الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر أوصافه - إلى أحد تلاميذ كعب: عبد الله بن عمرو بن العاص، فقد روى " البخاري " عن [عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ] (*) قَالَ:«لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قُلْتُ: أخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ! {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (1)، وَحِرْزًا للأُمِيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا» وزاد ابن كثير قَالَ ابْنُ يَسَارٍ: " ثُمَّ لَقِيتُ كَعْبًا الْحَبْرَ فَسَأَلْتُهُ فَمَا اخْتَلَفَا فِي حَرْفٍ " وكيف؟ وكعب هو الذي علمه».
وإنها لحماقة حمقاء أنْ يطلق هذا المؤلف على البشارة بِالنَّبِيِّ الأُمِيِّ العربي في الكتب السابقة: أنها خرافة، ولا أدري أفقد المؤلف صوابه؟ أم غاب عنه قول الحق تبارك وتعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2)؟ وهل هذا الحديث إِلَاّ مصداق لهذا القرآن الذي لا يتطرق إليه الشك؟ وسواء أكان هذا الحديث قد حمله عبد الله بن عمرو عن كعب، أو هو مِمَّا عَلِمَهُ من كُتُبِهِمْ، لأنه كان قارئاً كاتبًا وعنده علم بِكُتُبِ أهل الكتاب فقد صدقه القرآن المهيمن والشاهد على الكتب فهو حق وصدق، والتصديق به واجب، وإني لأعجب للمؤلف كيف سَوَّلَتْ له نفسه وسمح له ضميره أَنْ يقول عن البشارة بِالنَّبِيِّ وذكر أوصافه في " التوراة " و " الإنجيل ": إنها خرافة. ألَا فَلْتُهَلِّلُوا أيها المُبَشِّرُونَ فقد وجد مِمَّنْ يَتَسَمَّى بأسماء المسلمين من يخدمكم ويشيع مقالتكم باسم البحث والمعرفة!!
طَعْنُهُ فِي حَدِيثِ الاِسْتِسْقَاءِ بِالعَبَّاسِ رضي الله عنه
-:
في [ص 118] لحديث الاستسقاء وذكر أَنَّ كعبا انتهز الفرصة ليفسد على
(1)[سورة الأحزاب، الآية: 45].
(2)
[سورة الأعراف، الآيتان: 156، 157].
-----------------------
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*)[هو عطاء بن يسار وليس عبد الله بن يسار، انظر " صحيح البخاري " (34) كتاب البيوع (50) باب كراهية السخب في الأسواق، حديث 2125، " فتح الباري ": 4/ 342،، نشر دار المعرفة - بيروت، طبعة سَنَةَ 1379 هـ].
المسلمين عقائدهم، وأنه هو الذي أوقع عمر رضي الله عنه في الاستسقاء بالعباس عم النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبعد أَنْ ذكر أنَّ عمر استسقى بالعباس لم يلبث أنْ قال: إنَّ عمر تَنَبَّهَ إلى المكيدة وفطن لها فلم يستسق بأحد حتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم واقتصر على الاستغفار، ولكي يؤيد زعمه هذا ذكر عن كتاب " المُغَنِي " و " الشرح الكبير ": «أَنَّ عمر خرج يستسقي فلم يزد على الاستغفار
…
»
وللرد على ذلك أقول:
1 -
إِنَّ حديث الاستسقاء بالعباس رضي الله عنه رواه البخاري في " صحيحه " عن أنس «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا» قَالَ: فَيُسْقَوْنَ» ولأجل أنْ يُدَلِّلَ على ما ذهب إليه من أنَّ الاستسقاء بالعباس دَسِيسَةٌ من كعب طعن في حديث أنس واعتده مخالفاً للروايات القوية التي جاءت بخلافها، ثم أتدري أيها القارئ ما هي الروايات القوية التي رَجَّحَهَا على رواية " البخاري "؟.
هي رواية ذكرت في كتاب " المطر " لابن أبي الدنيا، وكتاب " المُغْنِي " و " الشرح الكبير "، وكتاب " البيان والتبيين " للجاحظ!! ثم ما هي المخالفة بين حديث أنس وما ذكره أَنَّ الاستسقاء له حالات: فَمَرَّةٌ يكون بالصلاة والخطبة وَمَرَّةً يكون في خطبة الجمعة أو عقب صلاة مفروضة، وَمَرَّةً أخرى يكون بدعاء من غير صلاة، وحيناً كان على المنبر في المسجد، وحينا آخر كان خارج المسجد، وكلها حالات ثابتة في السُنَّة الصحيحة (1)، وعمر رضي الله عنه مَرَّةً استسقى بالعباس، وَمَرَّةً أخرى اقتصر على الدعاء بطلب السُقْيَا، وَمَرَّةً ثالثة اكتفى بالاستغفار، لأنه مجلبة للغيث وعلى هذا فلا تعارض قَطُّ بين الروايات ولا سيما والرواية التي رَجَّحَهَا لا حصر فيها، وكتاب " المُغني " و " الشرح الكبير " الذي نقل عنه الرواية الثانية، قال مؤلفه بعد ذلك بصفحات ما نصه (2):«وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَسْقَى بِمَنْ ظَهَرَ صَلَاحُهُ؛ لأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى إجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ الرَّمَادَةِ» ثم ذكر استسقاء معاوية بيزيد بن الأسود، والضحاك بن قيس به اَيْضًا وهكذا
(1) انظر " شرح النووي على مسلم ": ج 6 ص 188، و " زاد المعاد ": ج 1 ص 126، 127.
(2)
" المُغني " و " الشرح الكبير ": ج 2 ص 295.