الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - حديث: "درهم ربا أشد من اثنين وسبعين زنية
".
لم أقف عليه بهذا اللفظ، لكن قد أخرجه الإمام أحمد والدارقطني والطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن حنظلة الراهب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية" وساقه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أحمد والدارقطني وأعله برواية حسين بن محمد المروزي حيث نقل عن أبي حاتم أنه قال في حديث رواه: إنه خطأ وأن الوهم منه، وهذا تعليل غير مرضي فإن الثقة قد يهم وإذا ثبتت عدالة الرجل وإتقانه لم يستلزم عصمته من السهو، بل حديثه على الاستقامة حتى يتبين ما وهم فيه، ولا يلزم من كونه وهم، أو أخطأ في حديث أن يكون حديثه كله وهمًا، أو خطأً، لا سيما والرجل قد أخرج له الشيخان وحدث عنه عبد الرحمن بن مهدي، وهو من أقرانه بل مات قبله، ووثقه أحمد بن حنبل والعجلي ومحمد بن سعد وابن نمير والنسائي وابن وضاح وابن قانع وابن حبان ولم أر فيه جرحًا، على أنه لم ينفرد بالحديث مع ذلك، فقد رواه
الدارقطني والطبراني أيضًا من غير طريقة ولفظه: "درهم من ربا أعظم عند الله من ستة وثلاثين زنية". لكن في سندهما ليث بن أبي سليم وهو وإن كان ضعيفًا فإنما ضعف من قبل حفظه فهو متابع قوي لكنه قد زاد في رواية الدارقطني فقط بعد قوله: زنية في الخطيئة، وهي زيادة منكرة.
ورواه الإمام أحمد والدارقطني أيضًا من حديث ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن كعب أنه قال: لأن أزني ثلاثًا وثلاثين زنية أحب إليَّ من آكل درهمًا ربا يعلم الله أني آكله حين آكله ربا. وسقط في بعض نسخ "المسند" عبد اله، وقال: عن حنظلة، وذلك وهم. وقال الدارقطني عقب تخريجه: هذا أصح من المرفوع يعني أن عبد الله إنما سمعه من كعب لا من النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا "نظر" فالظاهر أنهما حديثان لاختلاف السياق، ولأن أيوب راوي الحديث الأول عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن حنظلة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثقة جبل. نعم، قد رواه العقيلي من طريق ابن جريج
حدثني ابن أبي ملكة أنه سمع عبد الله بن حنظلة بحديث عن كعب الأحبار أنه قال: درهم ربا يأكله الإنسان وهو يعلم، أعز في الغثم من ست وثلاثين زنية.
فهذا لفظه كلفظ المرفوع، ومع هذا فالعلة غير قادحة لاحتمال أن يكون ابن حنظلة سمعه منهما، فلا مانع من أن يكون الحديث عنه عبد الله بن حنظلة مرفوعًا، وموقوفًا، وأيضًا فإنه لا يلزم من قوله الدارقطني أنه أصح من المرفوع أن يكون مقابله موضوعًا، فإن ابن جريج أحفظ من جرير بن حازم وأعلم بحديث ابن أبي مليكة منه، لكن قد تابع جريرًا ليث بن أبي سليم كما قدمناه، وقد رواه عمران بن أنس أبو أنس عن ابن أبي مليكة عن عائشة مرفوعًا بلفظ:"لدرهم ربا أعظم عند الله من سبعة وثلاثين زنية". أخرجه العقيلي وقال: لا يتابع عليه وهو كما قال.
وإذا علم هذا فالحديث حينئذ لا يكون من شرط الصحيح، بل يكون حسنًا، لأن له شواهد أخرى لا بأس بها.
منها: ما أخرجه البيهقي في "الشعب" والطبراني في "الأوسط" و"الصغير" وغيرهما من طريق محمد بن حمير عن إسماعيل بن عياش.
عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ـ رضي اله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من عان ظالمًا بباطل ليدحض به حقًا قد برئ من ذمة اله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أكل درهمًا من ربا فهو مثل ثلاثة وثلاثين زنية، ومن نبت لحمه من سحت فالنار أولى به".
ورواية إسماعيل عن غير الشاميين ضعيفة، وحنش أيضًا ضعيف. وقد أخرجه ابن عدي من طرق علي بن الحسن بن شقيق اخبرني ليث عن مجاهد عن ابن عباس نحوه.
ومنها وهو شاهد قوي: ما أخرجه الطبراني أيضًا من طرق عطاء الخرساني عن عبد الله بن سلام كما سيأتي قريبًا.
ومنها: ما رواه ابن عدي من طريق محمد بن علي بن الحسن بن شقيق عن أبيه اخبرني أبو مجاهد عن ثابت عن أنس قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الربا وعظم شأنه، وقال: "إن الدرهم يصيبه الرجل، من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ستة وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربا الربا
عرض الرجل المسلم".
