الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عطف على وصل
1237 -
* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودا منها قالت: أعوذ بالله منك، فقال:"لقد عُذتِ بعظيم، الحقي بأهلك".
وفي رواية النسائي (1): أن الكلابية لما دخلتْ على النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث.
قال السندي: قوله (الحقي بأهلك) نعلم منه أن الطلاق لا يتوقف على التصريح بل يقع بالكناية.
قال في الفتح: والصحيح أن اسمها أميمة بنت النعمان بن شراحيل كما في حديث أبي أسيد، وقال مرة: أميمة بنت شراحيل فنسبت لجدها، وقيل اسمها أسماء، وروى ابن سعد عن الواقدي عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت:"تزوج النبي صلى الله عليه وسلم الكلابية" فذكر مثل حديث الباب، وقوله الكلابية غلط وإنما هي الكندية، فكأنما الكلمة تصحفت. نعم للكلابية قصة أخرى ذكرها ابن سعد أيضاً بهذا السند إلى الزهري وقال: اسمها فاطمة بنت الضحاك بن سفيان، فاستعاذت منه فطلقها، فكانت تلقط البعْرَ وتقول: أنا الشقية. قال وتوفيت سنة ستين. ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن الكندية لما وقع التخيير اختارت قومها ففارقها، فكانت تقول: أنا الشقية". ومن طريق سعيد بن أبي هند أنها استعاذت منه فأعاذها. ومن طريق الكلبي اسمها العالية بنت ظبيان بن عمرو، وحكى ابن سعد أيضاً أن اسمها عمرة بنت يزيد بن عبيد، وقيل بنت يزيد بن الجون. وأشار ابن سعد إلى أنها واحدة اختلف في اسمها، والصحيح أن التي استعاذت منه هي الجونية. وروى ابن سعد من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: لم تستعذ منه امرأة غيرها. قلت: وهو الذي يغلب على الظن، لأن ذلك وقع للمستعيذة بالخديعة المذكورة فيبعد أن تخدع أخرى بعدها بمثل ما خدعت به بعد شيوع
1237 - البخاري (9/ 356) 68 - كتاب الطلاق-3 - باب من طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟.
(1)
النسائي (6/ 150) كتاب الطلاق، باب مواجهة الرجل المرأة بالطلاق.
الخبر بذلك. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج الجونية. واختلفوا في سبب فراق فقال قتادة: لما دخل عليها دعاها فقالت: تعال أنت. فطلقها. وقيل كان بها وضح (1) كالعامرية قال: وزعم بعضهم أنها قالت أعوذ بالله منك فقال: "قد عذت بمعاذ وقد أعاذك الله مني" فطلقها. قال: وهذا باطل إنما قال له هذا امرأة من بني العنبر وكانت جميلة فخاف نساؤه أن تغلبهن عليه فقلن لها إنه يعجبه أن يقال له نعوذ بالله منك ففعلت، فطلقها. كذا قال، وما أدري لم حكم ببطلان ذلك مع كثرة الروايات الواردة فيه وثبوته في حديث عائشة في صحيح البخاري. أهـ فتح الباري.
1238 -
* روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها، فأرسل فقدمت، فنزلت في أُجُمِ بني ساعدة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءها، فدخل عليها، فإذا امرأة منكسةً رأسها، فلما كلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك، قال:"قد أعذْتُك مني" فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ قالت: لا، قالوا: هذا رسول الله، جاءك ليخطبك، قالت: أنا كنت أشقى من ذلك، قال سهل: فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال:"اسقنا"- لسهلٍ- قال: فأخرجت لهم هذا القدح، فأسقيتهم فيه، قال أبو حازم: فأخرج لنا سهل ذلك القدح فشربنا فيه، ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز، فوهبه له.
1239 -
* روى البخاري عن أبي أُسيد رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى انطلقنا إلى حائطٍ يقال له: الشوطُ، حتى انتهينا إلى حائطين جلسنا بينهما، فقال النبي
(1) الوضح: البياض وقد يكنى به عن البرص.
1238 -
البخاري (10/ 98) 74 - كتاب الأشربة- 30 - باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته.
ومسلم (3/ 1591) 36 - كتاب الأشربة -9 - باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكراً.
