الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: بدع ومخالفات في عيدي الفطر والأضحى
لقد لصق بالاحتفال بعيدي الفطر والأضحى كثير من البدع والمخالفات التي شوهت جمالهما، وذلك بالابتعاد عن إقامة السنن التي اشتملت عليها هذه الأعياد، ومن هذه البدع والمخالفات ما يلي:
1 -
بدعة صلاة ليلة عيد الفطر وأيضاً صلاة النحر. ويستدلون على ذلك بما روي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قام ليلتي العيد محتسباً لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب "1.
وحديث "من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"2.
1 سنن ابن ماجه (1782) ، (1/567) ، فيمن قام في ليلتي العيدين. وقال العراقي في تخريج أحاديث الأحياء (1/328) ، إسناده ضعيف، وقال ابن حجر في التلخيص ذكره الدارقطني في العلل من حديث ثور عن مكحول عنه، قال والصحيح أنه موقوف على مكحول (1/80) ، ورواه الشافعي موقوفاً على أبي الدرداء، الأم (1/231) .
2 مجمع الزوائد للهيثمي (2/198)، وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عمر بن هارون البلخي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي وغيره، ولكن ضعفه جماعة كثيرة، والله أعلم. وذكره ابن الجوزي في العلل (898) ، (2/547) ، وقال ابن حجر رواه الحسن بن سفيان من طريق بشر بن رافع عن ثور عن خالد عن عبادة بن الصامت، وبشر متهم بالوضع. انظر: التلخيص (1/80) . وانظر: الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني (52) .
فصلاة ليلة الفطر صفتها: أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد، عشر مرات.
ويستدلون على ذلك بما روي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي بعثني بالحق أن جبريل عليه السلام أخبرني عن إسرافيل عن ربه عز وجل أنه من صلى ليلة الفطر مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشر مرات، ويقول في ركوعه وسجوده عشر مرات: سبحان الله والحمد ولا إله إلا الله والله أكبر.." الحديث 1.
أما صلاة ليلة النحر فصفتها: أن يصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب خمس عشرة مرة وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة وقل أعوذ برب الفلق خمس عشر مرة، وقل أعوذ برب الناس، خمس عشر مرة.
ويستدلون على ذلك بما روى عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى ليلة النحر ركعتين يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب خمس عشرة مرة، وقل هو الله أحد خمس عشر مرة، وقل أعوذ برب الفلق خمس عشرة مرة، وقل أعوذ برب الناس خمس عشرة مرة، فإذا سلم قرأ آية الكرسي ثلاث مرات ويستغفر الله خمس عشرة مرة، جعل الله اسمه في أصحاب
1 الموضوعات لابن الجوزي (2/130-131)، وقال:" هذا حديث لا نشك في وضعه، وفيه جماعة لا يعرفون أصلاً ". وانظر: اللالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي (2/61)، وقال:"موضوع ". والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني، ص (52) . وقال:"موضوع رواته مجاهيل ".
الجنة وغفر له ذنوب السر وذنوب العلانية وكتب له بكل آية قرأها حجة وعمرة، وكأنما أعتق ستين رقبة من ولد إسماعيل فإن مات فيما بينه وبين الجمعة الأخرى مات شهيداً" 1.
2 -
ومنها: صلاة يوم الفطر. ويستدلون على ذلك بما روي عن سلمان الفارسي قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى يوم الفطر بعد ما يصلي عيده أربع ركعات يقرأ في أول ركعة بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بالشمس وضحاها وفي الثالثة والضحى وفي الرابعة قل هو الله أحد، فكأنما قرأ كل كتاب أنزله تعالى على أنبيائه وكأنما أشبع جميع اليتامى ودهنهم ونظفهم، وكان له من الأجر مثل ما طلعت عليه الشمس ويغفر له ذنوب خمسين سنة"2.
3 -
ومنها: تأخير الأكل عن صلاة العيد يوم الفطر. وهذا مخالف للسنة فكان صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلى العيد حتى يأكل فقد جاء ذلك في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات"3.
1 الموضوعات لابن الجوزي (2/134)، وقال:"حديث لا يصح"، واللاليء المصنوعة للسيوطي (2/62-63)، وانظر: الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني (52) .
2 الموضوعات لابن الجوزي (2/132)، وقال:"هذا حديث موضوع وفيه مجاهيل". اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي (2/61)، وقال:"موضوع". الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني (52)، وقال:"موضوع وفيه مجاهيل".
3 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب العيدين، باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج (2/446) ، حديث (953) .
والحكمة من ذلك حتى لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلي العيد فكأنه أراد سد الذريعة، وقيل: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى 1.
وقد جاء في عدم الأكل قبل صلاة العيد حديث لا يصح يروى عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام صبيحة يوم الفطر كأنما صام الدهر"2.
4 -
ومنها: تقديم الأكل على صلاة العيد يوم الأضحى. وهو مخالف للسنة حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطعم في عيد الأضحى حتى يرجع من المصلى.
فقد جاء في الحديث عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر لا يطعم حتى يرجع 3.
والحكمة في تأخير الفطر يوم الأضحى أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منها، فشرع له أن يكون فطره على شيء منها 4.
1 فتح الباري لابن حجر (2/447) .
2 العلل لابن الجوزي (2/547)، وقال: هذا حديث لا يصح.
3 سنن الترمذي أبواب العيدين، باب ما جاء في الأكل يوم الفطر قبل الخروج (2/426) ، حديث (542) ، وسنن ابن ماجه كتاب الصيام، باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج (1/558) ، حديث (1756) ، سنن الدارمي أبواب العيدين، باب في الأكل قبل الخروج يوم العيد (1/375) ، ومسند الإمام أحمد (5/352) ، والمستدرك للحاكم، كتاب العيدين (1/294) ، وقال صحيح ووافقه الذهبي، وصححه الألباني كما في صحيح ابن ماجه (1/292) .
4 انظر: المغني لابن قدامة (2/371) ، ونيل الأوطار للشوكاني (3/357) .
وقال ابن المنير: 1 " وقع أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في الوقت المشروع لإخراج صدقتها الخاصة بهما فإخراج صدقة الفطر قبل الغدو إلى المصلى وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها فاجتمعا من جهة وافترقا من جهة أخرى "2.
5 -
ومنها صلاة ركعتين قبل صلاة العيد وبعدها. وهذا مخالف لسنته صلى الله عليه وسلم فليس لها سنة لا قبلها ولا بعدها، حيث جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها"3.
قال ابن القيم: ولم يكن هو صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يصلون إذا انتهوا إلى المصلى قبل الصلاة وبعدها 4.
6 -
ومنها: النداء للعيدين بالصلاة جامعة أو بالأذان. وهذا خلاف السنة لما جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة، ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة 5.
1 هو: أحمد بن محمد بن منصور بن القاسم بن مختار القاضي ناصر الدين بن المنير الإسكندراني فقيه أصولي، ولد سنة 620، وكانت وفاته 683هـ-. انظر: الديباج المذهب (1/243) ، وشذرات الذهب (5/381) ،
2 فتح الباري لابن حجر (2/448) .
3 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب العيدين، باب الصلاة قبل العيد وبعدها (2/476) ، حديث (989) .
4 زاد المعاد لابن القيم (2/443) .
5 صحيح مسلم، كتاب العيدين (2/604) ، حديث (887) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى" 1.
وفي ذلك يقول ابن القيم: " وكان صلى الله عليه وسلم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول: الصلاة جماعة، والسنة أنه لا يفعل شيء من ذلك "2.
وقال الصنعاني: " وهو دليل على عدم شرعيتهما في صلاة العيد فإنهما بدعة "3.
7 -
ومنها: اشتغالهم عقب الصلاة بزيارة القبور 4 قبل العودة إلى أهليهم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يذهب من طريق ويرجع من آخر. فعن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " 5.
ولم يثبت أن زار قبراً في ذهابه أو إيابه مع وقوع المقابر في طريقه 6، بل قال في عيد الأضحى:"إن أول ما نبدأ من يومنا أن نصلي ثم ننحر، فمن فعل فقد أصاب السنة"7.
1 المصدر السابق (2/604) ، حديث (886) .
2 زاد المعاد لابن القيم (1/442) .
3 سبل السلام للصنعاني (2/495) .
4 زيارة القبور سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: "نهيتكم عن زيارة القبور فزورها". انظر: صحيح مسلم، كتاب الجنائز (2/672) ، حديث (977) . أما تخصيص الزيارة في أيام الأعياد فلا دليل عليه.
5 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب العيدين، باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد (2/472) ، حديث (986) .
6 الإبداع في مضار الابتداع لعلي محفوظ (263) .
7 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب العيدين، باب سنة العيدين لأهل السلام (2/445) ، حديث (951) .
وهذا الفعل من تلبيس الشيطان فإنه لا يأمر بترك سنة حتى يعوض لهم عنها شيئاً يخيل إليهم أنه قربة فعوض لهم عن سرعة الأوبة إلى الأهل زيارة القبور فحسنها وجعلها من البر والخير، فاعتقاد أن ذلك سنة في هذا اليوم بدعة منكرة ومخالفة للسنة، وربما يفعل ذلك بعض النساء على ما عهد منهن من التبرج والتزين، ولبس الفاخر من الثياب وإظهار البخور والطيب ونحو ذلك، وفي هذا من المحرمات ما لا يخفى 1.
8 -
ومنها: تكبير المؤذنين على صوت واحد وسكوت الناس لأجل استماعهم وتركهم التكبير لأنفسهم، فكل هذا معارض لسنة التكبير التي شرعت 2.
9 -
ومنها: اجتماع الناس يوم العيد بالمساجد وانقسامهم إلى طائفتين كل واحدة منهما ترد على الأخرى بالتكبير المعروف 3.
10 -
ومنها: التشبه بالكفار والمشركين في الملابس واستماع المعازف وغيرهما من المنكرات، وذلك بحجة أنها أيام فرح وسرور 4.
فهذه بعض البدع والمخالفات التي تقع في عيدي الفطر والأضحى.
1 انظر: تنبيه الغافلين لابن النحاس (303) ، والمدخل لابن الحاج (2/289) ، والإبداع في مضار الابتداع (263) ، والسنن والمبتدعات للشقيري (117) ، وأحكام العيدين في السنة المطهرة لعلي حسن عبد الحميد (36) .
2 انظر: المدخل لابن الحاج (2/285) .
3 الإبداع في مضار الابتداع (179) .
4 أحكام العيدين لعلي حسن عبد الحميد (34) .