الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء:
عائشة بنت الإمام الصديق الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر عبد الله بن أبي قُحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، بن كعب بن لؤي، القرشية التيمية المكية، النبوية، أم المؤمنين، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، أفقه نساء الأمة على الإطلاق، وأمها أم رُومان بنت عامر بن عويمر، بن عبد شمس، هاجر بعائشة أبواها، وتزوجها نبي الله قبل مهاجره بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً، وقيل: بعامين، ودخل بها في شوال سنة اثنتين، بعد منصرفه عليه الصلاة والسلام من غزوة بدر، وهي ابنة تسع.
روت عنه علماً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وعن أبيها، وعن عمر وفاطمة وسعد، وحمزة ابن عمرو الأسمي وجُدامة بنت وهب أخت عُكاشة بن مِحْصَن الأسدي لأمه وهي صحابية لها سابقة وهجرة.
وكانت عائشة امرأة بيضاء جميلة، ومن ثم يقال لها: الحميراء، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها، ولا أحب امرأة حبها، ولا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم بل ولا النساء مطلقاً امرأة أعلم منها، وذهب بعض العلماء إلى أنها أفضل من أبيها، وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شيء قدراً، بل نشهد أنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة فهل فوق ذلك مفخرة، وإن كان للصديقة خديجة شأوً لا يلحق، وأن واقف في أيتهما أفضل نعم جزمت بأفضلية خديجة عليها لأمور ليس هذا موضعها.
وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها إثر وفاة خديجة، فتزوج بها وبسودة في وقت واحد ثم دخل بسودة فتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر، فما تزوج بكراً سواها وأحبها حباً شديداً كان يتظاهر به.
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمراً مستفيضاً، ألا تراهم كيف كانوا يتحرون بهداياهم ومها تقرباً إلى مرضاته.
وعن عليٍّ رضي الله عنه أنه ذكر عائشة، فقال: خليلةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما، فرضي الله عنهما، ولا ريب أن عائشة ندمت كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ، فعن عمارة بن عمير، عمن سمع عائشة إذا قرأت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (2) بكت حتى تبل خمارها.
قال أبو إسحاق، عن مصعب بن سعد، قال: فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف، وزاد عائشة ألفين، وقال: إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن الشعبي أن عائشة قالت: رويت للبيدٍ نحواً من ألف بيت، وكان الشعبي يذكرها، فيتعجب من فقهها وعلمها، ثم يقول: ما ظنكم بأدب النبوة.
قال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة.
قال حفص بن غياث: حدثنا إسماعيل، عن أبي إسحاق، قال: قال مسروق: لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أم المؤمنين، يعني عائشة. ويريد بقوله: بعض الأمر: خروجها إلى حرب الجمل.
وعن عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: قدم رجل فسأله أبي: كيف كان وجدُ الناس على عائشة؟ فقال: كان فيهم وكان، قال: أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه.
عن صالح بن كيسان وغيره: أن عائشة جعلت تقولُ: إن عثمان قُتِلَ مظلوماً، وأنا أدعوكم إلى الطلب بدمه، وإعادة الأمر شُورى.
وقد سقتُ وقعة الجمل مُلخصة في مناقب عليٍّ، وإن علياً وقف على خباء عائشة يلُومُها على مسيرها. فقالت: يا ابن أبي طالب، ملكت فأسجح (3). فجهزها إلى المدينة، وأعطاها اثني عشر ألفاً. فرضي الله عنه وعنها.
(1) قال الذهبي: هذا حديث حسن ومصعب صالح لا بأس به.
(2)
الأحزاب: 33.
(3)
ملكت فأسجح: أي قدرت فسهل وأحسن العفو.
عن عروة بن الزبير: أن معاوية بعث مرة إلى عائشة بمئة ألفِ درهم، فوالله ما أمست حتى فرقتها. فقالت لها مولاتُها: لو اشتريت لنا منها بدرهم لحماً؟ فقالت: ألا قلتِ لي.
عن عطاء: أن معاوية بعث إلى عائشة بقلادة بمئة ألف، فقسمتها بين أمهات المؤمنين.
عن عائشة: أنها تصدقت بسبعين ألفاً؛ وإنها لترفع جانب درعها رضي الله عنها.
قال محمد بنُ عامر: حدثا ابن جُريج، عن نافع، قال: شهدتُ أبا هريرة صلى على عائشة بالبقيع، وكان خليفة مروان على المدينة، وقد اعتمر تلك الأيام.
قال عروة بن الزبير: دفنت عائشة ليلاً، قال هشام بن عروة، وأحمد بن حنبل، وشبابٌ، وغيرهم: تُوفيت سنة سبع وخمسين. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، والواقدي، وغيرهما: سنة ثمان وخمسين.
عن قيس، قال: إن عائشة كانت تُحدثُ نفسها أن تُدفن في بيتها، فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه. فدُفِنتْ بالبقيع رضي الله عنها. قال الذهبي: تعني بالحدث: مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية، وتابت من ذلك: على أنها ما فعلت ذلك إلا مُتأولة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحةُ بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وجماعة من الكبار، رضي الله عن الجميع.
ومدةُ عمرها، ثلاث وستون سنة وأشهر.
ومسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث. اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين وانفرد مسلم بتسعة وستين.
وعائشة ممن وُلِدَ في الإسلام، وهي أصغرُ من فاطمة بثماني سنين.
وكانت تقول: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين.
وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخاً أعمى يستعطي أهـ الذهبي بتصرف.
وقد ذكر الذهبي حوالي (185) اسماً ممن رووا عنها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضي الله