الأجم: واحد الآجام، وهي الحصون. أنا كنت أشقى من ذلك، ليس أفعل التفضيل هنا على بابه وإنما مرادها إثبات الشقاء لها لما فاتها من التزوج برسول الله صلى الله عليه وسلم.
1239 -
البخاري (9/ 356) 68 - كتاب الطلاق - باب منطلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟.
= إلى حائط يقال له الشوط: بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهمله وقيل معجمة، وهو بستان في المدينة معروف.
صلى الله عليه وسلم "اجلسوا هاهنا" ودخل، وقد أُتي بالجونية فأنزلت في بيتٍ في نخلٍ، في بيتِ أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها دايتُها حاضنة لها، فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هي نفسك لي" قالت: وهل تهب الملكةُ نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يدهُ عليها لتسكُن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال:"قد عُذتِ بمعاذٍ" ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أُسيد اكسُها رازقيين، وألحقها بأهلها".
وفي رواية (1) عن أبي أسيد، وعن سهل بن سعد قالا: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أُسيدٍ أن يجهزها ويكسوها ثوبيين رازقيين.
قال صاحب الفتح: (حتى انتهينا إلى حائطين جلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا ههنا ودخل) أي إلى الحائط. وفي رواية لابن سعد عن أبي أسيد قال "تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني الجون فأمرني أن آتيه بها فأتيته بها فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فخرج يمشي ونحن معه. وذُباب بضم المعجمة وموحدتين مخففاً جبل معروف بالمدين، والأطم الحصون هو الأجم أيضاً والجمع آطام وآجام كعنق وأعناق، وفي رواية لابن سعد أن النعمان بن الجون الكندي أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً فقال: ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؟ فتزوجها وبعث معه أبا أسيد الساعدي، قال أبو أسيد: فأنزلها في بني ساعدة فدخل عليها نساء الحي فرحين بها وخرجن فذكرن من جمالها. قوله (فأنزلت في بيت في نخل في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل) هو بالتنوين في الكل، وأميمة بالرفع إما بدلاً عن الجونية وإما عطف بيان، وظن بعض الشراح أنه بالإضافة فقال في الكلام على الرواية التي بعدها: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شراحيل ولعل التي نزلت في بيتها بنت أخيها، وهو مردود فإن مخرج الطريقين واحد، وإنما جاء الوهم من إعادة لفظ "في بيت" وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في
= السوقة: من الناس: العامة والرعاع.
رازقيين: الثياب الرازقية: ثياب من كتان.
(1)
البخاري في نفس الموضع السابق.
مسنده عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه فقال "في بيت في النخل أميمة إلخ" وجزم هشام بن الكلبي بأنها أسماء بنت النعمان بن شراحيل بن الأسود بن الجون الكندية، وكذا جزم بتسميتها أسماء محمد بن إسحاق ومحمد بن حبيب وغيرهما، فلعل اسمها أسماء ولقبها أميمة. ووقع في المغازي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحق" أسماء بنت كعب الجونية" فلعل في نسبها من اسمه كعب نسبها إليه، وقيل هي أسماء بنت الأسود بن الحارث بن النعمان. قوله (ومعها دايتها حاضنة لها) الداية بالتحتانية الظئر المرضع وهي معربة، ولم أقف على تسمية هذه الحاضنة. قوله (هبي نفسك لي إلخ) السوقة بضم السين المهملة يقال للواحد من الرعية والجمع، قيل لهم ذلك لأن الملك يسوقهم فيساقون إليه ويصرفهم على مراده، واما أهل السوق فالواحد منهم سوقي. قال ابن المنير: هذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية، والسوقة عندهم من ليس بملك كائناً من كان، فكأنه استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك، وكان صلى الله عليه وسلم قد خير أن يكون ملكاً نبياً فاختار أن يكون عبداً نبياً تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم لربه، ولم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلم بكلامها معذرة لها لقرب عهدها بجاهليتها، وقال غيره يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم فخاطبته بذلك، وسياق القصة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال، نعم سيأتي في أواخر الأشربة م طريق أبي حازم عن سهل بن سعد قال "ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أٍيد الساعدي أن يرسل إليها فقدمت، فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء بها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها قالت: أعوذ بالله منك، قال: لقد أعذتك مني" فقالوا لها أتدرين من هذا؟ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك، قالت: كنت أنا أشقى من ذلك. فإن كانت القصة واحدة فلا يكون قوله في حديث الباب ألحقها بأهلها ولا قوله في حديث عائشة الحقي بأهلك تطليقاً، ويتعين أنها لم تعرفه. وإن كانت القصة متعددة ولا امنع من ذلك فلعل هذه المرأة هي الكلابية التي وقع فيها الاضطراب. وقد ذكر ابن سعد بسند فيه العزرمي الضعيف عن ابن عمر قال "كان في نساء النبي صلى الله عليه وسلم سنا بنت سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا أسيد الساعدي يخطب عليه امرأة من بني عامر يقال لها عمرة بنت يزيد بن عبيد بن رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر، قال ابن سعد: اختلف عينا اسم الكلابية فقيل فاطمة بنت الضحاك بن سفيان وقيل عمرة بنت يزيد بن عبيد
وقيل سنا بنت سفيان بن عوف وقيل العاليةب نت ظبيان بن عمرو بن عوف، فقال بعضهم هي واحدة اختلف في اسمها، وقال بعضهم بل كن جمعاً ولكن لكل واحدة منهن قصة غير قصة صاحبتها". ثم ترجم الجونية فقال: أسماء بنت النعمان. ثم أخرج من طريق عبد الواحد بن أبي عون قال "قدم النعمان بن أبي الجون الكندي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً فقال: يا رسول الله ألا أزوجك أجمل أيم في العرب، كانت تحت ابن عم لها فتوفي وقد رغبت فيك؟ قال: نعم. قال: فابعث من يحملها لك. فبعث معه أبا أسيد الساعي. قال أبو أسيد فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت معي في محفة فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة، ووجهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته" الحديث. قال ابن أبي عون: وكان ذلك في ربيع الأول سنة تسع. ثم أخرج من طريق أخرى عن عمر بن الحكم عن أبي أسيد قال "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجونية فحملتها حتى نزلت بها في أطم بني ساعدة، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فخرج يمشي على رجليه حتى جاءها" الحديث. ومن طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: اسم الجونية أسماء بنت النعمان بن أبي الجون، قيل لها اسعيذي منه فإنه أحظى لك عنده، وخدعت لما رؤي من جمالها، وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حملها على ما قالت فقال:"إنهن صواحب يوسف وكيدهن" فهذه تنزل قصتها على حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، وأما القصة التي في حديث الباب من رواية عائشة فيمكن أن تنزل على هذه أيضاً فإنه ليس فيها إل الاستعاذة، والقصة التي في حديث أبي أسيد فيها أشياء مغايرة لهذه القصة، فيقوى التعدد، ويقوي أن التي في حديث أبي أسيد اسمها أميمة والتي في حديث سهل اسمها أسماء والله أعلم. وأميمة كان قد عقد عليها ثم فارقها وهذه لم يعقد عليها بل جاء ليخطبها فقط. قوله (فأهوى بيده) أي أمالها إليها. ووقع في رواية ابن سعد، فأهوى إليها ليقبلها، وكان إذا اختلى النساء أقعى وقبل" وفي رواية لابن سعد "فدخل عليها داخل من النساء وكانت من أجمل النساء فقالت: إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جاءك فاستعيذي منه" ووقع عنده عن هشام بن محمد عن عبد الرحمن بن الغسيل بإسناد حديث الباب "أن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها، وقالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله
منك". قوله؛ فقال: قد عذت بمعاذ) هو بفتح الميم ما يستعاذ به، أو اسم مكان العوذ، والتنوين فيه للتعظيم. وفي رواية ابن سعد "فقال بكمه على وجهه وقال: عذت معاذاً. ثلاث مرات" وفي أخرى له "فقال أمن عائذ الله" قوله (ثم خرج علينا فقال: "يا أبا أٍيد اكسها رازقيين" براء ثم زاي ثم قاف بالتثنية صفة موصوف محذوف العلم به، والرازقية ثياب من كتان بيض طوال قاله أبو عبيدة. وقال غيره: يكون في داخل بياضها زرقة، والرازقي الصفيق. قال ابن التين: متعها بذلك إما وجوباً وإما تفضلاً. قلت: سيأتي حكم المتعة في كتاب النفقات قوله (وألحقها بأهلا) قال ابن بطال: ليس في هذا أنه واجهها بالطلاق. وتعقبه ابن المنير بأن ذلك ثبت في حديث عائشة أول أحاديث الباب، فيحمل عل أنه قال لها الحقي بأهلك، ثم لما خرج إلى أبي أسيد قال له ألحقها بأهلها، فلا منافاة، فالأول قصد به الطلاق والثاني أراد به حقيقة اللفظ وهو أن يعيدها إلى أهلها، لأن أبا أسيد هو الذي كان أحضرها كما ذكرناه. ووقع في رواية لابن سعد عن أبي أسيد قال "فأمرني فرددتها إلى قومها" وفي أخرى له "فلما وصلت بها تصايحوا وقالوا: إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت: خُدعتُ. قال فتوفيت في خلافة عثمان". قال "وحدثني هشام بن محمد عن أبي خيثمة زهير بن معاوية أنها ماتت كمداً" ثم روى بسند فيه الكلبي "أن المهاجر بن أبي أمية تزوجها، فأراد عمر معاقبتها فقالت: ما ضرب عليَّ الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين. فكف عنها" وعن الواقدي: سمعت من يقول عن عكرمة بن أبي جهل خلف عليها، قال: وليس ذلك يثبت. ولعل ابن بطال أراد أنه لم يواجهها بلفظ الطلاق. وقد أخرج ابن سعد من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الوليد بن عبد الملك كتب إيه يسأله، فكتب إليه: ما تزو النبي صلى الله عليه وسلم كندية إلا أخت بني الجون فملكها. فلما قدمت المدينة نظر إليها فطلقها ولم يبن بها. فقوله فطلقها يحتمل أن يكون باللفظ المذكور قبل ويحتمل أن يكون واجهها بلفظ الطلاق، ولعل هذا هو السر في إيراد الترجمة بلفظ الاستفهام دون بت الحكم. واعترض بعضهم بأنه لم يتزوجها إذ لم يجر ذكر صورة العقد، وامتنعت أن تهب له نفسها فكيف يطلقها؟ والجواب أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يزوج من نفسه بغير إذن المرة وبغير إذن وليها، فكان مجرد إرساله إليها وإحضارها ورغبته فيها كافية في ذلك، ويكون قوله "هي لي نفسك" تطييباً لخاطرها واستمالة لقلبها، ويؤيده قوله في
رواية لابن سعد "أنه اتفق مع أبيها على مقدار صداقها، وأن أباها قال له: إنها رغبت فيك وخطبت إليك" أهـ.
1240 -
* روى البخاري عن ثابت البناني رحمه الله قال: كنت عند أنس وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله، ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها! واسوأتاه، واسوأتاه، قال: هي خيرٌ منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم، ففرضت عليه نفسها.
قال في الفتح: (قوله)(وعنده ابنة له) لم أقف على اسمها وأظنها أُمينة بالتصغير. قوله (جاءت امرأة) لم أقف على تعيينها، وأشبه من رأيت بقصتها ممن تقدم ذكر اسمهن في الواهبات ليلى بنت قيس بن الخطيم، ويظهر لي أن صاحبة هذه القصة غير التي في حديث سهل، قوله (واسوأتاه) أصل السوءة- وهي بفتح المهملة وسكون الواو بعدها همزة - الفعلة القبيحة. وتطلق على الفرج، والمراد هنا الأول. والألف للندبة والهاء للسكت. ثم ذرك المصنف حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة مطولاً، وسيأتي شرحه بعد ستة عشر باباً، وفي الحديثين جواز عرض المرأة نفسه على الرجل وتعريف رغبتها فيه وأن لا غضاضة عليها في ذلك. وأن الي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكفي السكوت. وقال المهلب: فيه أن على الرجل أن لا ينكحها إلا إذا وجد في نفسه رغبة فيها، ولذلك صعد النظر فيها وصوبه. كما سيرد انتهى. وليس في القصة دلالة لما ذكره. قال: وفيه جواز سكوت العالم ومن سئل حاجة إذا لم يرد الإسعاف، وأن ذلك لين في صرف السائل وأأدب من الرد بالقول. أهـ فتح الباري.
1241 -
* روى الطبراني عن ابن عباس قال لم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرة وهبت نفسها له (1).
1240 - البخاري (9/ 174) 67 - كتاب النكاح -37 - باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.
