الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أثر مشابهة الكفار في أعيادهم
إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة في الباطن، كما تقدم بيانه؛ وذلك أنها ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل، فإذا أشبه الهديُ الهديَ أشبه القلبُ القلبَ1.
فمن الآثار المترتبة على مشابهة الكفار في أعيادهم ما يلي:
1 ـ أن مشابهتهم في أعيادهم ولو بالقليل سبب لنوع من اكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة.
2 ـ أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر دخل فيه عوام الناس، وتناسوا أصله حتى يصير عادة للناس بل عيداً، حتى يضاهى بعيد الله، بل قد يزاد عليه حتى يكاد أن يفضي إلى موت الإسلام وحياة الكفر.
كما قد سوَّله الشيطان لكثير ممن يدعي الإسلام فيما يفعلونه في أعياد النصارى من الهدايا والأفراح والنفقات وكسوة الأولاد وغير ذلك مما يصير به مثل عيد المسلمين2.
3 ـ إن المشاركة في أعيادهم ينتج عنها فتور الرغبة في العيد الشرعي ومحبته، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
1 انظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (1/364) .
2 انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/474) .
" فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته قلت رغبته في المشروع وانتفاعه به، بقدر ما اعتاض عن غيره، بخلاف من صرف همته إلى المشروع، فإنه تعظم محبته له ومنفعته به ويتم دينه، ويكمل إسلامه.
ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن حتى ربما كرهه، ومن أكثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة.
ولا يخفى ما جعل الله في القلوب من التشويق إلى العيد والسرور به والاهتمام بأمره، فإذا أعطيت النفوس في غير ذلك اليوم حظها، أو بعضه الذي يكون في عيد الله فترت عن الرغبة في عيد الله، وزال ما كان له عندها من المحبة والتعظيم، والإحساس بفتور الرغبة يجده كل أحد، فإنا نجد الرجل إذا كسا أولاده أو وسع عليهم في بعض الأعياد المسخوطة، فلا بد أن تنقص حرمة العيد الشرعي من قلوبهم"1.
4 ـ إن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم، بما هم عليه من الباطل، فيطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء، وهذا أمر محسوس لا يستريب فيه عاقل فكيف يجتمع ما يقضي إكرامهم بلا موجب مع شرع الصغار في حقهم2.
1 انظر: المصدر السابق (1/484ـ485) .
2 انظر: المصدر السابق (1/486) .
5 ـ إنفاق كثير من الأموال والجهود وإضاعة الأوقات في سبيل هذه الأعياد الممقوتة.
6 ـ إدخال بعض العادات السيئة على الاحتفال بالأعياد الإسلامية.
ومما تقدم يتضح أن النهي عن موافقة المسلمين ومشاركتهم للكفار في أعيادهم لمصلحة علياً وأهداف عظمى تعود لتحديد شخصية المجتمع الإسلامي، فلكل أمة طابعها الخاص، الذي تنفرد به وعليه يكون صلاحها سواء أكان ذلك في العبادات أو العادات أو المعاملات، فعلى هذا يجب على كل مسلم أن يهجر تلك الأعياد الممقوتة ويصرف همته إلى الأعياد الشرعية التي جعل الله فيها الصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة.