الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: أعياد النصارى وعاداتهم فيها
وكما تميزت اليهودية بأعيادها كذلك نجد أن للنصرانية ما يميزها من الاحتفالات والأفراح.
وأعياد النصارى كثيرة جداً، وهي تربو على (140) عيداً1. ولست في مجال حصرها وعدها، وإنما سأقتصر على المشهور منها، وهي أربعة عشر عيداً سبعة كبار وأخرى صغار بالإضافة إلى عيد الأسبوع عندهم، وهي على النحو التالي:
عيد الأسبوع:
يوم الأحد: وهو من أعظم الأعياد عندهم ولم أجد في الكتاب المقدس أو العهد الجديد ما يشير إلى تعظيمه، وإنما كانت الإشارة والنص إلى تعظيم يوم السبت فقط، كما ورد ذلك في الوصايا العشر2.
ولكن الكنيسة صرفت النصوص الواردة في السبت إلى يوم الأحد؛ وذلك بحجة أن لشريعة السبت ناحيتين: طبيعية وطقسية.
1 انظر: كتاب السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين، وهو مجلدان، وضع الأنبا بطرس الجميل والأنبا ميخائيل والأنبا يوحنا أسقف البرلس وغيرهم من الأباء القديسين، والآثار الباقية للبيروني (288-315) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/425-435) .
2 انظر: سفر الخروج الإصحاح (20) ، الفقرة (8-11) .
وفي ذلك يقول الأنبا يوحنا نوير: "والكنيسة لم تنقض الناموس، حينما أبدلت السبت بالأحد؛ لأن لشريعة السبت ناحيتين واحدة طبيعية والأخرى طقسية.
وقد حافظت الكنيسة على الناحية الطبيعية، أما الطقسية فكان من حقها أن تلغيها كما ألغت شرائع طقسية أخرى منها الختان والحمل الفصحى"1.
وقال: "إننا نؤمن بالتقليد كمصدر للوحي، فهناك أشياء صنعها الرسل ولم تكتب في الكتب، وضمن هذه الأشياء إبدال السبت بالأحد"2.
وقد جاء النص على تقديسه في وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني بقرار رقم (106) ، حيث جاء فيها "ومن ثم كان يوم الرب في المرتبة الأولى من أيام الأعياد، واليوم الذي يجب أن يدعى المؤمنون إلى إحيائه وإرساخه في تقواهم، بحيث يصبح أيضاً يوم بهجة وانقطاع عن العمل، أما الاحتفالات الأخرى فلا يجوز أن تتقدم عليه إلا إذا كانت فائقة الأهمية؛ وذلك لأن يوم الأحد هو أساس السنة الطقسية كلها ونواتها3.
قلت: وفي تفسير قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} 4.
1 الوصايا الإلهية العشر للأنبا يوحنا نوير (61) .
2 المصدر السابق (59) .
3 وثائق المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (2/536) ، لمجموعة من العلماء وراجع صياغته الأب د/ يوحنا قلته.
4 سورة المائدة، آية (114) .
ما يشير إلى أن النصارى كانوا يحتفلون بيوم الأحد، حيث قيل إن المائدة نزلت عليهم يوم الأحد غدوة وعشية؛ فلذلك اتخذوه عيداً1.
وكما جاء في الحديث الصحيح أيضاً عن حذيفة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد"2.
فدل على أن النصارى يعظمون يوم الأحد، وهو بمنزلة الجمعة عند المسلمين، والسبت عند اليهود.
ومن عاداتهم فيه أن يجتمع في مكان واحد سكانٌ القرى والمدن وتقرأ شروحات الرسل وكتب الأنبياء بقدر ما يسمح به الوقت3.
أما الأعياد الكبار فهي على النحو التالي:
1 ـ عيد البشارة ويسمى السبار:
ويعنون به بشارة غبريال، وهو جبريل عليه السلام في زعمهم لمريم عليها السلام بميلاد عيسى صلوات الله عليه، ويكون في اليوم التاسع والعشرين من برمهات4 من شهور القبط، وهو من أعظم الأعياد عندهم5.
1 انظر: تفسير القرطبي (6/368) ، وروح المعاني للألوسي (6217) ، التفسير الكبير للرازي (12/139) .
2 تقدم تخريجه، ص (30-31) .
3 الوصايا الإلهية العشر للأنبا يوحنا نوير (53)، وانظر: تفسير الأناجيل المقدسة التي تقرأ في أيام الأحاد والأعياد للأب لويس برسوم الفرنسيسكاني.
4 برمهات: هو الشهر السابع من شهور القبط، وهي: توت - بابه - هتور - كيهك - طوبه - أمشير - برمهات - برموده - بشنس، يؤنه - أبيب - مسرى - انظر: الخطط للمقريزي (1/270-273) .
