الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:
زينب بنت جحش بن رياب، وابنةُ عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أمها: أميمةُ بنت عبد المطلب بن هشام. وهي أخت حَمْنَةَ، وأبي أحمد. من المهاجرات الأولى.
كانت عند زيد، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي يقول الله فيها:{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} (1).
فزوجها الله تعالى نبيه بنص كتابه، بلا وليٍّ ولا شاهد. فكانت تفخرُ بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول: زوجكُنَّ أهاليكن، وزوجني الله من فوق عرشه.
وكانت من سادة النساء، ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً، رضي الله عنها وحديثها في الكتب الستة. روى عنها: ابنُ أخيها محمد بن عبد الله بن جحش، وأم المؤمنين أم حبيبة، وزينب بنت أبي سلمة، وأرسل عنها القاسم بن محمد.
توفيت في سنة عشرين، وصلى عليها عمر.
عن ابن عمر قال: لما ماتت بنتُ جحش أمر عمر منادياً: ألا يخرج معها إلا ذو محرم. فقالت بنتُ عميس: يا أمير المؤمنين، ألا أريك شيئاً رأيت الحبشة تصنعه بنسائهم؟ فجعلت نعشاً وغشته ثوباً. فقال: ما أحسن هذا وأستره؛ فأمر منادياً، فنادى: أن اخرجوا على أُمِّكُم.
وروى عن عائشة قالت: كانت زينب بنتُ جحش تُساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ما رأيت امرأة خيراً في الدين من زينب، أتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله
(1) الأحزاب: 37.
تعالى ما عدا سورة من حدة كانت فيها تُسرع منها الفيئة.
وعن الأعرج، قال: أطعم رسول الله زينب بنت جحش بخيبر مئة وسق.
ويُروى عن عمرة، عن عائشة، قالت: يرحم الله زينب، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوجها، ونطق به القرآن. وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا:"أسرعكن بي لحوقاً أطولكن باعاً" فبشرها بسرعة لحقوها به، وهي زوجته في الجنة.
وكانت صناع اليد، فكانت تدبُغُ، وتخرزُ، وتصدقُ.
وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج بزينب في ذي القعدة سنة خمس، وهي يومئذ بنت خمس وعشرين سنة. وكانت صالحة، صوامة، قوامة، بارة، ويقال لها: أم المساكين.
ولزينب أحد عشر حديثاً، اتفقا لها على حديثين. أهـ. من السير.
1198 -
* روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء زيدُ بن حارثة يشكو، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"اتق الله، وأمسِكْ عليك زوجك" قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه، قال: فكانت تفخرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول: زوجكن أهليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سموات.
وفي رواية (1) قال: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة.
وفي رواية (2) قال: لما نزلت هذه الآية {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} في شأن زينب بنت جحش، جاء زيد يشكو، فهم بطلاقها، فاستأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسك عليك زوجك، واتق الله".
وفي أخرى له (3) قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بنت جحش {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ
1198 - البخاري (12/ 403) 97 - كتاب التوحيد- 22 - باب "وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم".
(1)
البخاري (13/ 404) في نفس الموضع السابق.
(2)
الترمذي (5/ 354) 48 - كتاب تفسير القرآن -34 - باب ومن سورة الأحزاب.
(3)
الترمذي في نفس الموضع السابق.
مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} قال: فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكُن أهلوكُن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات.
وفي رواية النسائي (1) قال: كانت زينبُ بنت جحش تفخرُ على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: إن الله عز وجل أنكحني من السماء، وفيها نزلت آية الحجاب.
قال محقق الجامع: قال الحافظ في الفتح: وقد أخرج ابن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقاً واضحاً حسناً، ولفظه، بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة، فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بم صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس. فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيداً، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء زيد بن حاثة فقال: يا رسول الله إن زينب اشتد عليَّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له:"اتق الله وأمسك عليك زوجك" قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس.
قال الحافظ: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته هو المعتمد.
والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الذي يدعي ابناً ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم. أهـ.
(1) النسائي (6/ 80) كتاب النكاح، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها.
1199 -
* روى البخاري ومسلم عن أنس؛ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد. وحبْلٌ ممدود بين ساريتين. فقال: "ما هذا؟ " قالوا: لزينب تُصلي. فإذا كسلت أو فترتْ أمسكت به. فقال "حُلُّوهُ. ليُصلِّ أحدكم نشاطه. فإذا كسل أو فتر قعد". وفي حديث زهير "فليقعدْ".
1200 -
* روى أبو يعلي عن أنس قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش فذكر حديث الوليمة إلى أن قال: وإن زينب لجالسة في جنب البيت، قال: وكانتْ المرأة قد أُعطيت جَمالاً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء
…
فذكر الحديث.
1201 -
* روى الطبراني عن الهيثم بن عدي قال: أول من هلك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينبُ بنت جحش هلكتْ في خلافة عمر، وآخر من هلكت أمُّ سلمة زمن يزيد بن معاوية سنة ثنتين وستين.
1202 -
* روى الطبراني عن الزهري قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحشٍ ابن رئاب بن خزيمة وأمها أميمةُ بنت عبد المطلب بن هاشم عمةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم توفيتْ.
