المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ نصوص تتحدث عنها: - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٣

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الرابعفيالصفات والخصائص والشمائل

- ‌تقديم

- ‌أولاً: نصوص قرآنية في بعض الخصائص والشمائل النبوية

- ‌ثانياً: نصوص حديثية في الخصائص والشمائل النبوية

- ‌الباب الخامسفيمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌بين يدي هذا الباب

- ‌فوائد حول قصة أم حرام بنت ملحان:

- ‌الباب السادسدوائر شرفحول الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌تقديم

- ‌فصل في فضل أمته

- ‌فصل في فضل العرب وقريشوبعض القبائل

- ‌فصل في آل بيته

- ‌الوصل الأولفيأزواجه عليه الصلاة والسلام

- ‌توطئة:

- ‌المقدمة الأولىلمحة عامة عن أزواجه وسراريه عليه السلام

- ‌المقدمة الثانية: في التفضيل

- ‌1 - خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

- ‌ نصوص تتحدث عنها:

- ‌2 - سودة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌ بعض نصوص في أصول الكتاب عنها:

- ‌3 - عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌ بعض نصوص في أصول هذا الكتاب عنها رضي الله عنها:

- ‌4 - حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌5 - زينب بنت خُزيمة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌6 - أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌7 - زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌8 - جويريةُ بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌9 - أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌10 - صفية أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌11 - ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌عطف: فيمن عقد عليهن ولم يدخل بهنّ

- ‌عطف على وصل

- ‌الوصل الثانيفيبناته وأبنائه وأحفادهعليه الصلاة والسلام

- ‌أبناؤه عليه الصلاة والسلام

- ‌بناته عليه الصلاة والسلام

- ‌1 - رُقيةُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - أم كُلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها

- ‌عطف: فيما ورد بفاطمة وزوجها وابنيهما مشتركاً

- ‌أحفاده عليه الصلاة والسلام

- ‌1 - الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما

- ‌2 - الحسين الشهيد بن علي رضي الله عنهما

- ‌الوصل الثالثفيبعض أقاربه الأدنين ممن يدخُل في لفظة أهل البيتبالمعنى العام

- ‌مقدمة

- ‌1 - من أعمامه وعماته عليه الصلاة والسلام

- ‌حمزة بن عبد المطلب

- ‌العباس بن عبد المطلبعم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌صفية عمةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌تعليقات

- ‌2 - بعض أبناء وبنات أعمامه عليه الصلاة والسلام

- ‌جعفر بن أبي طالب

- ‌عقيل بن أبي طالب الهاشمي

- ‌أم هانئ

- ‌عبد الله بن عباس البحر

- ‌عبيدُ الله بن العباس

- ‌قُثَم بن العباس الهاشمي

- ‌مَعْبَد بن العبَّاس

- ‌كثير بن العباس

- ‌تمَّامُ بنُ العبَّاس

- ‌الفضل بن العباس

- ‌ربيعةُ بن الحارث

- ‌عبد الله بن الحارث

- ‌عبيدةُ بن الحارث

- ‌نوفل بن الحارث

- ‌سعيد بن الحارث

- ‌أبو سفيان بن الحارث

- ‌دُرةُ بنت أبي لهب

- ‌ضُباعة بنت الزبير بن عبد المطلب

- ‌عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب

- ‌3 - من أحفاد أعمامه صلى الله عليه وسلم

- ‌عبد الله بن جعفر

- ‌عبد المطلب بن ربيعة

- ‌تصويبات وتوصيات

- ‌فصلفيأصحابهعليه الصلاة والسلام

- ‌الوصل الأولفيما ورد في فضل الصحابة أو في بعضهمإجمالا وتفصيلاً

- ‌تمهيد:

- ‌عطف: في المهاجرين والأنصار

- ‌عطف: في أصحاب الصفة

- ‌الوصل الثانيفيخُلفائه الراشدين

- ‌المقدمة

- ‌أبو بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌مولده رضي الله عنه:

- ‌صفاته وسجاياه:

- ‌مبايعته بالخلافة:

- ‌أعماله رضي الله عنه أثناء فترة خلافته:

- ‌أولاً: إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه لقتال الروم:

- ‌ثانياً: قتال المرتدين:

- ‌قتال مسيلمة الكذاب:

- ‌قتال طليحة الأسدي:

- ‌ارتداد أهل البحرين وعودتهم إلى الإسلام:

- ‌ردّة أهل عمان ومهرَة اليمن:

- ‌ثالثاً: الفتوح:

- ‌فتوح الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه:

- ‌وقعة اليرموك:

- ‌تعليقات

- ‌عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ميلاده ووفاته:

- ‌بيعته في الخلافة:

- ‌سيرته قبل الخلافة:

- ‌سيرته أثناء الخلافة:

- ‌1 - فتح دمشق:

- ‌2 - فتح الأردن:

- ‌3 - وقعة فِحل:

- ‌فتوح العراق:

- ‌1 - وقعة الجسر:

- ‌2 - وقعة البويب:

- ‌3 - غزوة القادسية:

- ‌4 - فتح المدائن:

- ‌5 - وقعة جلولاء:

- ‌6 - فتح حلوان:

- ‌7 - فتح تكريت والموصل:

- ‌ ما وقع سنة ثلاث عشرة من الحوادث:

- ‌سنة أربع عشرة من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة خمس عشرة:

- ‌ثم دخلت سنة ست عشرة:

- ‌ثم دخلت سنة سبع عشرة:

- ‌ثم دخلت سنة ثماني عشرة:

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وفيها وفاة عمر بن الخطاب:

- ‌صفته رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

الفصل: ‌ نصوص تتحدث عنها:

قال ابن إسحاق: تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة، وكانت خديجة وزيرة صدق وهي أقرب إلى قُصي من النبي صلى الله عليه وسلم برجل (1)، وكانت متمولة، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مالها إلى الشام فخرج مع مولاها ميسرة، فلما قدم باعت خديجة ما جاء به فأضعف، فرغبت فيه (2)، فعرضت نفسها عليه فتزوجها، وأصدقها عشرين بكرة.

فأولادها منه: (القاسم، والطيب، والطاهر، ماتوا رضعاً، ورقية، وزينب، وأم كلثوم، وفاطمة).

قال الشيخ عز الدين بن الأثير: خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين.

وقال الزهري، وقتادة، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، والواقدي، وسعيد بن يحيى: أول من آمن بالله ورسوله خديجة، وأبو بكر، وعلي رضي الله عنهم.

قال الواقدي: توفيت في رمضان ودفنت بالحجون.

وقال قتادة: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، وكذا قال عروةُ أهـ كلام الذهبي.

وهذه‌

‌ نصوص تتحدث عنها:

1122 -

* روى البخاري ومسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "خيرُ نسائها: مريم بنت عمران، وخير نسائها: خديجة بنت خويلد".

قال أبو كريب: وأشار وكيع إلى السماء والأرض.

(1) يعني كان قصي جدها الثالث وجد النبي صلى الله عليه وسلم الرابع.

(2)

لما رأت فيه من أمانة وبركة وما حدث به ميسرة عن خصاله الحميدة.

1122 -

البخاري (7 م 470) 60 - كتاب أحاديث الأنبياء-45 - باب (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين).

ومسلم (4/ 1886) 44 - كتاب فضائل الصحابة-13 - باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

ص: 1265

1123 -

* روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى جبريلُ عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت، معها إناء فيه إدام - أو طعام، أو شرابٌ - فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها، ومني وبشرها ببيتٍ في الجنة من قصبٍ، لا صخب فيه ولا نصب.

1124 -

* روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوطٍ فقال: "أتدرون ما هذا؟ " فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أفضلُ نساء أهل الجنة خديجةُ بنتُ خُويلدٍ، وفاطمةُ ابنةُ محمدٍ، ومريمُ ابنةُ عمران، وآسيةُ ابنةُ مُزاحمٍ امرأةُ فرعون".

1125 -

* روى الطبراني عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن خديجة أنها ماتتْ قبل أنْ تُنزل الفرائضُ والأحكام، قال:"أبصرتُها على نهرٍ من أنهار الجنة في بيت من قصبٍ لا لغو فيه ولا نصب" وسئل عن أبي طالب هل نفعتهُ؟ قال: "أخرجْتُهُ من جهنم إلى ضحضاح منها".

1123 - البخاري (7/ 133) 63 - كتاب مناقب الأنصار-20 - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها.

ومسلم (4/ 1886) 44 - كتاب فضائل الصحابة-12 - باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها.

قد أتتك: معناه توجهت إليك.

فإذا هي أتتك: أي وصلتك.