وأخرجه بن أبي الدنيا في كتاب "ذم الغيبة" له والبيهقي لكن لم أقف على إسنادهما، وأبو مجاهد اسمه: عبد الله بن كيسان مروزي ضعفه أبو حاتم، وقال ابن حبان في "الثقات": يتقي حديثه من رواية ابنه إسحاق عنه وقال العقيلي: في حديثه وهم. انتهى.
والجملة الأخيرة حديث رواه أحمد من حديث بريدة ولفظه: "إن أربا الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق"، ورواته ثقات واصل الحديث من حديث عائشة أيضًا.
أخرجه أبو نعيم أيضًا، في "الحلية" ولفظة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الربا بضع وسبعون بابًا أصغرها كالواقع على أخته، والدرهم الواحد من الربا أعظم عند الله من ستة وثلاثين زنية".
وأخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق أبي نعيم وأعله بسوار ابن مصعب ونقل عن أحمد ويجي والنسائي أنه متروك الحديث.
وقال أبو داود: ليس بثقة. انتهى.
وحديث عبد الله بن سلام المشار إليه أخرجه الطبراني في "الكبير" من طريق عطاء الخراساني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام".
وعطا لم يسمع من عبد الله وقد رواه ابن أبي الدنيا والبغوي وغيرهما موقوفًا على عبد الله.
قال المنذري: وهو الصحيح، ولفظ الموقوف، في أحد طرقه قال عبد الله:"الربا اثنان وسبعون حوبًا أصغرها حوبًا كمن أتى أمه في الإسلام، ودرهم من الربا أشد من بضع وثلاثين زنية قال: يأذن الله بالقيام للبر والفاجر يوم القيامة إلا آكل الربا فإنه لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس".
قلت: وقد ذكر ابن الجوزي لما أخرج في موضوعات هذا الحديث
من أكثر الطرق التي أوردناها ما لفظه:
واعلم أن مما يرد صحة هذه الأحاديث أن المعاصي يعلم مقاديرها بتأثيراتها والزنا يفسد الأنساب ويصرف الميراث إلى غير مستحقه ويؤثر من القبائح ما لا تؤثر أكل لقمة لا يتعدى ارتكاب نهي فلا وجه لصحة هذا. انتهى.
وجاء في حديث الباب عن أبي هريرة حديث أخرجه ابن ماجه في سننه ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الربا سبعون حوبًا أيسرها أن ينكح الرجل أمه" ورجاله ثقات لكن فيهم أبو معشر روايه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وقد ضعفه الأكثرون، لكن قال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه، ووثقه غيره. انتهى، ولم ينفرد أبو معشر بهذا الحديث، فقد رواه ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن سعيد ـ وهو واهٍ ـ عن أبيه عن أبي هريرة.
وأخرجه العقيلي، والبيهقي، كلاهما من طريق عبد الله بن زياد
عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة باللفظ المذكور لكن قال: "بابا" بدل حوبا "وأصغرها" بدل أيسرها وقال البيهقي عقبه: غريب بهذا الإسناد وإنما يعرف بعبد الله بن زياد عن عكرمة، وعبد اله هذا منكر الحديث انتهى.
وبه أعله ابن الجوزي حيث ذكر الحديث في "الموضوعات" وقال: إنهم كذبوه، ونقل عن البخاري أنه قال: إنما روي هذا الحديث أبو سلمة عن عبد الله بن سلام نسه.
قلت: وقد رواه يحيى بن أبي كثير فقال: عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن البراء، أخرجه الطبراني في "الأوسط" ولفظه: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الربا اثنان وسبعون بابًا أدناها مثل إتيان الرجل أمه وإن أربا الربا استطالة الرجل في عرض أخيه".
وفي سنده عمر بن راشد وقد ضعفه الجمهور لكن وثقه العجلي. ورواه يحيى أيضًا فقال: عن أنس بن مالك أخرجه
الدارقطني ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الربا سبعون بابًا أهون باب منه الذي يأتي أمه في الإسلام وهو يعرفها وإن من اربا الربا خرق المرء عرض أخيه المسلم" وخرق عرضه: أن تقول فيه ما يكره من مساوئه. والبهتان: أن تقول فيه ما ليس فيه. وفي سنده طلحة بن زيد قال البخاري منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك الحديث ولذلك ذكره ابن الجوزي في الموضوعات.
وجاء من طريق مسروق عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ: "الربا ثلاث وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه".
ورواه الحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ورواه البيهقي من طريق الحاكم، ثم قال: هذا إسناد صحيح والمتن منكر بهذا الإسناد، ولا أعلمه إلا همًا وكأنه دخل لبعض رواته رواة الصحيح لكنه مختصرًا:"الربا بضع وسبعون بابًا والشرك مثل ذلك" ورواه ابن ماجه دون ما في آخره وسنده صحيح.
وقوله: "سبعون حوبًا" يعني سبعون ضربًا من الإثم والحوب:
الإثم كما فسره ابن عباس والحسن في قوله: "إنه كان حوبًا كبيرًا" ومنه الحديث: "رب تقبل توبتي واغسل حوبتي"، وكذا قوله:"واغفر لنا حوبنا" وتتح الحاء وتضم، وقيل: إن الفتح لغة الحجاز والضم لغة تميم.