الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء عنها: سيدةُ نساء العالمين في زمانها البضعة النبوية، والجهة المصطفوية، أم أبيها (كانت كنية لفاطمة رضي الله عنها، بنت سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشيةُ الهاشميةُ، وأم الحسنين.
مولدُها قبل المبعث بقليل. وتزوجها الإمامُ عليُّ بن أبي طالب في ذي القعدة، أو قُبيله، ومن سنة اثنتين بعد وقعة بدر.
وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أُحُد. فولدتْ له الحسن والحسين، ومحسناً، وأم كلثوم، وزينب.
وروت عن أبيها؛ وروى عنها ابنها الحسين، وعائشة، وأم سلمة، وأنس بن مالك وغيرهم؛ وروايتها في الكتب الستة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحبها ويُكرمها ويُسرُّ إليها؛ ومناقبُها غزيرةٌ؛ وكانت صابرة دينةً خيرةً صينةً قانعةً شاكرة لله؛ وقد غضب لها النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغاً من خطبة بنت أبي جهل، فترك عليٍّ الخطبة رعاية لها، فما تزوج عليها ولا تسرى فلما توفيت تزوج وتسرى رضي الله عنها.
ولما تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم حزنت عليه، وبكته، وقالت: يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه! يا أبناه! أجاب رباً دعاه! يا أبتاه! جنةُ الفردوس مأواه!
وقالت بعد دفنه: يا أنسُ، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
وقد قال لها في مرضه: إني مقبوض في مرضي هذا فبكتْ؛ وأخبرها أنها أول أهله
(1) البخاري (8/ 149) 64 - كتاب المغازي- 83 - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.
لحوقاً به، وأنها سيدةُ نساء هذه الأمة فضحكت، وكتمتْ ذلك؛ فلما تُوفي صلى الله عليه وسلم، سألتها عائشةُ؛ فحدثتها بما أسر إليها (1).
وقالت عائشة رضي الله عنها: جاءت فاطمةُ تمشي ما تُخطئ مشيتُها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام إليها وقال: "مرحباً بابنتي"(2).
ولما توفي أبوها تعلقتْ آمالُها بميراثه، وجاءت تطلب ذلك من أبي بكر الصديق. فحدثها أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا نورثُ، ما تركنا صدقة" فوجدت عليه، ثم تعللت - أي تناست وتشاغلت- (3).
روى إسماعيل بنُ أبي خالد، عن الشعبيُّ، قال: لما مرضتْ فاطمةُ أتى أبو بكر فاستأذن، فقال عليٍّ: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذنُ عليك. فقالتْ: أتحبُّ أن آذن له قال: نعم.
قال الذهبي: عملت السنة رضي الله عنها، فلم تأذنْ في بيت زوجها إلا بأمره، قال: فأذنت له، فدخل عليها يترضاها، وقال: والله ما تركتُ الدار والمال والأهل والعشيرة إلا ابتغاء مرضات الله ورسوله ومرضاتكم أهل البيت.
قال: ثم ترضاها حتى رضيت (4).
توفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر، أو نحوها؛ وعاشت أربعاً أو خمساً وعشرين سنة. وأكثر ما قيل: إنها عاشت تسعاً وعشرين سنة؛ والأول أصحُّ. وكانت أصغر من زينب، زوجة أبي العاص بن الربيع؛ ومن رقية؛ زوجة عثمان بن عفان؛ وقد انقطع نسبُ النبي صلى الله عليه وسلم إلا من قبل فاطمة؛ لأن أمامة بنت زينب، التي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يحملُها في صلاته
(1) البخاري (8/ 135) 64 - كتاب المغازي -83 - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.
(2)
البخاري (6/ 627) 61 - كتاب المناقب -25 - باب علامات النبوة في الإسلام.
ومسلم (4/ 1904) 44 - كتاب فضائل الصحابة-15 - باب فضائل فاطمة بنت النبي عليه الصلاة والسلام.
(3)
البخاري (6/ 197) 57 - كتاب فرض الخمس -1 - باب فرض الخمس.
ومسلم (3/ 1280) 32 - كتاب الجهاد والسير-16 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لانورث ما تركناه فهو صدقة".
(4)
ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح لكنه مرسل.
تزوجت بعلي بن أبي طالب، ثم من بعده بالمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، وله رؤية، فجاءها منه أولاد.