1241 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 252) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
1242 -
* روى البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟ فلما نزلت {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} (1) قلت: يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
وفي أخرى (2)، قلت: كنت أغارُ على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر نحوه.
وفي أخرى (3)، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا، بعد أن أنزلت هذه الآية {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} (4) فقلتلها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنتُ أقول له: إن كان ذاك إليَّ، فإني لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحداً.
قال السندي: قوله: أما تستحي المرأة قالته تقبيحاً لهذا الفعل وتنفيراً للنساء عنه لئلا تهب النساء أنفسهن له صلى الله عليه وسلم فيكثرن عنده، قال القرطبي: وسبب ذلك لقوة الغيرة، وإلا فقد علمت أن الله تعالى أباح له هذا خاصة وأن النساء معذورات ومشكورات في ذلك لعظيم بركته صلى الله عليه وسلم وأي منزلة أشرف من القرب لا سيما مخالطة اللحوم ومشابكة الأعضاء قوله: فقلت إن ربك إلخ كناية عن ترك ذلك التنفير والتقبيح لما رأت من مسارعة الله تعالى في مرضاة النبي صلى الله عليه وسلم أي كنت أنفر النساء عن ذلك فلما رأيت الله عز وجل أنه يسارع في مرضاة النبي صلى الله عليه وسلم تركت ذلك لما فيه من الإخلال بمرضاته صلى الله عليه وسلم، وقال النووي: معنى يسارع في هواك يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور ولها خير، وقيل: قولها
1243 - البخاري (9/ 164) 67 - كتاب النكاح- 29 - باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد.
ومسلم (2/ 1085) 17 - كتاب الرضاع- 14 - باب جواز هبتها نوبتها لضرتها.
(1)
الأحزاب: 51.
تُرجي: الإرجاء: التأخير.
(2)
البخاري (8/ 534) 65 - كتاب التفسير-7 - باب "ترجي من تشاء منهن
…
".
ومسلم (2/ 1085) 17 - كتاب الرضاع -14 - باب جواز هبتها نوبتها.
(3)
البخاري في نفس الموضع السابق.
(4)
الأحزاب: 51.
المذكور أبرزته للغيرة والدلال وإلا فإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير مناسبة فإنه صلى الله عليه وسلم منزه عن الهوى لقوله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (1) وهو ممن ينهى النفس عن الهوى. ولو قالت في مرضاتك كان أولى وقد يقال المذموم هو الهوى الخالي عن الهدى لقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} (2) والله أعلم فتأمل.
قال النووي: هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر، قال الله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (3) واختلف العلماء في هذه الآية، وهي قوله:(تُرجي من تشاء) فقيل: ناسخة لقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} (4) ومبيحة له أن يتزوج ما يشاء. وقيل: بل نسخت تلك الآية بالسنة، قال زيد بن أرقم: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ميمونة، ومليكة، وصفية، وجويرية، وقالت عائشة رضي الله عنها: ما مات رسول الله صلى الل عليه وسلم حتى أحل له النساء. وقيل عكس هذا، وأن قوله تعالى:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ} ناسخة لقوله {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ} والأول: أصح. قال أصحابنا: الأصح: انه صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى أبيح له النساء مع أزواجه.
قال في الفتح: قوله (كنت أغار) كذا وقع بالغين المعجمة من الغيرة. ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام بن عروة بلفظ "كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن" بعين مهملة وتشديد. قوله (وهبن أنفسهن) هذا ظاهر في أن الواهبة أكثر من واحدة، ويأتي في النكاح حديث سهل بن سعد "أن امرأة قالت: يا رسول الله، إني وهبت نفسي لك" الحديث، وفيه قصة الرجل الذي طلبها قال "التمس ولو خاتماً من حديد" ومن حديث أنس "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إن لي ابنة - فذكرت من جمالها - فآثرتك بها. فقال: وقد قبلتها" فلم تزل تذكر حتى قالت: لم تصدع قط. فقال: "لا حاجة لي في ابنتك" وأخرجه أحمد أيضاً، وهذه امرأة أخرى بلا شك. وعند ابن أبي حاتم من حديث عائشة: التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم هي خولة بنت حكيم،
(1) النجم: 3.
(2)
القصص: 50.
(3)
الأحزاب: 50.
