الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفته رضي الله عنه:
كان رجلاً طوالاً أصلع أعسر أيسر- أي يعمل بيديه جميعاً - أحور العينين، آدم اللون، وقيل كان أبيض شديد البياض تعلوه حمرة.
قال النووي في التهذيب: وإنما صار في لونه سمرة في عام الرمادة لأنه أكثر أكل الزيت وترك السمن للغلاء الذي وقع بالناس.
أشنب الأسنان، وكان يصفر لحيته، ويرجل رأسه بالحناء.
واختلف في مقدار سنه يوم مات رضي الله عنه على أقوال عدتاه - عشرة: وروى ابن جرير عن أسلم مولى عمر أنه قال: توفي وهو ابن ستين سنة، قال الواقدي: وهذا أثبت الأقاويل عندنا.
قلت: فجملة أولاده رضي الله عنه وأرضاه ثلاثة عشر ولداً، وهم زيد الأكبر، وزيد الأصغر، وعاصم، وعبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأوسط، قال الزبير بن بكار وهو أبو شحمة، وعبد الرحمن الأصغر، وعبيد الله، وعياض، وحفصة، ورقية، وزينب، وفاطمة، رضي الله عنهم. ومجموع نسائه اللاتي تزوجهن في الجاهلية والإسلام من طلقهن أو مات عنهن سبع، وهن جميلة بنت عاصم بن ثابت بن الأقلح، وزينب بنت مظعون، وعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وقريبة بنت أبي أمية، ومليكة بنت جرول، وأم حكيم بنت الحاث بن هشام، وأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وأم كلثوم أخرى وهي مليكة بنت جرول. وكانت له أمان له منهما أولاد، وهما فكيهة ولهية، وقد اختلف في لهية هذه فقال بعضهم: كانت أم ولد، وقال بعضهم: كان أصلها من اليمن وتزوجها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فالله أعلم. أهـ من البداية والنهاية.
1554 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أعز الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب" قال (1):
1554 - الترمذي (5/ 617) 50 - كتاب المناقب -18 - باب في مناقب عمر بن الخطاب، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، وإسناده حسن وله شواهد.
وكان أحبهما إليه عمر.
1555 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام" فجعل الله دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب فبنى عليه الإسلام، وهدم به الأوثان.
1556 -
* روى الطبراني عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول: "اللهم أخرجْ ما في صدر عمر من غل وأبدله إيماناً" يقول ذلك ثلاث مرات.
1557 -
* روى الطبراني عن ابن عباس قال: أول من جهر بالإسلام عمر بن الخطاب.
1558 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عمر قال: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا صبأ عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء ديباج، فقال: قد صبأ عمر فما ذاك فأنا له جار فرأيت الناس تصدعوا عنه، فقلت من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل.
1559 -
* روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
1560 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: ركب عمر بن الخطاب فرساً فركصه فانكشف فخذه، فرأى أهل نجران على فخذه شامة سوداء قالوا: هذا الذي نجدُ في كتابنا أنه يُخرجنا من أرضنا (1).
1555 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه وقال: أيد الإسلام، ورجال الكبير رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق.
1556 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 65) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
1557 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 63) وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.
1558 -
البخاري (7/ 177) 63 - كتاب مناقب الأنصار -35 - باب إسلام عمر بن الخطاب.
1559 -
البخاري (في نفس الموضع السابق).
1560 -
المعجم الكبير (1/ 66) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61) وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.
1561 -
* روى الطبراني عن زر بن حبيش قال: كنتُ بالمدينة فإذا رجل آدمُ أعسر أيسرُ ضخم إذا أشرف على الناس كأنه على دبة، فإذا هو عمر.
1562 -
* روى الطبراني عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر أصلع شديد الصلع.
1563 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن هلال قال: رأيت عمر رجلاً ضخماً كأنه من رجال سدوس. ٍ
1564 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: لو أن عِلَم عمر وُضع في كفة الميزان ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم قال وكيعٌ: قال الأعمش: فأنكرت ذلك فأتيت إبراهيم فذكرته له فقال: وما أنكرت من ذلك فوالله لقد قال عبد الله أفضل من ذلك قال: إني لحسبُ تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر.
1565 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم أوتيتُ بقدح لبنٍ، فشربتُ حتى إني لأرى الري يخرجُ من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب" قالوا: فما أولتهُ يا رسول الله؟ قال: "والعلم".؟
قال محقق الجامع: المراد بالعلم هنا: العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختص عمر بذلك لطول مدته واتفاق الناس على طاعته.
1566 -
* روى الترمذي عن عائشة رضي الل عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، فسمعنا لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشية تزفِنُ (1)، والصبيانُ
1561 - المعجم الكبير (1/ 67) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61): وإسناده حسن.
1563 -
المعجم الكبير (1/ 65) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1563 -
المعجم الكبير (1/ 67) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61): رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1564 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 69) وقال: رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا رجال الصحيح غير أسد بن موسى وهو ثقة.
1565 -
البخاري (1/ 180) 3 - كتاب العلم -22 - باب فضل العلم.
ومسلم (4/ 1859) 44 - كتاب فضائل الصحابة-2 - باب من فضائل عمر.
1566 -
الترمذي (5/ 621) 50 - كتاب المناقب -18 - باب في مناقب عمر بن الخطاب.
اللفظ: الأصوات المختلفة والضجة.
الزفن: الرقص، ورجل زفان: رقاص.
حولها، فقال:"يا عائشة، تعالي فانظري" فجئتُ فوضعتُ لحي على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي:"أما شبعت؟ أما شبعت؟ " قالت: فجعلتُ أقولُ: لا، لأنظر منزلتي عنده، إذ طلع عمر، قالت: فارفضّ الناسُ عنها، قالت: فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم: "إني لأنظرُ إلى شياطين الجن والإنس قد فروا من عمر" قالت: فرجعتُ.
1567 -
* روى الطبراني عن الحسن أن عثمانبنأبي العاص تزوج امرأة من نساء عمر ابن الخطاب فاقل: والله ما نكحتُها حين نكحتُها رغبةً في مال ولا ولد ولكن أحببتُ أن تُخبرني عن ليل عمر رضي الله عنه فسألها كيف كانت صلاة عمر بالليل؟ قالت: كان يصلي العتمة ثم يأمر أن نضع رأسه توراً من ماء نُغطيه ويتعارُ من اللي فيضعْ يده في الماء، فيمسح وجهه، ويديه ثم يذكر الله ما شاء أن يذكر ثم يتعارِّ مراراً حتى يأتي على الساعة التي يقوم في لصلاته.
1568 -
* روى أحمد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت عمر وبيده عسيبُ نخل وهو يجلس الناس يقول: اسمعوا لقول خليفة سول الله صلى الله عليه وسلم فجاء مولى لأبي بكر يقال له شديد بصحيفة فقرأها على الناس فقال يقول أبو بكر: اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة فوالله ما ألوتُكم. قال قيس: فرأيتُ عمر رضي الله عنه بعد ذلك على المنبر.
1569 -
* روى مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال لرجلٍ: (1) ما اسمُك؟
= ارفض: القوم: أي تفرقوا.
1567 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 73) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
تور: التورُ إناء يشرب فيه.
يتعار: التعار: السهر والتقلب على الفراش ليلاً مع كلام.
1568 -
أحمد في مسنده (1/ 37).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 184): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
ما ألوتكم: ما قصرت في الخيرة لكم.
1569 -
الموطأ (3/ 973) 54 - كتاب الاستئذان -9 - باب ما يكره من الأسماء.
قال ابن عبد البر: منقطع، وصله أبو القاسم بن بشران في فوائده من طريق موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر.
قال: جمرةُ، قال: ابنُ من؟ قال: ابنُ شهابٍ، قال: ممن؟ قال: من الحُرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار؟ قال: بأيها؟ قال: بذات لظى؟ قال عمر: أدرِكْأهلك فقد احترقوا، فكان كما قال عمر.
1570 -
* روى الترمذي عن بريدة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جازية سوداءُ، فقالت: إني كنتُ نذرتُ إن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها:"إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا" فقالت: نذرتُ، وجعلت تضربُ فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليٍّ وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضربُ، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت إستها وقعدت عليه، فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان ليخافُ منك يا عمر إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليٍّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقتِ الدُّفَّ".
1571 -
* روى الطبراني عن أسلم مولى عمر قال: دعا عمر بن الخطاب عليِّ بن أبي طالب فساره ثم قام عليِّ فجاء الصُّفة فوجد العباس وعقيلاً والحسين فشاورهم في تزويج عمر أم كلثوم، فغضب عقيل وقال: يا عليُّ ما تزيدك الأيام والشهور والسنون إلا العمى في أمرك؟ والله لنئ فعلت ليكونن وليكونن لأشياء عددها، ومضى يجر ثوبه. فقال علي للعباس: ووالله ما ذلك منه نصيحةٌ ولكن درة عمر أحرجته إلى ما ترى. أما والله ما ذاك رغبةً فيك يا عقيل، ولكن أخبرني عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل سببٍ ونسبٍ. منقطعٌ يوم القيامة إلا سببي ونسبي" فضحك عمر وقال: ويح عقيل سفيه أحمق.
1572 -
* روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر ابن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوةٌ من قريش يكلمنه ويستكثرنه (1)، عاليةً
1570 - الترمذي (5/ 620) 50 - كتاب المناقب- 18 - باب في مناقب عمر، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
1571 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 271) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
أحرجته: هنا بمعنى خوفته.
1572 -
البخاري (7/ 41) 62 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
ومسلم (4/ 1863) 44 - كتاب فضائل الصحابة- 3 - باب من فضائل عمر.
أصواتهن على صوته فلما استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عمر ورسوله صلى الله عليه وسلم يضحك؛ فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عجبتُ من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب" قال عمر: فأنت أحقُّ أن يهبن يا رسول الله. ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: نعم، أنت أفظُّ وأغلظُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إيهاً يا ابن الخطاب،، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قطُّ إلا سلك فجا غير فجك".
(أضحك الله سنك): قال الحافظ في "الفتح"، لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك، بل لازمه وهو السرور، أو نفي ضد لازمه وهو الحزن.
(والمراد بالفظاظة والغلظة هنا الشدة عند عمر التي يقابلها اللين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1573 -
* روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائم رأيتُ الناس يُعرضون وعليهم قُمصٌ، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغُ دون ذلك، وعُرض عليِّ ابن الخطاب وعليه قميص اجتره" قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: "الدينُ".
1574 -
* روى البزار عن ابن عباس قال: لما فُتحتِ المدائنُ أقبل الناسُ على الدنيا وأقبلتُ على عمر. فكان عامةُ حديثه عن عمر.
1575 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ عُيينةُ بن حصن بن حذيفة بن بدرٍ (1)، فنزل على ابن أخيه الحُرِّ بن قيس بن حصن وكان من النفر
1973 - البخاري (7/ 43) 63 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر.
ومسلم (4/ 1859) 44 - كتاب فضائل الصحابة-2 - من فضائل عمر.
1574 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 161) وقال: رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
1575 -
البخاري (13/ 250) 96 - كتاب الاعتصام -2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول الله تعالى (واجعلنا للمتقين إماماً). =
الذين يُدْنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشورته، كهولاً كانوا أو شُباناً. فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجه عند هذا المير، فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن لعيينة، فلما دخل قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم بأن يقع به، فقال الحُر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (1).
وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاهاعليه كان وقافاً عند كتاب الله تعالى.
1576 -
* روى البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال عمر رضي الله عنه: لولا آخر المسلمين ما فتحتُ قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر.
أقول: لا يعتبر هذا القول من عمر إلغاءاً لاجتهاده السابق، فإن الأمر يحتمل أن عمر شعر بأن ما وقفه على المسلمين كافٍ لتحقيق ما أراده من توسعة على حاضر الأمة ومستقبلها، فقرر أنه منذ العام اللاحق أن يغير سنته في الأراضي المفتوحة ولعله أراد أن يبين أن هذه القضية للاجتهاد فيها محل، ولذلك نرى أن أئمة المذاهب الأربعة لم يكونوا على رأي واحد في هذه القضية.
1577 -
* روى البخاري ومسلم عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"دخلتُ الجنة فرأيتُ فيها دراً أو قصراً. فقلتُ: لمن هذا؟ فقالوال: لعمر بن الخطاب. فأردتُ أن أدخل. فذكرتُ غيرتك" فبكى عمر وقال: أي رسول الله! أو عليك يُغارُ؟.
= ما تعطينا الجزل: العطاء الجزل: الكثير.
(1)
الأعراف: 199.
1576 -
البخاري (6/ 334) 57 - كتاب فرض الخمس-9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة.
1577 -
البخاري (7/ 40) 44 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
ومسلم (4/ 1863) 44 - كتاب فضائل الصحابة-3 - باب من فضائل عمر بن الخطاب.
1578 -
* روى أحمد عن عائشة قالت: كنت أدخلُ بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي فلما دُفن عمرُ معهم فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة على ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه.
1579 -
* روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال:"إن شئت حبستَ أصلها وتصدقت بها" قال: فتصدق بها عمر أنه لا يُباع ولا يثوهب ولا يورث. وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جُناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويُطعم غير متمول. قال فحدثتُ به ابن سيرين فقال:"غير متأثِلٍ مالاً".
وعن عمرو (1) بن دينار قال في صدقة عمر: ليس على الولي جُناحٌ أن يأكل ويؤكل صديقاً له غير متأثل فكان ابن عمر هو يلي صدقة عمر ويُهدي لناسٍ من أهل مكة كان ينزل عليهم.
وفي الحديث من الفقه أمن من وقف شيئاً على صنف من الناس وولده منهم دخل فيه.
1580 -
* روى الحاكم عن طارق بن شهاب قال: خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعنا أبو عبيدة نب الجراح فأتوا على مخاضةٍ وعمرُ على ناقةٍ له، فنزل عنها وخلع خفيه، فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته، فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين أأنت تفعل هذا تخلعُ خفيك وتضعهما على عاتقك، وتأخذُ بزمام ناقتك،
1578 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 371) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
1579 -
لبخاري (5/ 354) 54 - كتاب الشروط -19 - باب الشروط في القف.
ومسلم (3/ 1355) 35 - كتاب الوصية-4 - باب الوقف.
متأثل: تأثل فلان: ادخر مالاً ليستثمره.
(1)
البخاري (4/ 491) 40 - كتاب الوكالة-12 - باب الوكالة في الوقف ونفقته وأن يطعم صديقاً له ويأكل بالمعروف.
1580 -
المستدرك (1/ 62) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وتخوضُ بها المخاضة ما يسُرني أن أهل البلد استشرفُوك، فقال عمر أوهُ لو يقول ذا غيرُك أبا عبيدة جعلتهُ نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنا كناأذلُّ قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلبُ العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
1581 -
* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال عمر: وافقت الله في ثلاث - أو وافقني ربي في ثلاث - قلت: يا رسول الله، لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى. وقلت: يا رسول الله، يدخُلُ عليك البرُّ والفاجر، فلو أمرت أمهاتِ المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. قال: وبلغني معاتبةُ النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه، فدخلتُ عليهن قلت: إن انتهيتُنَّ أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن، حتى أتيتُ إحدى نسائه قالت: يا عمر، أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظُ نساءهُ حتى تعظهنَّ أنت؟ فأنزل الله {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} (1) الآية.
وفي رواية (2) لابن عمر قال: قال عمر: وافقتُ ربي في ثلاثٍ: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أساري بدرٍ.
1582 -
* روى الطبراني عن عمر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب أرسل إلى كعب الأحبار فقال: يا كعبُ كيف تجدُ نعتي؟ قال: أجدُ نعتك قرنٌ من حديد قال: وما قرن من حديدٍ؟ قال أميرٌ شديدٌ لا تأخذه في الله لومة لائم قال: ثم مه قال: ثم يكون من بعدك خليفة تقتُله فئة ظالمةٌ. ثم قال: مه: قال: ثم يكونُ البلاء.
1583 -
* روى الطبراني عن ابن مسعودٍ قال: ما كنا نُبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر.
1581 - البخاري (8/ 168) 65 - كتاب التفسير-9 - باب قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى).
(1)
التحريم: 5.
(2)
مسلم (4/ 1865) 44 - كتاب فضائل الصحابة-2 - باب من فضائل عمر.
1582 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 65) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1583 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 67) وقال رواه الطبراني وإسناده حسن.
السكينة: الوقار والسكون، وقيل: الرحمة، وقيل: أثر إلقاء الملك.
1584 -
* روى الطبراني عن عليٍّ قال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر، ما كنا نُبعدُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن السكينة تنطقُ على لسان عمر.
1585 -
* روى الحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: مر فتى على عمر فقال عمر: نعم الفتى. قال، فتبعه أبو ذر فقال: يا فتى استغفر لي، فقال: يا أبا ذر أستغفر لك وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: استغفر لي، قال: لا أو تخبرني فقال: إنك مررت على عمر رضي الله عنه فقال: نعم الفتى وإني سمعتُ رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه".
1586 -
* روى البخاري عن أبي بردة بن أبي موسى الأِعري قال: قال لي عبد الله بن عمر: هل تدري ما قال أبي لأبيك؟ قلتُ: لا، قال: فإن أبي قال لأبيك: يا أبا موسى، هل يسرك إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجرتنا معه، وجهادنا معه، وعملمنا كله معه برد لنا، وأن كل عملٍ عملنا بعدهُ: نجونا منه كفافاً، رأساً برأس؟ فقال أبوك لأبي: لا والله، قد اهدنا بعد رسول الله صلى لاله عليه وسلم، وصلينا، وصمنا، وعملنا خيراً كثيراً، وأسلم على أيدينا بشركثير، وإنا لنرجو ذاك، قال أبي: لكني أنا، والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعدهُ نجونا منهُ كفافاً رأساً برأس، فقلت: إن أباك والله كان خيراً من أبي.
1587 -
* روى مالك عن سعيد بن المسيب؛ أن عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلمٌ ويهوديٌ. فرأى عمرُ أن الحق لليهودي فقضى له. فقال له اليهودي: والله لقد قضيت بالحق. فضربه عمر بن الخطاب بالدرة. ثم قال: وما يدريك؟ فقال له اليهوديُّ (1): إنا نجد أنه ليس قاضٍ يقضي بالحق، إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يُسددانه
1584 - أورده الهيثمي في مجمع لزوائد (9/ 67) وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وإسناده حسن.
1585 -
المستدرك (3/ 87) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، وقال الذهبي: على شرط مسلم.
1586 -
البخاري (7/ 254) 63 - كتاب مناقب الأنصار-45 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
برد لنا: سلم لنا أجره.
1587 -
الموطأ (2/ 719) 361 - كتاب الأقضية-1 - باب الترغيب في القضاء بالحق.
ويوفقانه للحق. ما دام مع الحق. فإذا ترك الحق. عرجا وتركاهُ.
1588 -
* روى مالك عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رأيت عمر وهو يومئذ أميرُ المؤمنين، وقد وقع بين كتفيه برقاع ثلاثٍ، لبد بعضها بعض.
1589 -
* روى الطبراني عن ابن شهاب قال عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن سليمان ابن أبي حثمة: من أول من كتب من عند أمير المؤمنين؟ فقال: أخبرتني الشفاء بنت عبد الله وكانت من المهاجرات الأول أن لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما المدينة فأتيا المسجد فوجدا عمرو بن العاص فقالا: يا ابن العاص استأذن لنا على أمير المؤمنين. فقال: أنتما والله أصبتما اسمه فهو الأميرُ ونحن المؤمنون. فدخل عمر على عمرو فقال: السلامُ عليك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: ما هذا؟ فقال: انت الأمير ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب من يومئذ.
1590 -
* روى الطبراني عن عبد الله قال: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر إن إسلام عمر كان نصراً وإن إمارته كانت فتحاً، وايمُ الله ما أعلمُ على وجه الأرض أحداً إلا وجد فقد عمر، حتى العصاة، وإيم الله إني لأحسبُ بين عينيه ملكاً يسددهُ، وايمُ الله إني لأحسبُ الشيطانُ يفرقُ منه أن يحدث في الإسلام حدثاً فيرد عليه عمر، وايم الله لو أعلم كلباً يحبُّ عمر لأحببته. وفي رواية: لقد أحببت عمر حتى لقد خفت الله، وودتُ أني كنت خادماً لعمر حتى أموت.
وفي رواية: لو أن عمر أحب كلباً كان أحب الكلاب إليَّ، وفي روايةٍ: لقد خشيتُ الله في حبي عمر.
1591 -
* روى الطبراني عن زيد بن وهب قال: أتى عبد الله بن مسعود رجلان وأنا (1):
1588 - الموطأ (2/ 918) 48 - كتاب اللباس -8 - باب ما جاء في لبس الثياب، وإسناده صحيح.
1589 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1590 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78) وقال: رواه الطبراني من طرق وفي بعضها عاصم بن أبي النجود وهو حسن الحديث، وبقية رجالهما رجال الصحيح وبعضها منقطع الإسناد، ورجالهما ثقات.
يفرَقُ: يخاف.
1591 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 77) وقال: رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدهما رجال الصحيح.
عنده فقالا: يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذه الآية؟ فقرأها عليه عبد الله، فقال الرجل: إن أبا حكيم أقرأنيها كذا وكذا، وقرأ الآخر فقال: من أقرأكما فقال: عمرُ. فقال عبد اللهك اقرأ كما أقرأك عمر، ثم بكى عبد الله حتى رأيتُ دموعه تحدُرُ في الحصى، ثم قال إن عمر كان حصنناً حصيناً على الإسلام يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه، وإن الحِصن أصبح قد أسلم فالناس يخرجون منه ولا يدخلون، وزاد في روايةٍ، قال عبد الله: ما أظنُّ أهل بيتٍ من المسلمين لم يدخل عليه حزنٌ يوم أُصيب عمر إل أهل بيت سوءٍ إن عمر كان أعلمنا بالله وأقرأنا لكتاب الله وأفقهنا في دين الله، فوالله فهي أبين من طريق السيلحين. وفي روايةٍ: وكان يعني عمر إذا سلك طريقاً وجدناهُ سهلاً فإذا ذُكر الصالحون فحيهلا بعمر كان فضل ما بين الزيادة والنقصان والله لوددتُ أني أخدم مثله حتى أموت.
1592 -
* روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس مُحدثون، فإن يكُ في أمتي أحدٌ فإنه عمر" زاد زكريا بن أبي زائدة عن سعدٍ عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكنْ في أمتي منهم أحدٌ فعمر".
وفي رواية (1) مسلم عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان يقول:"قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحدثون. فإن يكن في أمتي منهم أحدٌ، فإن عمر بن الخطاب منهم".
قال ابن وهبٍ: تفسيرُ محدثون مُلهمون.
1592 - البخاري (7/ 42) 62 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
(1)
مسلم (4/ 1864) 44 - كتاب فضائل الصحابة-2 - باب من فضائل عمر.
محدثون: أراد بقوله: محدثون أقواماً يصيبون إذا ظنوا وحدسوا فكأنهم قد حدثوه بما قالوا، وقد جاء في الحديث تفسيره، أنهم ملهمون، والملهم: الذي يُلقي في نفسه الشيء، فيخبر به حدثاً وظناً وفراسة، وهو نوع يختص الله به من يشاء من عباده الذين اصطفى، مثل عمر رضي الله عنه.
1593 -
* روى الحاكم عن حذيفة رضي الله عنه قال: كان الإسلام في زمان عمر كالرجل المقبلِ لا يزدادُ إلا قُرباً، فلما قُتل عمرُ كان كالرجل المدبر لا يزدادُ إلا بعداً.
1594 -
* روى مالك عن سعيد بن المسيب رحمه الله قال: لما صدر عمر ب الخطاب من منىأناخ بالأبطح، ثم كوم كومةً من بطحاء، ثم طرح عليها رداءهُ، ثم استلقى، ومد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرتْ سني وضعفت قوتي، وانتشرتْ رعيتي، فاقبضني إليك غير مُضيع ولا مُفرطٍ ثم قدم المدينة في عقب ذي الحجة، فخطب الناس فقال: أيها الناس، قد سُنت لكم السننُ، وفُرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة، ليلها كنهارها، وضُرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال: إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجمِ، أن يقول قائل: لا نجدُ حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا، والذي نفسي بيده، لولا أن يقول الناس: زاد ابن الخطاب ف يكتاب الله لكتبتها (الشيخ والشيخةُ فارجموهما ألبتمة) فإنا قد قرأناها.
قال ابن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قُتل عمر. رحمه الله.
قال مالك: قوله: (الشيخُ والشيخةُ) يعني: الثيبُ والثيبةُ".
1595 -
* روى مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: خطب يوم الجمعة فذكرني الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر، ثم قال: إني رأيتُ كأن ديكاً نقرني ثلاث نقراتٍ، وإني لا أراهُ إلا لحُضور أجلي، وإن أقواماً يأمرونني أن أستخلف، وإن الله لم يكن ليضيع دينهُ ولا خلافتهُ، ولا الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم (1)، فإن عجل بي أمر فالخلافةُ شُورى بينَ هؤلاء
1593 - المستدرك (3/ 84) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
1594 -
الموطا (3/ 824) 41 - كتاب الحدود-1 - باب ما جاء في الرجم وإسناده صحيح.
قوله: لولا أن يقول الناس: زاد ابن الخطاب في كتاب الله لكتبتها (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة): مراد عمر رضي الله عنه: المبالغة والحث على العمل بالرجم، لأن معنى الآية باق وإن نسخ لفظها، إذ لا يسع مثل عمر رضي الله عنه مع مزيد فقهه تجويز كتبها مع نسخ لفظها.
قوله: (فإنا قد قرأناها): ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم رجم ورجم الصحابة بعده ولم ينكر عليهم أحد.
(الثيب والثيبة): أي المحصن والمحصنة وإن كانا شابين.
1595 -
مسلم (1/ 396) 5 - كتاب مواضع الصلاة-17 - باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوهما.
الستةِ الذين تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ، وإني قد علمتُ أن أقواماً يطعنون في هذا الأمر، أنا ضربتُهم بيدي هذه على الإسلام، فغن فعلوا ذلك، فأولئك أعداء الله الكفرة الضلال، ثم إني لا أدعُ بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة، ما راجعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبعه في صدري، فقال:"يا عمر، ألا تكفيك آيهُ الصيفِ، التي في آخر سورة النساء؟ " وإني إن أعشْ أقْض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن، ثم قال: اللهم إني أُشهدك على أمراء الأمصار، وإني إنما بعثتهم عليهم ليعدلُوا عليهم وليعلمُوا الناس دينهم، وسُنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويقسموا فيهم فيئهم، ويرفعوا إليَّ ما أشكل عليهم من أمرهم، ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها من الرجُل في المسجد أمر به فأخُرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليُمتهما طبخاً.
وفي حديث جويرية (1): فما كانت إلا جمعةٌ أخرى حتى طُعن عمرُ، قال: فأذن للمهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذِنَ للأنصار، ثم أذن لأهل المدينة، ثم أذن لأهل الشام، ثم أذن لأهل العراق، فكنا آخر من دخل عليه، قال: فإذا هو قد عصب جُرحه ببُرْدٍ أسودَ، والدم يسيلُ عليه، قال: فقلنا: أوْصنا ولم يسأله الوصية أحد غيرنا، قال: أوصيكم بكتاب الله، فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه، قال: وأوصيكم بالمهاجرين، فإن الناس يكثرون ويقلون، وأوصيكم بالأنصار، فإنهم شعب الإسلام الذي لجأ إليه، وأوصيكم بالأعراب، فإنهم أصلكم ومادتكُم - وفي روايةٍ: فإنهم إخوانكُمْ وعدُو عدوكُم- وأوصيكم بأهل الذمة، فإنهم ذمة نبيكُمْ، ورزقُ عيالكم، قوموا عني.
المقصود بآية الصيف: أنزل الله تعالى في الكلالة آيتين، إحداهما: التي في أول سورة النساء، وكان نزولها في الشتاء، والثانية: التي في آخر سورة النساء وكان نزولها في
(1) أخرجه البخاري، وفيها زيادات للحميدي.
الكلالة: في الميراث: أن لا يرث الميت ولد ولا والد ويرثه أقاربه.
فيئهم: الفيء: ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار عن غير حرب وقتال.
الصيف، فسميتْ آية الصيف.
وأما الستة الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فهم: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، ولم يدخل عمر رضي الله عنه معهم سعيد بن زيد لأنه من أقاربه، فتورع عن إدخاله، كما تورع عن إدخال ابنه عبد الله رضي الله عنه.
قوله: (تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: هذا البصل والثوم):
قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء: ويلحق بالبصل والثوم والكراث، كل ما له رائحة كريهة، من المأكولات وغيرها، وقال النووي: قال القاضي: ويلحق به من أكل فجلاً وكان يتجشأ، قال: وقال ابن المرابط: ويلحق به من بخر في فيه، أو به جرح له رائحة. قال القاضي: وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد، كمصلي العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها، ولا يلحق بها الأسواق ونحوها.
1596 -
* روى الطبراني عن ابن عمر قال لما طُعن عمر أرسلوا إلى طبيب فجاء رجل من الأنصار فسقاه لبناً فخرج اللبنُ من الطعنة التي تحت السرة فقال له الطبيب: اعهد عهدك فلا أراك تمسي، فقال: صدقتني.
1597 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: وُضع عمر ابن الخطاب على سريره. فتكنفهُ الناس يدعون ويثنون ويُصلون عليه. قبل أن يُرفع. وأنا فيهم. قال: فلم يرُعني إلا برجلٍ قد أخذ بمنكبي من ورائي (1). فالتفتُّ إليه فإذا هو
1596 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1597 -
البخاري (7/ 41) 63 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
ومسلم (4/ 1858) 44 - كتاب فضائل الصحابة-2 - باب من فضائل عمر.
فنتكنفه: تكنفتُ فلاناً: إذا أحطت به وصرت حولهز
لم يرعني: إلا وفلان قائم: أي لم أشعر، وإن لم يكن من لفظه، والرَّوْع: الفزع، فكأنه فاجأه بغتة من غير موعِدٍ ولا معرفة، فراعه ذلك وأفزعه.
عليٌّ. فترحم على عمر وقال: ما خلفُتَ أحداً أحبَّ إليَّ، أن ألقى الله بمثل عمله، منك. وايم الله! إن كنتُ لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك. وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"جئت أنا وأبو بكرٍ وعمرُ. ودخلتُ أنا وأبو بكر وعمرُ. وخرجتُ أنا وأبو بكر عمرُ". فإن كنت لأرجو، أو لأظنُّ، أن يجعلك الله معهما.
1598 -
* روى البخاري عن حفصة وأسلم رضي الله عنهما أن عمر قال: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم.
1599 -
* روى البخاري عن المسور بن محرمة قال: لما طُعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس - وكأنه يُجزعهُ-: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقته لتفارقنهم وهمعنك راضون. قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنما ذاك منٌّ من الله تعالى منَّ به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك منٌّ من الله جل ذكره منَّ به عليَّ، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك. والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.
1600 -
* روى مسلم عن عبد الله بن نعمر رضي الله عنهما قال: دخلتُ على حفصة فقالت: أعلمت أن أباك غيرُ مُستخلفٍ؟ قلت: ما كان ليفعل، قالت: إنه فاعلٌ، قال: فحلفتُ أن أكلمهُ في ذلك فسكتُّ حتى غدوت ولم أكلمه قال: فكنت كأنما (1) أحمِلُ بيميني
1598 - البخاري (4/ 100) 29 - كتاب فضائل المدين، باب:12.
1599 -
البخاري (7/ 43) 62 - كتاب فضائل الصحابة- 6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
جزعت الرجل: أي نسبته إلى الجزع، ويجوز أن يكون: أذهبتُ عنه الجزع بما تسليه.
جزعي: أي خوفي بسبب ما حملت من عبء الخلافة.
طِلاعُ الأرض: ملؤها: كأنه قد ملأها حتى تطلع، وتسيل.
1600 -
مسلم (3/ 1455) 33 - كتاب الإامرة-2 - باب الاستخلاف.
جبلاً حتى رجعتُ، فدخلتُ عليه، فسألني عن حال الناس، وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة، فآليتُ أن أقولها لك: زعموا أنك غير مستخلفٍ، وإنه لو كان لك راعي إبل، أو راعي غنمٍ، ثم جاءك وتركها رأيت أن قد ضيع، فرعاية الناس أشدُّ؟ قال: فوافقه قولي، فوضع رأسه ساعة، ثم رفعه إليَّ، فقال: إن الله عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلفْ، وإن أستخلفْ فإن أبا بكر قد استخلف، قال: فوالله، ما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله علي هوسلم وأبا بكر، فعلمتُ أن لم يكن ليعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، وأنه غير مُستخلفٍ.
وفي رواية (1) بمعناه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل لعمر ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه فقال: راغب وراهب، وددت أني نجوت منها كفافاً لا ليَّ ولا علي، لا أتحملها حياً وميتاً.
(راغبٌ وراهبٌ) الراغبُ: الطالب، والراهب: الخائف، والمراد: أنكم في قولكم لي هذا القول، إما راغبٌ فيما عندي، أو راهب مني، وقيل: أراد: انني راغبٌ فيما عند الله، وراهبٌ من عقابه، فلا تعويل عندي على ما قلتم لي من الوصف والإطراء.
1601 -
* روى البخاري عن مرو بن ميمونٍ قال: "رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يُصاب بأيام بالمدينة ووقف على حُذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيفٍ قال: كيف فعلتما؟ أتخافان أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيقُ؟ قالا: حملناها أمراً هي له مطيقةٌ، ما فيها كبيرُ فضل. قال: انظرا أن تكونا حملتما الأرض مالا تطيقُ. قالا: لا. فقال عمر: لئن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجلٍ بعدي أبداً. قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن
(1) البخاري (13/ 305) 93 - كتاب الأحكام- 51 - باب الاستخلاف.
1601 -
البخاري (7/ 59) 63 - كتاب فضائل الصحابة-8 - باب قصة البيعة.
أرامل: جمع أرملة، هي التي مات زوجها، والرجل إذا ماتت امرأته: أرمل، وقيل: أراد بالأرامل: المساكين من الرجال والنساء. =
عباسٍ غداة أصيب- وكان إذا مرَّ بين الصفين قال: استوُوا، حتى إذا لم ير فيهم خللاً تقدمَ فكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس - فما هو إلا أن كبر فسمعتهُ يقول: قتلني - أو أكلني-الكلبُن حين طعنه، فطار العِلجُ بسكينٍ ذات طرفين، لا يمر على أحدٍ يميناً ولا شمالاً إلا طعنهن حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة. فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرنساً، فلما ظنَّ العِلجُ أنه مأخوذ نحر نفسه. وتناول مرُ يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرون غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله. فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال: يا ابن عباس، انظر من قتلني. فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلامُ المغيرة. قال: الصِّنَع؟ قال: نعم. قال: قاتله الله، لقد أمرتُ به معروفاً، الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تُحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً. فقال: إن شئت فعلتُ- أي إن شئت قتلنا. قال: كذبت، بعد ما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجِّكم. فاحتُمِل إلى بيته، فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تُصبهم مُصيبة قبل يومئذٍ: فقائل يقول: لا بأس، وقائل يقول: أخاف عليه. فأُتي بنبيذٍ فشربه، فخرج من جوفه. ثم أتى بلبن فشربه، فخرج من جُرحه، فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه، وجاء الناس فجعلوا يُثنون عليه. وجاء رجل شابٌّ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببُشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدَمٍ في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة. قال: وددت أن ذلك كفافٌ لا عليَّ ولا لي. فلما أدبر إذا إزارُه يمسُّ الأرض، قال: ردوا عليَّ الغلام. قال: يا ابن أخي، ارفعْ ثوبك، فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك. يا عبد الله بن عمر، انظر ما عليَّ من الدين. فحسبوه فوجدوهُ ستة وثمانين ألفاً أو نحوه. قال: إن وفى له مالُ آل عمر فأدِّهِ من أموالهم، وإلا فسل في بني عدي بن كعب (1)، فإن لم
= العلج: العجميُّ في ذلك الوقت.
برنساً البرنس: هو كل ثوب رأسه منه.
رقيقاً: الرقيق: اسم لجميع العبيد والإماء.
فأتى بنبيذ فشربه: المراد بالنبيذ: تمرات نبذت في ماء، أي نقعت فيه، كانوا يصنعون ذلك لاستعذاب الماء.
كفافاً: يقال: خرجتُ من هذا الأمر كفافاً، أي: لا لي ولا عليَّ. =
تَفِ أموالُهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم، فأدِّ عني هذا المال. انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام - ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً - وقل: يستأذنُ عمر بن الخطاب أن يُدفن مع صاحبيه. فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يُدفن مع صاحبيه. فقالت: كنت أريده لنفسي، ولأوثرنه به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء. قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ قال: الذي تُحب يا أمير المؤمنين، أذنتْ. قال: الحمد لله، ما كان من شيء أهم من ذلك، فإذا أنا قضيتُ فاحملوني، ثم سلم فقل: يستأذنُ عمر بن الخطاب، فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسيرُ معها، فلما رأيناها قمنا، فولجتْ عليه فبكتْ عنده ساعة، واستأذن الرجال، فولجت داخلاً لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوص يا أمير المؤمنين، واستخلف. قال: ما أجدُ أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط - الين تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض: فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء- كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أُمِّر، فإني لم أعزله عن عجزٍ ولا خيانة. وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين، أن يعرف لهم حقهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأوصيه بالأنصار خيراً، الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم، أن يُقبل من مُحسنهم، وأن يثعفى عن مسيئهم. وأوصيه بأهل الأمصار خيراً، فإنهم ردء الإسلم، وجُباة المال وغيظ العدو، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم. وأوصيه بالأعراب خيراً، فإنهم أصلُ العرب، ومادة الإسلام، أن يُؤخذ من حواشي أموالهم، ويُرد على فقرائهم. وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يُوفى لهم بعهدهم، وأن يُقاتل من ورائهم، ولا يُكلفوا إلا طاقتهم. فلما قُبضَ خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلم عبدُ الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب (1). قالت
= تبوؤوا: تبوأت المنزل: إذا اتخذته منزلاً.
ردء: الردء: العون.
وأن يقاتل من ورائهم: أي: إن قصدهم عدوهم ودفع عنهم مضرتهم.
أدخِلوه، فأُدخِل، فوضِعَ هنالك مع صاحبيه. فلما فُرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهطُ، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثةٍ منك. فقال الزبير: قد جعلتُ أمري إلى عليِّ. فقال طلحة: قد علتُ أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظران أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان. فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إليَّ والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قال: نعم. فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابةٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلموالقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتُك لتعدلن، ولئن أمرتُ عثمان لتسمعن ولتطيعنَّ. ثم خلا بالآخر فقال مثل ذلك. فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، فبايع له عليّ، وولج أهلُ الدار فبايعوه.
قوله: (كذتَ): قال الحافظ: هو على ما ألف من شدة عمر في الدين، لأنه فهم من ابن عباس من قوله: إن شئت فعلنا، أي قتلناهم، فأجابه بذلك، وأهل الحجاز يقولون: كذبت في موضع أخطأت، وإنما قال له بعد أن صلوا، لعلمه أن المسلم لا يحل قتله، ولعل ابن عباس إنما أراد قتل من لم يسلم منهم.
قوله: (يا عبد الله انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً أو نحوه):
قال الحافظ: في حديث جابر: ثم قال: يا عبد الله أقسمت عليك بحق الله وحق عمر إذا مت فدفنتني أن لا تغسل رأسك حتى تبيع من رباع آل عمر بثمانين ألفاً فتضعها في بيت مال المسلمين، فسأله عبد الرحمن بن عوف، فقال: أنفقتها في حجج حججتها، وفي نوائب كانت تنوبني، وعرف بهذا جهة دين عمر.
قال الحافظ في الفتح: وفي قصة عمر هذه من الفوائد، شفقته على المسلمين ونصيحته لهم، وإقامة السنة فيهم، وشدة خوفه من ربه، واهتمامه بأمر الدين أكثر من اهتمامه بأمر نفسه، وأن النهي عن المدح في الوجه مخصوص بما إذا كان غلو مفرط أو كذب ظاهر، ومن ثم لم ينه عمر الشاب عن مدحه له مع كونه أمره بتشمير إزاره، والوصية بأداء الدين.
والاعتناء بالدفن عند أهل الخير، والمشورة في نصب الإمام، وتقديم الأفضل، وأن الإمامة تنعقد بالبيعة، وغير ذلك مما هو ظاهر بالتأمل، والله الموفق، وقال ابن بطال: فيه دليل على جواز تولية المفضول على الأفضل، منه، لأن ذلك لو لم يجز لم يجعل الأمر شورى إلى سنة أنفس مع علمه أن بعضهم أفضل من بعض، قال: ويدل على ذلك أيضاً قول أبي بكر: قد رضيت لكم أحد الرجلين: عمر وأبي عبيدة، مع علمه بأن أفضل منهما، وقد ستشكل جعل عمر الخلافة في ستة، ووكل ذلك إلى اجتهادهم، ولم يصنع ما صنع أبو بكر في اجتهاده فيه، لأنه إن كان لا يرى جواز ولاية المفضول على الفاضل، فصنيعه يدل على أن من عدا الستة كان عنده مفضولاً بالنبة إليهم، وإذا عرف ذلك فلم يخف عليه أفضلية بعض الستة على بعض وإن كان يرى جواز ولاية المفضول على الفاضل، فمن ولاه منهم أو غيرهم كان ممكناً، والجواب عن الأول يدخل فيه الجواب الثاني، وهو أنه إذا تعارض عنده صنيع النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يصرح باستخلاف شخص بعينه، وصنيع أبي بكر حيث صرح فتلك طريق تجمع التنصيص وعدم التعيين، وإن شئت قل: تجمع الاستخلاف وترك تعيين الخليفة، وقد أشار بذلك إلى قوله: لا أتقلدها حيثاً وميتاً، لأن الذي يقع ممن يستخلف بهذه الكيفية إنما ينسب إليه بطريق الإجمال، لا بطريق التفصيل، فعينهم ومكنهم من المشاورة في ذلك، والمناظرة فيه لتقع ولاية من يتولى بعده عن اتفاق من معظم الموجودين حينئذ ببلده التي هي دار الهجرة، وبها معظم الصحابة، وكمل من كان ساكناً مع غيرهم في بلد غيرها، كان تبعاً لهم فيما يتفقون عليه. أهـ.
1602 -
* روى الطبراني عن عبد الله بن عمر قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر طعنه طعنتين، فظن عمر أن له ذنباً في الناس لا يعلمه، فدعا ابن عباس وكان يحبه، ويدنيه ويسمع من، فقال: أحب أن نعلم عن ملأ من الناس كان هذا فخرج ابن عباس فكان لا يمر بملأ من الناس إلا وهم يبكون، فرجع إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين ما مررت على ملاء إلا رأيتهم يبكون كأنهم فقدوا اليوم أبكار أولادهم فقال: من قتلني؟ فقال: أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة، قال ابن عباس: فرأيت البشر في وجهه فقال (1): الحمدُ
1602 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 74) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. =
لله الذي لم يبتلني أحدٌ بحاجتي يقول لا إله إلا الله، أما إني قد كنتُ نهيتكُمْ أن تجلبوا إلينا من العلوج أحداً فعصيتموني، ثم قال: ادعو إلى إخواني قالواك ومنْ؟ قال: عثمان وعلي وطلحة والزبير، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص فأرسل إلأيهم، ثم وضع رأسه في حجري. فلما جاءوا قلت هؤلاء قد حضروا قال: نعم، نظرت في أمر المسلمين فوجدتكم أيها السة رؤوس الناس وقادتهم، ولا يكون هذا الأمر إلا فيك ما استقمتم يستقم أمر الناس وإن يكن اختلاف يكنْ فيكم، فلما سمعته ذكر الاختلاف والشقاق، وإن يكن ظننت أنه كائن، لأنه قلما قال شيئاً إلا رأيته، ثم نزفه الدم فهمسوا بينهم حتى خشيتُ أن يبايعوا رجلاً منهم فقلت: إن أمير المؤمنين حي بعدُ، ولا يكون خليفتان ينظرُ أحدهما إلى الآخر، فقال: احملُوني فحملناهُ. فقال: تشاوروا ثلاثاً ويُصلي بالناس صهيبٌ قالوا: من نشاور يا أمير المؤمنين؟ قال: شاوروا المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد، ثم دعا بشربة من لبن فشرب، فخرج بياض اللبن من الجرحين فعرف أنه الموت فقال: الآن لو أن لي الدنيا كلها لافتديت به من هول المطلع، وما ذاك والحمد لله أن أكون رأيت إلا خيراً. فقال ابن عباس، وإن قلت فجزاك الله خيراً أليس قد عدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعز الله بك الدين والمسلمين إذ تخافون بمكة، فلما أسلمت كان إسلامُك عزاً وظهر بك الإسلامُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهاجرت إلى المدينة فكانتْ هجرتك فتحاً ثم لم تغبْ عن مشهدٍ شهدهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال المشركين من يوم كذا ويوم كذا، ثم قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ فوازرتَ الخليفة بعده على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت بمن أقبل على من أدبر حتى دخل الناس في الإسلام طوعاً وكرهاً، ثم قُبض الخليفة وهو عنك راضٍ، ثم وليت بخير ما ولي الناس مَصَّرَ الله بك الأمصار وجبى بك الأموال، ونفى بك العدو، وأدخل الله بك على كل أهل بيت من توسعتهم في دينهم وتوسعتهم في أرزاقهم ثم ختم لك بالشهادة فهنيئاً لك: فقال: والله إن المغرور من تغرونه، ثم قال: أتشهدُ لي يا عبد الله عند الله يوم القيامة؟ فقال: نعم، فقال: اللهم لك الحمد، ألصق خدي بالأرض يا عبد لله بن عمر (1). فوضعته من فخذي علي
= العلوج: جمع علج: وهو كل شديد غليظ من الرجال وكانت تطلق على كفار العجم.
غرة: غر الرجل غرارة وغرة: جهل الأمور وغفل عنها.
ساقي فقال: ألصق خدي بالأرض فترك لحيتهُ وخده، حتى وقع بالأرض فقال: ويلك وويل أمك يا عمر إن لم يغفر الله لك يا عمر. ثم قُبض رحمه الله: فلما قُبض أرسلوا إلى عبد الله بن عمر فقال: لا آتيكم إنْ لم تفعلوا ما أمركم به من مشاورة المهاجرين والأنصار وسراة من هنا من الأجناد قال الحسن، وذُكر له فعمل عمر عند موته وخشيته من ربه فقال: هكذا المؤمن جمع إحساناً وشفقة، والمنافق جمع إساءة وغرةً، والله ما وجدتُ فيما مضى ولا فيما بقى عبداً ازداد إحساناً إلا ازداد مخافة وشفقة منه، ولا وجدت فيما مضى ولا فيما بقى عبداً ازداد إساءة إلا ازداد غر.
1603 -
* روى البخار يعن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه، فبدت لهم قدم، ففزعوا، وظنوا أنها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدا أحداً يعلم ذلك، حتى قال لهم عروة: لا والله، ما هي قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما هي إلا قدم عمر.
قال الحافظ في الفتح: والسبب في ذلك ما رواه أبو بكر الآجري من طريق شعيب بن إسحاق عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي قال: كان الناس يصلون إلى القبر، فأمر به عمر بن عبد العزيز فرفع حتى لا يصلي إليه أحدن فلما دم بدت قدم بساق وركبة، ففزع عمر بن عبد العزيز، فأتاه عروة فقال: هذا ساق عمر وركبته، فسري عن عمر بن عبد العزيز، وروى الآجري من طريق مالك بن المغول عن رجاء بن حيوة قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز وكان قد اشترى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أن اهدمها ووسع بها المسجد، فقعد عمر في ناحية المسجد ثم أمر بهدمها، فم رأيته باكياً أكثر من يومئذ، ثم بناه كما أراد، فلما أن بنى البيت على القبر، وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة، وكان الرمل الذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز، وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له: أصلحك الله، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلاً أن يصلحها، ورجوت أن يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم- يعني مولاه-: قم فأصلحها (1).
1603 - البخاري (3/ 255) 23 - كتاب الجنائز-96 - باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم
1604 -
* روى الطبراني عن المسور بن مخرمة قال: ولي عمر عشر سنين ثم توفي.
1605 -
* روى الطبراني عن الليث بن سعد قال: قُتل أمير المؤمنين عمر مصدر الحاج وذلك في سنة ثلاث وعشرين.
1606 -
* روى الطبراني عن ابن شهاب قال: مات عمر وهو على رأس خمس وخمسين.
1607 -
* روى الطبراني عن سالم بن عبد الله أن عمر قُبض وهو ابن خمس وخمسين.
1608 -
*روى الطبراني عن ابن عمر قال: مات عمر وهو ابن خمس وخمسين وقال: أسرع إلى الشيبُ من قبل أخوالي بني المغيرة.
1609 -
* روى الطبراني عن قتادة قال قتل عمر وهو ابن إحدى وستين.
1610 -
* روى الطبراني عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب مات وهو ابن ست وستين سنة.
وقد ذكرنا الروايات المتعددة في تقدير عُمْرِ عُمَرَ يوم وفاته للإشعار بأن الأمر فيه خلاف.
1611 -
* روى أحمد عن ابن عباس قال: أنا أول من أتى عمر حين طعن فقال: احفظ عني ثلاثاً، فإني أخاف أن لا يدركني الناس: أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء، ولم استخلف على الناس خليفة وكل مملوكٍ لي عتيق (1).
* * *
تعليقات
1604 - المعجم الكبير (1/ 68) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني وإسناده حسن.
1605 -
المعجم الكبير (1/ 70) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1606 -
المعجم الكبير (1/ 69) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1607 -
المعجم الكبير (1/ 69) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1608 -
المعجم الكبير (1/ 69) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 79)؛ رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
1609 -
المعجم الكبير (1/ 69) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني وإسناده حسن.
1610 -
المعجم الكبير (1/ 68) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 78)؛ رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1611 -
المعجم الكبير (1/ 46) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 347)؛ رواه الطبراني ورجاله ثقات.