فاقرأ عليها السلام: أي سلم عليها.

ببيت في الجنة من قصب: قال جمهور العلماء: المراد بالقصب قصب اللؤلؤ المجوف كالقصر المنيف، وقيل قصر من ذهب منظوم بالجوهر.

صخب: الصخب الصوت المختلط المرتفع.

نصب: النصب المشقة والتعب.

1124 -

أحمد في مسنده (1/ 326) والطبراني في الكبير (11/ 336).

والحاكم (3/ 160) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.

وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 223) وقال: رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني ورجالهم رجال الصحيح.

1125 -

أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 223) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، ورجالهما رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق، وخاصة في أحاديث جابر.

الضحضاح: القريب القعر.

ص: 1266

1126 -

* روى أحمد والترمذي والحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسبُك من نساء العالمين: مريمُ بنت عمران، وخديجةُ بنت خويلدٍ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وآسيةُ امرأةُ فرعون".

1127 -

* روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرتُ على خديجة قط، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثرُ ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول:"إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ".

وفي رواية قالت (1): وتزوجني بعدها بثلاث سنين، وأمرهُ ربُّه عز وجل أو جبريل عليه السلام أن يُبشرها ببيتٍ في الجنةِ من قصبٍ.

قال في رواية (2): وأمره الله عز وجل أن يُبشرها ببيتٍ من قصبٍ، وإنْ كان ليذْبحُ الشاة، فيُهدي في خلائلها منها ما يسعهُنَّ.

وفي أخرى (3): وكان إذا ذبح الشاة يقولُ: "أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة" قالت: فأغضبْتُه يوماً، فقلتُ: خديجة؟ فقال: "إني رُزقت حُبَّها".

1126 - أحمد في مسنده (3/ 135).

والترمذي (5/ 703) 50 - كتاب المناقب -62 - باب فضل خديجة رضي الله عنها. وقال: هذا حديث صحيح.

والحاكم (3/ 157) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وأقره الذهبي.

1127 -

البخاري (7/ 133) 63 - كتاب مناقب الأنصار -20 - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها.

ومسلم (4/ 1888) 44 - كتاب فضائل الصحابة-12 - باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

(1)

البخاري في الموضع السابق.

(2)

البخاري في نفس الموضع السابق.

ومسلم في الموضع السابق.

خلائلها: الخلائل: جمع خليلة، وهي الصديقة، والخليل: الصديق.

(3)

مسلم في نفس الموضع السابق.

ص: 1267

وفي أخرى قالت (1): استأذنت هالة بنت خويلدٍ - أخت خديجة - على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة، فارتاع لذلك، فقال:"اللهم هالةُ بنت خويلد" فغِرْتُ، فقلت: ما تذكر من عجوزٍ من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيارً منها.

ولمسلم: قالت (2): ما غِرْتُ للنبي صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ من نسائه، ما غرْتُ على خديجة لكثرةِ ذكره إياها، وما رأيتها قط، وقالت: لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت.

وفي رواية الترمذي قالت (3): ما غِرْتُ على أحدٍ من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما غرتُ على خديجة، وما بي أن أكون أدركتها، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، وإن كان ليذبح الشاة، فيتتبعُ بها صدائق خديجة، فيهديها لهُنَّ.

وفي أخرى قالت: ما حسدتُ أحداً ما حسدت خديجة، وما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما ماتتْ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرها ببيتٍ في الجنةٍ من قصبٍ - يعني: من قصب اللؤلؤ - لا صخب فيه ولا نصب.

1128 -

* روى البخاري ومسلم عن إسماعيل بن أبي خالدٍ قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة ببيتٍ في الجنة؟ قال: نعم، بشرها ببيت في الجنة من قصبٍ، لا صخب فيه ولا نصب.

(1) البخاري (7/ 134) في الموضع السابق.

ومسلم (4/ 1889) في الموضع السابق.

فعرف استئذان خديجة: أي صفة استئذان خديجة لشبه صوتها بصوت أختها، فتذكر خديجة بذلك.

فارتاع: ارتاع: افتعل من الروْع، وهو الفزع، كأن طار لُبُّه لما سمع صوت أخت خديجة.

حمراء الشدقين: معناه عجوز كبيرة جداً. حتى قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق لشدقيها بياض شيء من الأسنان، إنما بقي فيهما حمرة لثاتها.

(2)

مسلم في نفس الموضع السابق.

(3)

الترمذي (5/ 702) 50 - كتاب المناقب -63 - باب فضائل خديجة رضي الله عنها.

1128 -

البخاري (7/ 133) 63 - كتاب مناقب الأنصار -20 - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها.

ومسلم (4/ 1888) 44 - كتاب فضائل الصحابة-12 - باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

ص: 1268

قال في الفتح: وعند الطبراني في "الأوسط" من حديث فطمة قالت: قلت يا رسول الله أين أمي خديجة؟ قال: "في بيت من قصب" قلت أمن هذا القصب؟ قال: "لا، من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت" قال السهيلي: النكتة في قوله: "من قصب" ولم يقل من لؤلؤ. أن في لفظ القصب مناسبة لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، ولذا وقعت هذه المناسبة في جميع ألفاظ هذا الحديث انتهى. وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها، إذ كانت حريصة على ضراه بكل ممكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها. وأما قوله "ببيت" فقال أبو بكر الإسكاف في "فوائد الأخبار": المراد به بيت زائد على ما أعد الله لها من ثواب عملها، ولهذا قال "لا نصب فيه": أي لم تتعب بسببه. قال السهيلي: لذكر البيت معنى لطيف لأنها ربة بيت قبل المبعث ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضاً غيرها. قال: وجزاء الفعل يذكر غالباً بلفظه وإن كان أشرف منه، فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت دون لفظ القصر انتهى. وفي ذكر البيت معنى آخر؛ لأن مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها، لما ثبت في تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} قالت أم سلمة "لما نزلت دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وعليا والحسن والحسين فجللهم بكساء فقال:"اللهم هؤلاء أهل بيتي" الحديث أخرجه الترمذي وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة، لأن الحسنين من فاطمة وفاطمة بنتها" وعلي نشأ في بيت خديجة وهو صغير ثم تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها. وقوله (لا صخب فيه ولا نصب) الصخب بفتح المهملة والمعجمة بعدها موحدة: الصياح والمنازعة برفع الصوت، والنصب بفتح النون والمهملة بعدها موحدة التعب. وأغرب الداودي فقال: الصخب العيب، والنصب العوج. وهو تفسير لا تساعد عليه اللغة. وقال السهيلي: مناسبة نفي هاتين الصفتين- أعني المنازعة والتعب - أنه صلى الله عليه وسلم لما دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعاً فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب في ذلك، بل أزالت عنه كل نصب، وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي

ص: 1269

يبشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها.

1129 -

* روى الطبراني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكثرُ ذكر خديجة، فقلتُ: ما أكثرَ ما تكثرُ من ذكر خديجة، وقد أخلف الله تعالى لك من عجوزٍ حمراء الشدقين، وقد هلكت في دهرٍ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً ما رأيته غضب مثله قط، وقال:"إن الله رزقه مني ما لم يرزُق أحداً منكُن" قلت: يا رسول الله اعفُ عني، والله لا تسمعني أذكرُ خديجة بعد هذا اليوم بشيء تكرهه.

وفي رواية (1): كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كر خديجة لم يكن يسأم من ثناءٍ عليها والاستغفار، قال:"ورزقت مني الولد إذ حُرِمْتُنَّه مني" فغدا عليِّ بها وراح شهراً.

1130 -

* روى أحمد عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى فأحسن الثناء. قالت: فغِرتُ يوماً فقلتُ: ما أكثر ما تذكر حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها. قال: "أبدلني الله خيرا منها؟ قد آمنت بي إذ كفر بي الناسُ، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناسُ، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس".

1131 -

* روى الطبراني عن الزهري قال: لَمْ يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت.

1132 -

* روى الطبراني عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير قال: لما تُوفيت خديجة اشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تزوج عائشة.

* * *

1129 - المعجم الكبير (23/ 11) وقال الهيثمي (9/ 324): رواه الطبراني وأسانيده حسنة.

(1)

المعجم الكبير (33 - 13).

فغدا على بها وراح شهراً: أي كررها على مدة شهر.

1130 -

أحمد في مسنده (6/ 118) وقال الهيثمي (9/ 22): رواه أحمد وإسناده حسن.

1131 -

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 220): رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.

1132 -

رواه الطبراني مرسلاً، ورجاله رجال الصحيح.

ص: 1270