1203 -
* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأزواجه: "أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً" قالت عائشة (1): فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نمد أيدينا في الجدار
1199 - البخاري (3/ 36) 19 - كتاب التهجد - 18 - باب ما يكره من التشديد في العبادة.
ومسلم (1/ 542) 6 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها -31 - باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن والذكر بأن يرقد حتى يذهب عنه ذلك.
ساريتين: اسطوانتين من اسطوانات المسجد.
فترت: كسلت عن القيام.
1200 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 247) وقال: رواه أبو يعلي، ورجاله رجال الصحيح.
1201 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 245) وقال: رواه الطباني، ورجاله ثقات.
هلك: أي مات.
1202 -
أورده الهيثمي في مجمع الزائد (9/ 247) وقال: رواه الطبراني مرسلا، ورجاله ثقات.
1203 -
المستدرك (4/ 25) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي. =
نتطاولُ فلم نزَلْ نفعل ذلك حتى توفيت زينبُ بنتُ جحشٍ زوجُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت امرأة قصيرة، ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذٍ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أراد بطول اليد الصدقة قال: وكانت زينبُ امرأةً صناعة اليد فكانت تدبغُ وتخرزُ وتصدق في سبيل الله عز وجل.
1204 -
* روى أبو يعلي عن أبي برزَة قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوةٍ فقال يوماً: "خيركن أطولكن يداً" فقامت كل واحدة تضعُ يدها على الجدار فقال: "لستُ أعني هذا ولكن أصنعكن يدين".
1205 -
* روى البزار عن عبد الرحمن بن أبزى أنِّ عمر كَبَّرَ على زينب بنت جحشٍ أربعاً ثم أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من يدخل هذه قبرها؟ فقلن: من كان يدخل عليها في حياتها، ثم قال عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسرعُكُن بي لحوقاً أطولكن يداً" فقامتْ فكن يتطاولن بأيديهن وإنما كان ذلك لأنها كانت صناعاً تعينُ بما تصنعُ في سبيل الله.
1206 -
* روى الطبراني عن ابن المنكدر قال: توفيتْ زينبُ بنتُ جحشٍ زوج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشرين.
1207 -
* روى الطبراني عن الشعبي انه صلى مع معمر على زينب وكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم موتاً، وكان يعجبه أن يُدْخِلها قبرها، فأرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: منْ يدخلها قبرها؟ فقلن: من كان يراها في حياتها فليدخلها قبرها.
1208 -
* (1) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي
= تخرز: خرز الجلد ونحوه: خاطه.
1204 -
ورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 248) وقال: رواه أبو يعلي، وإسناده حسن.
1205 -
البزار: كشف الأستار (3/ 243).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 248) وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
1206 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 248) وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
1207 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 248) وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
1208 -
البخاري (3/ 285) 24 - كتاب الزكاة -باب 11 - حدثنا موسى بن إسماعيل.
صلى الله عليه وسلم: "أينا أسرعُ بك لحوقاً؟ قال: "أطولكن يداً" فأخذُوا قصبةً يذرَعُونها، فكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به، وكانت تحب الصدقة.
وفي رواية لمسلم (1) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرعكن لحاقاً بي أطولكُنَّ يداً" قالت: فكن يتطالون، أيتهن أطول يداً، قالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعملُ بيدها وتصدقُ.
قال النووي: (فكانت أطولنا يداً زينب) معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية، وهي الجارحة فكن يَذْرعن أيديهن بقصبة، فكانت سودة أطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يداً في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة والجود.
قال في الفتح: وروى ابن سعد من طريق برزة بنت رافع قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذي لها، فتعجبت وسترته بثوب وأمرت بتفرقته، إلى أن كشف الثوب فوجدت تحته خمسة وثمانين درهماً ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت فكانت أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به. وروى ابن أبي خيثمة من طريق القاسم بن معن قال: كانت زينب أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقاً به وفي الحديث علم من أعلام النبوة ظاهر، وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة وهو لفظ "أطولكن" إذا لم يكن محذور. قال الزين بن المنير: لما كان السؤال عن آجال مقدرة لا تعلم إلا بالوحي أجابهن بلفظ غير صريح وأحالهن على ما لا يتبين إلا بآخر، وساغ ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفية. وفيه أن من حمل الكلام على ظاهره وحقيقته لم يُلم وإن كان مراد المتكلم مجازه، لأن نسوة النبي صلى الله عليه وسلم حملن طول اليد على الحقيقة فلم ينكر عليهن. وأما ما رواه الطبراني في الأوسط من طريق يزيد بن الأصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن: ليس ذلك أعني إنما أعني أصنعكن يداً، فهو ضعيف جداً، ولو كان ثابتاً لم
(1) مسلم (4/ 1907) 44 - كتاب فضائل الصحابة-17 - باب من فضائل زينب أم المؤمنين.
يحتجن بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذرع أيديهن كما تقدم في رواية عمرة عن عائشة. وقال المهلب: في الحديث دلالة على أن الحكم للمعاني لا للألفاظ لأن النسوة فهمن من طول اليد الجارحة، وإنما المراد بالطول كثرة الصدقة. وما قاله لا يمكن اطراده في جميع الأحوال. والله أعلم أهـ.
* * *