المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: أعياد اليهود وعاداتهم فيها - الأعياد وأثرها على المسلمين

[سليمان بن سالم السحيمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: أعياد الكفار والعرب في الجاهلية

- ‌الفصل الأول: أعياد اليهود وعاداتهم فيها

- ‌الفصل الثاني: أعياد النصارى وعاداتهم فيها

- ‌الفصل الرابع: أعياد العرب في الجاهلية وعاداتهم فيها

- ‌المبحث الأول: الدين السائد عند العرب في الجاهلية

- ‌المبحث الثاني: الأعياد المكانية عند العرب في الجاهلية

- ‌المبحث الثالث: الأعياد الزمانية عند العرب في الجاهلية

- ‌الباب الثاني: مشروعية مخالفة الكفار

- ‌الفصل الأول: النهي عن مشابهة الكفار

- ‌المبحث الأول: تعريف التشبه في اللغة والاصطلاح

- ‌المبحث الثاني: أدلة تحريم التشبه بالكفار

- ‌المبحث الثالث: أخباره صلى الله عليه وسلم بوقوع المشابهة في أمته

- ‌المبحث الرابع: أثر مشابهة الكفار

- ‌الفصل الثاني: مشابهة الكفار في أعيادهم

- ‌المبحث الأول: الأدلة على تحريم مشابهة الكفار في أعيادهم

- ‌المبحث الثاني: أمثلة لوقوع المشابهة في أعياد الكفار

- ‌المبحث الثالث: أثر مشابهة الكفار في أعيادهم

- ‌الباب الثالث: الأعياد المشروعة وآثارها الحميدة

- ‌الفصل الأول: تحديد الأعياد الشرعية

- ‌المبحث الأول: الأعياد الزمانية الشرعية

- ‌المطلب الأول: عيد الفطر والأضحى

- ‌المطلب الثاني الأدلة على أن أيام التشريق وعرفة أيام عيد

- ‌المطلب الثالث: يوم الجمعة

- ‌المبحث الثاني: الأعياد المكانية الشرعية

- ‌الفصل الثاني: بيان أن الله تعالى أغنى المسلمين بأعيادهم الشرعية

- ‌المبحث الأول: ارتباط الأعياد الشرعية بالفرائض الدينية

- ‌المبحث الثاني: اشتمالها على تغذية الروح والبدن

- ‌المبحث الثالث: أثر الأعياد الشرعية في التكافل الاجتماعي

- ‌المبحث الرابع: مقارنة بين الأعياد الشرعية والأعياد الأخرى

- ‌الباب الرابع: الأعياد والمواسم المبتدعة وأثرها السيء

- ‌الفصل الأول: في البدعة

- ‌المبحث الأول: تعريف البدعة في اللغة

- ‌المبحث الثاني: تعريف البدعة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثالث: أسباب انتشار البدعة

- ‌المبحث الرابع: أحكام البدع

-

- ‌الفصل الثاني: بعض البدع والمخالفات التي وقعت في الأعياد الشرعية

- ‌المبحث الأول: بدع ومخالفات في عيدي الفطر والأضحى

- ‌المبحث الثاني: البدع والمخالفات في الجمعة

-

- ‌الفصل الثالث: الأعياد الزمانية المبتدعة

- ‌المبحث الأول: يوم عاشوراء

- ‌المطلب الأول: اتخاذ عاشوراء مأتما

- ‌المطلب الثاني: ـ اتخاذ عاشوراء عيداً:

- ‌المطلب الثالث: ـ السنة في يوم عاشوراء:

- ‌المبحث الثاني: الاحتفال بمولد النبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: نشأته وأول من أحدثه في الإسلام:

- ‌المطلب الثاني: صور الاحتفال بالمولد:

- ‌المطلب الثالث: المنكرات التي تحصل في المولد:

- ‌المطلب الرابع: الشبه التي اعتمد عليها من قال بالاحتفال بالمولد وردها:

- ‌المطلب الخامس: دعوى أن ترك الاحتفال بالمولد ينافي محبة النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌المطلب السادس: حكم الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث الثالث: صلاة الرغائب

- ‌المطلب الأول: متى أحدثت وصفتها:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على بدعتها

- ‌المبحث الرابع: الاحتفال بالإسراء والمعراج

- ‌المطلب الأول: تاريخ الإسراء والمعراج:

- ‌المطلب الثاني: صفة الاحتفال:

- ‌المطلب الثالث: الأدلة على بدعيتها:

- ‌المبحث الخامس: الاحتفال بليلة النصف من شعبان

- ‌المطلب الأول: أقوال العلماء في ذلك:

- ‌المطلب الثاني: الصلاة الألفية في ليلة النصف من شعبان:

- ‌المبحث السادس: الاحتفال بليلة القدر

- ‌المطلب الأول: فة الاحتفال بها:

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على بدعيته:

- ‌المبحث السابع: الاحتفال بعيد الأبرار

- ‌المبحث الثامن: الاحتفال بالهجرة

- ‌المطلب الأول: صفة الاحتفال به

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على بدعيته:

- ‌الميحث التاسع: الاحتفال بعيد الغدير

- ‌المطلب الأول: متى احتفل به

- ‌المطلب الثاني: منزلته عند الرافضة والأدلة على ذلك:

- ‌المطلب الثالث: مظاهر الاحتفال به:

- ‌المطلب الرابع: الأد على بدعته

- ‌المبحث العاشر: الاحتفال بمقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: منزلته عند الراف1ضة وصورة الاحتفال به

- ‌المطلب الثاني: الأدلة على بطلان هذا العيد:

-

- ‌الفصل الرابع: الأعياد المكانية المبتدعة

- ‌المبحث الأول: اتخاذ القبور أعيادا

- ‌المطلب الأول: زيارة القبور

- ‌المطلب الثاني: النهي عن اتخاذ القبور أعياداً:

- ‌المطلب الثالث: أمثلة لاتخاذ القبور أعياداً:

- ‌المبحث الثاني: اتخاذ الآثار أعياداً

- ‌المبحث الثالث: اتخاذ الأحجار والأشجار ونحوها أعياداً

- ‌المبحث الرابع: المفاسد الناتجة عن تلك الأعياد

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الفصل الأول: أعياد اليهود وعاداتهم فيها

‌الباب الأول: أعياد الكفار والعرب في الجاهلية

‌الفصل الأول: أعياد اليهود وعاداتهم فيها

الفصل الأول: أعياد اليهود وعاداتهم فيها

لكل دين من الأديان ولكل ملة من الملل ما تتميز به عن غيرها من المعتقدات والعبادات والعادات، ومن أهمّ هذه المميزات التي تختلف من ديانة إلى أخرى هي مسألة الأفراح والأعياد التي يحتفلون بها.

ولقد تميزت الديانة اليهودية كغيرها من الديانات بأفراحها وأعيادها التي تقيمها في مواسم معينة من أيام السنة.

وقد جاء في الكتاب المقدس تعيين هذه الأيام وكونها أياماً فاضلة، وأعياداً دينية يتوجهون بالعبادة فيها إلى الله تعالى ويحتفلون بها ويعترفون بفضلها على غيرها، وإليك أشهرها:

1 -

يوم السبت:

وهو من أهمّ الأيام وأعظمها عندهم تقديساً، حيث كان تقديسه من أبرز الواجبات الدينية التي زعموا أنهم أمروا بها والتي تضمنتها الوصايا العشر، التي هي أساس شريعتهم وعقيدتهم.

ص: 26

إذا جاء فيها "اذكر يوم السبت لتقدسه، ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك، وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك"1.

وفي هذا اليوم محرم العمل على الجميع حتى البهائم؛ لأنه يوم مقدس، وفيه انتهى الرب من الخلق.

كما جاء في سفر الخروج "لا تصنع عملاً ما أنت وأبنك وأبنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك؛ لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها واستراح 2 في اليوم السابع؛ لذلك بارك الرب يوم السبت وقدسه "3.

كما ورد أيضاً النهي عن البيع والشراء فيه.

1 سفر الخروج الإصحاح (20) ، الفقرة (8ـ10)، وانظر: سفر نحميا الإصحاح (9) الفقرة (14)، وانظر: سفر التثنية الإصحاح (5) ، الفقرة (12ـ24) .

2 هذا مما وصف به اليهود الله عز وجل افتراءً عليه، حيث قالوا: استراح. والاستراحة تعقب التعب تعالى الله عما يقولون، فهو القائل: قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] . وقد ذكر بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت تكذيباً لهم ورداً عليهم. انظر: تفسير البغوي (4/226) ، وتفسير ابن كثير (4/229)، كما أنه جل وعلا هو القائل: قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255] . وهو القائل: قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] . ولا يصح نسبة ذلك إلى الكتاب المقدس وإنما هو تحريف منهم لما أنزل الله.

3 الإصحاح (20) ، الفقرة (10ـ12)، وانظر: سفر التكوين الإصحاح (2) ، الفقرة (1ـ3) ، وسفرة التثنية الإصحاح (5) ، الفقرة (14ـ15) .

ص: 27

حيث جاء في سفر نحميا: " وشعوب الأرض الذين يأتون بالبضائع وكل الطعام يوم السبت للبيع لا تأخذ منهم في سبت ولا في يوم مقدس "1.

وأما من يخالف ذلك فيعمل في يوم السبت فجزاؤه القتل والنفي من بني إسرائيل؛ لأن العمل يعد تدنيساً لهذا اليوم وامتهاناً لتقديسه.

وقد جاء النص على ذلك في سفر الخروج: " فتحفظون السبت؛ لأنه مقدس لكم، من دنسه يقتل قتلاً، أن كل من صنع فيه عملاً تقطع تلك النفس من بين شعبها..كل من صنع عملاً في يوم السبت يقتل قتلاً "2.

