الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: يوم عاشوراء
المطلب الأول: اتخاذ عاشوراء مأتما
…
المبحث الأول: يوم عاشوراء
وهو اليوم العاشر من محرم الحرام، وهو من الأيام الفاضلة، ولكن قد ابتدع فيه بدع منكره، وهلك فيه طائفتان بين إفراط وتفريط طائفة تجعله يوم فرح وسرور وأخرى يوم حزن ونياحة، وإليك تفصيل ذلك.
المطلب الأول: اتخاذ عاشوراء مأتما:
تتخذ الرافضة1 يوم عاشوراء من كل عام مأتماً ونياحة حزناً منهم على قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وذلك أن الله سبحانه وتعالى أكرم الحسين بالشهادة في ذلك اليوم من سنة إحدى وستين (61) ، وألحقه بأهل بيته الطيبين الطاهرين، وأهان بها من ظلمه واعتدى عليه، فأوجب ذلك شراً بين الناس
1 الرافضة: سموا بهذا الاسم لرفضهم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وقيل: لرفضهم زيد بن علي رضي الله عنه عند ما أنكر عليهم الطعن في أبي بكر وعمر ومنعهم من ذلك فرفضوه، فقال لهم زيد: رفضتموني. قالوا: نعم، فبقي عليهم هذا الاسم، وأجمعت الرافضة على أن إمامة عليّ وتقديمه ثابتة نصاً، وأن الأئمة معصومون، وقالوا: أن الأمة ارتدت بتركها إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلا النفر اليسير. إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة والآراء الفاسدة، وانقسموا إلى أكثر من عشرين فرقة. انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري (1/89) ، والفرق بين الفرق للبغدادي (21) ، واعتقاد فرق المسلمين والمشركين للرازي (52) .
فصارت طائفة جاهلة ظالمة، إما ملحدة منافقة، وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته، تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة، فتظهر فيه شعائر الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية " 1.
فهذه الطائفة هم الرافضة، وعلى مر العصور تتخذ يوم عاشوراء مأتماً وحزناً ويظهرون ذلك علناً كلما قويت لهم شوكة أو ظهرت لهم دولة.
ففي سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة (352) ألزم معز الدولة ابن بويه 2 عاشوراء أهل بغداد بالنوح على الحسين رضي الله عنه وأمر بغلق الأسواق ومنع الطباخين من عمل الأطعمة.
وخرجت نساء الرافضة منشرات الشعور مفحمات الوجوه يلطمن ويفتن الناس. وهذا أول ما نيح عليه 3.
ولقد اتخذت الدولة الفاطمية على كثرة أعيادها ومناسباتها يوم عاشوراء يوم حزن، فكانت تتعطل فيه الأسواق ويخرج فيه المنشدون في الطرقات، وكان الخليفة يجلس في ذلك اليوم على الأرض متلثماً يرى به الحزن، كما كان القاضي والدعاة والأشراف والأمراء يظهرون وهم ملثمون حفاة.
1 مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/307) ، والفتاوى الكبرى (2/299) .
2 هو: أبو الحسين أحمد بن بويه بن فناخسرو بن تمام معز الدولة، كان من ملوك الجور والرفض، قيل أنه رجع في مرضه عن الرفض وندم على الظلم، كانت وفاته سنة 356. انظر: البداية والنهاية (11/293) ، وشذرات الذهب (3/18) .
3 العبر في خبر من غبر للذهبي (2/89) . وانظر: البداية والنهاية (11/259) ، والنجوم الزاهرة لتغرى بردي (3/334) .
كما يعمل في ذلك اليوم الموائد المسماة بسماط الحزن، ويتكون الطعام الذي يقدم عليه من العدس الأسود والملوحات والمخللات والأجبان وخبز الشعير المغير لونه قصداً إظهاراً للحزن.
فيأخذ الشعراء بالإنشاد في هذه المناسبة ويرثون آل البيت ويلقون باللآئمة على من غصب الخلافة من أصحابها الحقيقيين كما في زعمهم، ثم يذكرون الروايات والقصص التي اختلقوها والتي رواها أصحابهم في مقتل الحسين رضي الله عنه 1.
ولا زال إلى يومنا هذا تتخذ الرافضة يوم عاشوراء مأتماً يظهرون فيه الحزن والنياحة ويندبون الحسين رضي الله عنه، فتخرج المواكب العزائية في الطرقات والشوارع مظهرين اللطم بالأيدي على الخدود والصدور والضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور حتى تسيل الدماء.
ويحصل التشبه بالنساء فيلبس الرجال ملابس النساء لإقامة التمثيلات العزائية في الحسينيات للبكاء على الحسين.
وقد نص على جواز ذلك علماء الرافضة المعاصرين 2.
1 انظر: الخطط للمقريزي (1/431) .
2 انظر: مقتل الحسين وفتاوى العلماء الأعلام في تشجيع الشعائر للشيخ مرتضي عياد (12-40) ، وإليك الفتوى التي قرضها أكثر من عشرين عالماً من علماء الرافضة في جواز ذلك. حيث وجهت أسئلة حول المواكب العزائية إلى رئيس الفقهاء العظام الشيخ محمد حسين العزوي النائيني، فأجاب بما يلي:
1 -
خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرقات والشوارع مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقوم به عزاء المظلوم وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد. =
2 -
لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسواد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وان تأدى كل من اللطم والضرب على خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً.
3 -
الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيليات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون.
وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى. فهذه الفتوى المعمول بها اليوم لدى الرافضة وممن قرضها:
- آية الله العظمى السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي.
- آية الله العظمى السيد محسن الحكيم الطباطبائي.
- آية الله العظمى السيد محمد حسين بن الشيخ محمد المظفر.
- آية الله العظمى السيد محمد الحسن آل كاشف الغطاء.
- بل أن شيخهم خضر بن شلال صاحب كتاب أبواب الجنان، قال: الذي يستفاد من مجموع النصوص، ومنها الإخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم، ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم بأنه يموت في نفس الوقت. انظر:(19-20) المصدر السابق.
وفي ذلك يقول ناصر الدين شاه: وفي الهند وباكستان وإيران والعراق تكتسي هذه المآتم حللاً مرعبه إذا يخرج الرجال في الطرقات وهم يسيرون وراء هودج قد يبالغون أحياناً في ارتفاعه حتى يبلغ بضعة أمتار وهم عراة، وفي أيديهم زناجير من حديد وفي رؤوسها شفرات صغيرة حادة يضربون بها صدورهم حتى تسيل الدماء منهم، وفي كثير من الأحيان يموت بعضهم.
أما النساء فإنهن يجلسن في دورهن ينحن ويبكين ويلطمن صدورهن بأيديهن كل هذا تكريماً للحسين الذي قتل مظلوماً بزعمهم 1.
1 العقائد الشيعية (135) .
ويقول السيد محسن الأمين الحسيني العاملي 1: معللاً إقامة المآتم: ونريد بإقامة المآتم البكاء بقتله (ع) بإخراج الدمع بصوت وبدونه والتعرض لما يسبب ذلك وإظهار شعار الحزن والتأسف لما صدر عليه وتذكر مصابه ونظم الأشعار في رثائه وتلاوتها واستماعها وتهيج النفوس بها للحزن والبكاء
…
" 2.
كما أن لهم في هذا اليوم وفي شهر محرم أيضاً بدع شنيعة منكرة، حيث يصنعون في هذا اليوم ضريحاً من الخشب مزيناً بالألوان ويسمونه ضريح الحسين أو كربلاء ويجعلون فيه قبرين ويطلقون عليه اسم التعزية ويجتمع الأطفال بملابس ورديه أو خضر ويسمونهم فقراء الحسين.
كما تشعل النيران ويتواثب الناس عليها والأطفال يطوفون الطرقات ويصيحون يا حسين يا حسين، وكل من يولد في هذا الشهر يعتبر شؤماً سيئ الطالع.
وغير ذلك من البدع التي استحدثوها من أجل ترسيخ هذه العقيدة في أذهان الناس 3.
ولم يكتفوا بذلك، بل رتبوا على هذه المآتم وهذا الحزن والنياحة الأجر والثواب وأنه مكفر للخطايا والذنوب جالب للمغفرة والرحمة.
1 هو: محسن بن عبد الكريم بن علي بن محمد الأمين الحسيني العاملي، آخر مجتهدي الشيعة الأمامية في بلاد الشام، ولد سنة 1282هـ-، وكانت وفاته 1371هـ. انظر: الأعلام (5/287) .
2 إقناع اللائم على إقامة المآتم، ص (2) .
3انظر: تحذير المسلمين عن الابتداع، ص (280) .
فقد روى الطوسي في الأمالي بسنده عن الرضى (ع) أنه قال من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنافي الجنان عينه.. " 1.
وعن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: من دمعت عينه معه لدم سفك لنا أو حق لنا انقصناه أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا بوأه الله تعالى بها في الجنة أحقاباً 2.
وعن الحسين بن علي رضي الله عنه " أنه قال: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا "3.
وعن جعفر الصادق قال: " من ذكر عنده الحسين فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضه غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر "4.
وغير ذلك من الروايات التي وضعوها في هذا الشأن ونسبوها إلى آل البيت كذباً وزوراً فهي مخالفة للشرع وللعقل.
ولم يكتفوا أيضاً بذلك، بل زعموا أن هذه المآتم، وهذه المجالس هي التي حفظت الإسلام.
1آمالي الطوسي، ص (194) .
2آمالي المفيد، ص (112) ، وآمالي الطوسي (197) .
3 آمالي المفيد، ص (209) .
4 إقناع اللائم على إقامة المآتم للعاملي، ص (105) .
وفي ذلك يقول الخميني: " إن البكاء على سيد الشهداء عليه السلام وإقامة المجالس الحسينية هي التي حفظت الإسلام منذ أربعة عشر قرناً "1.
فانظر كيف جنوا على الإسلام بمثل هذا
فهذا هو يوم عاشوراء عند الرافضة، وهذا هو معتقدهم فيه، فهل هذا الفعل من الإسلام في شيء؟.
للجواب على هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وصار الشيطان يسب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي، وما يفضي إلى ذلك من سب السلف ولعنهم وإدخال من لا ذنب له من ذوي الذنوب حتى يسبب السابقون الأولون، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها كذب وقصد من سن ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة.
فإن هذا ليس واجباً ولا مستحباً باتفاق المسلمين، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرم الله ورسوله 2.
والذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم في المصيبة إذا كانت جديدة إنما هو الصبر والاحتساب والاسترجاع.
1 جريدة الإطلاع العدد (15901)، في 16/8/1399هـ. انظر: الغلاف الخارجي لإقناع اللائم على إقامة المآثم للسيد محسن الأمين العاملي. وانظر: كشف الإسرار للخميني (193) ، حيث ذكر مضمون هذا.
2 منهاج السنة (2/248) .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية"2.
وقال صلى الله عليه وسلم: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال 3 من قطران 4 ودرع من جرب"5.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها"6.
وإذا كان الله قد أمر بالصبر والاحتساب عند حدثان العهد بالمصيبة فكيف مع طول الزمان؟ فكان ما زينه الشيطان لأهل الضلال والغي من اتخاذ يوم عاشوراء مأتماً، وما يصنعون فيه من الندب والنياحة، وإنشاد قصائد الحزن،
1 سورة البقرة، آية (155-157) .
2 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب (3/163) ، حديث (1294) .
3 السربال: هو القميص. انظر: النهاية لابن الأثير (2/357) .
4 القطران: هو النحاس المذاب شديد الحرارة. انظر: اللسان (5/105) ، مادة (قطر) .
5 صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة (2/644) ، حديث (934) .
6 صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة (2/632-633) ، حديث (
ورواية الأخبار التي فيها كذب كثير والصدق فيها ليس فيه إلا تجديد الحزن والتعصب، وإثارة الشحناء والحرب وإلقاء الفتن بين أهل الإسلام، والتوسل بذلك إلى سب السابقين الأولين، وكثرة الكذب والفتن في الدنيا، ولم يعرف طوائف الإسلام أكثر كذباً وفتناً ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية.
فإنهم شر من الخوارج المارقين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان"1.
وهؤلاء يعاونون اليهود والنصارى والمشركين على أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته المؤمنين، كما أعانوا المشركين من الترك والتتار على ما فعلوه ببغداد 2 وغيرها، بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ولد العباس، وغيرهم من أهل البيت والمؤمنين، من القتل والسبي وخراب الديار، وشر هؤلاء وضررهم على الإسلام لا يحصيه الرجل الفصيح في الكلام" 3.
ولا زالوا إلى يومنا هذا أعواناً للكفر وأهله وللشرك وأنصاره من اليهودية الصهيونية والشيوعية الماركسية، وكلما كانت لهم دولة أظهروا العداوة والكيد للإسلام وأهله.
1 صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب التوحيد (13/415) ، صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفتهم (2/741-742) ، حديث (1064) .
2 انظر في ذلك البداية والنهاية لابن كثير (13/213-217) وما فعله نصر الدين الطوسي وابن العلقمي مع هولاكو في القضاء على الدولة الإسلامية وقتل مئات الالآف من المسلمين في بغداد.
3 مجموعة الفتاوى لابن تيمية (25/308-309)، وانظر: الفتاوى الكبرى (2/299-300)، وانظر: الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع للسيوطي (88)، وانظر: الرد على الرافضة لمحمد عبد الوهاب (47-49) .
وما هذا الفعل إلا دليل لذلك فإن قتل الحسين فقد قتل من هو أفضل منه أبوه علي بن أبي طالب وقبله عمر وعثمان رضي الله عنهم، فلم يتخذ الرافضة لمقتل علي رضي الله عنه مأتماً كما لم يتخذ المسلمون لمقتل عمر وعثمان وما هذا إلا من تزين الشيطان لهم لإظهار العداوة والبغضاء للمسلمين.
ثم لماذا هذا البكاء وهذه النياحة على الحسين والرافضة يزعمون أن أئمتهم يعلمون الغيب وأنهم يموتون متى شاءوا، كما نص على ذلك الكليني 1 حيث قال: " باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم 2. ثم ساق روايات في ذلك منها:
ما نسبه إلى جعفر عليه السلام أنه قال: " أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان ما بين السماء والأرض ثم خيره النصر أو لقاء الله فأختار لقاء الله تعالى "3.
كما أفرد صاحب بصائر الدرجات باباً قال فيه: " باب أن الأئمة يعرفون متى يموتون ويعلمون ذلك قبل أن يأتيهم الموت ".
1 هو: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني صاحب كتاب الكافي والذي يعد أجل الكتب الأصول المعتمدة عند الرافضة، وهو بمنزلة صحيح البخاري عند المسلمين. قال محمد باقر الموسوي هو أجل الكتب الإسلامية وأعظم مصنفات الإمامية والذي لم يعمل للإمامية مثله. وقال: أغابزرك الطهراني لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول. وقد كانت وفاته 328هـ. انظر: الفهرست للطوسي (165) ، وجامع الرواة للأرد بيلي (2/218) ، والذريعة لاغا بزرك الطهراني (17/245) ، وحاشية الاحتجاج للطوسي (469) .
2 أصول الكافي للكليني (1/258) .
3 المصدر السابق (1/260) .
ثم ساق روايات منها: قال أبو عبد الله عليه السلام: " إن الإمام لو لم يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير إليه فليس بحجة الله على خلقه "1.
فإذا كان الأمر كذلك فعلام البكاء والنياحة واللطم مادام الحسين مات حينما أراد ومات الميتة التي أرادها.
فكما أن علياً أختار أن يموت مطعوناً فكذلك أختار الحسين أن يموت مقتولاً، فلماذا هذا الإخلاص للحسين دون سواه 2. بئس هذه العقيدة ويالها من سخافة لا ترضاها العقول.
ولا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله، لكن قتله ليس بأعظم من قتل من هو أفضل منه من النبيين والسابقين الأولين، أو من قتل في حرب مسيلمة وكشهداء أحد، والذين قتلوا ببئر معونة وكقتل عثمان وعلي، ولا سيما والذين قتلوا أباه علياً كانوا يعتقدونه كافراً أو مرتداً وأن قتله من أعظم القربات بخلاف الذين قتلوا الحسين، فانهم لم يكونوا يعتقدون كفره وكان كثير منهم، أو أكثرهم يكره قتله ويرونه ذنباً عظيماً لكن قتلوه لغرضهم كما يقتل الناس بعضهم بعضاً على الملك " 3.
فاتخاذ أيام المصائب مآتم ليس في دين المسلمين، بل هو إلى دين الجاهلية أقرب 4. ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم 5.
1 بصائر الدرجات لمحمد بن الحسين بن فروخ الصفار (500) .
2 انظر: العقائد الشيعية لناصر الدين شاه (138-139) .
3 منهاج السنة النبوية لابن تيمية (2/249) .
4 اقتضاء الصراط المستقيم (2/621)، وانظر: الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع (88) .
5 لطائف المعارف لابن رجب (52-53) .
أما ما تعتقده الرافضة بأن ذلك مما يتقرب به إلى الله تعالى وتكفر به سيأتهم وما يصدر عنهم في السنة كلها ـ فذلك باطل بل أن ذلك الفعل موجب لطردهم من رحمة الله تعالى، كيف لا وفيه هتك لبيت النبوة واستهزاء بهم ولله در من قال:
هتكوا الحسين بكل عام مرة
…
وتمثلوا بعداوة وتصوروا
ويلاه من تلك الفضيحة إنها
…
تطوى وفي أيدي الروافض تنشر 1
وكما قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} 2.
ولقد تأثر بعض المسلمين بهذه العقيدة فشاركوا الرافضة في ذلك، ولكن بشكل صامت دون نياحة ولطم وذلك بنعيه وما حل به يوم قتله على المنابر سنوياً كل جمعة من عاشوراء بحقيقة مشوهه كما يريدها الرافضة 3.
وذلك لجهالة أولئك لحقيقة مذهب الرافضة وما انطوت عليه عقائدهم من المكر والخديعة والخيانة للإسلام والمسلمين.
والتاريخ أكبر شاهد على ذلك. فظن هؤلاء أن مثل هذا الفعل إظهار لمحبة آل البيت، فوقعوا فيما أرادت الرافضة من السب والشتم لبعض صحابة النبي صلى الله عليه وسلم. والله المستعان.
1 انظر: مختصر التحفة لمحمود شكري الألوسي (283) .
2 سورة الكهف آية (103-104) .
3 انظر: العقائد الشيعية (136) ، وإصلاح المساجد من البدع والعوائد (165) ، والسنن والمبتدعات (137) ، وخطب ابن نباته (7-8) .