المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌93 - الحمد لله مسألة: عن حديث: "نية المؤمن خير من عمله" هل ورد أم لا، وما حكمه وما معناه - الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية - جـ ١

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌1 - حديث: النهي عن كسر سكة المسلمين

- ‌2 - حديث: "المنبتُّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى

- ‌3 - حديث: "من آذى ذميًا فأنا خصمه

- ‌4 - حديث: "لحوم البقر داء وسمنها ولبنها دواء

- ‌5 - حديث: "ينزل الله تبارك وتعالى كل يوم مائة رحمة…الحديث

- ‌6 - حديث: "إذا انتصف شعبان فلا صوم حتى رمضان

- ‌7 - حديث: "الأرمد لا يُعاد

- ‌8 - حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة فلما سلم قال: "مر بي ميكائيل" الحديث

- ‌9 - حديث: "عمل علي رضي الله عنه لبعض أهل الذمة

- ‌10 - حديث "لا مهر أقل من عشرة دراهم

- ‌11 - حديث: "الحج جهاد كل ضعيف

- ‌12 - حديث: "يغفر للحاج في ذي الحجة والمحرم وصفر والعشرين من ربيع الأول

- ‌13 - حديث: "بشارة عثمان بالخلافة بعد عمر

- ‌14 - حديث: "أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن امرأتي تنزف الدم، فقال له أبي بن كعب: عليها شم الكافور، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من أين لك هذا يا أبي؟ " فقال: من قول امرئ القيس ابن ماء السماء:من عادة الكافور

- ‌15 - حديث: "الترهيب في النكاح

- ‌16 - حديث: "يأتي على الناس زمان يتحابون بألسنتهم ويتباغضون بقلوبهم

- ‌17 - حديث: "سيد طعام أهل الدنيا والآخرة اللحم فابدوءا به

- ‌18 - حديث: "عن مرجع الضمير فيما رواه الشيخان من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن جدته مليكة الحديث

- ‌19 - حديث: "من ترك الصلاة ثلاثة أيام متعمدًا، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله أتاه النداء من قبل الله تعالى: كذبت

- ‌20 - حديث: هل ورد في الاستغفار عقب الذكر شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من السلف أم لا

- ‌21 - حديث "التائب من الذنب كمن لا ذنب له

- ‌22 - وسئلت: عن ثغر دمياط هل فتح صلحًا أو عنوة

- ‌23 - حديث: أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقرأ (إن لدينا أنكالاً وجحيما) فصعق

- ‌24 - حديث: "كيفية قص الأظفار

- ‌25 - حديث: "لا يدخل الجنة ولد زنا

- ‌26 - حديث: "نعم العبد صُهَيْب لو لم يخف الله لم يعصه

- ‌27 - حديث "طلب الحق غربة

- ‌28 - حديث: النهي عن تخصيص المرء نفسه بالدعاء

- ‌29 - حديث: "سيد القوم خادمهم

- ‌30 - حديث: "اختلاف أمتي رحمة

- ‌31 - هل صح في ما فضل عن الأصابع من الثوب

- ‌32 - حديث: "تختموا بالعقيق

- ‌33 - سئلت: عمن قال: لا يجب على المرء إنكار ما لم يجمع على تركه، هل هو صحيح أم لا

- ‌34 - وسئلت: عن الأحاديث الودعانية ما حكمها

- ‌35 - وسئلت: عن الأحاديث الواردة في الرباط

- ‌36 - وسُئلت: عن حديث النواس بن السمعان: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك" هل ورد فيه حك أم لا

- ‌37 - حديث: "درهم ربا أشد من اثنين وسبعين زنية

- ‌38 - حديث "كفارة من استغتبته أن تستغفر له

- ‌39 - حديث: جابر: "من كان له إمام فقراءته له قراءة

- ‌40 - حديث: "لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين

- ‌41 - حديث: الاكتحال يوم عاشوراء

- ‌42 - حديث: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الطائف قبل الهجرة إلى المدينة

- ‌43 - حديث: "من لغا فلا جمعة له

- ‌44 - وسئلت: هل صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كنت نبيًا وآدم بين الماء والطين" وكنت نبيًا ولا آدم ولا طين".وهل يعتمد كلام ابن تيمية في الكراسة التي له أنه موضوع أم لا

- ‌45 - سئلت: عن ما ذكره الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي في جزء فيه وصول القراءة إلى الميت وهو: روى القاضي أبو يعلي بإسناده عن علي بن ابي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مر على المقابر فقرأ: (قل هو الله أح

- ‌46 - سئلت: عن ما نصه قال تمام: أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ثنا حفص بن عمر ثنا عاصم بن علي ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير وعن الثقة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت

- ‌47 - سئلت عن حديث: "لو كان لابن آدم جبلين من ذهب…الحديث

- ‌48 - حديث: "كل أمرٍ ذي بال .. الحديث

- ‌49 - سئلت: هل يدخل في تعريف الصحابي حيث قيل فيه: من رأى .. إلى آخه، من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أو رآه بعد وفاته كما وقع لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر فإنه لما أخبر بمرض النبي صلى الله عليه وسلم سافر نحوه فقبض صلى الله عليه وسلم قبل وصوله إلى

- ‌50 - حديث: "ما ذئبان ضاريان .. " الحديث

- ‌51 - حديث: العينة

- ‌52 - حديث الهندباء

- ‌53 - حديث: الشرب قائمًا

- ‌54 - وسئلت: عن الحديث الوارد في وصف أهل الجنة بأنهم جرد مرد. هل ورد فيه استثناء أحد من الأنبياء أم لا

- ‌55 - وسئلت عن حديث القرون

- ‌56 - وسئلت عن بنة الجهني، هل هو بموحدتين ونون أو موحدتين

- ‌57 - وسئلت: عن الأربعة الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في نسق وهل يعرف غيرهم

- ‌58 - [مسألة]:

- ‌59 - وسئلت: عن حديث "أدبني ربي فأحسن تأديبي

- ‌60 - وسئلت: عن حديث "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل

- ‌61 - وسئلت عن حديث "لا غيبة لفاسق" ومن قال: لم يقله أحد من المسلمين

- ‌62 - ثم سئلت عما ورد في المعز والشياه

- ‌63 - ثم سئلت عن حديث: "من باع دارًا لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيه". من أخرجه، وهل هو صحيح أم لا

- ‌64 - سئلت: عن ما ورد في جلوس الإمام بعد [سلامه في] مصلاه

- ‌65 - سئلت: عن أسماء أهل الصفة

- ‌66 - سئلت عن الوارد في السنا والسنوت

- ‌67 - سئلت عن مسح الوجه باليدين عقب الدعاء

- ‌68 - سئلت عن الحديث المروي وصورته:

- ‌69 - وسئلت: عن كعب الأحبار: هل هو كعب بن الأشرف، أو كعب بن لؤي

- ‌70 - مسألة: حديث عائشة: "عُذب أهل قرية كانوا يعملون عمل الأنبياء" فقيل لها: ولم ذلك يا أم المؤمنين؟ قالت: "لأنهم كانوا لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر

- ‌71 - وسئلت: عن قراءة سورة: (والعصر) عند التقاء المؤمنين

- ‌72 - مسألة: قال ربيعة: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل، وبما كان يستفتح؟ قالت: كان يكبر عشرًا ويحمد عشرًا، ويسبح عشرًا ويهلل عشرًا، ويستغفر عشرًا، ويقول: "اللهم اغفر لي واهدني وارزقني" عشرًا

- ‌73 - مسألة:

- ‌74 - مسالة:

- ‌75 - مسألة: المتكلمون في المهد:

- ‌76 - ثم سئلت عن قولهم: أمرت أن أخطاب الناس على قدر عقولهم. وقولهم: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، وقولهم: كل عام ترذلون. وقولهم: إن القمر حين انشق نزل إليه صلى الله عليه وسلم ودخل من كمه وخرج من الكم الآخر، فطاف بالكعبة. هل لهذه أصل أم لا

- ‌77 - وسئلت: عن الأنين

- ‌78 - وسئلت: "من تزين للناس بما يعلم الله منه خلافه

- ‌79 - مسألة: إذا تجاوز الرجلان في الإمامة بعد الإقامة فهما في النار

- ‌80 - وسئلت: عما اشتهر على الألسنة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا ذوي العاهات" هل له أصل؟ وما معناه

- ‌81 - سئلت: عن سند يتصل به مسند أبي ذر، للبزار، وأحضر إليَّ ورقة بخط الشيخ قاسم الحنفي كتبها في ذلك، نصها: "أنبأني أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر مشافهة أنبأنا أبو الفتح محمد بن محمد مشافهة عن أبي الحسن علي بن أحمد، أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن عبد ا

- ‌82 - سئلت: عن الوارد في البواسير، أعاذنا الله منه

- ‌83 - سألني: بعض الصوفية عن حديث: "رأيت ربي في المنام في أحسن صورة

- ‌84 - سألني: الشيخ شمس الدين الأمشاطي ـ نفع الله به ـ عما وقع في "الطبقات للحنفية" في وفاة شمس الأئمة عبد العزيز بن أحمد بن نصر الحلواني وكونها في سنة ثمان أو تسع وأربعين وأربعمائة، كيف يستقيم مع ما فيها من أن شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخس

- ‌85 - غريبة:

- ‌86 - حديث: المغفرة ليلة النصف من شعبان

- ‌87 - حديث: "يطلع الله ليلة النصف من شعبان

- ‌88 - [مسألة

- ‌89 - الحمد لله: روى الخطيب والدارقطني في "الرواة عن مالك" لهما، وأبو علي بن دوما في فوائده والرافعي في تاريخ قزوين والصابوني في الأربعين له كلهم من حديث الفضل بن غانم عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي رفعه: "من قال في اليوم مائة مرة لا إل

- ‌90 - الحمد لله مسألة: خرج البيهقي في السنن من جهة الشافعي من طريق محمد بن كعب أنه سمع رجلاً في بني وائل يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تجب الجمعة على كل مسلم، إلا امرأة أو صبي أو مملوك". وهكذا هو في أصل معتمد جدًا، قديم من مسند الشافعي سواء. وه

- ‌91 - الحمد لله مسألة:

- ‌92 - مسألة:

- ‌93 - الحمد لله مسألة: عن حديث: "نية المؤمن خير من عمله" هل ورد أم لا، وما حكمه وما معناه

- ‌94 - [مسألة]: لم يزال السؤال: يقع عن قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أستحيي ممن استحيت منه الملائكة

- ‌95 - الحمد لله سئلت عن حديث: "تناكحوا تناسلوا أباهي بكم يوم القيامة

- ‌96 - [مسألة] الحمد لله: روى الدارقطني والبيهقي في سننيهما عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا اعكتاف إلا بصيام" وسنده ضعيف، وأشار البيهقي وغيره إلى أن رفعه وهم

- ‌97 - الحمد لله: أملي الديمي على البحيري ومن خطه نقلت ما نصه: حضر الإمام أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش الكوفي مجلس الحسن بن عمارة كوفي، فسئل الأعمش عن الحسن بن عمارة تكلم فيه، فلما أن رجع إلى البيت بعث وراء الأعماش وأحسن إليه، وقال له: أريد أن تبدل

- ‌98 - سئلت: عما أورده جماعة من متأخري الفقهاء أنه صلى الله عليه وسلم قال: "التكبير جزم والسلام جزم" هل له أصل أم لا

- ‌99 - وسئلت عما اشتهر: "ما خلا جسد من حسد، والعداوة في الأهل، والحسد في الجيران

- ‌100 - وسئلت: عما اشتهر أنه من أراد أن يكون حمل زوجته ذكرًا فليضع يده على بطنها وليقل: إن كان هذا الحمل ذكرًا سميته محمدًا فإنه يكون

- ‌101 - وسئلت عن ما يكتب لمن يتعسر عليه الولادة

- ‌102 - [مسألة] الحمد لله أملى القاضي الحنفي المحب ابن الشحنة، أصلح الله أحواله، على جماعته. حديث عبد الله بن سلام في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، أورده عن البرهان الحلبي، عن الصلاح ابن عمر عن الفخر البخاري. عن ابن طبرزد، عن ابن حصين، عن ابن

- ‌103 - مسألة: روى الترمذي في جامعه في "باب ما جاء في التجار وتسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم" من حديث ابن خثيم عن إسماعيل بن عبيد ويقال: عبيد الله بن رفاعة عن أبيه عن جده أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: "ي

- ‌104 - الحمد لله: التمستم ـ نفعنا الله بركتكم ـ من العبد إيضاح ما أشكل معناه مما أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث مروان بن معاوية الفزاري عن أبي المليح الهذلي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليغضب عن من لا يفعل

- ‌105 - مسألة: هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: "يا علي قد جعلت إليك هذه السبقة بين الناس، فخرج علي، دعا سراقة بن مالك رضي الله عنه فقال: يا سراقة إني قد جعلت إليك ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم في عنقي من هذه السبقة في عنقك

الفصل: ‌93 - الحمد لله مسألة: عن حديث: "نية المؤمن خير من عمله" هل ورد أم لا، وما حكمه وما معناه

بني أم ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وأنا عصبتهم" ومن طريق حسين الأشقر عن جرير بنحوه.

‌93 - الحمد لله مسألة: عن حديث: "نية المؤمن خير من عمله" هل ورد أم لا، وما حكمه وما معناه

؟

فأجبت بما نصه: نعم: هو حديث. أخرجه العسكري في "الأمثال" والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نية المؤمن أبلغ من عمله" وقال البيهقي عقبه: إن إسناده ضعيف، وأما ابن دحية، فقال: هذا الحديث لا يصح، وصنيع ناصر السنة البيهقي أولى، إذ للحديث شواهد.

منها: ما أخرجه الطبراني في معجمه "الكبير" من حديث سهل بن

ص: 345

سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نية المؤمن خير من عمله وعمل المنافق خير مننيته، وكل يعمل على نيته فإذا عمل المؤمن عملاً ثار في قلبه نور" وهو عند الطبراني أيضًا من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، وكذا أخرجه العسكري في الأمثال:"نية المؤمن خير من عمله، ونية الفاجر شر من عمله"، وأخرجه أبو منصور الديملي في مسند الفردوس، له من حديث أبي موسى الاشعري رضي الله عنه رفعه:"نية المؤمن خير من عمله، وإن الله عز وجعل يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله، وذلك أن النية لا رياء فيها والعمل يخالطه الرياء". وهذه طرق فيها مقال، لكن يتأكد بعضها ببعض، ولا يبعد أن يرتقي بالنظر بمجموعها إلى الحسن.

ومن آخرها ظاهرة أنه مدرج لتبيين معنى الحديث، وبه صرح ثعلب نقلاً عن ابن لأعرابي أنه قال:"نية المؤمن خير من عمله"، لأن النية لا يدخلها الفساد والعمل يدخله الفساد.

ص: 346

وأراد بالفساد هنا الرياء، فقد قال الأستاذ أبو سهل الصعلوكي وقد سئل عن هذا الحديث: إن النية من مخلص الأعمال، والأعمال بمقابله الرياء والعجب.

وهذا مروي نحوه عن ابن جريج أنه قال لعطاء: ما معنى نية المؤمن خير من عمله؟ قال: لأن النية لا يكون معها رياء فيهدرها.

وقيل: إن النية خير من جملة الخيرات، ويكون من للتبعيض، لأن النية عمل أشرف الأعضاء وهو القلب، ونحوه، إن النية جزء من العبادة الذي هو خير من بقية الأجزاء سواها.

وقيل: إن القصد من الطاعات تنوير القلب، وتنويره بالنية أكثر، لأنها صفية، وقيل: إن الضمير في عمله لكافر في واقعه هي: أن مسلمًا نوى بناء قنطرة فسبقه الكافر فبناها، ولكن لا أعلم هذا السبب ثابتًا، ويبعده ما سيأتي من بعض الآثار.

وقيل: إن النية دون العمل، قد تكون طاعة لقوله صلى الله عليه وسلم:"من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة" قالوا: والعمل دون النية لا تكون

ص: 347

طاعة.

وفي الحديث: "لو أن رجلاً صام نهاره وقام ليله حشره الله على نيته، إما إلى الجنة وإما إلى النار" قيل يا رسول الله ولم ذاك؟ قال: "بنياتهم" وفي لفظ: "يبعث الله عز وجل الناس يوم القيامة على نياتهم". وفي آخر: "إنما يبعث المقتتلون [على نياتهم] " وبذلك كان تخليد الله تعالى العبد في الجنة ليس بعمله وإنما هو بنيته، لأنه لو كان بعمله لكان خلوده فيها بقدر مدة عمله أو أضعافه إلا أنه جازاه بنيته، لأنه كان ناويًا أن يطيع الله أبدًا لو بقي أبدًا فلما احترمته منيته دون نيته جزاه عليها، وكذلك الكافر، لأنه لو كان مجازي بعمله لم يستحق التخليد في

ص: 348

النار، إلا بقدر مدة كفره غير أنه نوى أنه يقيم على كفره أبدًا لو بقي فجزاه على نيته، على أن بعضهم ادعى التعارض بين الحديثين ـ أعني المسئول عنه ـ وحديث:"من هم بحسنه" من حيث اقتضاءة أن النية دون العمل لتعدد الحسنة في العمل حيث تكتب عشرًا دون النية.

