الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3611
- (الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة، وذلك قول الله تعالى: (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون)) .
موضوع
أخرجه ابن شاهين في "رباعياته"(ق172/ 1) ، وأبو عبد الله الفلاكي في "الفوائد"(88/ 2) ، والسهمي في "تاريخ جرجان"(99)، والديلمي من طريق أبي الشيخ (2/ 149) ؛ كلهم عن عمر بن يحيى بن نافع قال: حدثنا العلاء بن زيدل، عن أنس مرفوعاً.
قلت: وهذا موضوع؛ آفته العلاء بن زيدل؛ قال ابن المديني:
"كان يضع الحديث". وقال ابن حبان:
"روى عن أنس نسخة موضوعة، لا يحل ذكره إلا تعجباً". وقال البخاري:
"منكر الحديث".
وعمر بن يحيى بن نافع؛ لم أعرفه.
والحديث أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" من طريق ابن عدي، ثم قال:
"موضوع، والمتهم به العلاء بن زيدل".
وتعقبه السيوطي في "اللآلي"(2/ 443) بأن له شواهد، وتبعه على ذلك ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(2/ 379-380) ، وليس بشيء؛ كما سيأتي التحقيق فيما ذكره.
والحديث أورده الحافظ السخاوي في "القتاوى الحديثية"(ق193/ 1) من رواية الديلمي، ثم قال:
"لا يصح". ثم ذكر نحوه عن ابن عباس موقوفاً، ثم قال:
"لا يصح أيضاً، وبه جزم ابن كثير، قال: وكذا كل حديث ورد فيه تحديد وقت يوم القيامة على التعيين؛ لا يثبت إسناده".
قلت: ومن ذلك ما روى ابن قتيبة في "غريب الحديث"(1/ 114-115) ، والديلمي (2/ 149) ، وكذا الطبراني، وأبو نعيم في "المعرفة"، وأبو علي ابن السكن كما في "الفتاوى الحديثية"(ق93/ 1) للحافظ السخاوي من طريق سليمان بن عطاء القرشي الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي، عن ابن زمل مرفوعاً؛ قال في حديث طويل:
"النيا سبعة آلاف سنة، بعثت - أو قال: أنبأنا - في آخرها ألفاً".
قال السخاوي:
"ولكن ابن عطاء هذا منكر الحديث، بل قال ابن حبان: إنه يروي الموضوعات. وقال: ابن زمل لا أعتمد على إسناد خبره هذا. مع أنه أثبت صحبته! وقال ابن السكن: إسناده ضعيف. وأما الذهبي؛ فإنه ذكر ابن زمل في "الميزان"، وقال: إنه لا يكاد يعرف، وليس بمعتمد. وأورد ابن الجوزي هذا الحديث في (الموضوعات) ".
قلت: وفي قوله: إن ابن حبان أثبت صحبة ابن زمل نظر؛ فقد نقل الحافظ ابن حجر في "اللسان" عنه أنه قال في "الثقات":
"يقال: له صحبة".
فهذا إلى نفي الصحبة عنه أقرب من إثباتها له كما لا يخفى. ولعل السخاوي لم يتنبه لقوله: "يقال"، فوقع في الإشكال.
ثم وجدت الحافظ نفسه في "الإصابة" عن ابن حبان أنه قال:
"عبد الله بن زمل له صحبة، لكن لا أعتمد على إسناد خبره". فالظاهر أن ابن حبان هو نفسه متردد فيه، فتارة يجزم بصحبته، وتارة يشك فيها. والله أعلم.
وفي اسم ابن زمل ثلاثة أقوال ذكرها الحافظ في "الإصابة"، وقال:
"الصواب منها أنه عبد الله".
قلت: وابن الجوزي إنما أورد الحديث في "الموضوعات" من طريق العلاء عن أنس، فتعقبه السيوطي في "اللآلي"(2/ 443) بطريق ابن زمل هذه، واقتصر على تضعيفها، وهي شر من ذلك؛ كما سلف بيانه من كلام الحافظ السخاوي، وبطريق أخرى نقلها من "تاريخ ابن عساكر" من طريق شقيق بن إبراهيم الزاهد، عن أبي هاشم الأبلي، عن أنس مرفوعاً بلفظ:
"عمر الدنيا سبعة آلاف سنة"، وقال:
"وأبو هاشم ضعيف".
وهذا فيه تساهل لا يخفى على أهل العلم؛ فإن أبا هاشم هذا - واسمه كثير ابن عبد الله - قد قال فيه البخاري:
"منكر الحديث"، وقال النسائي:
"متروك الحديث".
وهذا معناه أنه شديد الضعف، وعند البخاري في منتهى الضعف كما هو معلوم من أسلوبه، فمثل هذه الشواهد الشديدة الضعف لا ينقذ الحديث من الوضع.
ثم استشهد السيوطي بحديث أبي هريرة، أخرجه الحكيم الترمذي من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد عنه. وقال:
"وليث لين".
قلت: وليث كان اختلط، ومع ذلك فما أظن السند إليه يصح.
ثم ساق بعض الآثار الموقوفة عن ابن عباس وبعض التابعين، وصححه عن ابن عباس، وفي الاستدلال به على صحة الحديث نظر؛ لأنه موقوف، ومن المحتمل أن يكون ابن عباس تلقاه من بعض مسلمة أهل الكتاب، بل هذا هو الظاهر من بعض الطرق عنه؛ فروى الحافظ ابن منده: يحيى في "جزء من الأمالي"(ق255/ 2) من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي بكر، عن سعيد بن جبير أو عكرمة، عن ابن عباس قال:
"قالت [يهود] : إنما الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما يعذب الناس يوم القيامة بكل ألف سنة يوم من أيام الدنيا يوماً واحداً، وإنما هي سبعة أيام! فأنزل الله (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة) ، فأخبر الله تعالى أن الثواب في الخير والشر معهم أبداً". وقال:
"رواه أبو كريب عن يونس، ولم يذكر فيه: "فأخبرهم الله
…
"، ورواه إبراهيم ابن سعد وغيره عن محمد بن إسحاق نحوه".
قلت: وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(1410) : حدثنا أبو كريب به؛ إلا أنه قال: "حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت" بدل "محمد ابن أبي بكر".
وكذلك رواه (1411) من طريق سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني
محمد بن أبي محمد به؛ لكنه لم يقل "مولى زيد بن ثابت".
قلت: فالظاهر أن ما في "الأمالي": "محمد بن أبي بكر" تحريف من بعض النساخ؛ فإني لم أجده هكذا في شيء من كتب الرجال، بل على الصواب ذكره في "التهذيب" و "الميزان" تبعاً لابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 1/ 88) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال الذهبي:
"لا يعرف". والحافظ:
"مجهول".
وأما ابن حبان؛ فذكره في "الثقات"!
وقد وجدت له طريقاً أخرى، عند الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 111/ 2) عن محمد بن حميد الرازي: أخبرنا سلمة بن الفضل: عن محد بن إسحاق، عن سيف بن سليمان، عن مجاهد، عن ابن عباس به؛ دون قوله: "فأخبر الله
…
".
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة ابن إسحاق.
وضعف محمد بن حميد الرازي.
وسلمة بن الفضل - وهو الأبرش -؛ قال الحافظ:
"صدوق كثير الخطأ".
والحديث أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"(6/ 314) بهذه الرواية، لكن سقط من الطابع أو الناسخ عزوها للطبراني والكلام عليها.
ومن هذا التخريج يتبين أن تصحيح السيوطي لحديث ابن عباس هذا الموقوف غير صحيح أيضاً. والله المستعان.
ثم رجعت إلى رسالته العجيبة المسماة بـ "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف"، فالتقطت منها الفوائد الآتيه:
الأولى: أن حديث شقيق الزاهد المتقدم من رواية ابن عساكر هي من طريق أبي علي الحسين (الأصل: الحسن! وهو خطأ) بن داود البلخي: حدثنا شقيق بن إبراهيم الزاهد
…
فأقول: إن البلخي هذا متهم بالوضع؛ قال الخطيب في ترجمته من "تاريخ بغداد"(8/ 44) :
"لم يكن ثقة؛ فإنه روى نسخة عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس، أكثرها موضوع". ثم ساق له حديثاً آخر (1) وقال:
"إنه موضوع، رجاله كلهم ثقات؛ سوى الحسين بن داود".
وقال الحاكم في "التاريخ":
"روى عن جماعة لا يحتمل سنه السماع منهم؛ كمثل ابن المبارك وأبي بكر ابن عياش وغيرهما، وله عندنا عجائب يستدل بها على حاله".
الفائدة الثانية: أن حديث ليث المتقدم أيضاً من رواية الحكيم الترمذي هو من طريق معلى (الأصل: يعلى! وهو خطأ أيضاً) بن هلال، عن ليث
…
قلت: والمعلى هذا؛ قال الحافظ في "التقريب":
"اتفق النقاد على تكذيبه".
قلت: فسقط بهذا التحقيق صلاحية الاستشهاد بهذين الحديثين، وأنهما
(1) هو حديث: " أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك ".