الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
52 - حديث الهندباء
.
يروى عن أنس بن مالك والحسين بن علي بن أبي طالب وأبيه، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
أما حديث أنس، فأخرجه أبو أحمد بن عدي في «الكامل» من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن ابن أنس عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الهندباء من الجنة» .
قلت: ومن هذا الوجه أورده أبو الفرج ابن الجوزي في «الموضوعات» وأعله بعنبسة فقد قال فيه ابن معين: لا شيء، ومرة أخرى: ضعيف، ومرة: لا أعرفه، وقال البخاري، وأبو زرعة وابن عدي: منكر الحديث، زاد أبو زرعة: واهي الحديث، وفي رواية عن البخاري: تركوه وقال النسائي وأبو حاتم: متروك، زاد أبو حاتم: كان يضع. وترك أحمد بن يونس الرواية عنه، وضعفه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال الترمذي: يضعف، وقال الأزدي: كذاب. وقال ابن حبان: وهو صاحب أشياء موضوعة لا يحل الاحتجاج به. انتهى.
ووجدت له طريقًا أخرى؛ أخرجها الحارث بن أبي أسامة، ومن طريقه أبو نعيم والديلمي من طريق أبان بن المحبر عن أبان بن أبي عياش، عن أنس مرفوعًا بلفظ:"كلوا من الهندباء، ولا تنفضوه، فإنه ليس من يوم من الأيام إلا وقطرات من الجنة تقطر عليه" لكنها أيضًا واهية.
وابن المحبر ـ وهو بحاء مهملة وزن محمد ـ قال فيه الأزدي: متروك، وقال أبو حاتم: ضعيف مجهول وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه.
وابن أبي عياش ـ وهو بتشديد التحتانية وآخره معجمة ـ متروك الحديث وضعفه غير واحد.
وأما حديث الحسين، فرواه أبو نعيم في "الب النبوي" له من طريق محمد بن يونس ـ هو الكديمي ـ حدثنا إبراهيم بن الحسن العلاف حدثنا عمر بن حفص المازني عن بشر بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "ما من ورقة من ورق الهندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة".
والكديمي ـ هو بضم الكاف مصغر ـ قد رماه ابن حبان بالوضع وبشر، صرح غير واحد بجهالته. واللذان بينهما لم أقف على حالهما، نعم قد زعم ابن الجوزي أن الإمام أحمد قال في عمر: حرقنا حديثه. لكن يحتاج ذلك إلى نظر. نعم، رأيت الطبراني في أورد هذا الحديث في "معجمه الكبير" ومن طريقه أبو نعيم أيضًا قال: حدثنا
أحمد بن داود المكي حدثنا حفص بن عمر المازني حدثنا أرطاة بن الأشعت العدوي حدثنا بشر بن عبد الله بن عمرو بن سعيد الخثعمي قال: دخلت على محمد بن علي بن الحسين وعنده ابنه فقال: هلم إلى الغداء فقتل: قد تغديت يا بن رسول الله، فقال لي: إنه هندباء فقلت: يا ابن رسول الله وما في الهندباء؟ قال: حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من ورقة من ورق الهندباء إلى وعليها قطرة من ماء الجنة". ثم ذكر حديثًا في فضل البنفج.
فجوزت أن يكون حفص هو عمر السابق انقلب اسمه في أحدهما وسقط أرطأة من الأول أو زيد هنا فإن يك الصواب ما هنا، فقد جزم شيخنا تبعًا للياسوفي بأنه لا يعرف. على أن أرطاة قال فيه ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به وإن كان كما سبق فالنظر باق والله أعلم.
وأما حديث علي، فرويناه في خبر طويل من طريق أبي محمد عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي عن صالح بن بيان عن أسد بن سعيد عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ: "كلوا الهندباء من غير أن تنفض أو تغسل فإنه ليس فيها ورقة إلا وفيها من [ماء] الجنة".
وابن حبيب اتهمه ابن حبان بالوضع، وقال أبو نعيم: إنه روى الموضوعات، وقال ابن معين: ليس بشيء. وشيخه، قال الدارقطني:
إنه متروك، وضعفه الخطيب، وقال: يروي المناكير عن الثقات وقال العقيلي: يحدث بالمناكير عن من لا يحتمل، والغالب على حديثه الوهم. انتهى. وذكر الطوسي في رجال الشيعة أسد بن سعيد النخعي الكوفي وقال: إنه أخذ عن جعفر الصادق فلعله المذكور هنا، لكن قد أخرج المستغفري في أواخر الطب له هذا الحديث من هذا الوجه إلا أنه قال: عن أسد بن سعيد عن صالح عن جعفر فقلب إسناده، وعنده فيه:"إن الهندباء طعام الخضر وإلياس واليسع وبوشع بن نون، يجتمعان في كل عام بالموسم، يشربان شربة من ماء زمزم يقوم بهما إلى قابل".
وقال عقبه: إنه منكر، وإسناده ليس بصحيح، فإن أسد بن سعيد يوري العجائب وينفرد بالمناكير وصالح بن بيان مثله. انتهى.
ولست أدري أيهما الصواب. فالله أعلم.
وقد رواه أبو الحجاج النصر بن طاهر فحذف الصحابي قال: حدثنا مسعدة بن اليسع حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من رمانة إلا وفيها حبة من رمان الجنة فإذا أكل أحدكم رمانة فلا يسقط منها شيئًا، وما من ورقة من الهندباء إلا وفيها قطرة من ماء الجنة".
وهكذا رواه ابن الجوزي عن مسعدة بلفظ: "في كل ورقة من الهندباء وزن حبة من ماء الجنة"، لكن مسعدة كذبه أبو داود، وقال أحمد: حرقنا حديثه منذ دهر. وأسقه هو وابن معين وأبو خيثمة فيما قاله محمود بن غيلان.
وأما حديث ابن عباس، فأخرجه أبو نعيم من طريق صالح بن سهل عن موسى بن معاذ المكي، عن عمر بن يحيى بن أبي سلمة حدثتني أم كلثوم بنت أبي سلمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالهندباء، فإنه ما من يوم إلا وهو تقطر عليه قطرة من قطر الجنة"، وموسى، وعمر ضعيفان فيما قاله الدارقطني وصالح ما عرفته.
وبالجملة فالحديث منكر من هذه الطرق كلها وكأنه موضوع.
وقد أورده ابن الجوزي في "موضوعاته" وقال صاحب الهدى: "الهندباء ورد فيه ثلاثة أحاديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يثبت مثلها بل هي موضوعة.
أحدها: "كلوا الهندباء ولا تنفضوه، فإنه ليس يوم من الأيام إلا وقطرات من الجنة يقطر عليه".
الثاني: "من أكل الهندباء ونام عليه لم يحل فيه سم ولا سحر".
الثالث: "ما من ورقة من ورق الهندباء إلا وعليها قطرة من الجنة". انتهى، ولم يعزها إلى مخرج لعدم اعتماده عليها ووقع في باب بيع الأصول والثمار من نسختي بشرح المنهاج للدميري فيما عزاه إلى أبي نعيم في الطب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الهندباء. لم أقف على ذلك في الكتاب المذكور وبالله التوفيق.