الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: صلاة الرغائب
المطلب الأول: متى أحدثت وصفتها:
…
المبحث الثالث: صلاة الرغائب
وهي صلاة تكون في ليلة، أول جمعة من شهر رجب بين صلاة المغرب والعشاء ويسبقها صيام الخميس1
المطلب الأول: متى أحدثت وصفتها:
- أولاً: متى أحدثت:
لم تعرف هذه الصلاة إلا بعد المائة الرابعة، وأول ما أحدثت ببيت المقدس - طهره الله - وذلك بعد سنة (480هـ) ، ثمانين وأربعمائة، كما حكى ذلك الطرطوشي رحمه الله ولم يصلها أحد قبل ذلك 2.
قال ابن رجب عند ذكره لها: " وإنما لم يذكرها المتقدمين؛ لأنها أحدثت بعدهم وأول ما ظهرت بعد الأربعمائة؛ فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها "3.
1 الرغائب هي: جمع رغيبة وهي العطاء الكثير انظر: مجمل اللغة لابن فارس (1/388) ، والصحاح للجوهري (1/77) .
2 البدع والحوادث للطرطوشي، ص (122) .
3 لطائف المعارف لابن رجب (123)، وانظر: المساجلة العلمية بين العز بن عبد السلام وابن الصلاح، حول صلاة الرغائب (15) ، واقتضاء الصراط المستقيم (2/613) ، والأمر بالاتباع للسيوطي (77) ، والسنن والمبتدعات للشقيري (140) .
- ثانياً: صفتها:
ما يروى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة يعني ليلة الجمعة اثنتي عشر ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} 1. ثلاث مرات، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 2 اثنتي عشرة مرة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، فإذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين مرة، ثم يقول اللهم صلى على محمد النبي الأمي وعلى آله، ثم يسجد فيقول في سجوده سُبّوح قُدّوس رب الملائكة والرّوح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ويقول: رب اغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعظم سبعين مرة، ثم يسجد الثانية فيقول مثل ما قال في السجدة الأولى ثم يسأل الله تعالى حاجته، فإنها تقضى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ما من عبد ولا أمة صلى هذه الصلاة إلا غفر الله تعالى له جميع ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وعدد ورق الشجر وشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته.. الحديث". فهذه صفة الرغائب وهذا الحديث موضوع لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 3.
1 سورة القدر، آية (1) .
2 سورة الإخلاص، آية (1) .
3 انظر: الموضوعات لابن الجوزي، (3/124-125)، وقال هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اتهموا به ابن جهيم ونسبوه إلى الكذب وسمعت شيخنا عبد الوهاب الحافظ يقول: رجاله مجهولون وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم. وقال العراقي في حاشية إحياء علوم الدين (1/238) ، الحديث في صلاة الرغائب أورده رزين في كتابه وهو موضوع. وذكره ابن حجر في تبيين العجب بما ورد في فضل رجب (50-51) ، ضمن الأحاديث الموضوعة في رجب. وانظر اللآلي المصنوعة للسيوطي (2/56) ، وقال موضوع. والفوائد المجموعة للشوكاني (47-48)، وقال حديث موضوع ورجاله مجهولون. وقد اتفق الحفاظ على أنها موضوعة. وانظر أيضاً: تحفة الذاكرين (142-143) ، والأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة لملا على القاري (289) ، وقال حديث الرغائب موضوع بالاتفاق. وقال ابن القيم في المنار المنيف (95) ، وكذلك أحاديث صلاة الرغائب كلها كذب مختلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن صور الاحتفال بها اتخاذ ذلك الخميس موسماً يصنعون فيه أنواعاً من الحلوى ويجعلون فيها الصور المحرمة ويسمونها تعاليق وربما تكلف ذو العيال وأولاده من ذلك ما لا طائل له بعده، ويعتقدون أن ذلك قربة وأنه يثاب بإدخاله السرور على أهله وأولاده.
ومنها إيقاد القناديل والمصابيح الكثيرة في البيوت والطرقات على المساجد والتفاخر فيها، كما يزدحم الناس على إحيائها في المساجد والجوامع، ويقوم أهل القرى لأجلها وتصلى بإمام وجماعة كأنها صلاة مشروعة، وينظم إلى ذلك مفاسد محرمة وهي اجتماع النساء بالرجال في الليل على ما علم من اجتماعهم أنه لابد أن يكون مع ذلك مالا ينبغي وينشأ من المفاسد ما لا يحصى وقد تكون سبباً لاجتماع من لا خير فيه وغير ذلك من الأمور المنكرة 1.
وقد قال باستحسانها بعض العلماء كالغزالي 2 وابن الصلاح 3 وغيرهما.
1 انظر: المدخل لابن الحاج (1/291-292) ، وتنبيه الغافلين لابن النحاس (303-304) ، وإصلاح المساجد من البدع والعوائد للقاسمي (98) .
2 هو: محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي أبو حامد فليسوف متصوف صاحب المؤلفات الكثيرة، ولد سنة (450هـ) وكانت وفاته سنة (505هـ) . انظر: شذرات الذهب (4/10) ، ووفيات الأعيان (4/216) .
3 هو: أبو عمرو تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الكردي الشافعي فقيه محدث حافظ، ولد سنة (577هـ)، وكانت وفاته سنة (634هـ) . انظر: طبقات الشافعية (5/137) ، =وشذرات الذهب (5/221)، وقد جرت بينه وبين العز بن عبد السلام مساجلة حول تلك الصلاة تبين فيها أن الحق مع العز بن عبد السلام القائل ببدعتها. انظر: مرآة الجنان لليافعي (4/155) .
واستدلوا على ذلك بما ورد في فضل الصلاة مطلقاً وقالوا: لا يلزم من ضعف الحديث بطلانها والمنع لدخولها ضمن ذلك العموم 1.
ويقول الغزالي: فهذه صلاة مستحبة وإنما أوردناها في هذا القسم؛ لأنها تتكرر بتكرر السنين وإن كانت رتبتها لا تبلغ رتبة التراويح وصلاة العيد؛ لأن هذه الصلاة نقلها الآحاد ولكن رأيت أهل القدس بأجمعهم يواظبون عليها ولا يسمحون بتركها فأحببت إيرادها 2.
1 انظر: الرد على الترغيب عن صلاة الرغائب الموضوعة لابن الصلاح (16-18) ، ضمن المساجلة العلمية.
2 أحياء علوم الدين للغزالي (1/238) تنبيه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: (1/551-552) ، والإحياء فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين " على أبي حامد " هذا في كتبه وقالوا مرضه " الشفاء " يعني شفاء ابن سينافي الفلسفة، وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وتراهاتهم. وانظر: مزيد بيان: القول المبين في التحذير من كتاب إحياء علوم الدين للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ، وكتاب إحياء علوم الدين في ميزان العلماء والمؤرخين، لعلي بن حسن عبد الحميد.