الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - حديث: "من آذى ذميًا فأنا خصمه
".
رواه أبو داود بنحوه في كتاب الخراج من سنته عن سلميان بن داود بن مهران عن ابن وهب عن أبي صخر المدني عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم وفيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إلا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة" وإسناده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يُسم من أبناء الصحابة، فإنهم عدد كثير ينجبر به جهالتهم، وقد سكت عليه أبو داود فهو عنده صالح. ورواه البيهقي في سنته من طريق ابن وهب كما أخرجناه، لكنه قال: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله عن آبائهم دنية، فكذره بلفظ:"ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعه إلى صدره: "ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله وذمة رسول الله، حرم الله عليه ربح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا.
قلت: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وجابر، وأبي بكرة، وأبي هريرة، وعبد الله بن جراد وغيرهم.
أما حديث عبد الله بن عمرو، فرواه البخاري في الصحيح ولفظه،
ومن لم يُسم: "من قتل معاهدًا بغير حق، لم يرح رائحة الجنة، وإنه ليوجد ريحها من مسيرة أربعين عامًا".
وأما حديث جابر، فرويناه من حديث العباس بن أحمد المذكر، قال: حدَّثنا داود بن علي بن خلف، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدَّثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من آذى ذميًا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" وهكذا أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات وقال: قال الخطيب: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، والحمل فيه عندي على المذكر، وكان غير ثقة.
قلت: والراوي عنه متهم بالاختلاق.
وأما حديث أبي بكرة، فرواه أبو داود والنسائي في سننهما والإمام أحمد والدرامي في مسنديهما والحاكم وابن حبان في صحيحهما، والبيهقي في سننه ولفظه:"ومن قتل نفسًا معاهدة بغير حلها، فقد حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها".
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحاكم في صحيحه، وقال: على شرط مسلم، والترمذي في جامعه وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه كلهم من حديث محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا:"من قتل نفسًا معاهدة، له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحته الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا" وهو عند الطبراني من وجه آخر بلفظ: "من مسيرة مائة عام".
قلت: وفي تصحيح الحاكم له مقال، ليس هذا محله.
وأما حديث عبد الله بن جراد، فأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ومن طريقه أبو منصور الديلمي في الفردوس بلفظ:"من ظلم ذميًا مؤديًا لجزيته موفيًا لعهده فأنا خصمه يوم القيامة". وفي سنده من اتهم بالوضع.
وأما حديث من لم يسم: فهو عند أحمد في سمنده من حديث هلال بن يساف عنه مرفوعًا: "سيكون قوم لهم عهد فمن قتل رجلاً منهم لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما".
تنبيه: ذكر ابن الجوزي في الموضوعات نقلاً عن خط القاضي أبي يعلي محمد بن الحسين بن الفراء، عن خط ابي حفص البرمكي، قال: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد الصيدلاني يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: أربعة أحاديث تدور في الأسواق ليس لها أصل، فذكر منها: (ومن آذى ذميًا فأنا خصمه يوم القيامة".
قلت: وحكاه ابن الصلاح عن أحمد في نوع المشهور ذكره مثالاً، وتعقب غير واحد ابن الصلاح بأن هذا لا يصح، فقد أخرج أحمد في مسنده أحدهما ورد بأن هذا فيه نظر، فكم من حديث قال فيه أحمد: لا يصح وخرجه في مسنده، ومن نظر كتب العلل لابنه عبد الله، والأثرم، والخلال، عرف صحة هذا، وفيه نظر أيضًا، فإنه لم يقل: لم تصح، وإنما قال: لا أصل لها، نعم يحتمل أن يكون مراده لا أصل لها، أي صحيح، لكنه بعيد من السياق. وبالله التوفيق.
فائدة: ترجم ابن حبان في صحيحه: إيجاب دخول النار لمن أسمع أهل الكتاب ما يكرهونه، وساق فيه حديثًا عن أبي موسى الأشعري بلفظ:"من سمع يهوديًا أو نصرانيًا دخل النار".
وهذا فيه غلط كبير، وذلك أن لفظ الحديث:"من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي دخل النار"، هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة والإمام أحمد في مسنديهما من الطريق التي أخرجه ابن حبان منها، وحينئذ فلا يصح أن يكون شاهدًا لهذا الحديث وإنما ذكرته للتنبيه على ما وقع فيه لئلا يغتر به والعلم عند الله تعالى.