الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
97 - الحمد لله: أملي الديمي على البحيري ومن خطه نقلت ما نصه: حضر الإمام أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش الكوفي مجلس الحسن بن عمارة كوفي، فسئل الأعمش عن الحسن بن عمارة تكلم فيه، فلما أن رجع إلى البيت بعث وراء الأعماش وأحسن إليه، وقال له: أريد أن تبدل
ذلك الكلام بحسن، ففعل، فقيل للأعمش في ذلك فقال: حدثني إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها"، هذا سنده صحيح انتهى، زاد البحيري من عنده: والذي لم يقل: إنه حديث ما اطلع على حديث المصطفى، يكفيه أنه مخاف وافتى بغير علم.
واتفق دخولي جامع الأزهر فسئلت عن الحديث والقصة. فقلت: الحديث والحكاية باطلان فبادر من أعلمني بما تقدم.
فكتبت ما نصه: الحمد لله الهادي للحق، هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا عن ابن مسعود بل ولا عن الأعمش كما صرح به بعض الحفاظ، ولا ينافيه قول ابن عدي في الكامل: إن المحفوظ وقفه، لإيراده إياه كذلك بسند فيه من اتهم بالكذب ورمى بالوضع، ومعاذ الله أن يصدر مثل هذا من الأعمش الزاهد، الناسك، التارك للدنيا الذي وصفه القائل بقوله: ما رأيت الأغنياء والسلاطين عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته.
وقال ابن معين فيما حكاه الحاكم: أجود الأسانيد: الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، فقيل له: الأعمش مثل الزهري؟ فقال:
برئت من الأعمش أن يكون مثل الزهري، الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أمية، والأعمش فقير صبور مجانب للسلطان، ورع عالم بالقرآن. انتهى. على أن في الحكاية والسند المكتوبين بالنسبة للمروي لنا على بطلانه عدة أوهام، لم أتشاغل بردها وأسال اله السلامة من الوقوع في مثل هذا، أو ما قاربه خطأ وإملاء.
روي أبو نعيم في الحلية والخلعي في غير الفوائد وابو محمدبن حيان ومن طريقهم يوسف بن خليل الحافظ في النوادر له وابن حبان في "روضة العقلاء" والخطيب في "تاريخ بغداد" ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال"كلهم من طريق محمد بن عبدي بن عتبة الكندي عن بكار بن أسود العيذي عن إسماعيل بن أبان الخياط قال: بلغ الحسن بن عمارة أن الأعماش وقع فيه فبعث إليه بكسوة فمدحه الأعماش فقيل لأعمش: ذممته ثم مدحته، فقال: إن خيثمة حدثني عن عبدالله بن مسعود قال: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها". وهكذا رواه ابن عدي في كامله ومن طريقه البيهقي في الحادي والستين
من شعب الإيمان وابن الجوزي في العلل والمتناهية لكن مرفوعًا، وقال ابن عدي عقبه: لم أكتبه مرفوعًا إلا من هذا الوجه وهو معروف عن الأعمش موقوفًا ثم ساقه.
وكذا البيهقي في الشعب من طريقه من طريق أحمد بن محمد بن عمر بن يونس حدثنا عبد الرازق حدثنا معمر قال: لما ولي الحسن بن عمارة مظالم الكوفة ـ بلغ الأعمش فقال: ظالم ولي مظالمنا، فبلغ الحسن فبعث إليه بأثواب ونفقة، فقال الأعمش: مثل هذا ولي علينا يرحم صغيرنا ويعود على فقيرنا ويوقر كبيرنا، فقال رجل: يا أبا محمد! ما هذا قولك فيه أمس؟ فقال: حدثني خيثمة عن ابن مسعود قال: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها".
وقال البيهقي عقبه: هذا هو المحفوظ موقوف، وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش عن خيثمة لم نكبته إلا من هذا الوجه.
قلت: ومدارها ـ أعني الرواية المرفوعة ـ على ابن أبان وقد كذبه
ابن معين وعثمان بن أبي شيبة وأبو داود، وقال الجوزجاني: ظهر منه على الكذب.
ونحوه قول الخطيب واتهمه ابن معين وابن حبان بالوضع، وقال ابن المديني: كتب عنه وتركته، وضعفه جدًا، وكذا قال أحمد: كتبت عنه، حدث بأحاديث موضوعة فتركناه، وقال البخاري: متروك، تركه أحمد والناس.
قلت: وكذا قال مسلم والنسائي والعقيلي والدارقطني والساجي والبزار: متروك الحديث، وقال زراعة وأبو حاتم: ترك حديثه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال العجلي: ضعيف، أدركته ولم أكتب عنه.
وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وقال الأزدي: كوفي زايغ، والحديث باطل والحكاية التي ذكرها عن الأعمش مع الحسن بن عمارة باطل وبكار الراوي عنه، أيضًا وهاه الأزدي وضعفه ابن الجوزي. انتهى.
أما المرفوعة، فراويها عن عبد الرازق، كذبه أبو حاتم، وابن صاعد، وسلمة بن شبيب. وقال الدارقطني: ضعيف، ومرة: متروك، وقال الخطيب: كان غير ثقة، وقال ابن حبان: لا يحتج به انتهى.
ووجدت للحديث طريقًا أخرى إلى الأعمش، فروينا في جزء طلحة بن الصقر ومن طريقه يوسف بن خليل في النوادر: حدثنا صدقة بن هبيرة، حدثنا طريف بن عبيد الله، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي سمعت المشيخة يقولون: ولي الحسن بن عمارة مظالم الكوفة فدخلوا إلى الأعمش فقالوا: يا أبا محمد الحسن بن العمارة ولي المظالم قال: الظالم وابن الظالم ولي المظالم، فبلغ الحسن فوجه إليه بكيس فيه ألف، ومنديل ثياب، فدخلوا بعد ذلك إلى الأعمش فقالوا: يا أبا محمد الحسن بن عمارة ولي المظالم قال: الصالح وابن الصالح ولي المصالح، فقالوا: بالأمس تقول: الظالم واليوم الصالح؟ قال: حدثنا خيثمة عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جبلت القلوب على حب من أحسن إليها" وإن الحسن بن عمارة قد أحسن إلينا وبر ووصل. وطريف ضعفه الدارقطني. والراوي عنه، ما عرفته وكذا المشيخة.
وقد جاء عن الأعمش بسند آخر غير الماضي، فروى ابن مردويه، ومن طريقه يوسف بن خليل في النوادر، قال: ذكر داهر بن محمد بن عبدة، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر المؤدب، حدثنا وهب بن داود، حدثنا عبيد الله بن موسى قال؛ كنا عند الأعمش فجاء أبو بكر بن عياش وجماعة من الفقهاء فقالوا له: قد بعث أمير المؤمنين إلى الأمير مالاً يقسم على فقهاء الكوفة، فقم حتى تأخذ قسطك قال: فقام وعليه فرو يلبسه في الشتاء، فإذا جاء الصيف قلَّبه، فقال له بعضهم: لو غيرت ثوبك فزبره، وقال: أنا لا أغير ثوبي، وأنا أدخل على سيدي في كل يوم وليلة خمس مرات، أغير لهذا الأمير؟ فدخلوا على الأمير ودخل معهم فسلموا ووقفوا وسلم وجلس فقال الأمير: من ذا؟ قالوا: سليمان بن مهران الأعمش، فقال: نِعم نِعم، فأمر لهم بألف، وأمر له بألف من ماله، فخرجوا وخرج معهم وهو يجزيه فقالوا: يا أبا محمد أنت الأمس تمزقه وتقول، وتقول، قال: نعم، سمعت يحيى بن وثاب يحدثنا عن علقمة، والأسود عن عبد الله بن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، وقد أحسن» .
ووهب، قال الخطيب، لم يكن بثقة والراوي عنه ما عرفته وكذا الواسطة بين ابن مردويه وداهر.
وقد روى البيهقي في الشعب من حديث قتادة عن أنس رفعه: "كان يأمر بالهداية صلة بين الناس".
ومن حديث موسى بن وردان عن أنس: تهادوا تحابوا" ومن حديث عائذ بن شريح عن أنس رفعه: "يا معشر الملأ! تهادوا فإن الهدية تذهب بالسخيمة
…
الحديث".