موجهًا إلى مؤسس هذا الكرسي) (1): (ونحن ندرك أن لا نهدف من هذا العمل إلى الاقتراب من الأدب الجيد بإلقاء الضوء على المعرفة وهي ما تزال بعد محتبسة في نطاق هذه اللغة التي نسعى لتعلمها، ولكننا نهدف أيضًا إلى تقديم خدمة نافعة إلى الملك والدولة عن طريق تجارتنا مع الأقطار الشرقية، وإلى تمجيد اللَّه بتوسيع حدود الكنيسة، والدعوة إلى الديانة النصرانية بين هؤلاء الذين يعيشون الآن في الظلمات)(2).
4 -
وشهدت نهاية القرن السابع عشر اتجاهًا جديدًا في دراسات المستشرقين، واستمر ذلك الاتجاه خلال القرن الثامن عشر، وهو اتجاه يتسم -إلى حد ما- بنظرة علمية محايدة وفيها شيء من التعاطف مع الإسلام (3) -في الظاهر- ويربط بعض الباحثين هذا بالنزعة العقلية التي بدأت تسود أوروبا في ذلك العين، وهي مخالفة في مسارها العام للكنيسة، وبتأثير من هذه النزعة تهيأت الفرصة لبعض المستشرقين كي يقف موقف الإنصاف، ويأبى الظلم والإجحاف الذي اتسمت به القرون الوسطى، وظهرت في هذا المناخ بعض المؤلفات المعتدلة في دراستها للإسلام وعقيدته وحضارته (4).
ومن أبرز ما يمثل هذا الاتجاه:
1 -
المستشرق (هادريان ريلاند) أستاذ اللغات الشرقية في جامعة (أوترشت) بهولندا، الذي أصدر كتابًا باللغة الإنجليزية عام (1705 م)
(1) انظر: عبد اللطيف الطيباوي: المستشرقون الناطقون بالإنجليزية ص: (21)، ترجمة: قاسم السامرائي، مرجع سابق.
(2)
عبد اللطيف الطيباوي: المستشرقون ص: (21)، المرجع السابق نفسه، وانظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (30)، مرجع سابق.
(3)
انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: 30، (المرجع السابق نفسه).
(4)
انظر: المرجع السابق نفسه، ص:(32).
عنوانه: الديانة المحمدية، ففي هذا الكتاب -كما يذكر الباحثون- عرض (هادريان) في جزء منه العقيدة الإسلامية من مصادر عربية ولاتينية، وفي جزئه الآخر قام بتصحيح الآراء الغربية التي كانت سائدة لديهم عن تعاليم الإسلام (1).
ولعل مقولة (هادريان): (دعوا المسلمين أنفسهم يصفوا لنا دينهم) من أكثر ما ورد في الكتاب إنصافًا لأنَّهُ بذلك يخط منهجًا أقرب إلى العلمية وينسف أباطيل من سبقه من (اللاهوتيين) والمرتزقة، وعلي الرغم من هذا المسلك القريب من العلمية والمنهجية فإن (هادريان) حدد قصده بذلك المسلك بقوله:(إنَّهُ يَتَحَتَّمَ على المرء أن يعرف الإسلام جيدًا لكي يستطيع أن يحاربه بطريقة فعالة)(2).
ومهما يكن السبب في قوله هذا، سواءً أكان الخوف من سلطة الكنيسة وغضب جماهيرها من اتخاذه أسلوبًا يهدف للناحية العلمية فهو لذلك يجاملها بهذا القول، أو إنه كان يريد فعلًا تغيير الأساليب القديمة ويقصد الوصول إلى فهم الإسلام فهمًا صحيحًا ممهدًا بذلك السبيل إلى محاربته من جانب النصرانية بطريقة أفضل من ذي قبل، مهما يكن الأمر فإن التاريخ أثبت أن (صورة العصور الوسطى النصرانية للإسلام ظلت في جوهرها دون تغيير، وإنما نفضت عنها الثياب القديمة لأجل أن تضع عليها ثيابًا جديدة أقرب إلى العصر)(3).
(1) انظر: محمود حمدي زقزوق: الاستشراق ص: (33، 34)، المرجع السابق نفسه، وانظر: المستشرق الألماني د. فيشر في لقاء معه أجراه: علي لغزيوي، مجلة الفيصل عدد:(95)، ص:(51)، جمادى الأولى:(1405 هـ)، مرجع سابق.
(2)
محمود حمدي زقزوق: الإسلام في تصورات الغرب، ص:(84)، الطبعة الأولى:(1407 هـ - 1987 م)، عن دار التوفيق النموذجية. . . الأزهر - مصر.
(3)
عبد اللطيف طيباوي: المستشرقون. .: ص: (35)، ترجمة قاسم السامرائي، مرجع سابق.