الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفهوم الأمَّة الإسلامية
معنى الإسلام
يتكون مفهوم الأمَّة الإسلامية من:
الأمَّة: وسبق تعريفها بأنَّها: كل جماعة من الناس لها رؤية شاملة للإنسان والحياة والكون ينبثق عنها منهج متكامل يصبغها بصبغته، ويميزها بطابعه.
الإسلامية: نسبة إلى الإسلام.
ويطلق الإسلام ويراد به ثلاثة معانٍ:
الأول: الاستسلام والخضوع والانقياد لله جلَّ وعلا، ويدخل في ذلك جميع خلق اللَّه طوعًا وكرهًا، قال تعالى:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83]، (فكل العوالم مسلمة لله تعالى إنسها وجنّها وحيوانها وجمادها)(1)، وهذا المعنى داخل في الإرادة الكونية القدرية (2).
ويخص بنو آدم بالعهد الذي أخذه اللَّه عليهم، وفطرهم عليه، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} (3)[الأعراف: 172].
(1) سيد قطب: في ظلال القرآن: (4/ 2469)، (مرجع سابق).
(2)
وانظر: الإسلام بهذا المعنى في دائرة المعارف الإسلامية مادة (إسلام)، (مرجع سابق).
(3)
وسيجري بحث هذه المسألة في مطلب العقيدة بوصفها مقومًا من مقومات تميُّز الأمَّة الإسلامية. وانظر: عبد الحليم أحمدي: معنى فطرية الإسلام عند الإمام ابن تيمية، مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، الصفحات:(301 - 324)، العدد:[20]، =
الثاني: الدين الحق الذي جاءت به جميع الأنبياء والرسل، قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13].
وقال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ. . . وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 163 - 164].
كل الأنبياء والرسل جاؤوا بدين الإسلام من أولهم إلى آخرهم (وأولهم يبشر بآخرهم ويؤمن به وآخرهم يصدق بأولهم ويؤمن به)(1).
وفي هذا قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)} [آل عمران: 81].
وجاء على لسان كل رسول ونبي الإقرار بالإسلام أو الوصية به أو الدعاء أن يكون هو وذريته من المسلمين، وللمثال على ذلك:
- ما ورد عن نوح عليه السلام بأنَّه قال: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)} [يونس: 72].
- ووصف إبراهيم عليه السلام بأنَّه: {كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67].
- ودعوته هو وابنه إسماعيل لهما ولبعض ذريتهما ووصيته لبنيه، قال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً} [البقرة: 127، 128]،
= السنة: [8]، ذو القعدة:(1413 هـ - مايو 1993 م)، تصدر عن مجلس النشر العلمي، بجامعة الكويت.
(1)
ابن تيمية: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (3/ 92)، (مرجع سابق)، وانظر: محمد عبد اللَّه دراز: موقف الإسلام من الأديان الأخرى وعلاقته بها، ص:(681 - 688)، مجلة لواء الإسلام: عدد: [11]، السنة:[11]، رجب 1377 هـ.
وقال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].
- وكرر هذه الوصية يعقوب لبنيه عند وفاته، قال تعالى:{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].
- ومن دعوة يوسف عليه السلام قوله: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].
- وجاءت دعوة موسى عليه السلام لقومه: {يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84].
- وممَّا يؤكد ذلك إعلان فرعون عن إسلامه عندما أدركه الغرق، قال تعالى:{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90].
- وفي رسالة سليمان عليه السلام إلى بلقيس جاء: {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 31].
- وعن إسلام عيسى عليه السلام ومن اتبعه من الحواريين، قال تعالى:{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة: 111].
وقد وردت أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين حقيقة دين الأنبياء وأنَّه الإسلام منها قوله صلى الله عليه وسلم: "أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة، ليس بيني وبينه نبي، والأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد"(1)، وقال جمهور العلماء: (معنى الحديث: أصل إيمانهم واحد
(1) أخرجه البخاري: صحيح البخاري: (3/ 1270)، الحديث رقم:[3259]، تحقيق: =
وشرائعهم مختلفة فإنَّهم متفقون في أصول التوحيد، وأمَّا فروع الشرائع فوقع فيها الاختلاف) (1).
يقول ابن تيمية: (الرسل دينهم واحد وإن تنوعت الشرعة والمنهاج والمنسك فإنَّ ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحدًا كما لا يمنع ذلك في شرعة الرسول الواحد)(2).
الثالث: الإسلام هو الدين الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم وإليه تنسب أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن تيمية: (وقد تنازع النَّاس فيمن تقدَّم من أمَّة موسى وعيسى، هل هم مسلمون أم لا (3)؟ وهو نزاع لفظي، فإن الإسلام الخاص الذي
= مصطفى البُغا، (مرجع سابق)، ورواه مسلم بألفاظ متقاربة؛ انظر: صحيح مسلم: (4/ 1837 كتاب الفضائل- باب: فضائل عيسى عليه السلام رقم الحديث: [2365]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).
(1)
محمد فؤاد عبد الباقي: تعليقه على الحديث رقم: [2365]؛ صحيح مسلم: (4/ 1837)، المرجع السابق نفسه.
(2)
ابن تيمية: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (3/ 92)، (مرجع سابق)، وانظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (1/ 186)، (مرجع سابق).
(3)
للعلماء في هذه المسألة عدة أقوال منها:
- إن الإسلام يطلق على كل دين حق ولا يختص بأمَّة محمد صلى الله عليه وسلم، وممن قال بهذا ابن صلاح: فتاوى ومسائل ابن صلاح. .: (1/ 213، 214)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، الطبعة الأولى:(1406 هـ - 1986 م)، عن دار المعرفة، بيروت.
- إن الإسلام يطلق على الرسل والأنبياء دون أممهم، ولم يطلق على أممهم إلا من باب التغليب، وإن أمَّة محمد صلى الله عليه وسلم اختصت بمسمى المسلمين ومسمى المؤمنين وهما من اسمي اللَّه، وسمي دينهم الإسلام، ولم يوصف بهذا الوصف إلا الأنبياء دون أممهم. انظر: السيوطي الخصائص الكبرى: (2/ 208)، (مرجع سابق)، وورد مثل هذا لدى الطبري:(9/ 194)، (مرجع سابق)، عن ابن زيد في قوله تعالى:{هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} قال (لم يذكر اللَّه بالإسلام والإيمان غير هذه الأمة ذكرت بالإسلام =