المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

" كذب أعداء الله، ما من شيء في الجاهلية، إلا - زهرة التفاسير - جـ ٣

[محمد أبو زهرة]

الفصل: " كذب أعداء الله، ما من شيء في الجاهلية، إلا

" كذب أعداء الله، ما من شيء في الجاهلية، إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة، فإنها مؤداة إلى البر والفاجر "(1).

ويروى أن رجلا سأل ابن عباس، فقال:" إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة، والشاة، فقال ابن عباس: فتقولون ماذا؟ قال نقول: ليس علينا بذلك بأس. فقال حبر هذه الأمة: هذا كما قال أهل الكتاب: (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ). إنهم إذا أدوا الجزية لم تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم ".

وإن الحق الثابت المقرر أن الفضائل الدينية هي حق على المؤمن لكل إنسان، ويأثم إن لم يؤدها لكل إنسان، ولذا قال تعالى:

* * *

(1) رواه ابن أبي حاتم، ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره وقال: حدثني ابن حميد، وراجع الدر المنثور للسيوطي) جـ 2، ص 51.

ص: 1283

(بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ‌

(76)

* * *

هذا تأكيد لبيان كذبهم على الله تعالى، وبَلي هنا معناها. إثبات ما نفوه " لأنها تجيء في القول لإثبات المنفي، لقد نفوا أنه ليس عليهم في الأمِّيين سبيل، فقال سبحانه بل عليكم فيهم سبيل، وأنتم معذبون بما تجرمون في شأنهم، ومثابون إن أوفيتم لهم بعهدهم وآمنتم، وقد علل سبحانه ذلك الحكم العادل بقضية دينية عامة ثابتة، وهي قوله سبحانه:(بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).

وإن معنى هذا النص السامي أن الذي ينال محبة الله تعالى رضاه سبحانه، لابد أن يتحقق فيه وصفان:

أولهما الوفاء بالعهد، فكل ما يلتزمه من عهود، سواء أكان موضوعها أمرا ماديا كأداء الأمانات أم كان الموضوع أمرا معنويا كالقيام بحق من الحقوق - الوفاء به يستوجب رضا الله سبحانه، وكل غدر يكون فيه إبعاد عن رضوان الله سبحانه ومحبته.

ص: 1283