قال الزبير بنُ بكار: انقرض عقبُ زينب.
وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء، وقال:"اللهم هؤلاء أهلُ بيتي، اللهم فأذهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا"(1).
وعن أبي هريرة: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين، فقال:"أنا حزبٌ لمنْ حاربكم، سِلْمٌ لمن سالمكمُ"(2).
وعن أبي سعيد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُبْغِضُنا أهل البيت - أحد، إلا أدخله الله النار"(3).
وعن ابن عباس مرفوعاً: "أفضل نساء أهل الجنة خديجةُ وفاطمةُ"(4).
وكان لها من البنات: أم كلثوم، زوجة عُمر بن الخطاب؛ وزينبُ، زوجةُ عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب.
وعن عائشة، قالت: عاشت فاطمةُ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، ودُفنتْ ليلاً.
وقال سعيد بن عفير: ماتت ليلة الثلاثاء لثلاثٍ خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة؛ وهي بنتُ سبع وعشرين سنة أو نحوها، ودُفِنتْ ليلاً.
وروى يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: مكثت فاطمةُ بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستةُ أشهر وهي تَذُوب.
(1) الترمذي (5/ 699) 50 - كتاب المناقب- 61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. وأحمد في مسنده (6/ 304) والحاكم (2/ 416).
(2)
أحمد في مسنده (2/ 443) والحاكم (3/ 149).
ورواه الحاكم أيضاً من حديث زيد بن أرقم وكذلك الترمذي (5/ 696) 50 - كتاب المنقاب -61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم.
(3)
أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي.
(4)
أحمد في مسنده (1/ 316 - 292).
ومما يُنسبُ إلى فاطمة ولا يصح:
ماذا على منْ شَمَّ تربة أحمد
…
ألا يشم مدى الزمان غواليا
صُبت عليَّ مصائب لو أنها
…
صُبتْ على الأيام عُدن لياليا
ولها في مسند بقيَّ ثمانية عشر حديثاً، منها حديث واحد متفق عليه.
وعن أبي جعفر الباقر: انها تُوفيت بنت ثمانٍ وعشرين سنة، وُلدتْ وقريش تبني الكعبة. قال: وغسلها علي.
وذكر المسبِّحي: أن فاطمة تزوج بها عليُّ بعد عُرس عائشة بأربعة أشهر ونصف، ولفاطمة يومئذ خمس عشرة سنة وخمسةُ أشهر ونصف.
قتيبة بن سعيد: حدثنا محمد بن موسى: عن عون بن محمد بن علي عن أمه أم جعفر. وعن عمارة بن مهاجر، عن أم جعفر: أن فاطمة قالت لأسماء بنت عُميس: إني أستقبحُ ما يُصنَعُ بالنساء، يُطرحُ على المرأةِ الثوبُ، فيصفُها أي وهي على نعشها.
قالت: يا ابنة رسول الله، ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً.
فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! إذا مِتُّ فغسليني أنت وعليِّ، ولاي دخلن أحد عليّ.
فلما تُوفيتْ، جاءتْ عائشة لتدخل، فقالت أسماءُ: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر. فجاء، فوقف على الباب، فكلَّم أسماء. فقالت: هي أمرتني. قال: فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف.
قال ابن عبد البر: هي أول من غُطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة. أهـ.
1271 -
* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت (1): دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها
1271 - البخاري (8/ 135) 64 - كتاب المغازي - 83 - باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته.
السلام في شكواه الذي قُبِضَ فيه، فسارها بشيءٍ فبكتْ، ثم دعاها فسارها بشيء فضحكتْ، فسألنا عن ذلك؟ فقالت: سارَّني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبضُ في وجعه الذي تُوفي فيه فبكيتُ، ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكتُ.
وفي رواية، قال (1): كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عندهُ لم يُغادِرْ منهن واحدةً فأقبلتْ فاطمةً تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فلما رآها رحب بها، فقال:"مرحباً بابنتي" ثم أجلسها عن يمينه - أو عن شماله - ثم سارها، فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جزعها سارها الثانية، فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار، ثم أنت تبكين؟ فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت أفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ، قالت: فلما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمتُ عليك بمالي عليك من الحق، لما حدثتيني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الأولى، فأخبرني أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن في كل سنة مرةً، وإنه عارضهُ الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، فقال: يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين - أو سيدة نساء هذه الأمة -؟ قالت: فضحكت ضحكي الذي رأيت.
