الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا نعلمُ له روايةُ. كان موصوفاً بالشجاعة والفروسية.
ولما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لهذا نحو من ثلاثين سنة، أهـ.
* * *
3 - من أحفاد أعمامه صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن جعفر
قال الذهبي: ابن أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم. السيدُ العالمُ، جعفر القرشي الهاشمي، الحبشي المولد، المدني الدار، الجواد ابن الجواد ذي الجناحين.
له صحبةٌ وروايةٌ، عِدادُه في صغار الصحابة.
استُشهد أبوه يوم مؤتة فكفله النبي صلى الله عليه وسلم، ونشأ في حجره.
وروى أيضاً عن عمه علي، وعن أمه أسماء بنت عُميس.
وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من بني هاشم.
وله وفادة على معاية، وعلى عبد الملك. وكان كبير الشأن كريماً، جواداً، يصلُحُ للإمامة.
عن علي بن أبي حملة، قال: وفد عبد الله بن جعفر على يزيد، فأمر له بألفي ألف.
وما ذاك بكثير، جائزةُ ملك الدنيا لمن هو أولى بالخلافة منه.
قال مُصعب الزبيري: هاجر جعفر إلى الحبشة؛ فولدت له أسماء؛ عبد الله، وعوناً ومحمداً.
ابن جعفر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم بعد ماأخبرهم بقتل جعفر بعد ثالثة، فقال:"لا تبكوا أخي بعد اليوم" ثم قال: "ائتوني ببني أخي"، فجيء بنا كأننا أفرخ، فقال:"أدعو لي الحلاق" فأمره، فحلق رؤوسنا، ثم قال:"أما محمدُ؛ فشبهُ عمنا أبي طالب، وأما عبد الله؛ فشبهُ خلقي وخُلُقي" ثم أخذ بيدي، فأشالها. ثم قال:
"اللهم اخلفْ جعفراً في أهله، وبارك لعبد الله في صفقته" قال: فجاءت أُمُّنا، فذكرت يُتمنا. فقال:"العيلة تخافين عليهم وأنا وليُّهُم في الدنيا والآخرة"(1).
عن أبان بن تغلب، قال: ذُكر لنا أن عبد الله بن جعفر قدم على معاوية، وكانت له منه وفادة في كل سنة، يُعطيه ألف ألف درهم، ويقضي له مئة حاجة.
قيل: إن أعرابياً قصد مروان، فقال: ما عندنا شيء، فعليك بعبد الله بن جعفر، فأتى الأعرابي عبد الله، فأنشأ يقول:
أبو جعفر من أهل بيت نبوة
…
صلاتهم للمسلمين طهورُ
أبا جعفر ضن الأميرُ بماله
…
وأنت على ما في يديك أميرُ
أبا جعفر يا بن الشهيد الذي له
…
جناحان في أعلى الجنان يطيرُ
أبا جعفرٍ ما مثلُك اليوم أرتجي
…
فلا تتركني بالفلاةِ أدورُ
فقال: يا أعرابي سار الثقل (2) فعليك بالراحلة بما عليها، وإياك أن تُخدع عن السيف، فإني أخذته بألف دينار.
ويروى أن شاعراً جاء إلى عبد الله بن جعفر، فأنشده:
رأيت أبا جعفر في المنام
…
كساني من الخز دراعه
شكوت إلى صاحبي أمرها
…
فقال ستُوتي بها الساعة
سيكسوكها الماجد الجعفريُّ
…
ومن كفُّهُ الدهر نفاعه
ومن قال للجود لا تعدني
…
فقال له السمعُ والطاعه
فقال عبد الله لغلامه: أعطه جُبتي الخزِّ. ثم قال له: ويحك كيف لا ترجُبِّني الوشي؟ اشتريتُها بثلاث مئة دينار منسوجةً بالذهب. فقال: أنامُ، فلعلي أراها. فضحك عبد الله، وقال: ادفعوها إليه.
(1) أحمد في مسنده (1/ 304) وسنده قوي.
(2)
سار الثقل: اعتذر بغياب ماله.
قال أبو عبيدة: كان على قريش وأسد وكنانة يوم صفين عبد الله بن جعفر.
حماد بن زيد: أخبرنا هشام، عن محمد، قال: مر عثمان بسبخة فقال: لمن هذه؟ فقيل: اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفاً، فقال: ما يسرُّني أنها لي بنعل. فجزأها عبد الله ثمانية أجزاء؛ وألقى فيها العمال. ثم قال عثمان لعلي: ألا تأخذُ على يدي ابن أخيك، وتحجُر عليه؟ اشترى سبخة (1) بستين ألفاً. قال: فأقبلت. فركب عثمان يوماً، فرآها، فبعث إليه، فقال: ولني جُزءين منها. قال: أما والله دون أن تُرسل إلى من سفهتني عندهم، فيطلبون إليَّ ذلك، فلا أفعلُ. ثم أرسل إليه أني قد فعلتُ. قال: والله لا أنقصك جزءين من مئة ألفٍ وعشرين ألفاً. قال: قد أخذتُها.
