الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: الصلاة الألفية في ليلة النصف من شعبان:
- أولاً: متى أحدثت؟:
أول من أحدث بدعة هذه الصلاة رجل من أهل نابلس قدم إلى بيت المقدس سنة (448هـ) ثمان وأربعين وأربعمائة وكان حسن التلاوة، فقام فصلى في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان فأحرم خلفه رجل ثم أنضاف إليهما ثالث ورابع فما ختمها إلا وهم في جماعة كثيرة.
ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير، وشاعت في المسجد وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى وبيوت الناس، ومنازلهم، ثم استقرت كأنها سنة 1.
وقال ابن القيم وهذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربع مائة، ونشأت ببيت المقدس 2.
- ثانياً: صفتها:
أن يصلي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عشر مرات، وإن شاء صلى عشر ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 3.
1 البدع والحوادث للطرطوشي (1/12)، وانظر: البداية والنهاية (14/247) .
2 المنار المنيف لابن القيم (99) .
3 انظر: إحياء علوم الدين للغزالي (1/238-426) ، وقد قال باستحسانها، وكذلك الزمخشري في الكشاف (3/429) ، والفخر الرازي في تفسيره (27/238) .
- ثالثاً: الأدلة على بدعيتها:
لا شك في بدعيتها وذلك أن الأحاديث الواردة فيها لا تصح. وقد روى ابن الجوزي في الموضوعات صفة هذه الصلاة والأجر المترتب على أدائها من المغفرة والعتق وغير ذلك من عدة طرق، ثم قال: هذا حديث لا نشك أنه موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل وفيه ضعفاء بمرة، والحديث محال قطعاً 1.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد كلامه عن بدعية الاحتفال لهذه الصلاة، فإن الحديث الوارد في الصلاة الألفية موضوع باتفاق أهل الحديث 2.
وقال ابن القيم: والعجب ممن شم رائحة العلم بالسنن أن يغتر بمثل هذا الهذيان ويصليها 3.
وبهذا يتبين بدعية هذه الصلاة وهو ما اتفق عليه جمهور العلماء 4. كما اخترعوا لهذه الليلة دعاءاً مخصوصاً لم يرد من طريق صحيح ولا غيره، وإنما هو من جمع بعض المشايخ 5.
1 انظر: الموضوعات لابن الجوزي (1/127-130) . واللآلي المصنوعة للسيوطي (2/57) ، وتنزيه الشريعة لابن عراق (2/92)، والفوائد المجموعة للشوكاني (51) . وقال: هو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما ينال فأعلها من الثواب ما لا يمترى إنسان له تمييز في وضعه ورجاله مجاهيل، وقد روى من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل.
2 اقتضاء الصراط المستقيم (2/628)، وانظر: مجموع الفتاوى (23/133-134) .
3 المنار المنيف لابن القيم (99) .
4 انظر الباعث لأبي شامة (32-36) ، والمجموع للنووي (4/56) . والأمر بالاتباع للسيوطي (81) ، والإبداع لعلي محفوظ (286-287) ، والسنن والمبتدعات للشقيري (148-149) . والتحذير من البدع لعبد العزيز بن باز (11) .
5 انظر: فضائل الشهور والأيام للنابلسي (41-42) وإصلاح المساجد للقاسمي (100) .
والذي يطلب فيه إبدال الشقاوة التي كتبت على الشخص سعادة، والحرمان عطاء والإفقار غنى.
وهو " الله يا ذا المنّ ولا يمنّ عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين.. الخ. ويكون ذلك بعد صلاة المغرب من تلك الليلة عقب قراءة سورة يس " ثلاثة مرات الأولى بنية طول العمر، والثانية بنية دفع البلاء، والثالثة بنية الاستغناء عن الناس" 1.
كما يكون أحياء هذه الليلة بذكر الآيات الست من أول سورة الدخان وتفسيرها تبياناً لفضلها 2.
معتقدين أن هذا العمل من الشعائر الدينية وأنه من مزايا هذه الليلة وخصائصها حتى اهتموا به أكثر من اهتمامهم بالواجبات، والسنن فتراهم يسارعون إلى المسجد قبل الغروب في هذه الليلة، ومنهم تاركو الصلاة، معتقدين انه يجبر كل تقصير سابق عليه، وأنه يطيل العمر لذلك يتشأمون من فواته 3. مما نتج عن ذلك كثير من الفتن والمنكرات بسبب الاختلاط في تلك الاجتماعات.
وبهذا يتبين لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة، أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام وإعداد الطعام وإظهار الزينة وغير ذلك بدعة منكرة محدثة في الإسلام.
1 دلائل الخيرات للجزولي (239-241) .
2 فضل النصف من شعبان لحسين مخلوف (10/204) .
3 الإبداع لعلي محفوظ (290) وانظر: بلوغ الأماني لأحمد عبد الرحمن البنا (10/204) ، وصراع بين الحق والباطل لسعد، صادق (191) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فأما صوم يوم النصف مفرداً فلا أصل له، بل إفراده مكروه، وكذلك اتخاذه موسماً تصنع فيه الأطعمة، وتظهر فيه الزنية هو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها 1.
وذلك لأنه لا يجوز تخصيص، شيء من العبادة إلا بدليل صحيح من الشرع يدل على التخصيص، ولا دليل على تخصيص هذه الليلة بعبادة، فدل على بطلان ذلك الفعل. والله أعلم.
1 اقتضاء الصراط المستقيم (2/628) .