الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من النفر الذين ثبتوا يوم أُحد وحنين فلم يجبنوا ولم يفروا، كان رضي الله عنه كريماً جواداً أنفق ماله كله في سبيل الله، الزهد دثاره والتواضع شعاره، وعرف بغزارة العلم وسعة الأففق وسداد الحجة، وصدق الفراسة، ودقة الفهم.
مبايعته بالخلافة:
انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه ولم يوص لأحد بالخلافة، بل ترك الأمر شورى بين المسلمين يختارون من يرونه أهلاً لهذه المسئولية الجسيمة، وعلى أثر وفاته صلى الله عليه وسلم اجتمع نفر من الأنصار في سقيفة بني ساعدة في المدينة، ورادوا أن يبايعوا سعد بن عبادة سيد الخزرج خليفة للمسلمين فقد كره المسلمون أن يعيشوا دون إمام يجتمع عليه أمرهم ويستقيم به شأنهم، وجرت مشادة بين نفر من الأنصار والمهاجرين حول هذا الأمر، وحضر أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقام خطيباً في الحاضرين بين بالحجة والدليل أن هذا لأمر، لا يستقيم إلا في قريش نظراً لمكانتها وشرفها، وعرض الصديق على المسلمين في السقيفة أن يبايعوا عمر ابن الخطاب، أو أبا عبيدة بن الجراح. فقام عمر رضي الله عنه وبايع أبا بكر بالخلافة لسابقته وفضله فهو خير من طلعت عليه الشمس بعد النبيين، وثاني اثنين إذ هما في الغار، وباذل ماله في سبيل الله، وأحب الصحابة إلى رسول الله، وقد أمره أن يصلي بالناس أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم، وبايع الأنصار أبا بكر كأنما دعاهم من السماء داع وغرب الخلاف مع غروب شمس ذلك اليوم، وسميت هذه البيعة بالبيعة الخاصة وكانت البيعة العامة في المسجد في اليوم التالي، وقد اتفق الصحابة رضي الله عنهم على بيعة الصديق.
أعماله رضي الله عنه أثناء فترة خلافته:
كانت خلافة أبي بكر رضي الله عنه حافلة بعظائم الأمور وجلائل الأعمال، وقد كتب له القدر أني تولى أمور المسلمين استجابة لتبعات إيمانه ومسؤوليات دينه ليواجه أحداثاً جساماً، وأموراً عظاماً:
أولاً: إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه لقتال الروم:
كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جهز جيشاً تحت إمرة أسامة بن زيد رضي الله عنهما وجهته الشام
لقتال الروم، وعندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا الجيش يعسكر على بعد ثلاثة أميال من المدينة يتهيأ للسير، وأرجأت وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم زحفه، وتباينت الآراء واختلفت وجهات النظر بشأنه.
فقد رأى فريق من الصحابة فيهم عمر بن الخطاب أن إنفاذ جيش أسامة ينطوي على مخاطرة رهيبة ومغامرة عجيبةن لأن المدينة المنورة عاصمة الإسلام مهددة بغزو المرتدين فالمسلمون محتاجون لهذا الجيش في قمع الردة واستئصال شأفة المرتدين، فقد ارتد كثير من العرب بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وخالطت الردة كل مكان تقريباً سوى مكة والمدينة والطائف وجواني - وهي مدينة قرب الهفوف الآن في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية - وغدا الخطر الماحق يهددُ مستقبل الدعوة الإسلامية ومصيرها وكان أسامة بن زيد قائد الجيش من أنصار هذا الرأي ومؤيديه.
ورأى الخليفة رضي الله عنه إنفاذ هذا الجيش، لأن خروجه في ذلك الوقت من أكبر المصالح وقال رضي الله عنه:(والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن الطير تخطفنا ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأنفذن جيش أسامة).
فقد رأى الصديق ببصيرته النفاذة، وفراسته الصادقة، وعقله الراجح أن المصلحة كل المصلحة في بعث جيش أسامة، لما في ذلك من إظهار قوة المسلمين ومنعتهم، فقد عادت كثير من القبائل التي مر بها هذا الجيش وهو في طريقه إلى الشام إلى صوابها ورشدها، وقالت: لو كانت المدينة تعاني من الضعف والوهن والخلاف لما أرسل هذا الجيش لقتال الروم، لقد ثبط هذا الجيش كثيراً من القبائل التي كانت فتنة الردة توشك أن تتسلل إليها، وأظهر قوة المسلمين العسكرية في هذا الوقت العصيب، وعاد جيش أسامة من غزوته تلك سالماً غانماً منصوراً، وقد رأى أبو بكر رضي الله عنه أن قضية بعث جيش أسامة ليست مما يعرض للشورى بعد أن أعطى الرسول أمره والشورى لا تكون فيما ورد فيه الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما كنت لأرد قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رأى بعض المسلمين أن يكون على الجيش قائد غير أسامة لأنه كان صغير السن، غض الإهاب، قليل الخبرة، ضئيل التجربة وفي الجيش سادات الصحابة وأجلاؤهم، ولكن