الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا هو الظن الذي يليق بهؤلاء السادة الذين هم من خير القرون بشهادة الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومِمَّا ينبغي أن يعلم أن التدوين، وإن كان بدأ بصفة عامة على رأس المائة الأولى، إِلَاّ أنه بدأ بصفة خاصة من عهد الرسول وفي حياته فقد كان بعض الصحابة والتابعين يقيدون الأحاديث والسنن وفي الروايات الصحيحة الموثوق بها ما يدل على ما أقول.
كِتَابَةُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لِلأَحَادِيثِ:
ففي " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ مِنِّي حَدِيثًا إِلَاّ مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ العَاصِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ، وَ [كُنْتُ] لَا أَكْتُبُ» .
وروى " البخاري " و" مسلم " أن أبا شاه اليمني التمس من النَّبِي صلى الله عليه وسلم أنْ يكتب له شيئًا سمعه من خطبته عام الفتح فقال: «اكْتُبُوا لأَبِي شَاهٍ» (3).
وروى أبو داود والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ الشَّيْءَ فَأَكْتُبُهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فِي الغَضَبِ وَالرِّضَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، فَإِنِّي لَا أَقُولُ فِيهِمَا إِلَاّ حَقًّا "» .
وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَجْلِسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَيَسْمَعُ مِنْهُ الحَدِيثَ فَيُعْجِبُهُ وَلَا يَحْفَظُهُ فَشَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ [لِلْخَطِّ].
وَفِي " صَحِيحِ البُخَارِيِّ " أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ - كَانَتْ عِنْدَهُ صَحِيفَةٌ فِيهَا بَعْضَ السُّنَنِ (العَقْلُ - أَيْ الدِّيَاتِ - وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) كَمَا صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ وَالدِّيَاتِ وَالفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ لِعَمْرُو بْنَ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجود التدوين للأحاديث في العهد النبوي.
وأما حديث النهي عن الكتابة فقد كان ذلك في مبدأ الأمر حين خيف اشتغالهم بغير القرآن، أو اختلاط القرآن بغيره، ثم لما أمن ذلك نسخ النهي بالإذن في الكتابة.
فلما جاور الرسول الرفيق الأعلى كثر من يكتب من الصحابة ومن التابعين،