الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمة
الكلام عن خلفائه الراشدين عليه الصلاة والسلام كالكلام عنه من أكثر من حيثية:
أولاً: لأنهم يعتبرون امتداداً له عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: لأننا مأمورون أن نقتدي بسنتهم وهداهم، ومن ثم يأخذ الحديث عمن يعتبرون خلفاء راشدين مسرى معيناً، فكل ما فعله خليفة راشد يعتبر سابقة دستورية لهذه الأمة تستطيع أن تقتدي بها، أما الحكام الذين لم تسلم لهم الأمة أنهم خلفاء راشدون فأفعالهم وأقوالهم تخضع للبحث، فإن كانوا من الصحابة دخلت أفعالهم وأقوالهم في حيز فعل الصحابي وقوله، ما لم تكن نصوص الكتاب والسنة واضحة في هذا القول وفي هذا الفعل، ومن سواهم تخضع أقوالهم وأفعالهم لتمحيص أئمة الاجتهاد والفتوى، فما أجازوه منها جاز وما حرموه منها حرم، على أنهم إن كانوا مسلمين مؤمنين فلأقوالهم وأفعالهم الجائزين حكم الإلزام بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم إذا توافرت شروط معينة.
وعلى هذا فما لم تكن خلافة راشدة فالحكم الحقيقي للمجتهد ولأهل الفتوى ومن ههنا فسر ابن عباس {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} في قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (1) بأنهم العلماء الفقهاء.
والسنة النبوية تشير إلى بعض من يعتبرون خلفاء راشدين ففي حديث سفينة الحسن الصحيح: "الخلافةُ بعدي ثلاثون ثم تكونُ مُلكاً عاضاً"(2)، وعلى هذا فالخلفاء الراشدون المعنيون بهذا الحديث هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن الذي دامت خلافته ستة أشهر رضي الله عن الجميع.
* * *
(1) النساء: 59
(2)
رواه أحمد في مسنده (5/ 220، 221).
وأبو داود (4/ 211) كتاب السنة، باب في الخلفاء.
والترمذي (4/ 503) 34 - كتاب الفتن- 48 - باب ما جاء في الخلافة. وقال: هذا حديث حسن.
وقد اعتبر أهل العلم عمر بن عبد العزيز خليفة راشداً يقتدى به وليس من الصحابة بل هو تابعي، ولذلك فلن نذكره ههنا، وسيأتي كلام عنه في كتاب (الوجيز في التاريخ الإسلامي) إن شاء الله تعالى وهناك أمراء وسلاطين وخلفاء قاربوا أن يكونوا خلفاء راشدين، والسنة الصحيحة تشير إلى أن الخلافة الراشدة ستعود مرة أخرى، وسأل الله أن يجعلنا ممن يحيونها ويمهدون لذلك.
* * *
ولقد قام بعض الصحابة بأكثر منمحاولة لإعادة الخلافة الراشدة، منها محاولة الحسين رضي الله عنه، ومنها محاولة عبد الله بن الزبير، ومنها محاولة عبد الله بن حنظلة وقد انتهت المحاولات كلها بمآس كبيرة ضخمة، فقد استشهد الحسين واستشهد ابن الزبير واستشهد ابن حنظلة وانتهكت حرمتا مكة والمدينة.
والمحققون من العلماء يعتبرون عبد الله بن الزبير هو الخليفة الشرعي في مرحلة من حياته، ولذلك فسنتحدث ههنا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الله بن الزبير، أما الحسن والحسين فقد مر حديث عنهما في فصل سابق.
* * *
ومن كلام علماء أهل السنة والجماعة في الصحابة:
وخيرهم من ولي الخلافة
…
وأمرهم في الفضل كالخلافة
أي وخير الصحابة من ولي الخلافة منهم، والمقصود بذلك الخلفاء الراشدون الأربعة لأن تتمة العشرة أفضل من غيرهم من الصحابة، وترتيب الفضل بين الأربعة كترتيبهم في خلافتهم.
قال الشيخ الباجوري رحمه الله في شرحه لهذا البيت: والنفر هم الخلفاء الأربعة، فلقد تولاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وتولاها عمر رضي الله عنه عشرة سنين وستة أشهر وثمانية أيام، وتولاها عثمان رضي الله عنه إحدى عشرة سنة
وأحد عشر شهراً وتسعة أيام، وتولاها علي رضي الله عنه كرم وجهه أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام، فالمجموع تسعة وعشرون سنة وستة أشهر وأربعة أيام، وبأيام الحسن بن علي رضي الله عنهما تكمل المدة التي قدرها النبي صلى الله عليه وسلم، كذا حرره السيوطي.
وأمرهم في الفضل كالخلافة: أي وشأن الخلفاء الأربعة في ترتيبهم في الفضل - بمعنى كثرة الثواب - على حسب ترتيبهم في الخلافة عند أهل السنة، فأفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم.
وقد قال السعد: على هذا وجدنا السلف والخلف، وقال أبو منصور البغدادي من أكابر أئمة الشافعية: أجمع أهل السنة والجماعة على أن أفضل الصحابة أبو بكر فعمر فعثمان فعلي، فبقية العشرة المبشرة بالجنة، فأهل بدر، فباقي أهل أُحد، فباقي أهل بيعة الرضوان، فباقي الصحابة رضي الله عنهم، والظاهر أنه لو لم يكن لهم دليل على ذلك لما حكموا به. أهـ.
* * *