المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كمال المساواة بين العمل وجزائه، حتى كأن الجزاء هو العمل - زهرة التفاسير - جـ ٣

[محمد أبو زهرة]

الفصل: كمال المساواة بين العمل وجزائه، حتى كأن الجزاء هو العمل

كمال المساواة بين العمل وجزائه، حتى كأن الجزاء هو العمل ذاته، الرابعة قوله تعالى:(وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) فيه تأكيد للمساواة وفيه أيضا نفي للظلم نفيا مؤكدا بالتعبير بالجملة الاسمية، إذ المعنى أنهم ليس من شأنهم أن يظلموا، لأن الله تعالى خالقهم والله تعالى لَا يظلم مطلقا، لأنه لَا يليق بكماله تعالى، ولأنه كتب العدل على نفسه، كما ورد في الحديث القدسي (1).

وإن التسوية بين الجزاء والعمل هي القانون العادل الذي سنه رب العالمين، فلا تستوي الحسنة ولا السيئة، ولا يستوي الخير والشر ولذا قال سبحانه:

* * *

(1) إشارة إلى الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه: البر والصلة - تحريم الظلم (2577) عَنْ أبِي ذَر عَنْ النَّبي صلى الله عليه وسلم فيمَا رَوَى عَنْ اللَّه تبارك وتعالى أنَّهُ قَالَ: " يَا عِبَادِي إِني حرَّمْتُ الظلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلتهُ بَيْنَكمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا " الحَديث.

ص: 1486

(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ

(162)

* * *

هذا هو القانون السامي الذي وضعه سبحانه، وهو التساوي بين العمل وجزائه، وأنهم لَا يتساوون في ذات أنفسهم، وفي الجزاء إذا اختلفت أعمالهم، ويفيد النص أن الجزاء يتحد إذا اتحد العمل، ويختلف إذا اختلف العمل، وفي النص الكريم عدة إشارات بيانية:

الأولى: أنه ساق الكلام مساق الاستفهام الإنكاري الذي يفيد النفي أي إنكار الوقوع، وهذا يفيد أن ذلك القانون بدهي لَا تختلف فيه العقول، بحيث لو سئل كل واحد من الناس عن ذلك لأجاب بأنه لَا يستوي من اتبع رضوان الله، مع من يبوء بغضب الله.

والثانية: أن الله سبحانه وتعالى سمى الأمناء الذين لَا يغلون ولا يخونون في أي شيء، وخصوصا في الغنائم: يتبعون رضوان الله تعالى، وذلك لأنهم يخرجون مجاهدين في سبيل الحق ورفع كلمة الله وقد قدموا أنفسهم لمرضاته، وكانوا ممن شَرَوْا أنفسهم لله، ومن المؤمنين الذين اشترى الله سبحانه وتعالى أنفسهم، وفي ذلك رضوان الله تعالى، وهو أعظم جزاء في الدنيا والآخرة.

ص: 1486