(4)
الأحزاب: 52.
وسيأتي الكلام عليه في كتاب النكاح، فإن البخاري أشار إليه معلقاً. ومن طريق الشعبي قال: من الواهبات أم شريك. وأخرجه النسائي من طريق عروة. وعند أبي عبيدة معمر ابن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح. وقيل إن ليلى بنت الحطيم ممن وهبت نفسها له. ومنهن زينب بنت خزيمة، جاء عن الشعبي وليس بثابت. وخولة بنت حكيم وهو في الصحيح. ومن طريق قتادة عن ابن عباس قال: التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم هي ميمونة بنت الحارث، وهذا منقطع. وأورده من وجه آخر مرسل وإسناده ضعيف.
ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن ابن عباس "لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له "أخرجه الطبري وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له وإن كان مباحاً له لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} وقد بينت عائشة في هذا الحديث سبب نزول قوله تعالى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} وأشارت إلى قوله تعالى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} وقوله تعالى {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} وروى ابن مردويه من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس أيضاً قال: فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين. وقوله (ما أرى ربك إلا يسارع في هواك) أي ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير، منزلاً لما تحب وتختار. وقوله {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} أي تؤخرهن بغير قسم، وهذا قول الجمهور، وأخرجه الطبري عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبي رزين وغيرهم، وأخرج الطبري أيضاً عن الشعبي في قوله {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} قال: كن نساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم، فدخل ببعضهن وأرجأ بعضهن لم ينكحهن، وهذا شاذ، والمحفوظ أنه لم يدخل بأحد من الواهبات كما تقدم وقيل المراد بقوله {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} أنه كان هم بطلاق بعضهن، فقلن له: لا تطلقنا وأقسم لنا ما شئت، فكان يقسم مستوياً، وهن اللاتي آواهن، ويقسم للباقي ما شاء وهن اللاتي أرجأهن. فحاصل ما نقل في تأويل {تُرْجِي} أقوال: أحدها: تطلق وتمسك، ثانيها: تعتزل من شئت منهن بغير طلاق وتقسم لغيرها، ثالثها: تقبل من شئت من الواهبات وترد من شئت. وحديث الباب يؤيد هذا والذي قبله، واللفظ محتمل للأقوال الثلاثة. وظاهر ما حكته عائشة من استئذانه أنه لم يُرج أحداً منهن، بمعنى أنه لم يعتزل، وهو قول الزهري
"ما أعلم أنه أرجا أحداً من نسائه"أخرجه ابن أبي حاتم، وعن قتادة أطلق له أن يقسم كيف شاء فلم يقسم إلا بالسوية. قوله (يستأذن المرأة في اليوم) أي الذي يكون فيه نوبتها إذا أراد أن يتوجه إلى الأخرى. تكميل: اختلف في المنفي في قوله تعالى في الآية التي تلي هذه الآية وهي قوله {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} هل المراد بعد الأوصاف المذكورة فكان يحل له صنف دون صنف؟ أو بعد النساء الموجودات عند التخيير؟ على قولين، وإلى الأول ذهب أُبي بن كعب ومن وافقه أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وإلى الثاني ذهب ابن عباس ومن وافقه وأن ذلك وقع مجازاة لهن على اختيارهن إياه، نعم الواقع أنه صلى الله عليه وسلم لم يتجدد له تزوج امرأة بعد القصة المذكورة، لكن ذلك لا يرفع الخلاف. وقد روى الترمذي والنسائي عن عائشة "ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء" وأخرج ابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها مثله. أهـ.
1243 -
* روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، جئت أهب نفسي لك، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد النظر فيها وصوبه، ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسهُ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلستْ، فقام رجل من أصحابه، فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال:"فهل عندك من شيءٍ؟ " فقال: لا والله يا رسول الله، فقال:"اذهب إلى أهلك فانظُر: هل تجد شيئاً؟ " فذهب، ثم رجع، فقال: لا والله، ما وجدت شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انظر ولو خاتماً من حديد" فذهب، ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتماً من حديدٍ، ولكن هذا إزاري- قال سهل: ماله رداء - فلها نصفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1):"ما تصنعُ بإزارك؟ إن لبستهُ لم يكن عليها منهُ شيءٌ، وإن لبسَتْهُ لم يكن عليك منه شيءٌ" فجلس
1243 - البخاري (8/ 524) 65 - كتاب التفسير-7 - باب "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء .. ".
ومسلم (2/ 1040) 16 - كتاب النكاح -13 - باب الصداق و ..... ".
فصعد النظر: تصعيد النظر: أن تنظر إلى أعلى الشيء، وتصويبه: أن تنظر إلى أسفله.
ولو خاتم: هكذا هو في النسخ: خاتم من حديد. وفي بعض النسخ خاتماً. وهذا واضح. والأول صحيح أيضاً. أي ولو حضر خاتم من حديد =
الرجل حتى إذا طال مجلسهُ قام، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً، فأمر به فدُعي، فلما جاء قال:"ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا، وسورة كذا - عددها - قال:"تقرؤهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم، قال:"اذهب، فقد ملكتكَها بما معك من القرآن".
وفي حديث زائدة (1): انطلق فقد زوجتكَها، فعلمها من القرآن".
وفي حديث فُضيل بن سليمان (2): فخفض فيها البصر ورفعه، فلم يُردها، فقال رجل من أصحابه: زوجنيها، وفيه: ولكن أُشقق بُردتي هذه، فأعطيها النصف، وآخذُ النصف، قال:"هل معك من القرآن شيء؟ " قال: نعم، قال:"اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن".
وفي رواية ابن المديني (3) قال: إني لفي القوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قامت امرأة فقالت: يا رسول الله، إنها قد وهبتْ نفسها لك، فر فيها رأيك، فلم يُجبها شيئاً، ثم قامت فقالت: يا رسول الله إنها قد وهبت نفسها لك، فر فيها رأيك فلمْ يُجبها شيئاً، ثم قامت الثالثة فقالت: إنها قد وهبتْ نفسها لك، فر فيها رأيك فقام رجلٌ، فقال: يا رسول الله أنكحنيها.
وفي أخرى مختصراً (4): ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ "تزوج ولو بخاتمٍ من حديدٍ".
1244 -
* روى مسلم عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه ان رجلاً كان يُتهمُ بأمِّ ولد
= ملكتكها: هكذا هو في معظم النسخ، وكذا نقلها القاضي عن رواية الأكثرين: ملكتها. وفي بعض النسخ: ملكتكها.
(1)
مسلم في نفس الموضع السابق.
(2)
البخاري (9/ 188) 67 - كتاب النكاح - 37 - باب إذا كان الولي هو الخاطب.
(3)
البخاري (9/ 205) 67 - كتاب النكاح - - باب التزويج على القرآن وبغير صداق.
(4)
البخاري (9/ 216) 67 - كتاب النكاح - - بَاب الْمَهْرِ بِالْعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ.
ومسلم مطولاً (2/ 1041) 16 - كتاب النكاح - 19 - باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد.
1249 -
مسلم (4/ 2139) 49 - كتاب التوبة-1 - باب براءة حرم النبي صلى الله عليه وسلم من الريبة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "اذهبْ فاضربْ عنقهُ" فأتاهُ فإذا هو في ركيٍّ يتبردُ فيها، فقال له علي: اخرُجْ، فناوله يده، فأخرجه فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فكف عليٍّ عنه، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنه لمجبوب. ماله ذكر.
قال النووي: قيل: لعله كان منافقاً ومستحقاً للقتل بطريق آخر، وجعل هذا محركاً لقتله بنفاقه وغيره لا بالزنا، وكف عنه علي رضي الله عنه اعتماد على أن القتل بالزنا، وقد علم انتفاء الزنا.
1245 -
* روى أحمد والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نُهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} (1) فأحل الله فتياتكم المؤمنات {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} (2) وحرم كل ذات دين غير الإسلام، ثم قال:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3) وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} إلى قوله {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (4) وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء.
1246 -
* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا ابن أختي، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُفضل بعضنا على بعض في القَسْم من مُكثِهِ عندنا، وكان قل يومٌ إلا وهو
= ركي: الركية: البئر.
1245 -
أحمد في مسنده (1/ 318).
والترمذي (5/ 355) 48 - كتاب تفسير القرآن-34 - باب "ومن سورة الأحزاب". وقال: هذا حديث حسن.
(1)
الأحزاب: 52.
(2)
الأحزاب: 50.
حبط عمله: أي بطل.
(3)
المائدة: 6.
(4)
الأحزاب: 50.
1246 -
أبو دود (2/ 243) كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء. =
يطوف علينا جميعاً، فيدنُو من كل امرأةٍ من غير مسيس، حتى يبلغ التي هو يومها، فيبيتُ عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقَتْ أن يُفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، قالت: تقول: في ذلك أنزل الله عز وجل وفي أشباهها {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} (1).
قال في عون المعبود: من غير مسيس: وفي رواية من غير وقاع، وهو المراد هنا، (فرقت): أي خافت. (يا رسول الله يومي لعائشة): أي نوبتي ووقت بيتوتتي لعائشة. والحديث فيه دليل على أنه يجوز للرجل الدخول على من لم يكن في يومها من نسائه والتأنيس لها واللمس والتقبيل، وفيه بيان حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وأنه كان خير الناس لأهله.
وفيه دليل على جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها ويعتبر رضى الزوج لأن له حقاً في الزوجة فليس لها أن تسقط حقه إلا برضائه.
1247 -
* روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيَّتُهنَّ خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأةٍ منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال في عون المعبود: القرعة: بحال السفر وليس على عمومه بل لتعين القرعة من يسافر بها. واستدل الحديث على مشروعية القرعة بين الشركاء في القسمة وغير ذلك، والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة. قال القاضي عياض: هو مشهور عن مالك وأصحابه لأنها من باب الحظر والغمار - وهو الرهان - وحكي عن الحنفية إجازتها. أهـ.
1248 -
* روى مسلم عن أبي سلمة قال: سألتُ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كمْ كان صداقُ
= نشوز المرأة: بُغضها زوجها، واستعصاؤها عليه، نشوز الزوج: ضربُها وجفاؤها.
(1)
النساء: 128.
1247 -
البخاري (5/ 218 51 - كتاب الهبة-15 - باب هبة المرأة لغير زوجها ..
1248 -
مسلم (2/ 1042) 16 - كتاب النكاح -13 - باب الصداق.=
أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية، ونشأ قالت: أتدري ما النشءُ؟ قال: قلتُ: لا. قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم، فهذا صداقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه.
1249 -
* روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَّسِمُ فيعدلُ، ويقول:"اللهم هذا قسمي فيما أملكُ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"- يَعني القلب.
قال في عون المعبود: يقسم فيعدل: أي فيسوي بين نسائه في البيتوتة، واستدل به من قال إن القسم كان واجباً عليه وذهب البعض إلى أنه لا يجب عليه واستدلوا بقوله تعالى {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية (1) وذلك من خصائصه. (فيما أملك) أي فيما أقدر عليه (فلا تلمني) أي فلا تعاتبني ولا تؤاخذني (فيما تملك ولا أملك) أي عن زيادة المحبة وميل القلب فإنك مقلب القلوب (يعني القلب) هذا تفسير من المؤلف لقوله ما تملك ولا أملك وقال الترمذي يعني به الحب والمودة كذلك فسره أهل العلم. والحديث يدل على أن المحبة وميل القلب أمر غير مقدور للعبد بل هو من الله تعالى، ويدل له قوله تعالى {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} - بعد قوله {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} (2) وبه فسروا {اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (3).
1250 -
* روى أبو يعلي والطبراني عن أم سلمة قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجةِ الوداع: "هي هذه الحجَّةُ ثم الجلوسُ على ظهور الحُصْرِ في البيوت".
= فتلك خمسمائة درهم: أي مجموع المهر.
1249 -
أبو داود (2/ 242) كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء.
والترمذي (2/ 437) 9 - كتاب النكاح- 42 - باب ما جاء في التسوية بين الضرائر.
والنسائي (7/ 64) كتاب عشرة النساء، باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض.
(1)
الأحزاب: 51.
(2)
الأنفال: 62.
(3)
الأنفال: 24.
1250 -
المعجم الكبير (23/ 313).
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 214) وقال: رواه أبو يعلي والطبراني في الكبير بنحوه، ورجال أبي يعلي ثقات.
1251 -
* روى الطبراني عن أنس قال: أوْلم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة بتمر وسمن.
1252 -
* روى أبو يعلي عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه بمُدَّيْن من شعير (1).
* * *
1251 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
1252 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح.