الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعليقات
لم يزل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الأمير الأنموذج عند أهل الدنيا وأهل الآخرة، فلقد انطبعت هذه الحقيقة في الأذهان حتى غدت بدهية، فما يكاد يكون حديث عن تصرفات نموذجية لأمير إلا وتقفز مباشرة إلى الأذهان صورة عمر رضي الله عنه.
لقد كان جسمه كاملاً بين الأجسام وهو شيء مهم في الإمرة النموذجية، كما أن له سابقته وفضله في المجتمع الذي قاده، وساسه، وذلك محل إجماع، وكذلك هذه شيء مهم في الإمرة النموذجية.
وكان على غاية من الجدية في حياته الخاصة والعامة، وهذا شرط الإمرة النموذجية لأنه بذلك تستمر هيبة الأمير وتتنامى.
وكان لا يميز أهله ولا نفسه عن العامة بشيء، وبذلك أبعد نفسه عن أي مظنة تهمة، وهذا مه في شخصية الأمير النموذجي.
وكان أرحم الناس بالعامة وأرفقهم بهم وأكثرهم لهم رعاية، فلا يضيع أحد في سلطانه، ويستشعر كل فر بحنانه، وهذا شرط في الأمير النموذجي.
وكان يترك اجتهاده لاجتهاد غيره إذا أحس أن الأمر سيدخل بعض الناس في زوايا حادة كما فعل في أراضي السواد إذ أخر تنفيذ اجتهاده حتى انتهت المعارضة، وهذا شرط في الأمير النموذجي. مع ملاحظة أن اجتاد عمر ألا تقسم الأراضي المفتوحة على الفاتحين وأن تبقى وقفاً على جميع المسلمين إلى قيام الساعة. كان اجتهاداً وافقه عليه أكثر الصحابة، واستدل له عمر بنصوص قرآنية وكان هذا وحده هو الذي يسع حاضر الأمة الإسالمية ومستقبلها، وكان فيه البركة ولا زلنا نرى بركة تصرفه حتى أننا في عصرنا نعتبر فعله حجة للإسلام على المذاهب التي تتحدث عن خطورة تركيز رؤوس الأموال بأيد قليلة. ومع قوة هذا الاجتهاد ووقوف أكثر الصحابة معه فقد جمد عمر هذه القضية لأن بعض الصحابة كانت له شبهة، فخشي أن يؤثر تنفيذ اجتهاده على وحدة الصف فجمد القضية ومن هاهنا ندرك أن الحزم عند عمر هو والحكمة توأمان.
وكان يعرف أقدار الناس ويعرف ويعرف لأهل الفضل فضلهم ولأهل السبق سبقهم وهذا شرط لاستقرار أي نظام.
وكان مستشرفاً استشرافاً كاملاص لساحة المعركة التي يخوضها ولوازمها واحتياجاتها، وهذا شرط من شروط نجاح الأمير في أي معركةز
وكان يحسن اختيارالرجال للمهمات المنوطة بهم، وهذا شرط لنجاحات الأمير أي أمير.
وكان كل فرد حوله يحس أنه أكمل منه في خصوصياته، فالعبادة والعلم وحسن التدبير وسداد الرأي كل ذلك كان متفوقاً فيه على من حوله، وهذا شرط في نجاحات المير، فمتى أحسن من حول الأمير بتفوقهم عليه هان عليهم وذلك مقدمة الفشل.
وكان قوي المبادرة، كثير المشاورة، دراكاً للفكرة الصائبة، وتلك شروط في نجاحات الأمير.
وكان يؤدي لكل ذي حق حقه ويعرف لكل ذي فضل فضله، ولذلك أعطاه الجميع حقوقه كاملة، وكما كان لا يتساهل في حقوقه كا يعرف الحدود التي يحاسب بها الأمير على حقوقهز
ومهما قيل فيه فهو قليل: لقد أتعب أبو بكر من جاء بعده ما قال عمر، ولقد اتعب أبو بكر وعمر من جاء بعدهما إلى قيام الساعة، فمن الذي يستطيع ما استطاعا، ولكن من تهيأ له ما تهيأ لهما
لقد تهيأ لهما أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم جنودهما، ومن كان هؤلاء جنده وحاشيته وبطانته فإنه قد توافر له ما لا يتوافر لأحد بعده، ولعل هذا أحد الأسباب الرئيسية لانتقاض الأمر في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما، فلقد أصبح أكثر جيل الصحابة الذين رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر في عداد الشهداء.
* * *
رقم الإيداع: 2872/ 89
الترقيم الدولي: 4 - 24 - 1471 - 977