الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسلمات حول مفهوم الاستشراق والمستشرقين وملحوظات:
يتضح من التعريفات السابقة للاستشراق والمستشرقين، ما تبعها من آراء وأقوال حول مسمى (الشرق)، أن في تلك الاراء مُسَلَّمَات من الناحيتين الجغرافية والموضوعية، ويرد عليها بعض الاعتراضات في بعض القضايا وبخاصة ما يتعلق منها بمدلول الشرق والغرب في الإسلام، وعلي الرغم من ذلك فإن نطاق الاستشراق والمستشرقين قد (اتسع مع الأيام في ناحية وضاق في ناحية أخرى؛ اتسع في الناحية الجغرافية إذ ضمَّ إلى دراسة المشرق العربي دراسة المغرب العربي، وضاق في الناحية اللغوية والدينية؛ إذ انصب اهتمام معظم المستشرقين على دراسة الإسلام في عقيدته وشريعته وتاريخه، وانصب اهتمامهم كذلك على دراسة اللغة العربية بعد أن درس معظمهم عدة لغات شرقية من هندية وصينية وغيرهما بلهجاتها المتنوعة (1)، مما يدل دلالة واضحة على أن هدف الاستشراق والمستشرقين هو الإسلام ومفتاحه اللغة العربية، ولا غير في ذلك فإن الإسلام هو مصدر عزة الشرق وقوته المعنوية والحسية؛ ولأنَّ (الإسلام هو صلب الشرق، فإذا وهن الإسلام وهن الشرق كله)(2).
ولعل أكثر ما يهم في هذا البحث هو ما قام به بعض المستشرقين من
(1) انظر عمر فروخ: الاستشراق ما له وما عليه، مجلة المنهل، العدد:(471)، ص:(15)، رمضان وشوال:(1409 هـ)، العدد السنوي المخصص.
(2)
مصطفى الخالدي وعمر فروخ: التبشير والاستعمار ص: (7)، الطبعة الثالثة:(1986 م)، عن المكتبة العصرية - بيروت. وانظر: محمد بركات البيلي: الخليفة التاريخية للاستشراق. . . (المنهل - العدد السنوي 1409 هـ)، ص:(136)، المرجع السابق نفسه.
دراسات عن الإسلام والأمة الإسلامية، تهدف في مجملها إلى توهين ذاتية الأُمَّة الإسلاميَّةِ، وإذابة تميزها في ثقافات الأمم الأخرى.
أما المسلمات المشار إليها آنفًا فهي:
- كون الأرض من حيث طبيعتها الجغرافية التي فطرها اللَّه عليها مقسومة إلى شطرين شطر تشرق منه الشمس ويسمى المشرق أو الشرق، وشطرها الآخر تغرب فيه الشمس ويسمى المغرب أو الغرب (1)، ومن المسلم به لدى العالم أجمع كون أيام الأسبوع والشهر تبدأ من شرق آسيا وتنتهي بأمريكا (2).
- ومن ناحية أخرى فإن التمايز الحضاري والثقافي بين الأمم الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط والأمم الواقعة غربه من المسلمات فقد تشكلت حضارة وثقافة ترتكز على الإسلام في جملتها في الشعوب والأمم الواقعة شرق البحر المذكور، وسادت ثقافة واحدة وحضارة واحدة في الجملة في شعوب أوروبا وأمريكا وحتى روسيا (3).
وكون التقسيم يعتمد على الثقافة والحضارة فهذا مُسَلَّمٌ به، ولكن مصطلح الشرق والغرب في هذه الناحية الموضوعية ليس مُسَلَّمًا به بل الأولى تغييره إلى الغرب والإسلام (4).
(1) انظر: محمد فتح اللَّه الزيادي: انتشار الإسلام وموقف المستشرقين منه ص: (42)، مرجع سابق.
(2)
انظر: زيد بن أحمد بن زيد العبلان: الدراسات الاستشراقية في ضوء العقيدة الإسلامية ص: (10)، رسالة ماجستير في قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة:(1406 هـ)، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض.
(3)
زيد بن أحمد العبلان: الدراسات الاستشراقية. . ص: (10، 11)، المرجع السابق نفسه.
(4)
انظر: ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية وأثرها على الدراسات الإسلامية: (1/ 13)، الطبعة الأولى:(1991 م)، عن مركز دراسات العالم الإسلامي، وقد غير =
وأما مدلول الشرق والغرب في الإسلام فإن الذي يحدده جزيرة العرب مهد الإسلام ومهبط الوحي، فما كان شرقها فهو المشرق والشرق، وما كان غربها فهو المغرب أو الغرب، وهذا ما درجت عليه الأمة الإسلامية في تاريخها القديم والحديث (1)، إلا أَنَّه شاع في العصر الحاضر (مصطلح الشرق الأوسط كمصطلح جغرافي وسياسي حتى شعوب العالم الإسلامي اعتادت هذه التسمية التي أطلقها عليهم الآخرون، مع أن المقصود بها وبالشرق الأدنى والشرق الأقصى تقسيم العالم الشرقي إلى أقسام حسب البعد والقرب من أوروبا. . . والذي يتحكم في تحديد هذه المسميات هي المصالح الغربية والمطامع السياسية وفقًا للظروف التاريخية ومراكز القوى الدولية)(2).
ويؤكد بعض الباحثين أن مصطلح الشرق الأوسط يراد به (العالم الإسلامي منطقة جغرافية استراتيجية خاضعة لنفوذهم (أي: الغرب ومن خلفهم الصهيونية العالمية) مجردة من المقومات الذاتية للأمة الوسط أي الأمة الإسلامية، والتي تنبع من الإسلام ذاته عقيدةً وتاريخًا وحضارةً) (3).
= المصطلح إلى المسيحية والإسلام غير أنه يرد مسمى المسيحية اعتراض، وقد سبق الإشارة إلى ذلك. وأما اختياري مسمى الغرب مقابل الإسلام فلكون على الغرب:(أصبح في حقيقته فكرة أيديولوجية أكثر منها فكرة جغرافية)، كما قال سيرج لاتوش: تغريب العالم ص: (32)؛ ترجمة خليل كلفت، عرض: سعيد الكفراوي، عن العربي الكويتية ص:(198)، العدد:(430)، ربيع الأول:(1415 هـ - سبتمبر 1994 م).
(1)
انظر: إبراهيم أنيس وآخرين: المعجم الوسيط: (1/ 480)، مادة (شرقت)، مرجع سابق.
(2)
انظر: محمود رياض: الشرق الأوسط في التطبيق الجوبوليتكي والسياسي ص: (19)، الطبعة الأولى:(1974 م)، عن دار النهضة العربية - بيروت.
(3)
توفيق محمد الشاوي: الشرق الأوسط والأمة الوسط ص: (4، 5)، الطبعة الأولى:(1414 هـ/ 1993 م)، عن دار الزهراء للإعلام العربي - مصر. وأشار محمد محمود =
ويمكن القول: إن الاستشراق: حركة فكرية ركزت دراساتها وأبحاثها في مجملها على اللغة العربية والدين الإسلامي للتمكن من احتواء الأمة الإسلامية، ونفي تميزها، وتحقيق سيادة الغرب وهيمنته على العالم الإسلامي بخاصة.
* * *
= الصواف إلى ما يعنيه مصطلح الشرق الأوسط؛ انظر المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام ص: (124 - 142، 188، 232 - 247)، طبعة:(1979 م)، عن دار الاعتصام، القاهرة.