وأجيب بأن العامل الذي أثيب، لم يعمل حتى هم، فالنية موجود أيضًا، إذا تقرر هذا فقد منع حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في الإحياء القول بأن سبب ترجيح النية على العمل كون النية سرًا لا يطلع عليه إلا الله والعمل ظاهرًا، ولعمل السر فضل حيث قال: وهذا صحيح، وليس هو المراد، لأنه لو نرى أن يذكر الله تعالى بقلبه، أو يتفكر في مصالح المسلمين، فيقتضي عموم الحديث أن يكون فيه التفكر خيرًا من التفكر، وكذا منع القول بأن النية بمجردها خير من العمل بمجرده دون النية، بما حاصله أنه وإن كان صحيحًا في نفسه فهو بعيد، فإن عمل الغافل لا خير فيه أصلاً والنية بمجردها خير، وليس المراد كما هو الظاهر، إلا الترجيح بين المشتركين في أصل الخير، لكن قال الكرماني موجهًا لهذا الاحتمال: لو كان المراد خير من عمل مع النية، للزم أن يكون الشيء خيرًا من نفسه مع غيره، وكذا منع الغزالي توجيهًا آخر لم يتقدم، وهو أن النية تدوم إلى آخر العمل، والأعمال لا تدوم، فقال: وهو ضعيف، لأن ذلك يرجع معناه إلى أن العمل الكثير من العمل القليل، مع أن الواقع ليس كذلك، فإن نية أعمال الصلاة قد لا تدوم إلا في لحظات معدودة، والأعمال تدوم والعموم يقتضي أن تكون نيته خيرًا من عمله، ثم قرر أن أعمال القلب التي من جملتها النية، أفضل من حركات الجوارح، وارتضى ذلك وزاد في

ص: 349

إيضاحه بما تحسن مراجعته منه.

وقد وقعت لي عدة آثار يتبين من بعضها المراد، بل ويتضمن الطعن في السبب المشار إليه كما تقدم.

فروينا عن ثابت البناني رواي الحديث الأول أنه قال: "نية المؤمن أبلغ من عمله" أن المؤمن ينوي أن يقوم الليل ويصوم النهار ويخرج من ماله فلا تتابعه نفسه على ذلك فنيته أبلغ من عمله.

وعن الحسن قال: "المؤمن تبلغ نيته وتضعف قوته، والمنافق تضعف نيته وتبلغ قوته". وعن مالك بن دينار قال: "إن للمؤمن نية في الخير ابدًا أمامه لا يبلغها عمله، وإن للفاجر نية في الشر هي أبدًا أمامه لا يبلغها عمله، والله مبلغ بكل ما نوى". وهذا عند العسكري في الأمثال، وعن سعيد بن المسيب قال:"من هم بصلاة أو صيام أو حج أو عمرة أو عمرة أو غزو فحيل بينه وبين ذلك بلغه الله ما نوى".

وقال العسكري في الأمثال: قال بعض العلماء ما معناه: أن المؤمن كلما عمل خيرًا نوى أن يعمل ما هو خير منه، فليس لنيته في الخير منتهى، والفاجر كلما عمل شرًا فنيته أن يعمل ما هو شر منه فليس لنيته في الشر منتهى.

وقال غيره: يريد أن المؤمن ينوي أشياء من أبواب الخير نحو الصدقة والصوم وغيره، فلعله يعجز عن ذلك وهو معقود النية عليه، فنيته خير من عمله، يريد خير من العمل الذي لا يعمله.

وقال بعضهم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر حسنات. قال: فصار العمل في

ص: 350

هذا الحديث خيرًا من النية قال: وليس هذا يراد للحديث الأول، وإنما تكون النية خيرًا من العمل في حال، ألا ترى أن الله يخلد المؤمن في جنته بنيته، لا بعمله، ولو جوزي بعمله لم يستوجب التخليد، وإنما خلده اله بنيته لأنه كان ناويًا أن يطيع الله أبدًا لو أبقاه أبدًا، فلما اخترمه دون نيته جزاه عليه، وكذلك الكافر نيته شر من عمله لأنه كان يقيم على كفره أبدًا، قال: وعلى هذا الحديث الآخر: "لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله" قالوا: ولا أنت يا نبي الله؟ قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بحرمة منه" أي إنما يستحق الخلود بنيته.

قلت: وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: أصابت بني إسرائيل مجاعة، فمر رجل على رمل فقال: وددته دقيقًا فأطعمه بني إسرائيل فأعطي على نيته.

وعن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن الملائكة تصف بكتبها في السماء الدنيا كل عشية بعد العصر فينادي الملك: اكتب لفلان بن فلان كذا وكذا، فيقول: يا رب إنه لم يعمله، يا رب إنه لم يعمله قال: فيقول: "إنه نواه إنه نواه".

وعن هشام بن حسان قال: "سيئة تسوءك خير من حسنة تعجبك"

ص: 351

وقال مطرف: "لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إليَّ من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا" وقال أبو حازم: "إن الرجل ليعمل السيئة ما عمل حسنة قط أنفع له منها، وإن الرجل ليعمل الحسنة ما عمل سيئة قط أضر عليه منها".

وعن يحيى بن أبي كثير إنه قال: "تعلموا النية فإنها أبلغ من العمل".

هذا ما تيسر الوقوف عليه الآن وفوق كل ذي علم عليم.

ص: 352