وعن العُمَري؛ أن ابن جعفر أسلف الزبير ألف ألف، فلما تُوفي الزبيرُ، قال ابن الزبير لابن جعفر: إني وجدتُ في كتب الزبير أن له عليك ألف ألف. قال هو صادق. ثم لقيه بعدُ، فقال: يا أبا جعفر، وهمتُ؛ المال لك عليه. قال: فهو له. قال: لا أريد ذلك.
قال محقق السير: وتمامه عند ابن عساكر: قال: فاختر، إن شئت، فهو له، وإن كرهت ذلك، فلك فيه نظرة ما شئت، فإن لم ترد ذلك، فبعني من ماله ما شئت، فقال: أبيعك، ولكن أقوم، فقوم الأموال، ثم أتاه، فقال: أحب أن لا يحضرني وإياك أحد، فقال عبد الله يحضرنا الحسن والحسين، فيشهدان لك، فقال: ما أحب أن يحضرنا أحد، قال: انطلق، فمضى معه، فأعطاه خراباً وسباخاً لا عمارة له وقوَّمه عليه، حتى إذا فرغ، قال عبد الله لغلامه: ألقِ لي في هذا الموضع مصلى، فلقى له في أغلظ موضع من تلك المواضع مصلى، فصلى ركعتين، وسجد فأطال السجود يدعو، فلما قضى ما أراد من الدعاء، قال لغلامه: احفر في موضع سجودي، فحفر، فإذا عين قد أنبطها، فقال له ابن الزبير: أقلني، فقال: أما دعائي وإجابة الله إياي، فلا أقيُلك، فصار ما أخذ منه أعمر مما في أيدي ابن الزبير.
عن الأصمعي: أن امرأة أتتْ بدجاجةٍ مسموطة (2)، فقالت لابن جعفر: بأبي أنت!
(1) السبخة: أرض ذات نز وملح.
(2)
دجاجة مسموطة: ذبحت ونتف ريشها.
هذه الدجاجة كانت مثل بنتي (1)، فآليتُ أن لا أدفنها إلا في أكرم موضع أقدِرُ عليه؛ ولا والله ما في الأرض أكرمُ من بطنك. قال: خذُوها منها، واحملُوا إليها، فذكر أنواعاً من العطاء، حتى قالت: بأبي أنت! إن الله لا يُحبُّ المسرفين.
هشام، عن ابن سيرين؛ أن رجلاً جلب سُكراً إلى المدينة، فكسد، فبلغ عبد الله بن جعفر، فأمر قهرمانه (2) أن يشريهُ، وأن يُنْهبَهُ الناس.
ذكر الزبير بن بكار، أن عُبيد الله بن أبي مُليكة، عن أبيه، عن جده، قال: دخل ابن أبي عمار وهو يومئذ فقيهُ أهل الحجاز على نخاس، فعرض عليه جارية، فعَلِقَ بها، وأخذه أمر عظيم، ولم يكن معه مقدارُ ثمنها، فمشى إليه عطاء، وطاووس، ومُجاهد، يعذلونه. وبلغ خبرهُ عبد الله، فاشتراها بأربعين ألفاً، وزيَّنها، وحَّلاها، ثم طلب ابن أبي عمار، فقال: ما فعل حبُّك فلانة؟ قال: هي التي هام قلبي بذكرها، والنفس مشغولة بها، فقال: يا جارية، أخرجيها، فأخرجتها ترفُل في الحُلي والحُلل. فقال: شأنك بها، بارك الله لك فيها. فقال: لقد تفضلت بشيء ما يتفضل به إلا الله. فلما ولى بها، قال: يا غلام احمل معه مئة ألف درهم. فقال: لئن والله وُعِدنا نعيم الآخرة، فقد عجَّلْتَ نعيم الدنيا.
ولعبد الله بن جعفر اخبار في الجُود والبذل.
وكان وافر الحشمة، كثير التنعُّم، وممن يستمعُ الغناء (3).
قال الواقدي ومصعب الزبيري: مات في سنة ثمانين.
وقال المدائني: توفي سنة أربع أو خمسٍ وثمانين.
1437 -
* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال له ابن
(1) كانت مثل بنتي: أي أحبها مثلها.
(2)
القهرمان: هو الوكيل عن السيد في تدبير أموره.
(3)
أي الغناء المباح.
1437 -
البخاري (6/ 111) 56 - كتاب الجهاد-196 - باب استقبال الغزاة.
الزبير: أتذكُر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ قال: نعمْ، فحملنا وتركك.
وفي أخرى لمسلم (1) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تُلقي بصبيان أهل بيته، قال: وإنه قدم من سفر، فسُبِقَ بي إليه، فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فطمة، فأردفه خلفه، قال: فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.
وفي أخرى (2): كان إذا قدم من سفر تُلقي بنا، فتُلقي بي وبالحسن أو بالحسين قال: فحمل أحدنا بين يديه، والآخر خلفه، حتى دخلنا المدينة.
قوله (قال نعم فحملنا وتركك) ظاهره أن القائل (فحملنا) هو عبد الله بن جعفر وأن المتروك هو ابن الزبير، وأخرجه مسلم من طريق أبي أسامة وابن علية كلاهما عن حبيب ابن الشهيد بهذا الإسناد مقلوباً ولفظه (قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير) جعل المستفهم عبد الله بن جعفر والقائل (فحملنا) عبد الله بن الزبير، والذي في البخاري أصحُّ، ويؤيده ما تقدم في الحج عن ابن عباس قال (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استقبله أغيلمةُ من بني عبد المطلب فحمل واحداً بين يديه وآخر خلفه) فإن ابن جعفر من بني عبد المطلب بخلاف ابن الزبير وإن كان عبد المطلب جد أبيه لكنه جده لأمه. وأخرجه أحمد والنسائي من طريق خالد بن سارة عن عبد الله بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمله خلفه وحمل قثم بن عباس بين يديه، وقد حكى ابن التين عن الداودي أنه قال: في هذا الحديث من الفوائد حفظ اليتيم، يشير إلى أن جعفر بن أبي طالب كان مات فعطف النبيُ صلى الله عليه وسلم على ولده عبد الله فحمله بين يديه، وهو كما قال. وأغرب ابن التين فقال: إن في الحديث النص بأنه صلى الله عليه وسلم حمل ابن عباس وابن الزبير ولم يحمل ابن جعفر، قال: ولعل الداودي ظن أن قوله (فحملنا وتركك) من كلام ابن جعفر وليس كذلك، كذا قال، والذي قاله الداودي هو الظاهر من سياق البخاري، فما أدري كيف قال ابن التين إنه نص في خلافه، وقد نبه عياض على أن الذي وقع في البخاري هو الصواب، قال: وتأويل رواية مسلم أن يجعل الضمير في "حملنا" لابن جعفر فيكون المتروك ابن الزبير، قال ووقع على الصواب
(1) مسلم (4/ 1885) 44 - كتاب فضائل الصحابة-11 - باب فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما.
(2)
مسلم (4/ 1885) 44 - كتاب فضائل الصحابة-11 - باب فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما.
أيضاً عند ابن أبي شيبة وابن أبي خيثمة وغيرهما. قلت: وقد روى أحمدُ الحديث عن ابن علية فبين سبب الوهم ولفظه مثل مسلم، لكن زاد بعد قوله "قال نعم: قال فحملنا" قال أحمد "وحدثنا به مرة أخرى فقال فيه: قال نعم فحملنا" يعني وأسقط "قال" التي بعد نعم. قلت: وبإثباتها توافق رواية البخاري وبحذفها تخالفها والله أعلم أه،.
أقول: كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد إلى المدينة وخرج الأولد يستقبلونه أن يحمل معه واحداً أو اثنين.
1438 -
* روى البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا سلم على عبد الله ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين.
1439 -
* روى أحمد عن عبد الله بن جعفر قال: لقد رأيتني وقثم وعبيدُ الله ابني عباس ونحن صبيان نلعبُ إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ارفعوا هذا إليَّ" فحملني أمامه، وقال لقُثم "ارفعوا هذا إليَّ" فحمله وراءه وكان عبيد الله أحب إلى عباس فما استحيا من عمه أن حمل قثم وتركه. قال: ثم مسح على رأسي ثلاثاً، كلما مسح قال:"اللهم اخلف جعفراً في ولده" قال: قلتُ لعبد الله: ما فعل قثم؟ قال: استُشهد. قلت: الله ورسوله أعلم بالخير قال: أجل.
1440 -
* روى أبو يعلي والطبراني عن عمرو بن حُريثٍ قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعبد الله ابن جعفر وهو يلعبُ بالتراب، فقال:"اللهم بارك له في تجارته".
1441 -
* روى أبو داد وأحمد والحاكم عن عبد الله بن جعفر، قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أحدثُ به أحداً، فدخل حائطاً، فإذا جملٌ (1)، فلما
1438 - البخاري (7/ 75) 63 - كتاب فضائل الصحابة-10 - باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمي رضي الله عنه.
1439 -
أحمد في مسنده (1/ 305) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 286): رواه أحمد ورجاله ثقات.
1440 -
أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 386) وقال: رواه أبو يعلي والطبراني ورجالهما ثقات.
1441 -
أبو داود (3/ 23) كتاب الجهاد، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم.
وأحمد في مسنده (1/ 204، 205).
المستدرك (2/ 99) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، أقره الذهبي.