وفي أخرى (2) عن عائشة قالت: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم. فلمْ يُغادرْ منهن امرأة. فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: "مرحباً بابنتي"
(1) مسلم (1904، 1905) 44 - كتاب فضائل الصحابة-15 - باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام.
السرار: المساراة أي حديث السر.
عزمت عليك: أي أقسمت.
(2)
مسلم (4/ 1905، 1906) 44 - كتاب فضائل الصحابة-15 - باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام.
لم يغادر: أي لم يترك. =
فأجلسها عن يمينه أو عن شماله. ثم إنه أسر إليها حديثاً فبكت فاطمة. ثم إنه سارها فضحكت أيضاً. فقلت لها: ما يبكيك؟ فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حُزنٍ. فقلت لها حين بكت: أخصكِ رصول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين؟ وسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا قُبض سألتها فقالت: إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة. وإنه عارضهُ به في العام مرتين؛ ولا أراني إلا قد حضر أجلي؛ وإنك أول أهلي لحوقاً بي؛ ونعم السلفُ أنا لك فبكيتُ لذلك. ثم إنه سارني فقال: "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين؛ أو سيدة نساء هذه الأمة"؟ فضحكتُ لذلك.
وفي رواية الترمذي (1) قالت: ما رأيت أحد أشبه سمتاً ودلا وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعُودها - من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: وكانت إذا دخلتْ على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها، فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا دخل عليها قامتْ من مجلسها، فقبلته وأجلسته في مجلسها، فلما مرض النبي صلى الله عليه وسلم، دخلت فاطمة فأكبتْ عليه، فقبلته، ثم رفعت رأسها، فبكت، ثم أكبتْ عليه ثم رفعت رأسها فضحكت، فقلت: إن كنت لأظن أن هذه من أعقل نسائنا، فإذا هي من النساء، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لها: أرأيت حين أكببتِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفعت رأسك فبكيت ثم أكببت عليه، فرفعت رأسك فضحكت: ما حملك على ذلك؟ قالت: إني إذاً لبذرةً، أخبرني أنه ميتٌ من وجعه هذا فبكيتُ، ثم أخبرني: أني أسرعُ أهله لحوقاً به، فذلك حين ضحكت.
قال في الفتح: قوله (دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء) وفي أول هذا الحديث من رواية مسروق عن عائشة كما مضت في علامات النبوة: أقبلت
(1) الترمذي (5/ 700) 50 - كتاب المناقب - 61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
يعارضه القرآن: أي يدارسه في كل عام مرة واحدة بجميع القرآن الذي نزل.
نِعم السلف: الماضون، أي نعم ما تقدم لك مني، لأن السلف: ما تقدم من الآباء والأجداد.
لبذِرَة: البذِر: الذي يفشي السر، ويظهر ما يسمعه.
فاطمة تمشي كأن مشيها مشية النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مرحباً ببنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها، ولأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها وقعودها من فاطمة، وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه؛ وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك. فلما مرض دخلت عليه فأكبت عليه تقبله، واتفقت الروايتان على أن الذي سارها به أولاً فبكت هو إعلامه إياها بأنه ميت من مرضه ذلك، واختلفا فيما سارها به أولاً فبكت هو إعلامه إياها بأن ميت من مرضه ذلك، واختلفا فيما سارها به ثانياً فضحكت، ففي رواية عروة أنه إخبار إياها بأنها أول أهله لحوقاً به، وفي رواية مسروق أنه إخباره إياها بأنها سيدة نساء أهل الجنة، وجعل كونها أول أهله لحوقاً به مضموماً إلى الأول وهو الراجح، فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة وهو من الثقات الضابطين، فما زاده مسروق قول عائشة: فقلت ما رأيت كاليوم فرحاً أقر بمن حزن، فسألتها عن ذلك فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت: أسر إلأى أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقاً بي، وقولها: كأن مشيتها، هو بكسر الميم لأن المراد الهيئة، وقولها "ما رأيت كاليوم فرحاً" التقدير ما رأيت كفرح اليوم فرحاً أو ما رأيت فرحاً كفرح رأيته اليوم، وقولها "حتى توفي" متعلق بمحذوف تقديره: فلم تقل لي شيئاً حتى توفي، وقد طوى عروة هذا كله فقال في روايته بعد قوله: فضحكت: فسألناها عن ذلك فقالت سارني أنه يقبض في وجهه الذي توفي فيه: الحديث.
وفي رواية عائشة بنت طلحة من الزيادة: أن عائشة لما رأت بكاءها وضحكها قالت إن كنت لأظن أن هذه المرأة أعقل النساء، فإذا هي من النساء، ويحتمل تعدد القصة، ويؤيده الجزم في رواية عروة بأنه ميت من وجعه ذلك، بخلاف رواية مسروق فيها أن ظن ذلك بطريق الاستنباط مما ذكره من معارضة القرآن، وقد يقال: لا منافاة بين الخبرين إلا بالزيادة، ولا يمتنع أن يكون إخباره بأنها أول أهله لحوقاً به سبباً لبكائها أو ضحكها معاً باعتبارين، فذكر كل من الروايين ما لم يذكره الآخر. وقد روى النسائي
من طريق أبي سلمة عن عائشة في سبب البكاء أنه ميت، وفي سبب الضحك الأمرين الآخرين ولابن سعد من رواية أبي سلمة عنها أن سبب البكاء موته، وسبب الضحك أنها سيدة النساء. وفي رواية عائشة بنت طلحة عنها أن سبب البكاء موتهُ، وسبب الضحك لحاقها به. وعند الطبري من وجه آخر عن عائشة أنه قال لفاطمة: إن جبريل أخبرني أنه ليس امرأةً من نساء المسلمين أعظم ذرية منك فلا تكوني أدنى امرأةٍ منهن صبراً. وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه.
1272 -
* روى الترمذي عن جُميع بن عُمير التيمي رحمه الله قال: دخلتُ مع عمتي على عائشة، فسئلت أيُّ الناس كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: فاطمةُ، قيل: من الرجال؟ قالت: زوجها، إن كان ما علِمْتُ صواماً قواماً.
1273 -
* روى أبو يعلي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى علياً وفاطمة غلاماً وقال أحسنا إليه فإني رأيته يصلي.
1274 -
* روى البزار والطبراني عن ابن عباس أن علياً تزوج فاطمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدن من حديد.
1275 -
* روى الترمذي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: إن علياً ذكر بنت أبي جهلٍ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنما فاطمةُ بضعةٌ مني يؤذيني ما آذاها (1)، ويُنْصبُني ما أنصبها".
1272 - الترمذي (5/ 701) 50 - كتاب المناقب 61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليهما وسلم وقال: هذا حديث حسن غريب.
1273 -
رواه أبو يعلي ورجاله ثقات.
1274 -
البزار: كشف الأستار (2/ 162) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 283).
وقال: رواه البزار والطبراني ورجال الطبراني رجال الصحيح.
البدن: الدرع القصيرة.
1275 -
الترمذي (5/ 690) 50 - كتاب المناقب -61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليهما وسلم.
وقال: هذا حديث حسن صحيح.
1276 -
* روى الحام عن سُويد بن غفلة، قال: خطب عليّ بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"أعَنْ حسبِها تسألني"؟ قال عليُّ: قد أعلمُ ما حسبُها. ولكن أتمرني بها؟ فقال: "لا، فاطمةُ مضغةً مني، ولا أحسبُ إلا أنها تحزنُ أو تجزعُ" قال: لا آتي شيئاً تكرهه.
1277 -
* روى الطبراني عن علي أيضاً: قلت لأمي فاطمة بنت أسدٍ بن هاشم: اكفي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة وتكفيك خدمة الداخل الطحن والعجن.
1278 -
* روى الحاكم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: جاءت ابنة هبيرة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي يدها فتخٌ من ذهبٍ أو خواتيم من ذهب فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يضربُ بيدها، فأتتْ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشكت إليها ما صنع بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال ثوبان فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة، وأنا معه، وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب، فقالت: هذه أهداها إليَّ أبو حسن والسلسلة في يدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طيا فاطمةُ أيسُرُّكِ أن يقول الناسُ فاطمة بنتُ محمدٍ، وفي يدك سلسلةٌ من نارٍ"، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقعد، فعمدت فاطمةُ إلى السلسلة، فاشترت بها غُلاماً فأعتقتهُ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار".
قال الشيخ شعيب محقق السير: أخرجه أحمد من طريق همام والنسائي من طريق هشام كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، قال (1): حدثني زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن أبي
1276 - المستدرك (2/ 159) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة وصححه الذهبي وقال: مرسل قوي.
1277 -
رواه الطبراني وقال الهيثمي: ورجال الرواية الثانية- أي هذه الرواية رجال الصحيح.
1278 -
المستدرك (3/ 153) وقال: هذا حيدث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي.
فتخ: جمع فتخةٍ: خاتم كبير يكون في اليد والرجل.
أسماء الرحبي. وهذا سند رجاله ثقات إلا أنه قد أُعِلُ بالانقطاع، فقل نقل ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 126 عن ابن القطان قوله: وعلته أن الناس قالوا: إن رواية يحيى ابن أبي كثير، عن زيد بن سلام منقطعة، على أن يحيى قال: حدثني زيد بن سلام، وقد قيل: إنه دلس ذلك، ولعله كان أجازه زيد بن سلام، فجعل يقول: حدثنا زيد. وهذا النوع من التدليس بيَّنه الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" فقال: ويلتحق بالتدليس ما يقع من بعض المحدثين من التبعير بالتحديث أو الإخبار عن الإجازة موهماً السماع، ولا يكون سمع من ذلك الشيخ شيئاً. وقال المؤلف في "ميزانه" في ترجمه يحيى بن أبي كثير: وروايته عن زيد بن سلام منقطعة، لأنها من كتاب وقعت له. ومع كل ما تقدم، فقد صحح الحديث الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/ 557 في باب الترهيب من منع الزكاة.
وما ذهب إليه الشيخ ناصر الدين الألباني بالاستناد إلى هذا الحديث وغيره مما أورده في "آداب الزفاف" من تحريم تحلي النساء بالذهب المحلق، وإباحة غير المحل قلهن، فقد خالف بذلك إجماع المسلمين سلفاً وخلفاً على إباحة تحلي النساء بالذهب محلقاً وغير محلق كالطوق والخاتم والسوار، والخلخال والقلائد، وقد نقل الإجماع غير واحد من العلماء المحققين كالجصاص الرازي في "أحكام القرآن" 4/ 477 والقرطبي في "تفسيره" 16/ 71، 72، والنووي في "المجموع" 4/ 442 و 6/ 40، والحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 317 - ولا يتسع هذا التعليق لبيان وهاء رأيه هذا الذي انفرد به، والشبهات التي أثارها حول هذه المسألة، ونحيل القارئ الكريم على كتاب "إباحة التحلي بالذهب المحلق للنساء" للشيخ الفاضل إسماعيل بن محمد الأنصاري! فقد تكفلبالرد عليه، وتوهين ما استند إليه من الأحاديث التي يظن أنها تدل على مدعاه، ونقل عن العلماء أن المراد منها - على فرض صحتها - وغير ما ذهب إليه، وأورد نصوصاً من الكتاب والسنة الصحيحة تدل على صحة ما ذهب إليه جماهيرُ السلف والخلف من العلماء، وقد أجاد في كل ذلك وأفاد، فجزاه الله عنا خير الجزاء.
1279 -
* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال وهو في مرضه الذي تُوفي فيه؟ يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء المؤمنين، هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا.
كذا في المستدرك، قال الذهبي صحيح.
1280 -
* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت إذا دخلتْ عليه رحب بها، وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
1281 -
* روى الحاكم عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنما فاطمةً شجنةٌ مني يبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضُها.
1282 -
* روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران".
1283 -
* روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتتْ فاطمةٌ رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تسألهُ خادماً، فقال لها:"الذي جئت تطلبين أحب إليك أم خير منه" قال: فحسبت أنها سألت علياً قال (1): قُولي اللهم ربِّ السماوات وربُّ
1279 - المستدرك (3/ 156) وقال: هذا إسناد صحيح ولم يخرجاه هكذا، وقال الذهبي: صحيح.
1280 -
المستدرك (3/ 154) وقال: هذاحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
1281 -
المستدرك (3/ 154) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
الشِجنة: الشجنة: الشعبة من كل شيء.
1282 -
المستدرك (3/ 154) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إنما تفرد مسلم بإخراج حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير نساء العالمين أربع".
وقال الذهبي: صحيح.
1283 -
المستدرك (3/ 157) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
العرش العظيم ربنا ورب كل شيءٍ منزل التوراة والإنجيل والقرآن فالقالحب والنوى أعوذُ بك من شر كل شيءٍ أنتَ آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخرُ فليس بعدك شيء وأنت الظاهرُ فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر.
1284 -
* روى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "حسبُك من نساء العالمين مريمُ بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمدٍ".
1285 -
*روى الحاكم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أفضل نساء العالمين خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون".
1286 -
* روى الحاكم عن علي رضي الله عنه قال: جهز رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها في خميل وقريةٍ ووسادةٍ، من أدمٍ حشوُها ليفٌ.
1287 -
* روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت إذا ذكِرَتْ فاطمةُ بنتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها إلا أن يكون الذي ولدها.
1288 -
* روى الحاكم عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نزل ملك من السماء، فاستأذن الله أنْ يُسلِّم عليِّ لم ينزل قبلها، فبشرني أن فاطمة سيدةُ نساء أهل الجنة"(1).
1284 - المستدرك (3/! 58) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ فإن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسبك من نساء العالمين" يسوي بين نساء الدنيا، وأقره الذهبي.
1285 -
المستدرك (2/ 594) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذا اللفظ وقال الذهبي: صحيح. خميل: الخميل: القطيفة.
1286 -
المستدرك (2/ 185) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي: صحيح.
1287 -
المستدرك (3/ 161) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
1288 -
المستدرك (3/ 151) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي: صحيح.
1289 -
* روى أحمد عن النعمان بن بشيرٍ قال: استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسمع صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقدْ عرفتُ أن علياً وفاطمة أحبُّ إليك مني ومن أبي مرتين أو ثلاثاً، فاستأذن أبو بكر فأهوى إليها، فقال: يا بنت فلانة لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1290 -
* روى الطبراني عن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عليٍّ وفاطمة، وهما يضحكان، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم سكتا فقال لهما النبيُّ صلى الله عليه وسلم "ما لكُما كُنتما تضحكان، فلما رأيتماني سكتما" فبادرتْ فاطمة فقالت: بأبي أنت يا رسول الله قال هذا: أنا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فقلت: بل أنا أحبُّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فتبسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا بنيةُ لك رقة الولد وعليُّ أعزُّ عليَّ منك".
1291 -
* روى الطبراني عن أسماء بنت عُميس قالت: لما أهديت فاطمة إلى عليِّ بن أبي طالب لم نجدْ في بيته إلا رُملاً مبسوطاً ووسادة حشوها ليف وجرة وكوزاً فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحدثنِّ حدثاً" أو قال: "لا تقربن أهلك حتى آتيك" فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أثم أخي" فقالت أم أيمن وهي أم أسامة بن زيدٍ وكانتْ حبشية، وكانت امرأة صالحة: يا رسول الله هذا أخوك وزوجته ابنتك: وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أًحابه وآخى بين عليٍّ ونفسه، قال:"إن ذلك يكونُ يا أمَّ أيمن" قالت: فدع النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء ثم قال: ما شاء الله أن يقول (1)، ثم مسح صدر عليٍّ ووجهه، ثم دعا فاطمة، فقامت إليه فاطمة تعثرُ في مرطها من الحياء فنضح
1289 - أحمد في مسنده: (4/ 275) وأورده الهيثمي في المجمع (9/ 201) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
1290 -
أورده الهيثمي (9/ 202) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
بأبي أت: أي أفديك بأبي، وهو أبوها.
1291 -
المعجم الكبير (24/ 137) وأورده الهيثمي (9/ 319، 210) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
رُملاً: رمال الحصير، الرمال: ما رمل أي نسج، والمراد أنه كالسرير قد نسج وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير.
فنضح عليها: أي رش.
مرطها: كساء من قطن أو صوف أو كتان، وتتلفع به المرأة.
عليها من ذلك وقال لها: ما شاء الله أن يقول ثم قال لها: طأما إني لم آلك أنْ أنكحتك أحبّ أهلي إليّ" ثم رأى سواداً من وراء الستر أو من وراء الباب، فقال: "من هذا" قالت أسماءُ قال: "أسماء بنت عُميس" قالت: نعم يا رسول الله قال: "جئتِ كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم": قالت نعم إن الفتاة ليلة يُبنى بها لابد لها من امرأة تكون قريباً منها إن عرضتْ لها حاجة أفضتْ ذلك إليها قالت: فدعا لي بدعاء إنه لأوثقُ عملي عندي ثم قال لعلي "دونك أهلك" ثم خرج فولى، فما زال يدعو لهما حتى توارى في حجره.
1292 -
* روى الطبراني والبزار عن بريدة قال: قال نفرٌ من الأنصار لعليٍّ رضي الله عنه: عندك فاطمة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما حاجة ابنُ أبي طالب رضي الله عنه" فقال: يا رسول الله ذكرتُ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مرحباً وأهلاً" لم يزدْ عليها فخرج عليّث بن أبي طالب على أولئك الرهط من الأنصار ينتظرونه فقالوا: ما وراءك قال: ما أدري غير أنه قال لي مرحباً وأهلاً. قالوا يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما أعطاك الأهلُ والمرحب، فلما كان بعد ما زوجهُ قال:"يا عليٌّ إنه لابد للعروس من ليمة" قال سعد: عندي كبشٌ وجمعَ له من الأنصار أصوعاً من ذُرةٍ، فلما كانت ليلة البناء قال:"لا تُحدثْ شيئاً حتى تلقاني" فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه عليّ فقال "اللهم بارك فيهما وبارك لهما في بنائهما".
1293 -
* روى الطبراني عن حجر بن عنبس وكان قد أكل الدم في الجاهلية، وشهد مع عليٍّ رضي الله عنه الجمل وصفين فقال: خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هي لك يا عليُّ"(1).
1292 - المعجم الكبير (2/ 20) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 309): رواه الطبراني والبزار بنحوه إلا أنه قال: قال نفر من الأنصار لعلي رضي الله عنه لو خطبت فاطمة .. وقال في آخره: "اللهم بارك فيهماوبارك لهما في شبليهما". ورجالهما رجال الصحيح غر عبد الكريم بن سليط ووثقه ابن حبان.
أصوعا: جمع صاع، الذي يكال به ويؤنث وهو أربع حفنات يكفي الرجل وهو أربعة أمداد كل مد رطل وثلث، والرطل قال الداودي معياره الذي لا يختلف أربع حفنات بكفي الرجل الذي ليس بعظيم الكفين ولا صغيرهما إذ ليس كل مكان فيه صاع النبي صلى الله عليه وسلم
1293 -
المعجم الكبير (4/ 34) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 304): رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1294 -
* روى البخاري عن الموسر بن مخرمة رضي الله عنه قال: إن علياً خطب بنت أبي جهلٍ فسمعت بذلك فاطمةُ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يزعُم قومُك أنك لا تغضب لبناتك وهذا عليٍّ ناكحُ بنت أبي جهلٍ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته حين تشهد يقول:"أما بعدُ، أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسؤوها - وفي رواية: أن يفتنوها - والله لا تجتمعُ بنت رسول اله وبنت عدو الله عند رجلٍ واحدٍ" فترك عليٍّ الخطبة.
وفي رواية (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر: "إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم عليٍّ بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها".
قال صاحب عون المعبود: (لا آذن لهم ثم لا آذن لهم) كرر ذلك تأكيداً، وفيه إشارة إلى تأييده مدة المنع وكأنه أراد منع المجاز لاحتمال أن يحمل النفي على مدة بعينها فقال: ثم لا آذن أي ولو مضت المدة المفروضة تقديراً لا آذن بعدها كذلك أبداً.
(يريبني ما أرابها) قال إبراهيم الحربي: الريب: ما رابك من شيء خفت عقباه. ويؤخذ من هذا الحديث أن فاطمة لو رضيت بذلك لم يمنع علي من التزويج بها أو بغيرها.
1294 - البخاري (7/ 85) 63 - كتاب فضائل الصحابة-16 - باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو العاص بن الربيع.
(1)
مسلم (4/ 1103) 44 - كتاب فضائل الصحابة-15 - باب فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصلاة والسلام.
البضعة: القطعة من اللحم.
يريبني: أي: يسوؤني ما يسوؤها، تقول: رابني هذا الأمر يريبني: إذا رأيت منه ما تكرهه، وهُذيل تقول: أرابني.
فحدثني وصدقني: هذا المشار إليه بالوعد والوفاء: هو أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أُسر في غزوة بدر، فنفذت زينب فداءه من مكة، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي نفذته قلادة كانت خرجت معها لما دخلت عليه، كانت لخديجة، فرقَّ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم رقةً شديدة واستطلق أسيرها من المسلمين، واستوهبهم الفداء فوهبوه، فرده إليها، وشرط على أبي العاص أن يُنفذ زينب إليه إذا وصل إلى مكة، ففعل.
قال في الفتح: قوله (إن علياً خطب بنت أبي جهل) اسمها جويرية كما سيأتي، ويقال العوراء ويقال جميلة، وكان عليٌّ قد أخذ بعموم الجواز، فلما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عليٍّ عن الخطبة، فيقال تزوجها عناب بن أسيد، وإنما خطب النبي صلى الله عليه وسلم ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به إما على سبيل الإيجاب وإما على سبيل الأولوية. وغفل الشريف المرتضى عن هذه النكتة، فزعم أن هذا الحديث موضوع لأنه من رواية المسور وكان فيه انحراف عن علي، وجاء من رواية ابن الزبير وهو أشد في ذلك، ورد كلامه بإطباق أصحابِ الصحيح على تخريجه، وسيأتي بسط ما يتعلق بذلك في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى. قوله (وهذا علي ناكح بنت أبي جهل) أطلقت عليه اسم ناكح مجازاً باعتبار ما كان قصد يفعلُ، واختلف في اسم ابنة أبي جهل فروى الحاكم في "الإكليل" جويرية وهو الأشهرُ، وفي بعض اطلرق اسمها العوراء أخرجه ابن طاهر في "المهمات"، وقيل اسمها الحيفاء ذكره ابن جرير الطبري، وقيل جرهمة حكاه السهلي، وقيل اسمها جميلة ذكره شيخنا ابن الملقن في شرحه؛ وكان لأبي جهل بنت تسمى صفية تزوجها سهل بن عمرو سماها ابن السكيت وغيره وقال هي الحيفاء المذكورة. قوله (حدثني فصدقني) لعله كان شرط على نفسه أن لا يتزوج على زينب، وكذلك علي، فإن لم يكن كذلك فهو محمول على أن علياً نسي ذلك الشرط فلذلك أقدم على لاخطبة، أو لم يقع عليه شرط إذ لم يصرح بالشرط لكن كان ينبغي له أن يراعي هذا القدر فلصذلك وقعت المعاتبة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قل أن يواجه أحداً بما يعاب به، ولعله إنما جهر بمعاتبة علي مبالغة في رضا فاطمة عليها السلام، وكانت هذه الواقعة بعد فتح مكة، ولم يكن حينئذ تأخر من بنات النبي صلى الله عليه وسلم غيرها، وكانت أصيبت بعد أمها بإخوتها فكان إدخال الغيرة عليها مما يزيد حزنها.
1295 -
* روى الطبراني عن عائشة قالت: ما رأيتُ أفضل من فاطمة غير أبيها قالت: وكان بينهما شيء فقالت: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذبُ (1).
1295 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 201) وقال: رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلي، إلا أنها قالت: ما رأيتُ أحداً قط أصدق من فاطمة، ورجالهما رجال الصحيح.
وكان بينهما شيء: حدث بين عائشة وفاطمة.
1296 -
* روى النسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطب أبو بكرٍ وعمر فاطمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنها صغيرة" فخطبها عليٍّ، فزوجها منه".
1297 -
* روى الترمذي عن بريدة رضي الله عنه قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال عليٍّ.
قال إبراهيم النخعي: يعني: من أهل بيته (1).
* * *
1296 - النسائي (6/ 62) كتاب النكاح، باب تزوج المرأة مثلها في السن، وإسناده حسن.
فخطبها علي: أي عقب ذلك بلا مهلة كما تدل عليه الفاء، فعلم أنه لاحظ الصغر بالنسبة إليهما وما بقي ذلك بالنظر إلى علي فزوجها مه، ففيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعية لكونها أقرب إلى المؤالفة، نعم قد يترك ذاك لما هو أعلى منه كما في تزوج عائشة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم.
1297 -
الترمذي (5/ 698) 50 - كتاب المناقب -61 - باب فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليهما وسلم.