الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد
في تعريف العيد
* تعريف العيد في اللغة:
العيد كل يوم فيه جمع، واشتقاقه من عاد يعود كأنهم عادوا إليه، وقيل اشتقاقه من العادة؛ لأنهم اعتادوه، وعيد المسلمون شهدوا عيدهم 1.
والجمع أعياد على لفظ الواحد فرقاً بينه وبين أعواد الخشب، وقيل للزوم الياء في واحده2.
والعيد الموسم وعيدت "تعييداً" شهدت العيد وعاد إلى كذا وعاد له أيضاً يعود، عودة وعوداً صار إليه3.
وفي التنزيل قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} 4.
والعيد عند العرب الوقت الذي يعود فيه الفرح والحزن، وكان في الأصل العود فلما سكنت الواو كسرت ما قبلها صارت ياء 5.
قال تأبط شرا 6:
يا عيد مالك من شوق وإيراق
…
ومر طيف على الأهواء طراق 7
1 لسان العرب (3/318) ، مادة عود، وانظر القاموس المحيط (386) .
2 المصباح المنير (2/436) ، وانظر لسان العرب (3/319) ، مادة عود.
3 المصدر السابق (2/436) .
4 سورة الأنعام، آية (28) .
5 لسان العرب (3/319) ، وتاج العروس (2/438) .
6 هو: ثابت بن جابر بن سفيان أحد بني فهم بن قيس بن عيلان يكنى أبا زهير، توفى عام 80 قبل الهجرة. انظر ترجمته: الشعر والشعراء لابن قتيبة (143) ، والأعلام للزركلي (2/97) .
7 ديوان تأبط شرا (125) ، جمع وتحقيق وشرح علي ذو الفقار شاكر.
قال ابن الأنباري1: في قوله يا عيد مالك: العيد ما يعتاده من الحزن والشوق2.
وأيضاً يكون العيد ما أعتاد من الهمّ وغيره.
قال الشاعر: والقلب من حبها عيد.
وقال ابن الأعرابي3: سمي العيد عيداً؛ لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد4.
وقد جاءت كلمة العيد بلفظها في موضع واحد من كتاب الله عز وجل ضمن قصة عيسى عليه السلام عند قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ} 5.
1 هو: محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعة بن فروة الإمام أبو بكر الأنباري النحوي واللغوي، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب وأكثرهم حفظاً، وكان صدوقاً فاضلاً من أهل السنة، ولد سنة 271هـ، وكانت وفاته ببغداد سنة 327هـ. انظر: بغية الوعاة للسيوطي (1/212-215) .
2 لسان العرب (3/318)، وانظر: القاموس المحيط (386) ، وتاج العروس (2/438) .
3 هو: محمد بن زياد أبو عبد الله بن الأعرابي من موالي بني هاشم، كان نحوياً عالماً باللغة والشعر، ولد سنة 150هـ، وكانت وفاته بسر من رأى سنة 231هـ، وقيل 233هـ. انظر: بغية الوعاة للسيوطي (1/105-106) .
4 لسان العرب (3/318-319) .
5 سورة المائدة، آية (114) .
أما في الاصطلاح:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك.
فالعيد يجمع أمور منها: يوم عائد، كيوم الفطر، ويوم الجمعة.
ومنها: اجتماع فيه.
ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً.
فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة: "إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً"1. والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس: "شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم" 2. والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيداً"3.
وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب، كقوله صلى الله عليه وسلم:"دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً، وإن هذا عيدنا "45.
1 السنن الكبرى للبيهقي ك الجمعة (3/243) ، وأورده الألباني في صحيح الجامع (2/259) ..
2 صحيح البخاري ك العيدين باب الخطبة بعد العيد (1/171) .
3 المصنف لابن أبي شيبة ك الصلوات عند قبر النبي إتيانه (2/375) ، وفي مسند الإمام أحمد (2/367) وسنن أبي داود ك الحج باب زيارة القبور (2/218) ، حديث (2042) ، بلفظ "لا تجعلوا قبري عيداً" وأورده الألباني في صحيح الجامع (6/132) .
4 صحيح البخاري ك العيدين، باب سنة العيدين لأهل الإسلام (1/170) ، وصحيح مسلم ك صلاة العيدين، باب في اللعب الذي لا معصية فيه أيام العيد (1/607-608) ، حديث (892) .
5 اقتضاء الصراط المستقيم (1/441-442)، وانظر: البحر المحيط لأبي حيان (4/56) .
ولذلك سمي العيد بهذا الاسم لتكرره كل عام، وقيل لعود السرور بعوده، وقيل لكثرة عوائد الله على عباده فيه1.
فعلى هذا كل اجتماع عام يحدثه الناس أو يعتادونه في زمان معين، أو مكان معين، أو هما معا؛ فإنه يكون عيداً، وكذلك كل أثر من الآثار القديمة، أو الجديدة يحييه الناس، أو يرتادونه، يصدق عليه العيد.
وبهذا يتبين ارتباط التعريفين الشرعي واللغوي، وأنه لا فرق بينهما في مسمى العيد، ولكن الشرعي: ما بينه الشارع، وحده من الأعياد الزمانية والمكانية، كما سيأتي الكلام على ذلك مفصلاً.
1 انظر نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي (2/376) ، والمجموع شرح المهذب للنووي (2/5) ، وأنيس الفقهاء للشيخ قاسم القونوي (118) ، والبناية في شرح الهداية للعيني (2/849) ، وكشاف القناع للبهوتي (2/49-50) .