ومن خصائص يوم السبت تقديم القرابين للمحرقة تقديساً للرب، وبهذا تتم العبادة الإلهية كما يزعمون.

فقد جاء في سفر حزقيال صفة تقديم هذه القرابين إلى الكهنة وكيفية حرقها وما هي القرابين المطلوبة لذلك.

فقال: " والمحرقة التي يقربها الرئيس للرب في يوم السبت ستة حملان صحيحة وكبش صحيح "3.

ومع أنه كان يوماً معظماً ومقدساً فلم يرعوا تلك الحرمة التي أمرهم الله بها، بل خالفوا وتجاوزوا ما حده الله لهم فيه، وذلك هو حال اليهود وطبعهم من التلون والخداع. وقد حكى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز قصتهم في

1 الإصحاح (10) ، الفقرة (31) .

2 الإصحاح (31) ، الفقرة (14،16)، وانظر: سفر العدد الإصحاح (15) ، الفقرة (32ـ36) ، والخروج (35) ، الفقرة (2ـ3) .

3 الإصحاح، الفقرة (1ـ4) .

ص: 28

ذلك، وما حل بهم؛ بسبب ذلك الإعراض ومخالفة أمره. فقال تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} 1.

فالله سبحانه وتعالى أباح لبني إسرائيل العمل في ستة أيام من الأسبوع وحظر عليهم العمل في يوم واحد وهو يوم السبت، وفرض عليهم في هذا اليوم الاجتهاد في الأعمال الدينية إحياء للشعور الديني في قلوبهم وإضعافاً لشراهتهم في جمع الحطام وحبهم للدنيا، فتجاوز طائفة منهم حدود الله في السبت واعتدوها فكان لهم ذلك الجزاء2.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله إنما افتراض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم يوم الجمعة، فخالفوا إلى السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به، فلما أبوا إلا لزوم السبت ابتلاهم فيه فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره"3.

كما في قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} 4.

1 سورة البقرة، آية (65) .

2 تفسير المنار (1/343) .

3 تفسير الطبري (1/330) .

4 سورة الأعراف، آية (163) .

ص: 29

فبذلك الاعتداء وتلك المخالفة لأمره جل وعلا مسخهم الله قردة وخنازير نكالاً لهم وعقوبة لما فعلوا1.

فالسبت هو عيد الأسبوع عند اليهود وهو بمنزلة الجمعة عند المسلمين كما جاء ذلك في الحديث الصحيح عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا الأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق"2.

2 -

عيد رأس السنة:

ويكون في اليوم الأول من شهر تشري3 ويحتفل فيه بنفخ البوق، ويحرم فيه العمل كما يحرم في يوم السبت، وهو الذي فدى فيه إسحاق عليه السلام

1 انظر: تفسير البغوي (1/81) .

2 صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة (2/586) ، حديث (856) .

3 تشري: هو الشهر الأول من شهور اليهود، وهي: تشرى، مرحشوان، كسلا طابات، شباط، آذار، نيسان، آيار، سيوان، تموز، أب، أيلون. انظر: نهاية الأرب للنويري (1/159) ، والخطط للمقريزي (2/472) .

ص: 30

من الذبح، كما يزعمون1، ويسمى أيضاً رأس هشايا أي رأس السنة وينزل منزلة عيد الأضحى عند المسلمين2.

وقد جاء في سفر العدد: "وفي يوم فرحكم وفي أعيادكم ورؤوس شهوركم تضربون بالأبواق على محرقاتكم وذبائح سلامتكم فتكون تذكاراً أمام إلهكم"3.

وجاء في سفر العدد كيفية تقديم القرابين: "وفي رؤوس شهوركم تقربون محرقة للرب ثورين التي ابنى بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية صحيحة "4.

3 -

عيد المظال:

وهو في اليوم الخامس عشر من شهر تشري وأيامه سبعة متوالية يستظلون فيها بأغصان الخلاف والقصب وغيرها من الأشجار التي لا يتناثر ورقها على

1والصواب: أن الذبيح إسماعيل عليه السلام. قال شيخ الإسلام ابن تيمية " الذي يجب القطع به أنه إسماعيل، وهو الذي عليه الكتاب والسنة والدلائل المشهور، وهو الذي تدل عليه التوراة التي بأبدي أهل الكتاب. انظر: تفسير الفتاوى (4/331) ، وما بعدها في تقرير ذلك، وانظر: السعدي (6/388) ، وكشف الخفأ (1/232) ، وما بعدها.

2 انظر: تاريخ الإسرائيليين لشاهين بك مكاريوس (101) ، وتاريخ اليعقوبي (1/66) ، والآثار الباقية للبيروني (375) ، والخطط للمقريزي (2/473ـ479) ، ونهاية الأدب للنويري (1/195) ، صبح الأعشى للقلقشندي (2/436) ، وبلوغ للألوسي (1/36) .

3 الإصحاح (10) ، الفقرة (10)، وانظر: سفر المزامير الإصحاح (1) ، الفقرة (1ـ3) .

4 الإصحاح (10) ، الفقرة (11ـ15) .

ص: 31

الأرض، وذلك تذكاراً منهم لإظلال الله إياهم في التيه بالغمام. وفيه يحرم العمل، ويسمى أيضاً بعيد الجمع1.

وقد جاء في سفر اللاويين: أما اليوم الخامس عشر من الشهر السابع ففيه عندما تجمعون غلة الأرض تعيدون عيداً للرب سبعة أيام التي اليوم الأول عطلة وفي اليوم الثامن عطلة.

وتأخذون لأنفسكم في اليوم الأول ثمر أشجار بهجة وسعف النخل وتفرحون أمام الرب إلهكم سبعة أيام، وتعيدونه عيد للرب سبعة أيام في السنة فريضة دهرية في أجيالكم، في الشهر السابع تعيدونه، في مظال تسكنون سبعة أيام. كل الوطنيين في إسرائيل يسكنون في المظال، لكي تعلم أجيالكم أني في مظال أسكنت بني إسرائيل لما أخرجتهم من أرض مصر2.

1 انظر: تاريخ الإسرائيليين (101) ، وتاريخ اليعقوبي (1/67) ، والآثار الباقية للبيروني (377) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/436ـ437) ، والخطط للمقريزي (2/473) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/361) .

2 الإصحاح (23) ، الفقرة (39ـ43)، وانظر: التثنية الإصحاح (16) ، الفقرة (13ـ15) .

ص: 32

وجاء أيضاً وفي اليوم الأول محفل مقدس عملاً ما من الشغل لا تعملوا سبعة أيام تقربون وقود للرب1.

وفي سفر زكريا "ليسجدوا للملك رب الجنود وليعيدوا عيد المظال"2.

4 -

عيد الاعتكاف:

ويكون في اليوم الثامن من أيام المظلّة وهو اليوم الثاني والعشرون من شهر تشرى3.

كما جاء ذلك في سفر نحميا بعد أن ذكر عيد المظال وما يفعل فيه قال: "وفي اليوم الثامن اعتكاف حسب المرسوم"4.

وفي سفر اللاّويين: "وفي اليوم الثامن يكون محفل مقدس تقربون وقوداً للرب انه اعتكاف كل عمل شغل لا تعلموا"5.

5 -

عيد الفطير، أو الفصح:

كما يسمى بعيد الربيع وعيد الحرية 6، ويكون في اليوم الخامس عشر من شهر نيسان، وهو سبعة أيام لا يأكلون فيها إلا الفطير؛ وذلك تذكاراً لهم

1 الإصحاح (23) ، الفقرة (33ـ36)، وانظر: العدد الإصحاح (29) ، الفقرة (13ـ16) .

2 الإصحاح (14) ، الفقرة (16) .

3 الخطط للمقريزي (2/473) .

4 الإصحاح (8) ، الفقرة (18) .

5 الإصحاح (23) ، الفقرة (36) .

6 انظر: في الفكر اليهود لحايم ناحوم (265-266) .

ص: 33

عندما خلصهم الله من أسر فرعون ومن العبودية، وليتذكروا خروجهم من مصر إلى أرض التيه1.

وقد جاء وصفه في سفر التثنية: "احفظ شهر أبيب وأعمل فصحاً للرب إلهك؛ لأنه في شهر أبيب أخرجك الرب إلهك من مصر ليلاً.. لا تأكل عليه خميراً، سبعة أيام تأكل عليه فطيراً خبز المشقة؛ لأنه بعجلة خرجت من أرض مصر، لكي تذكر يوم خروجك من أرض مصر كل أيام حياتك"2.

وقد نحا اليهود في هذا العيد منحى وحشياً إجرامياً، حيث جعلوه من أفضل المناسبات التي يستخدمون فيها دماء البشر ويكون أعظم هدية تقدم إلى الحاخام، ويفضل أن يكون مسيحياً فإن لم يوجد، فإن دم المسلم يفي بالغرض المطلوب، وبناءً على ذلك يتم تناول الفطير المفروض على اليهود ممزوجاً بدم الضحية.

ويؤيد هذا ما جاء في التلمود " عندنا مناسبتان دمويتان ترضيان إلهنا يهوه، إحداهما: عيد الفطائر الممزوجة بالدماء البشرية، والأخرى: مراسيم ختان الأطفال"3.

1 انظر: تاريخ الإسرائيليين (101) ، وتاريخ اليعقوبي (1/66) ، والآثار الباقية للبيروني (381) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/437) ، والخطط للمقريزي (2/474،479) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/362) .

2 الإصحاح (16) ، الفقرة (1-8)، وانظر: سفر العدد الإصحاح (28) ، الفقرة (16-25) ، وسفر للاويين الإصحاح (23) ، الفقرة (4/8) .

3 انظر: خطر اليهود على الإسلام والمسيحية لعبد الله التل (80) ، نقلاً عن سيكوم زوهار.

ص: 34

فأصبح الدم ضرورياً لإقامة هذا العيد.

وقد جمع أحد كتاب أوربا "أزنولدلير" أهم جرائم اليهود الثابتة بالأدلة القطعية في مختلف بلدان العالم بهذا الخصوص منذ منتصف القرن الثامن عشر حتى العقد الثالث من القرن العشرين ودونها في كتاب نشر عام 1938م تحت عنوان (طقوس الاغتيال اليهودية) فذكر فيه أكثر من ستين حادثاً1.

ولعل من أشنع الحوادث في ذلك حادثة دمشق عام 1840م، والتي راح ضحيتها الأب توما وخادمه إبراهيم عمار من أجل الاحتفال بهذا العيد2.

ولا يستغرب من اليهود مثل هذا العمل، فالمكر والحقد دينهم، والخديعة والجريمة ديدنهم.

6 -

عيد سنة العطلة:

وهي السنة السابعة من كل سبع سنوات وتكون عطلة، حيث يتركون الأرض بدون زراعة سبتاً للرب ولا يقطف زرعها، بل يترك لفقراء الشعب ووحوش البرية3.

كما جاء ذلك في سفر اللاويين " وأما السنة السابعة ففيها يكون للأرض سبت عطلة سبتاً للرب لا تزرع حقلك ولا تقضب كرمك"4.

1 انظر: أضواء على اليهودية من خلال مصادرها، للدكتور / محمد أحمد دياب (114) .

2 انظر: كتاب دم لفطير صهيون لنجيب الكيلاني، وأضواء على اليهودية (122-124) ، والكنز المرصود في قواعد التلمود.

3 تاريخ الإسرائيليين لشاهين بك مكاريوس (101) .

4 الإصحاح (25) ، الفقرة (1-7) .

ص: 35

7 -

عيد سنة الخمسين أو اليوبيل:

وهي سنة مقدسة لا يكون فيها زرع ولا حصاد1؛ وذلك أنهم يزرعون الأرض لمدة ست سنوات متتالية، وفي السنة السابعة يتركونها بدون زراعة سبتاً للرب، وهكذا تستمر العملية ست سنوات زراعة والسابعة سبوتاً للرب فيكون مجموع المدة سبع سنوات.

وبعد أن تتكرر العملية سبع مرات، أي سبع دورات زراعية، فإنه يصبح مجموع السنوات تسعاً وأربعين سنة، وعليه فتكون السنة الخمسون يوبيلاً، وعيداً لهم يقيمون فيه احتفالات ضخمة بهذه المناسبة مستعملين بوق الهتاف، تعبيراً عن فرحتهم الكبرى منادين بالعتق في الأرض لجميع سكانها.

كما نص على ذلك سفر اللاويين، حيث جاء فيه "وتعد ذلك سبعة سبوت سنين، سبع سنين مرات، فتكون لك أيام السبعة السبوت السنوية تسعاً وأربعين سنة. ثم تعبر بوق الهتاف في الشهر السابع في عاشر الشهر في يوم الكفارة تعبرون البوق في جميع أرضكم وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها

يوبيلاً، تكون لكم السنة الخمسون لا تزرعوا ولا تحصدوا زريعها ولا تقلفوا كرمها المحول، إنها يوبيل مقدسة تكون لكم2.

1 تاريخ الإسرائيليين (101)، وانظر: مزيد بيان عن اليوبيل، ص (132) من البحث.

2 الإصحاح (5) ، الفقرة (8-12) .

ص: 36

8 -

عيد الأسابيع أو عيد الحصاد:

وهي الأسابيع التي فرضت فيها الفرائض وكمل الدين، ويكون بعد عيد الفطير بسبعة أسابيع، وهو يوم عظيم وحج من حجوج بني إسرائيل.

ويكون في اليوم السادس من شهر سيوان، ويسمى أيضاً بعيد العنصرة وعيد الخطاب وعيد الخميس1.

وقد جاء في تحديده كما في سفر اللاويين " ثم تحسبون لكم من غد السبت من يوم إتيانكم بحزمة الترديد سبعة أسابيع، وتكون كاملة إلى غد السبت خمسين يوماُ، ثم تقربون تقدمة جديدة للرب من مساكنكم"2.

9 -

يوم الكفارة أو عيد الغفران3:

وهو من أعظم الأعياد عندهم، ويكون في اليوم العاشر من الشهر السابع.

حيث جاء في سفر اللاويين: "وكلم الرب موسى قائلاً: أما العاشر من هذا الشهر السابع، فهو يوم الكفارة محفلاً مقدساً، يكون لكم تذللون نفوسكم وتقربون وقود للرب"4.

وفيه ينقطع اليهود عن العمل ويتفرغون للعبادة وتكفير الذنوب التي اقترفوها في العام الماضي.

1 انظر: تاريخ الإسرائيليين (101) ، والآثار الباقية للبيروني (281) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/437) ، والخطط للمقريزي (2/474-479) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/363) .

2 الإصحاح (23) ، الفقرة (15-16) .

3 في الفكر اليهودي لحايم ناحوم (297) .

4 الإصحاح (23) ، الفقرة (26-27)، وانظر: الإصحاح (16) ، الفقرة (29-30) .

ص: 37

حيث جاء النص على أن جزاء من يعمل فيه أن يقتل ويباد من شعب بني إسرائيل؛ لأن ذلك فريضة دهرية لجميع الأجيال فلا يجوز العمل فيه.

"عملاً ما لا تعملوا في هذا اليوم عينه؛ لأنه يوم كفارة للتكفير عنكم، أمام الرب إلهكم، إن كل نفس لا تتذلل في هذا اليوم عينه تقطع من شعبها"1.

وقد كانت الطريقة المتبعة لديهم في التكفير غريبة سخيفة، وهي أن يحضر الكاهن تيساً حياً، ويضع يديه على رأسه ويعترف بكل ذنوب بني إسرائيل وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم، ويجعلها على رأس التيس، ثم يطلقه في البرية حاملاً كل خطايا الشعب، ثم يعمل محرقه له ومحرقه للشعب للتكفير عن نفسه وعن الشعب2.

وقد نص سفر اللاويين: على أن ذلك العمل فريضة دهرية في كل عام، حيث قال:"وتكون هذه لكم فريضة دهرية للتكفير عن بني إسرائيل من جميع خطاياهم مرة في السنة"3.

ويقول الدكتور حسن ظاظا: "إن اليهود على طول تعرضهم للاضطهاد من الأمم التي عاشوا بين ظهرانيها، قد جعلوا من يوم الغفران، أو التكفير هذا يوماً يعلنون فيه نقضهم للعهود والمواثيق التي قطعوها لغير اليهود، وأفتى

1 الإصحاح السابق الفقرة (28-29) .

2 انظر: اللاويين الإصحاح: (16) ، الفقرة (20-22) .

3 الإصحاح (16) ، الفقرة (34) .

ص: 38

فقهاؤهم بأن الداعي إلى ذلك كان إكراه اليهود على تغيير دينهم، وشاع بين عوام اليهود أن يوم الغفران هذا يجوز فيه أكل الديون التي على اليهودي وعدم أدائها، كما يجوز فيه الرجوع في كل وعد، أو عهد قطعه على نفسه طول السنة"1.

10 -

عيد صوماريا:

ويسمونه عيد الصوم الكبير الذي يقولون: إن الله تعالى فرض عليهم صومه ومن لم يصمه قتل عندهم. ومدة هذا الصوم خمس وعشرون ساعة، يبدأ فيها قبل غروب الشمس في اليوم التاسع من شهر تشري إلى ما بعد الغروب بساعة في اليوم العاشر، وربما سموه العاشور، ويشترط فيه لجواز الإفطار عندهم رؤية ثلاثة كواكب، وهي عندهم تمام الأربعين الثالثة التي صامها موسى عليه السلام.

ويزعمون أن الله كلم موسى عليه السلام فيه وأن صومه كفارة، وأن الله يغفر لهم فيه جميع الذنوب التي وقعت على وجه الغلط، بل أن الله يغفر فيه الذنوب جميعاً ماعدا الزنا بالمحصنة وظلم الرجل أخاه وجحده الرّبوبية2.

11 -

عيد الحنكة:

ويكون في ليلة الخامس والعشرين من شهر كسلا وهو ثمانية أيام، يوقدون في الليلة الأولى من لياليه على كل باب من أبوابهم سراجاً، وفي الليلة الثانية

1 الفكر الديني اليهودي (169) .

2 انظر: تاريخ الإسرائيليين (101) ، والآثار الباقية للبيروني (276-277) ، والخطط للمقريزي (2/479) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/436) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/361) .

ص: 39

سراجين، وهكذا إلى أن يكون في الثمانية ثمان سرج، يريدون بذلك أنهم يزيدون الشكر لله يوماً فيوماً بتنظيف بيت المقدس.

وسبب اتخاذهم لهذا العيد: أن بعض الجبابرة تغلب على بيت المقدس وفتك ببني إسرائيل وافتض أبكارهم، فوثب عليه أولاد كاهنهم، وكانوا ثمانية فقتله أصغرهم، وطلب اليهود لوقود الهيكل فلم يجدوا إلا يسيراً، وزعوه على عدد ما يوقدون من السرج على أبوابهم في كل ليلة إلى تمام ثمان ليال فاتخذوا هذه الأيام عيداً وسموه الحنكة، ومعناه: التنظيف؛ لأنهم نظفوا فيه الهيكل من أقذار شيعة الجبار.

وهذا العيد من الأعياد التي أحدثوها وابتدعوها1.

ويعتبره اليهود رمزاً للإيمان والشجاعة والمحافظة على القيم اليهودية2.

12 -

عيد الفوريم:

ويكون في اليوم الرابع عشر من شهر آذار، وهو من الأعياد التي أحدثوها؛ والسبب في اتخاذهم له عيداً، أنه لما ملك أزدشير بن بابك وتسميه اليهود بالعبرانية (احشويرشي) وكان له وزيراً اسمه هامان، ولليهود يومئذ حبر يقال له:(مردخاى) فبلغ أزدشير أن له ابنة عم من أحسن نساءً أهل زمانها، وأكملهن عقلاً، فطلب تزويجها منه فأجاب لذلك فحظيت عنده حظوة صار

1 انظر: الآثار الباقية للبيروني (379) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/438-439) ، والخطط للمقريزي (2/473-474) ، وبلوغ الأرب للالوسي (1/364) .

2 انظر: في الفكر اليهودي لحايم ناحوم (328-330) .

ص: 40

بها مردخاى قريباً منه فأراد هامان إصغاره واحتقاره حسداً له، وعزم على إهلاك طائفة اليهود التي في جميع مملكة أزدشير، فرتب مع نواب الملك في سائر الأعمال أن يهلك كل واحد منهم من بعمله من اليهود، وعين لهم يوم الثالث عشر من آذار وخص هذا اليوم دون غيره؛ لأن اليهود يزعمون أن موسى عليه السلام ولد فيه وتوفي فيه وأراد بذلك المبالغة في نكايتهم ليتضاعف الحزن عليهم بهلاكهم وبموت موسى عليه السلام.

فبلغ ذلك مردخاى من بطانة هامان، فأرسل إلى ابنة عمه يعلمها بما عزم عليه هامان في أمر اليهود وحثها على أعمال الحيلة في تخليص قومها من الهلكة، فأعلمت الملك وذكرت له إنما حمله على ذلك الحسد على قربنا منك ونصحنا لك، ومازالت تغريه حتى أمر بقتل هامان وقتل أهله وأن يكتب لليهود بالأمان والبر والإحسان في ذلك اليوم.

فاتخذ اليهود هذا اليوم من كل سنة عيداً وصاموه شكراً لله تعالى، وجعلوا بعده يومين اتخذوها أيام فرح وسرور ولهو وشرب ومهادة بعضهم إلى بعض.

ومن عاداتهم فيه: أن يصوروا من الورق صورة هامان ويملأون بطنها نخالة وملحاً ويلقونها في النار تحترق ويخدعون بذلك صبيانهم 1.

1 انظر: تاريخ الإسرائيليين لشاهين بك (151-155) ، وفي الفكر اليهودي لحايم ناحوم (331-333) ، والآثار الباقية للبيروني (280-281) ، وصبح الأعشى للقلقشندي (2/437-438) ، والخطط للمقريزي (2/474) ، وبلوغ الأرب للألوسي (1/363-364) .

ص: 41

وصاحبة هذه القصة هي (استير) وقد حظيت بسفر كامل يتكون من عشر اصحاحات جاء رمزاً لذلك، فقد أثبت في السفر قصة مردخاى أحد أفراد حاشية الملك أزدشير (أحشويرش) وكيف تزوج الملك بأستير، وكيف تم القضاء على هامان بمؤامرة من مردخاى.

ولم يقتصر مردخاى على قتل هامان، بل تعداه إلى قتل عشرات الألوف من الشعب اللاهي الذي فوجئ بمهاجمة اليهود.

حيث جاء في سفر استير "فضرب اليهود جميع أعدائهم ضربة سيف وهلاك وعملوا بمبغضيهم ما أرادوا ثم اجتمعوا اليهود الذين في شوشن في اليوم الرابع عشر أيضاً من شهر آذار وقتلوا ثلاثمائة رجل وباقي اليهود الذين في بلدان الملك اجتمعوا ووقفوا لأجل أنفسهم واستراحوا من أعدائهم، وقتلوا من مبغضيهم خمسة وسبعين ألفاً وجعلوه يوم شرب وفرح1.

وجاء في سبب تسميته بعيد الفوريم، وكونه واجباً على اليهود: "لأن هامان بن همداثا الأجاجي عدو اليهود جميعاً تفكر على اليهود ليبيدهم وألقى فوراً أي قرعة لا فنائهم وإبادتهم..

لذلك دعوا تلك الأيام فوريم على اسم الفور لذلك من أجل جميع كلمات هذه الرسالة وما رأوه من ذلك وما أصابهم أوجب اليهود، وقبلوا على أنفسهم وعلى نسلهم وعلى جميع الذين يلتصقون بهم حتى لا يزول أن يعيدوا هذين

1 الإصحاح (9) ، الفقرة (5-17) .

ص: 42

اليومين حسب كتابتهما وحسب أوقاتهما كل سنة، وأن يذكر هذان اليومان ويحفظا في دور فدور وعشيره فعشيره وبلاد فبلاد ومدينة فمدينه ويوما الفوز هذان لا يزولان من وسط اليهود وذكرهما لا يفنى من نسلهم "1.

ولا يزال إلى يومنا هذا يحتفل اليهود بهذا العيد2، والذي يرونه يحمل في ثناياه أسمى معاني الاستقلال والوطنية3.

فهذه هي أشهر أعياد اليهود فيما أطلعت عليه، وكما نص على ذلك الكتاب المقدس.

قد كانت هذه الأعياد تختص بزيادة العبادة فيها، حيث يزيدون خمس صلوات على صلواتهم الثلاث4.

كما أن بعضها يختص بزيادة الأعمال فيها من تقديم قرابين وغيرها بخلاف الأعياد الأخرى.

فقد زعم اليهود أن الله أوجب عليهم أن يتقدموا ببعض الأعمال في أعياد الفطير والمظال والأسابيع، كما نطق بذلك الكتاب المقدس، جاء في سفر التثنية "ثلاثة مرات في السنة يحضر جميع ذكورك أمام الرب إلهك في المكان الذي يختاره في عيد الفطير وعيد الأسابيع وعيد المظال، ولا يحضروا أمام الرب فارغين، كل حسبما تعطي يده كبركة الرب إلهك التي أعطاك"5.

1 الإصحاح (9) ، الفقرة (24-28) .

2 تاريخ الإسرائيليين لشاهين بك مكاريوس (154) ،

3 في الفكر اليهودي لحايم ناحوم (199) .

4 الخطط للمقريزي (2/479) .

5 الإصحاح (16)، الفقرة (16-17) وانظر: سفر الخروج الإصحاح (34) ، الفقرة (14-23) .

ص: 43

فهذه النصوص تدل على أفضلية هذه الأعياد الثلاث، والتي يذهبون فيها إلى أورشليم لزيارة الهيكل وتقديم القرابين هناك، وأنه لابد من تقديم شيء في هذه الزيارة.

وهذه الأعياد الثلاث هي حجوجهم التي يذهبون فيها إلى البيت المقدس.

ومن عادات اليهود في أعيادهم الترنم في أمور العبادة واستعمال آلات الموسيقى في تلك الأفراح، كما جاء ذلك في الكتاب المقدس في سفر المزامير، وهي عبارة عن أكثر من خمسة عشر مزموراً تحمل عنواناً واحداً، وهو نشيد المراقي؛ لأنها كانت تنشد أثناء الصعود إلى أورشليم لأعياد الحج الثلاث الكبرى.

وفي ذلك يقول صاحب تاريخ الإسرائيليين: "لما كان عند اليهود بيت مقدس كانت الشريعة تلزمهم استعمال فن الموسيقى في العبادة الدينية والأفراح العمومية كالأعياد ورؤوس الشهور وغيرها.. وكان اليهود يصعدون في كل سنة ثلاث مرات إلى أورشليم في أعيادهم الثلاثة حسب وصية التوراة وفي طريقهم كانوا يطربون أنفسهم ويخففون أتعابهم بالترنم.

كما أنهم خصوا وصنعوا أبواق من أجل الهتاف وخاصة في أفراحهم وأعيادهم ورؤوس شهورهم، وكذلك محرقاتهم وذبائحهم السلامية التي يتقربون بها.

وكانوا يهتمون بالغناء حتى أنه صار في الهيكل رؤساء أربع وعشرين فرقة من المغنين يخدمون الهيكل بالدور؛ وذلك بضرب الأبواق والهتاف الخاص

ص: 44

بالقرابين، ويكثر عددهم بنوع خاص في الأعياد العظيمة، حيث يصطفون بالترتيب حول مذبح المحرقة ويردون الترنمات والمزامير الخاصة بذلك1.

وبالتأمل في أعياد اليهود نجدها أعياداً متنوعة منها ما يتصل بالأحداث التاريخية: كعيد المظال وعيد الحنكة وعيد الفوريم وعيد الفطير.

ومنها: ما يتصل بمواسم الزراعة والحصاد كعيد الأسابيع وعيد سنة العطلة وعيد اليوبيل.

ومنها: ما يتصل بالهلال أو التوبة والتكفير عن الذنوب: كعيد رأس السنة ويوم الكفارة وعيد صوماريا.

ويتضح من عاداتهم فيها أنها ضعيفة الصلة بشريعة موسى عليه السلام، حيث كانت بعيدة عن إخلاص العبادة لله تعالى لعدم التزامهم بالأوامر والنواهي التي جاءت في هذه الأعياد، وما حكاه الله سبحانه وتعالى في يوم السبت عنهم دليل على ذلك.

كما أنه قوامها اللهو والفرح والشرب فضلاً عن الأساليب الوحشية التي يستخدمونها في بعض الأعياد، والتي بلغت الذروة في الإجرام وهتك الحقوق الإنسانية ولا سيما في عيد الفصح الذي أصبح شعار الاحتفال به تناول الفطير الممزوج بالدماء البشرية، ولا تتم الفرحة إلا بذلك. فأي إله هذا الذي يرضى بإراقة الدماء البريئة قربة له في أيام الأعياد وأوقات الشكر، إن هذا لا يتصور

1 تاريخ الإسرائيليين لشاهين بك مكاريوس (123-125) .

ص: 45