5 انظر: إنجيل لوقا الإصحاح (1) ، الفقرة (24-36)، وانظر: أنجيلك نور لحياتي يحوي مواعظ للأحاد والأعياد للأب إلياس كويتر المخلصي (3/1361) ، والآثار الباقية للبيروني (294) ، والخطط للمقريزي (1/264) ، والأجوبة الفاخرة عن الأسئلة الجائرة للقرافي (404) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/425) ، والأعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (424) ، ونخبة الدهر في عجائب البر والبحر للأنصاري (280) .
2 ـ عيد الزيتونة وهو عيد الشعانين:
وتفسيره بالعربية التسبيح ويعملونه في سابع أحد من صومهم، وسنتهم فيه أن يخرجوا بسعف النخيل من الكنيسة، وهو يوم ركوب المسيح لليعفور "وهو الحمار" في القدس ودخوله صهيون1 وهو راكب والناس يسبحون بين يديه وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر2. ومن عاداتهم فيه تزيين الكنائس3.
3 ـ عيد الفصح:
وهو العيد الكبير عندهم، ويعملونه في يوم الفطر من صومهم الأكبر ويزعمون أن المسيح عليه السلام قام فيه بعد الصلب4 بثلاثة أيام
1 صهيون بكسر أوله وإسكان ثانية اسم لبيت المقدس، وكذلك إيليا وشلم. انظر: معجم ما استعجم (3/844) .
2 انظر: الآثار الباقية للبيروني (308) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/425) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/357) .
3 الخطط للمقريزي (1/264) ، ونخبة الدهر في عجائب البر والبحر للأنصاري (280) .
4 القول بصلب المسيح عليه السلام، هو من جهلهم وكذبهم وهي دعوى باطلة، كما قال تعالى:{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً} سورة النساء، آية (157-158) . كما أن هذه الدعوى باطلة بالأدلة العقلية والنقلية من الأناجيل. انظر في ذلك: الفصل في الملل والنحل لابن حزم (1/46-50) ، وبين الإسلام والمسيحية لأبي عبيدة الخزرجي (158-178) ، والإعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (410،416) .
وخلص آدم من الجحيم وأقام في الأرض أربعين يوماً آخرها الخميس ثم صعد إلى السماء1.
وكان يوافق فصح اليهود قبل زمان قسطنطين2، ولما تنصر قسطنطين واجتمع الاساقفة حينئذٍ على وضع الأمانة وهي العقيدة التي يدين بها جميع فرق النصارى، اتفقوا أيضاً على مخالفة اليهود في الفصح فأخروه عنه وجعلوه يوم الأحد3.
وقد عرف الفصح فيما بعد عند النصارى بالعشاء الرباني أو القربان المقدس، وهو من أهم أعمال الطقوس المسيحية.
وأصل مشروعيته عندهم ما ورد في إنجيل متى:
" وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ، وقال خذوا كلوا، هذا هو جسدي وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً أشربوا منها كلكم؛ لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا "4.
1 انظر: الأجوبة الفاخرة للقرافي (404) ، والإعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (424) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/426) ، والخطط لملقريزي (1/264) ، ونخبة الدهر للأنصاري (280) .
2 هو: قسطنطين بن قسطنش بن ارشميوش بن قيون امبراطور الروم، وهو أول من ثبت دين النصرانية، وقد اجتمع بالبطاركة والاساقفة في مجمع نيقية سنة 325م من أجل ذلك. انظر: الخطط للمقريزي (1/266-267) ، والمسيحية د/ أحمد شلبي (147-148) .
3 انظر: مجموع الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة الجامعة جمع وترجمة الأرشمدريث حناينا الياسي كساب (115-119) . وهداية الحياري في أجوبة اليهود والنصارى لابن القيم (175) .
4 الإصحاح (26) ، الفقرة (27-29)، وانظر: إنجيل يوحنا الإصحاح (6) ، الفقرة (51-58) .
فيقيمون وليمة تذكارية في هذا العيد قوامها الخبز والخمر اللذان يرمزان إلى جسد ودم المسيح؛ وذلك إحياء لذكرى موته، كما أوصى بذلك حسب رواية بولس " اصنعوا هذا لذكري "1.
حيث يكون هذا طعاماً روحياً للمسيحيين تطبيقاً لاعتقادهم أن من أكل الخبز وشرب هذه الخمرة استحال الخبز إلى لحم المسيح والخمر إلى دمه، فيحدث الامتزاج بين الأكل وبين المسيح وتعاليمه 2.
وفي ذلك يقول جورجيا هاركنس:
" والعشاء الرباني هو من أقدس أسرار المسيحية ويشير إلى الخبز والخمر اللذانِ يستعملان في هذا السر إلى جسد المسيح ودمه الذي سفك على الصليب لفداء الإنسان، وهو فريضة مقدسة لامتحان النفس والتوبة أمام الله، وتكريس الحياة من جديد، والشكر لله على نعمته التي يعطيها للناس في المسيح"3.
4 ـ عيد خميس الأربعين:
ويسميه الشاميون "السلاق" وهو الثاني والأربعون من الفطر، ويزعمون أن المسيح عليه السلام تسلق فيه من تلاميذه إلى السماء بعد القيام ووعدهم بإرسال الفارقليط، وهو روح القدس عندهم4.
1 رسالة بولس الأولى الإصحاح (11) ، الفقرة (24) .
2 النصرانية والإسلام لمحمد عزت الطهطاوي (65) .
3 بماذا يؤمن المسيحيون - لجورجيا هاركنس (80) .
4 انظر: الآثار الباقية للبيروني (308) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/426) ، والخطط للمقريزي (1/265) ، والأعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (424) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/257) ، ونخبة الدهر للأنصاري (280-281) .
وأصل مشروعيته عندهم ما جاء في إنجيل يوحنا "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم
…
"1.
5 ـ عيد الخميس:
عيد العنصرة ويحتفلون به بعد خمسين يوماً من القيام، ويقولون أن روح القدس حلت في التلاميذ وتفرقت عليهم ألسنة الناس فتكلموا بجميع الألسنة، وذهب كل واحد منهم إلى بلاد لسانه الذي تكلم به يدعوهم إلى دين المسيح عليه السلام2.
وقد جاء ما يدل على ذلك في سفر أعمال الرسل:
" ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت، كما من هبوب روح عاصفة وملأ كل البيت، حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار واستقرت على كل واحد منهم.
وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأ يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا"3.
وأصل مشروعيته عندهم ما جاء في إنجيل يوحنا "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم
…
"4.
5 ـ عيد الخميس:
وهو عيد العنصرة ويحتفلون به بعد خمسين يوماً من القيام، ويقولون أن روح القدس حلت في التلاميذ وتفرقت عليهم ألسنة الناس فتكلموا بجميع الألسنة، وذهب كل واحد منهم إلى بلاد لسانه الذي تكلم به يدعوهم إلى دين المسيح عليه السلام5.
وقد جاء ما يدل على ذلك في سفر أعمال الرسل:
" ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت، كما من هبوب روح عاصفة وملأ كل البيت، حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار واستقرت على كل واحد منهم.
وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأ يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا"6.
1 الإصحاح (14) ، الفقرة (26-27) .
2 انظر: تفسير الأناجيل المقدسة (2/314-315)، وانظر: الآثار الباقية للبيروني (308) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/426) ، والخطط للمقريزي (1/265) ، والأعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (424) ، ونخبة الدهر للأنصاري (281) .
3 الإصحاح (2) ، الفقرة (1-4) .
4 الإصحاح (14) ، الفقرة (26-27) .
5 انظر: تفسير الأناجيل المقدسة (2/314-315)، وانظر: الآثار الباقية للبيروني (308) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/426) ، والخطط للمقريزي (1/265) ، والأعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (424) ، ونخبة الدهر للأنصاري (281) .
6 الإصحاح (2) ، الفقرة (1-4) .
6 ـ عيد الميلاد، والمعروف اليوم بالكرسمس:
وهو اليوم الذي يقولون: إن المسيح عليه السلام ولد فيه ببيت لحم1 ويعملونه في التاسع والعشرين من كيهك من شهور القبط ويزعمون أنه ولد يوم الاثنين، فيجعلون عشية الأحد ليلة الميلاد، ويوقد فيها المصابيح بالكنائس ويزينونها2.
وقد جاء ذكر ولادة عيسى عليه السلام في سفر إنجيل متى3، كما ورد النص أنه ولد عليه السلام في بيت لحم "ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية"4.
7 ـ عيد الغطاس أو الظهور الإلهي5:
والأصل فيه عندهم أن يحيى بن زكريا عليهما السلام المعروف عندهم بيوحنا المعمد، عمد المسيح أي غسله في بحيرة الأردن وعندما خرج المسيح عليه السلام من الماء اتصل به روح القدس، فصار النصارى يغمسون أولادهم
1 بيت لحم بالحاء المهملة، وهي: قرية بالشام تلقاء بيت المقدس. انظر: معجم ما استعجم للبكري (1/289) .
2 انظر: الإحالة المتقدمة، ص (51) رقم (2) ، وتفسير الأناجيل المقدسة (2/279-28) .
3 الإصحاح (1) ، الفقرة (18-24) .
4 إنجيل متى، الإصحاح (2) ، الفقرة (1-3)، وانظر: إنجيل لوقا الإصحاح (6) ، الفقرة (13) . وقد اختلف النصارى في تحديد مولده عليه السلام، فنصارى الغرب يحتفلون في 25 ديسمبر في فصل الشتاء ويدعون أنه ولد في هذا التاريخ، ونصارى الشرق يحتفلون في يناير في فصل الصيف من كل عام. انظر تفصيل ذلك في: النصرانية والإسلام للطهطاوي (236) .
5 تفسير الأناجيل المقدسة (2/296-297) .
في هذا اليوم، ولا يكون ذلك إلا في شدة البرد، وليسمونه يوم الغطاس، ويكون في اليوم الحادي عشر من شهر طوبة1.
والتعميد من أهم الشعائر والطقوس المسيحية، وقد ورد مشروعيته عندهم، كما في إنجيل مرقس "وفي تلك الأيام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السموات، قد انشقت والروح مثل حمامة نازلاً عليه2.
فهذه هي الأعياد الكبار عند النصارى. أما الأعياد الصغار فهي على النحو التالي:
8 ـ عيد الختان:
ويعملونه في سادس بؤنة من شهور القبط، ويقولون: إن المسيح عليه السلام ختن فيه، وهو اليوم الثامن من الميلاد3. وقد جاء ذكر ذلك في إنجيل لوقا " وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصَّبي " 4.
1 انظر: الآثار الباقية للبيروني (293) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/426) ، والخطط للمقريزي (1/265) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/258) .
2 الإصحاح (1) ، الفقرة (9-10)، وانظر: الإصحاح (3) ، الفقرة (11) ، وسفر إنجيل يوحنا (1) ، الفقرة (18-34) .
3 انظر: تفسير الأناجيل المقدسة (2/290) ، وتاريخ اليعقوبي (1،74) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/427) ، والخطط للمقريزي (1/66) .
4 الإصحاح (1) ، الفقرة (59) ، والإصحاح (2) ، الفقرة (21) ، وقد وردت نصوص في معاقبة من يخالف ذلك بالقتل على من لا يختتن، كما جاء في سفر التكوين " أما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها؛ لأنه نكث عهدي "الإصحاح (17) ، الفقرة (14) . ومع ذلك نجد أن النصارى قد خالفوا تلك النصوص فتركوا الاختتان، حيث جعلوه سبباً مانعاً من الدخول في النصرانية، كما جاء ذلك في سفر الأعمال الإصحاح (15) ، الفقرة (19)، وفي هذا دليل على تعارض الأناجيل وتحريفها وتبديلها. انظر: الأجوبة الفاخرة للقرافي (119-120) ، والأعلام بما في دين النصارى من الأوهام للقرطبي (420-422) ، والإسلام والنصرانية للطهطاوي (76-77) .
9ـ عيد دخول الهيكل:
كما يسمى بعيد الأربعين وعيد الشمع وهو إتيان مريم هيكل القدس مع عيسى، وقد مضى على ميلاده أربعون يوماً1.
ويقولون: إن سمعان الكاهن دخل بعيسى عليه السلام وأمه في الهيكل وبارك عليه، ويعمل في ثامن شهر أمشير من شهور القبط2.
ويعللون سبب دخول الهيكل أن ذلك لإتمام شريعتي التطهير والفداء التطهير للأم والفداء للابن3.
وقد جاءت الإشارة إلى دخول الهيكل كما في إنجيل لوقا: "ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى صعدوا به إلى أورشليم ليقدموه للرب كما هو مكتوب"4.
1 تفسير الأناجيل المقدسة (2/303)، وانظر: نخبة الدهر للأنصاري (281) .
2 انظر: الآثار الباقية للبيروني (294) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/427) ، والخطط للمقريزي (1/266) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/358) .
3 تفسير الأناجيل المقدسة (2/305)، وانظر: السنكسار الجامع لأخبار الأنبياء والرسل والشهداء والقديسين (1/313) .
4 الإصحاح (2) ، الفقرة (22) .
10 ـ عيد خميس العهد:
ويعملونه قبل الفصح بثلاثة أيام وشأنهم فيه أن يأخذوا إناء ويملأونه ماء ويزمزموا عليه، ثم يغسل البطريرك به أرجل النصارى الحاضرين للتبرك ويزعمون أن المسيح عليه السلام فعل هذا بتلاميذه في هذا اليوم يعلمهم التواضع، ثم أخذ عليهم العهد ألا يتفرقوا وأن يتواضع بعضهم لبعض، والعامة من النصارى يسمونه خميس العدس؛ لأنهم يطبخون فيه العدس على ألوان شتى1. كما يعرف هذا العيد بيوم غسل أرجل الحواريين2.
11 ـ عيد سبت النور:
وهو قبل الفصح بيوم، ويزعمون أن النور يظهر على مقبرة المسيح في هذا اليوم، فتشتعل منه مصابيح كنيسة القيامة3 التي ببيت المقدس، ثم يحملون ما يوقد من ذلك الضوء إلى بلادهم متبركين به.
وما ذلك إلا من التخييلات التي يفعلها القسيسون عن طريق الصناعة ليخدعوا بها ذوي العقول الناقصة، ويزعمون أن النار نزلت من السماء فأوقدت القناديل4.
1 انظر: نخبة الدهر للأنصاري (281) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/427) ، والخطط للمقريزي (1/266) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/358-359) .
2 الآثار الباقية للبيروني (309) .
3 كنيسة القيامة هي أعظم كنيسة للنصارى ببيت المقدس ولهم فيها مقبرة تسمى القيامة. انظر: معجم البلدان لياقوت (4/396) .
4 انظر: نخبة الدهر للأنصاري (281) ، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية (1/475) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/427-428) ، والخطط للمقريزي (1/266) .
12 ـ عيد حد الحدود، ويسمى بالأحد الجديد:
وهو بعد الفصح بثمانية أيام يعملونه أول أحد بعد الفطر ومن عادتهم فيه تجديد الآلات والأثاث واللباس، ومنه يأخذون في الاستعداد للمعاملات وأمور الدنيا والمعاش1.
13 ـ عيد التجلي:
ويكون في الثالث عشر من شهر مسرى من شهور القبط حتى السابع والعشرين منه.
ويزعمون فيه أن المسيح عليه السلام تجلى لتلاميذه بعد أن رفع في هذا اليوم، وتمنوا عليه أن يحضر لهم ايليا وموسى عليهما السلام، فأحضرهما لهم بمصلى بيت المقدس ثم صعد وتركهم2.
والأصل فيه عندهم كما جاء في إنجيل مرقس: "وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا فأصعدهم إلى جبل عال على انفراد وتجلى قدامهم"3.
14 ـ عيد الصليب:
ويكون في السابع عشر من توت من شهور القبط؛ وذلك أنه لما تنصر قسطنطين خرجت أمه هيلانة إلى الشام فبنت به الكنائس وسارت إلى بيت
1 المصادر السابقة.
2 انظر: تفسير الأناجيل المقدسة (2/332) ، والآثار الباقية للبيروني (310) ، ونحبه الدهر للأنصاري (281-282) وصبح الأعشى للقلقشندي (2/428) ، والخطط للمقريزي (1/266) .
3 الإصحاح (9) الفقرة (1) .
المقدس وطلبت الخشبة التي زعمت النصارى أن المسيح عليه السلام صلب عليها، فحملت إليها فغلفتها بالذهب وحملتها إلى ابنها، فعمل من المساير لجاما لفرسه وعمل صليباً من ذهب، ووضعه على جبهته واتخذ ذلك اليوم عيداً1.
فهذا هو الأصل في عيد الصليب.
وقد كان اتخاذه بعد المسيح والحواريين بأكثر من ثلاثمائة سنة2. وبالنظر إلى عقيدة النصارى نجد أن الصليب كان مقدساً لديهم قبل عملية الصلب - على زعمهم - حيث جاء في إنجيل لوقا على لسان عيسى عليه السلام: "إذا أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني"3.
وفي معنى الصليب وتقديسه يقول جورجيا هاركنس: "الصليب هو الرمز المركزي للإيمان المسيحي، ولكن لماذا؟ إن موت يسوع بأيدٍ آثمة أساءوا فهمه وأبغضوا، حقيقة تاريخية، ويسمى التعليم المسيحي عن الصليب بعقيدة الكفارة.. ويجد المسيحيون في الصليب، أنموذج الحياة التي يجب أن يحيوها، كما يستمدون القوة منه لحياة أفضل4.
1 انظر: مواعظ الآحاد والأعياد للأب الياس كويتر المخلصي (3/1023) ، والآثار الباقية للبيروني (296) ، ومروج الذهب للمسعودي (1/329-331) ، ونخبة الدهر للأنصاري (282) ، وهداية الحياري لابن القيم (172-173) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/428-429) ، والخطط للمقريزي (1/266-267) .
2 الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح لابن تيمية (2/230)، وانظر: إغاثة اللهفان لابن القيم (2/296) .
3 الإصحاح (9)، الفقرة (3) . وانظر: إنجيل متى الإصحاح (16) ، الفقرة (24) .
4 بماذا يؤمن المسيحيون لجورجيا هاركنس (62-63) .
وعن يوم الصليب وعقيدة الكفارة التي يزعمها النصارى نتج إحداث أعياد بهذه المناسبة كأعياد الكرنفال1 التي تستمر ثلاثة أيام، وفيها تباح كل الأعراض والحرمات، وأيام الإباحية هذه تبدأ رسمياً من الساعة (11) من اليوم (11) من الشهر (11) من كل سنة مع تفاوت بسيط في مواعيدها بين مدينة وأخرى، وفي أثناء هذه المهرجانات بهذه المناسبة تتعرى النساء من كل شيء تقريباً، فيختلطن بالرجال فتحدث الدعارة الجماعية من ودون أن يعرف كل رجل ما اسم التي يرافقها، وكذلك العكس؛ لأن الجميع يحرص على ارتداء الأقنعة الخاصة بذلك.
وللنصارى في هذا الاحتفال فلسفة خبيثة حقيرة، وهي أن من حق البشر أن يخطئوا؛ لأنهم إذا لم يخطئوا فسيرتفعون إلى مستوى الإلهية، وهذا غير معقول، وإن خطاياهم ستغتفر لهم حتماً؛ لأن المسيح قد دفع الثمن وصلب من أجلهم. وهم يرددون هذه الفلسفة في صحفهم ومجالسهم في كل مكان وزمان2.
فهذا مثال لما يفعله النصارى في أعيادهم، حيث إن الاحتفال بالأعياد الأخرى على هذا النمط كفر والحاد، وانحلال أخلاق وفساد.
وما تقدم هو أشهر أعياد النصارى وإن كان لهم أعياد ومواسم أخرى تتعلق بالتلاميذ والقديسين.
1 معناه: عيد الرفع، انظر: المورد الصغير لمنير البعلبكي (25) .
2 انظر: كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم لسعيد حوى (395) ، والكشاف الفريد عن معاول الهدم ونقائص التوحيد لخالد محمد الحاج (2/248-249)، وانظر: بالنسبة لتحمل عيسى عليه السلام للخطيئة، كما في زعمهم: مواعظ الآحاد والأعيان للأب الياس كويتر المخلصي (3/1026-1031) ، والنصرانية والإسلام للطهطاوي (51-60) .
وبالنظر إلى حقيقة هذه الأعياد نجد أن مبناها على الحوادث التي جرت لعيسى عليه السلام، حيث اتخذوا أيامها أعياداً وأفراحاً، ابتداء من البشارة وانتهاء بالصلب كما في زعمهم، وقوام هذه الاحتفالات الشرب واللهو والفسوق ويتجلى ذلك واضحاً في عيد الفصح والصليب، وهذا هو حال من استحوذ عليه الشيطان.
وإليك نموذجاً فيه الأعياد النصرانية المتقدمة ووقت الاحتفال بها من كل شهر مقرونة بالشهور السريانية والقبطية:
اسم العيد
…
تاريخه بالشهور القبطية
…
بالشهور السريانية
الصليب
…
17 توت
…
14أيلول
الميلاد
…
29 كهيك
…
15 كانون الأول أو 24 تشرين الثاني
الغطاس
…
11 طوبة
…
7 كانون الثاني
دخول الهيكل
…
8 أمشير
…
2 شباط
الشعانين
…
24 برمهات
…
19 آذار
البشارة
…
29 برمهات
…
24 آذار
خميس العهد
…
18 برمودة
…
12 نيسان
سبت النور
…
20 برمودة
…
14 نيسان
الفصح
…
21 برمودة
…
15 نيسان
الأحد الجديد
…
29 برمودة
…
22 نيسان
خميس الأربعين
…
8 بشنس
…
2 آيار
عيد الخميس
…
16 بشنس
…
آيار
الختان
…
6 بؤنة
…
1 حزيران
التجلي
…
13 مسري
…
6 آب
الفصل الثالث أعياد المجوس1 وعاداتهم فيها
للمجوس أعياد كثيرة جداً فلا يخلو شهر من شهورهم إلا ويحتفل فيه بعيد أو أكثر2.
ومن أهم هذه الأعياد:
1 ـ عيد النيروز3:
وهو أعظم أعيادهم وعيدهم الأكبر، ويقع في أول يوم من سنتهم4.
ويقال أن أول من اتخذه جم شاد أحد ملوك الطبقة الثانية من الفرس، وأن الدين كان قد فسد قبله، فلما ملك جدده وأظهره فسمى اليوم الذي ملك فيه نوروز أي اليوم الجديد.
ولهم في أسباب اتخاذه عيداً حكايات طويلة جلها مبني على الخيال، فبعضهم يزعم أن جم شاد ملك الأقاليم السبعة والجن والإنس، فاتخذ له عجلة وركبها، وكان يسير بها في الهواء، حيث شاء، فكان يوم ركوبها في أول يوم
1 وهم القائلون بإثبات أصلين اثنين قديمين مدبرين يقتسمان الخير والشر، والنفع والضر، والصلاح والفساد، يسمون أحدهما النور والآخر الظلمة. انظر: الملل والنحل للشهرستاني (233) ، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير (4/299) .
2 انظر: الآثار الباقية للبيروني (215-230) ، وعجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للقزويني (51-54) .
3 النيروز: هو اليوم الجديد، انظر: اللسان (5/416) ، مادة نرز.
4 تاريخ اليعقوبي (1/174)، وانظر: بلوغ الارب للألوسي (1/348) .
من شهر أفردوين ماه1، وكان مدة ملكه لا يريهم وجهه، فلما ركبها أبرز لهم وجهه وكان له حظ من الجمال فجعلوا رؤيتهم له عيداً وسموه نوروزا.
ومن الفرس من يزعم أنه اليوم الذي خلق الله فيه النور، وأنه كان معظماً قبل جم شاد. وقيل غير ذلك من الحكايات التي يطول ذكرها.
ومدة الاحتفال بهذا العيد عندهم ستة أيام من اليوم الأول من شهر أفرودين ماه إلى اليوم السادس منه، ويسمونه النوروز الكبير؛ وذلك لأن الأكاسرة يقضون في الأيام الخمسة حوائج الناس على اختلاف طبقاتهم، ثم ينتقلون إلى مجالس أنسهم مع طرفاء خواصهم في اليوم السادس.
ومن عادتهم فيه أن يعد نوع من الطعام في طبق خاص بهذه المناسبة، ثم يوضع بين يدي الملك، ثم تدخل عليه الهدايا، ويكون أول من يدخل عليه بها وزيره، ثم صاحب الخراج، ثم صاحب المعونة، ثم الناس على طبقاتهم، ثم بعد ذلك يأكل من ذلك الطعام ويطعم من حضر.
ثم يقول هذا يوم جديد، من شهر جديد، من عام جديد، يحتاج إلى أن يجدد فيه ما أخلق من الزمان، وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء، ثم يخلع على وجوه دولته، ويصلهم، ويفرق عليهم ما وصل إليه من الهدايا.
1 أفرودين ماه هو الشهر الأول من أشهر الفرس، وهي أفرودين ماه، أرديبهشت ماه، خرداذماه، تيرماه، مراداذ ماه، أرديبهشت ماه، أبان ماه، أذار ماه، دينماه، بهمن ماه، استفندار مذ ماه. انظر: مروج الذهب للمسعودي (2/217) .
أما بالنسبة لعوام الفرس فكانت عادتهم فيه إيقاد النار في ليلته ورش الماء في صبيحته، ويزعمون أن إيقاد النار فيه لتحليل العفونات التي أبقاها الشتاء في الهواء.
وأن رش الماء إنما هو بمنزلة الشهرة لتطهير الأبدان مما انضاف إليها من دخان النار الموقد في ليلته.
وقيل إنما فعلوا ذلك تنويهاً بذكره وإشهاراً لأمره، وقيل غير ذلك من الحكايات التي لا فائدة من ذكرها ومعرفتها1.
ومن معتقداتهم في هذا اليوم أن من ذاق في صبيحته قبل الكلام السكر وتدهن بالزيت رفع عنه البلاء في عامة سنته، كما أنهم يتفاءلون به أيضاً2.
2 ـ عيد المهرجان:
وهو في اليوم السادس عشر من مهرماه من شهور الفرس وبينه وبين النيروز مائة وسبعة وستون يوماً، ويكون في وسط الخريف ومدته ستة أيام، ويسمى السادس منه المهرجان الأكبر3.
وقد اختلف في سبب تسميته بذلك:
فقيل: لأن اسمه موافق لاسم الشهر وتفسيره محبة الروح.
وقيل: أن مهر اسم الشمس وأنها ظهرت للعالم في هذا اليوم فسمى بها.
1 انظر: الآثار الباقية للبيروني (215-218) ، ونخبة الدهر للأنصاري (277-278) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/418-419) ، والخطط للمقريزي (1/268) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/348-349) .
2 عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات للقيزويني (52) .
3 انظر: تاريخ اليعقوبي (1/175) ، ونخبة الدهر لأنصاري (379) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/420-421) .
ويدل على ذلك أن من عادات الأكاسرة في هذا اليوم التتويج بالتاج الذي على صورة الشمس وعجلتها الدائرة عليها1. وقيل: إنه ظهر في عهد أفريدون الملك ومعنى هذا الاسم إدراك الثأر؛ وذلك أن أفريدون أخذ بثأر جده، جم شاد من الضحاك فقتله وأعاد المجوسية إلى ما كانت عليه فأتخذ الفرس يوم قتله عيداً، وسموه مهرجان، والمهر الوفاء، وجان سلطان، وكان معناه سلطان الوفاء، وقيل غير ذلك2.
ومن عادة الفرس في المهرجان، أن يدهن ملكهم بدهن ألبان تبركاً، وكذلك العوام وأن يلبس القصب والوشي3 ويتوج عليه صورة الشمس وحجلتها الدائرة عليها، ويكون أول ما يدخل عليه المؤبذان4 بطبق فيه أترجة وقطعة سكر، ونبق، وسفرجل وعناب وتفاح وعنقود عنب أبيض، وسبع طاقات أس قد زمزم عليها، ثم بعد ذلك يدخل الناس على طبقاتهم بمثل ذلك5.
ومن عقائدهم أن من أكل في يوم المهرجان شيئاً من الرمان وشم ماء الورد دفع عنه آفات كثيرة6.
1 الآثار الباقية للبيروني (222) ، وعجائب المخلوقات للقزويني (53) .
2 انظر: صبح الأعشى للقلقشندي (2/421) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/351-354) .
3 الوشيء: نوع من الثياب يتكون من عدة ألوان. انظر: اللسان (15/392) ، والقاموس المحيط (170) .
4 المؤبذان: بضم الميم وفتح الباء - فقيه الفرس وحاكم المجوس. انظر: القاموس المحيط (433) .
5 ضبح الأعشى للقلقشندي (2/421-422)، وانظر: بلوغ الأرب للألوسي (2/355) .
6الآثار الباقية للبيروني (223) ، وعجائب المخلوقات للقزويني (53) .
3 ـ عيد السذق1:
ويسمى عندهم أبان روز، ويكون في ليلة الحادي عشر من شهر بهمن من شهور الفرس وسنتهم فيه إيقاد النيران بسائر الأدهان والولوع بها حتى أنهم يلقون فيها الحيوانات وسائر الحبوب.
ويقال أن سبب اتخاذهم لهذا العيد: أن الأب الأول عندهم كيومرت لما كمل له من الولد مائة زوج الذكور بالإناث وصنع لهم عرساً أكثر فيه من النيران، ووافق ذلك الليلة المذكورة فاستنت ذلك الفرس بعده.
وقيل في سبب اتخاذه غير ذلك2.
قلت: وما يفعلونه من إيقاد النيران في هذا اليوم ما هو إلا تعبير لما يعتقدونه من تقديس للنار؛ لأنها مصدر النور كما في زعمهم.
4 ـ عيد الشركان:
ويسمى أيضاً بعيد التيركان، ويكون في الثالث عشر من شهر تيرماه، من شهور الفرس، وهو المبني على الأسطورة التي يزعمون فيها، أنه لما وقعت المصالحة بين منوجهر وقراسياب التركي من المملكة على رمية سهم فأخذ السهم رجل يقال له أيس، وكان مؤيداً في الرمي وجعله في قوسه فرمى به، فأمتد السهم من جبال طبرستان إلى أعالى طخارستان3.
1 السذق: ليلة الوقود. انظر: اللسان (10/155) ، والقاموس المحيط (11153) .
2 انظر: عجائب المخلوقات للقيزويني (54) ، ونخبة الدهر للأنصاري (279) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/422) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/355-356) .
3 انظر: صبح الأعشى للقلشندي (2/423) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/356) .
ويقال إن من موضع الرمية إلى موقع السهم ألف فرسخ فاصطلحا على تلك الرمية، وكانت في هذا اليوم فأتخذه الناس عيداً1.
5 ـ أيام الفرودجان:
وهي خمسة أيام أولها السادس والعشرون من شهر أبان ماه من شهور الفرس.
ومعناه عندهم: تربية الروح؛ لأنهم كانوا يصنعون في هذه الأيام أطعمة وأشربة لأرواح موتاهم ويزعمون أنها تأتي وتتغذى بها2.
كما يزعمون أن أرواح الأبرار تلم بالأهل والولد والأقارب وتباشر أمورهم وإن كانوا لا يرونها ومن سنتهم فيها تدخين بيوتهم بالراش3. لتستلذ أرواح الموتى برائحته4.
6 ـ عيد النساء:
ويسمى بالفارسية "مزدكيران" ويكون في اليوم الخامس من شهر أستفندارمذ، وهو عيد خاص بالنساء يجود فيه الرجال عليهن بالهدايا والاحترام5.
فهذه أشهر أعياد المجوس، وبالنظر إلى سبب الاحتفال بها نجد أنها مرتبطة بانتصار ملك من ملوكهم أو حصول منفعة لهم في هذا اليوم أو دفع ضرر عنهم، كما أنهم يتفاوتون في كيفية الاحتفال بها على حسب طبقاتهم.
1 الآثار الباقية للبيروني (220-221) .
2 انظر: صبح الأعشى للقلقشندي (2/423) ، وبلوغ الارب للألوسي (1/356) .
3 الراش: هو القنس، وهو نبات طيب الرائحة ينفع من جميع الآلام. انظر: القاموس المحيط (732) .
4 الآثار الباقية للبيروني (225) ، وعجائب المخلوقات للقزويني (53) .
5 الآثار الباقية للبيروني (229) .
ومن عادتهم إقامة الأسواق فيها، وهي تختلف باختلاف البلاد؛ فلذلك لا يمكن ضبطها ولا حصرها، ويكون قوام اجتماعهم فيها على اللهو والشرب.
ومع كثرة أعياد المجوس نجد أيضاً أن لهم في أيام السنة كلها أياماً مختارة، وأياماً منحوسة مكروهة، وأياماً أخرى في كل شهر فيها عيد لطبقة دون طبقة1.
1 المصدر السابق.