المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كذا قال! ونقل المناوي عنه أنه قال: "ضعيف جداً". وهذا - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - جـ ٨

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الناشر

- ‌3501

- ‌3502

- ‌3503

- ‌3504

- ‌3505

- ‌3506

- ‌3507

- ‌3508

- ‌3509

- ‌3510

- ‌3511

- ‌3512

- ‌3513

- ‌3514

- ‌3515

- ‌3516

- ‌3517

- ‌3518

- ‌3519

- ‌3520

- ‌3521

- ‌3522

- ‌3523

- ‌3524

- ‌3525

- ‌3526

- ‌3527

- ‌3528

- ‌3529

- ‌3530

- ‌3531

- ‌3532

- ‌3533

- ‌3534

- ‌3535

- ‌3536

- ‌3537

- ‌3538

- ‌3539

- ‌3540

- ‌3541

- ‌3542

- ‌3543

- ‌3544

- ‌3545

- ‌3546

- ‌3547

- ‌3548

- ‌3549

- ‌3550

- ‌3551

- ‌3552

- ‌3553

- ‌3554

- ‌3555

- ‌3556

- ‌3557

- ‌3558

- ‌3559

- ‌3560

- ‌3561

- ‌3562

- ‌3563

- ‌3564

- ‌3564/ 2

- ‌3565

- ‌3566

- ‌3567

- ‌3568

- ‌3569

- ‌3570

- ‌3571

- ‌3572

- ‌3573

- ‌3574

- ‌3575

- ‌3576

- ‌3577

- ‌3578

- ‌3579

- ‌3580

- ‌3581

- ‌3582

- ‌3583

- ‌3584

- ‌3585

- ‌3586

- ‌3587

- ‌3588

- ‌3589

- ‌3590

- ‌3591

- ‌3592

- ‌3593

- ‌3594

- ‌3595

- ‌3596

- ‌3597

- ‌3598

- ‌3599

- ‌3600

- ‌3601

- ‌3602

- ‌3603

- ‌3604

- ‌3605

- ‌3606

- ‌3607

- ‌3608

- ‌3609

- ‌3610

- ‌3611

- ‌3612

- ‌3613

- ‌3614

- ‌3615

- ‌3616

- ‌3617

- ‌3618

- ‌3619

- ‌3620

- ‌3621

- ‌3622

- ‌3623

- ‌3624

- ‌3625

- ‌3626

- ‌3627

- ‌3628

- ‌3629

- ‌3630

- ‌3631

- ‌3632

- ‌3633

- ‌3634

- ‌3635

- ‌3636

- ‌3637

- ‌3638

- ‌3639

- ‌3640

- ‌3641

- ‌3642

- ‌3643

- ‌3644

- ‌3645

- ‌3646

- ‌3647

- ‌3648

- ‌3649

- ‌3650

- ‌3651

- ‌3652

- ‌3653

- ‌3654

- ‌3655

- ‌3656

- ‌3657

- ‌3658

- ‌3659

- ‌3660

- ‌3661

- ‌3662

- ‌3663

- ‌3664

- ‌3665

- ‌3666

- ‌3667

- ‌3668

- ‌3669

- ‌3670

- ‌3671

- ‌3672

- ‌3673

- ‌3674

- ‌3675

- ‌3676

- ‌3677

- ‌3678

- ‌3679

- ‌3680

- ‌3681

- ‌3682

- ‌3683

- ‌3684

- ‌3685

- ‌3686

- ‌3687

- ‌3688

- ‌3689

- ‌3690

- ‌3691

- ‌3692

- ‌3693

- ‌3694

- ‌3695

- ‌3696

- ‌3697

- ‌3698

- ‌3699

- ‌3700

- ‌3701

- ‌3702

- ‌3703

- ‌3704

- ‌3705

- ‌3706

- ‌3707

- ‌3708

- ‌3709

- ‌3710

- ‌3711

- ‌3712

- ‌3713

- ‌3714

- ‌3715

- ‌3716

- ‌3717

- ‌3718

- ‌3719

- ‌3720

- ‌3721

- ‌3722

- ‌3723

- ‌3724

- ‌3725

- ‌3726

- ‌3727

- ‌3728

- ‌3729

- ‌3730

- ‌3731

- ‌3732

- ‌3733

- ‌3734

- ‌3735

- ‌3736

- ‌3737

- ‌3738

- ‌3739

- ‌3740

- ‌3741

- ‌3743

- ‌3744

- ‌3745

- ‌3746

- ‌3747

- ‌3748

- ‌3749

- ‌3750

- ‌3751

- ‌3752

- ‌3753

- ‌3754

- ‌3755

- ‌3756

- ‌3757

- ‌3758

- ‌3759

- ‌3760

- ‌3761

- ‌3762

- ‌3763

- ‌3764

- ‌3765

- ‌3766

- ‌3767

- ‌3768

- ‌3769

- ‌3770

- ‌3771

- ‌3772

- ‌3773

- ‌3774

- ‌3775

- ‌3776

- ‌3777

- ‌3778

- ‌3779

- ‌3780

- ‌3781

- ‌3782

- ‌3783

- ‌3784

- ‌3785

- ‌3786

- ‌3787

- ‌3788

- ‌3789

- ‌3790

- ‌3791

- ‌3792

- ‌3793

- ‌3794

- ‌3795

- ‌3796

- ‌3797

- ‌3798

- ‌3799

- ‌3800

- ‌3801

- ‌3802

- ‌3803

- ‌3804

- ‌3805

- ‌3806

- ‌3807

- ‌3808

- ‌3809

- ‌3810

- ‌3811

- ‌3812

- ‌3813

- ‌3814

- ‌3815

- ‌3816

- ‌3817

- ‌3818

- ‌3819

- ‌3820

- ‌3821

- ‌3822

- ‌3823

- ‌3824

- ‌3825

- ‌3826

- ‌3827

- ‌3828

- ‌3829

- ‌3830

- ‌3831

- ‌3832

- ‌3833

- ‌3834

- ‌3835

- ‌3836

- ‌3837

- ‌3838

- ‌3839

- ‌3840

- ‌3841

- ‌3842

- ‌3843

- ‌3844

- ‌3845

- ‌3846

- ‌3847

- ‌3848

- ‌3849

- ‌3850

- ‌3851

- ‌3852

- ‌3853

- ‌3854

- ‌3855

- ‌3856

- ‌3857

- ‌3858

- ‌3859

- ‌3860

- ‌3861

- ‌3862

- ‌3863

- ‌3864

- ‌3865

- ‌3866

- ‌3867

- ‌3868

- ‌3869

- ‌3870

- ‌3871

- ‌3872

- ‌3873

- ‌3874

- ‌3875

- ‌3876

- ‌3877

- ‌3878

- ‌3879

- ‌3880

- ‌3881

- ‌3882

- ‌3883

- ‌3884

- ‌3885

- ‌3886

- ‌3887

- ‌3888

- ‌3889

- ‌3890

- ‌3891

- ‌3892

- ‌3893

- ‌3894

- ‌3895

- ‌3896

- ‌3897

- ‌3898

- ‌3899

- ‌3900

- ‌3901

- ‌3902

- ‌3903

- ‌3904

- ‌3905

- ‌3906

- ‌3907

- ‌3908

- ‌3909

- ‌3910

- ‌3911

- ‌3912

- ‌3913

- ‌3914

- ‌3915

- ‌3916

- ‌3917

- ‌3918

- ‌3919

- ‌3920

- ‌3921

- ‌3922

- ‌3923

- ‌3924

- ‌3925

- ‌3926

- ‌3927

- ‌3928

- ‌3929

- ‌3931

- ‌3932

- ‌3933

- ‌3934

- ‌3935

- ‌3936

- ‌3937

- ‌3938

- ‌3939

- ‌3940

- ‌3941

- ‌3942

- ‌3943

- ‌3944

- ‌3945

- ‌3946

- ‌3947

- ‌3948

- ‌3949

- ‌3950

- ‌3951

- ‌3952

- ‌3953

- ‌3954

- ‌3955

- ‌3956

- ‌3957

- ‌3958

- ‌3959

- ‌3960

- ‌3961

- ‌3962

- ‌3963

- ‌3964

- ‌3965

- ‌3966

- ‌3967

- ‌3968

- ‌3969

- ‌3970

- ‌3971

- ‌3972

- ‌3973

- ‌3974

- ‌3975

- ‌3976

- ‌3977

- ‌3978

- ‌3979

- ‌3980

- ‌3981

- ‌3982

- ‌3983

- ‌3984

- ‌3985

- ‌3986

- ‌3987

- ‌3988

- ‌3989

- ‌3990

- ‌3991

- ‌3992

- ‌3993

- ‌3994

- ‌3995

- ‌3996

- ‌3997

- ‌3998

- ‌3999

- ‌4000

الفصل: كذا قال! ونقل المناوي عنه أنه قال: "ضعيف جداً". وهذا

كذا قال! ونقل المناوي عنه أنه قال: "ضعيف جداً". وهذا أقرب إلى حال عبد الوهاب الكذاب.

وروي من طريق أخرى عن عبد الله بن دينار به، لكن مختصراً، وقد مضى (2852) .

‌3569

- (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الآخرون أراذل) .

ضعيف

رواه الطبراني (1/ 224/ 2) ، والحاكم (3/ 191) من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة - وهذا في "المصنف"(12/ 176/ 12458) - عن عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن جده، عن جعدة بن هبيرة مرفوعاً.

قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات رجال الشيخين غير جد عبد الله بن إدريس؛ واسمه يزيد بن عبد الرحمن الأودي؛ وثقه ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير اثنين من الثقات، وكأنه لذلك لم يوثقه الحافظ، بل قال:

"مقبول".

يعني عند المتابعة، ولم أجد له متابعاً على قوله:"أراذل"، فهو منكر. والله أعلم.

وقال الهيثمي (10/ 20) :

"رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح؛ إلا أن إدريس بن يزيد الأودي لم يسمع من جعدة. والله أعلم".

قلت: كأنه لم يتنبه أن بينهما يزيد الأودي والد إدريس، فتنبه.

ص: 51

ثم ذكره نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وزاد في آخره:

"إلى يوم القيامة"، وقال:

"رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه داود بن يزيد الأودي، وهو ضعيف".

نعم؛ أخرج الطبراني (10/ 114/ 10058) من طريق الأجلح، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله مرفوعاً به. وزاد بعد القرن الثالث:

"ثم يجيء قوم لا خير فيهم".

قلت: وهذا إسناد حسن. وأصله في "الصحيحين"، وقد مضى (700) .

وفي الحديث علة أخرى، وهي ذكر القرن الرابع في خير الناس، وفي ثبوت هذه الزيادة نظر؛ لأن الأحاديث الصحيحة لم يرد فيها ذكر القرن الرابع جزماً، بل على الشك؛ كما في حديث عمران؛ قال عمران:

"فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثة"، أخرجه الشيخان وغيرهما، وكأنه لذلك لم يقطع الحافظ بصحته، بل أعله بعلة أخرى فقال (7/ 6) - بعد أن عزاه لابن أبي شيبة والطبراني -:

"ورجاله ثقات؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته".

كذا قال! ورجح في "التهذيب" أنه جعدة بن هبيرة المخزومي، وجزم في "الإصابة" بأن أمه أم هانىء بنت أبي طالب، وأن له رؤية بلا نزاع؛ لأنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال البخاري:

"له صحبة".

وبالجملة: فعلة الحديث عندي:

ص: 52

أولاً: جهالة حال يزيد بن عبد الرحمن الأودي، وتوثيق العجلي وابن حبان إياه مما لا يرفعها عندي؛ لتساهلهما في التوثيق؛ كما هو معروف عند أهل العلم، ولذلك لم يوثقه الحافظ في "التقريب" كما سبق.

ثانياً: زيادة القرن الرابع فيه؛ فإني لم أرها في شيء من الأحاديث الصحيحة على كثرتها، وقد خرجت طائفة طيبة منها في "الروض النضير"(347) ، وفي بعضها ما ذكرت من الشك في الرابعة، ومثله لا يمكن القضاء عليه إلا بزيادة من ثقة حافظ، وهذا مما لم أجده، اللهم إلا في رواية من حديث النعمان بن بشير، تفرد بها عاصم ابن بهدلة، وفي حفظه ضعف؛ كما تقدم في تخريج حديث ابن مسعود في "الصحيحة"(700) ، ثم وجدت عاصماً قد رواه على الصواب دون زيادة "القرن الرابع" في رواية عنه عند أحمد (4/ 276) ، والبزار (3/ 290/ 2767) ، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3/ 177) . وكذلك وقعت هذه الزيادة في رواية لأحمد (1/ 378) عن ابن مسعود، وهي شاذة عندي؛ لأنها لم ترد في "الصحيحين"، ولأن في رواية لأحمد (1/ 434) :"ثلاثاً أو أربعاً"، هكذا على الشك، وهي رواية لمسلم (7/ 185) بنحوه، وأحمد أيضاً (1/ 417) .

وقد وقع مثل هذا الاضطراب في حديث بريدة الأسلمي، يرويه عنه عبد الله ابن مَوَلَة (1) قال:

كنت أسير مع بريدة الأسلمي، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،ثم يكون قوم تسبق شهادتهم أيمانهم.." الحديث.

(1) بفتحات؛ كما في " التقريب "

ص: 53

أخرجه أحمد (5/ 357) : حدثنا عفان: حدثنا حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن عبد الله بن مولة به. وقال عفان مرة:

"القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

هكذا وقع فيه في الرواية الأولى أربعة قرون، وفي المرة الأخرى خمسة قرون!

وهكذا وقع في "مجمع الزوائد"(10/ 19) من رواية أحمد، وهذا اضطراب ظاهر!

وقد خولف عفان في روايتيه، فقال أحمد (5/ 350) : حدثنا إسماعيل، عن الجريري به؛ إلا أنه قال:

"خير أمتي قرني منهم، ثم الذين يلونهم. قال: ولا أدري أذكر الثالث أم لا؟ ".

قلت: وهذه الرواية أصح من الأوليين؛ لأن إسماعيل - وهو ابن علية - ثقة حافظ من رجال الشيخين، بخلاف حماد بن سلمة؛ فإنه لم يحتج به مسلم إلا من روايته عن ثابت، ولم يحتج به البخاري أصلاً، وذلك؛ لأن في حفظه كلاماً، فروايته عند مخالفة من هو أوثق منه وأحفظ مرجوحة. ولا يمكننا أن ننسب هذا الاضطراب إلى الجريري - واسمه سعيد بن إياس - بحجة أنه كان اختلط؛ لأن كلاً من حماد وإسماعيل قد رويا عنه قبل الاختلاط.

نعم؛ يمكن عزو ذلك إلى عبد الله بن مولة شيخ أبي نضرة، فإنه لا يعرف؛ كما يشير إلى ذلك قول الذهبي في "الميزان":

"ما روى عنه سوى أبي نضرة".

ص: 54

وتوثيق ابن حبان إياه مما لا قيمة له؛ لما عرف من تساهله في التوثيق، حتى إنه ليوثق من يصرح فيه بمثل قوله:"لا أعرفه ولا أعرف أباه"! كما أثبته بالنقل عن كتابه "الثقات" في غير هذا الموضع، ولذلك؛ لم يوثقه الحافظ، وإنما قال فيه:"مقبول". يعني عند المتابعة، ولم يتابع من ثقة إلا على القرن الثالث الذي شك فيه في رواية إسماعيل، بخلاف القرن الرابع؛ فإنه لم يرد إلا مشكوكاً فيه كما تقدم، وأما القرن الخامس فهو منكر؛ لعدم وروده مطلقاً في شيء من طرق الحديث التي وقفت عليها إلا في هذه الطريق الواهية، ولا تغتر بقول الهيثمي عقبها - وبعد أن ساق الروايات الثلاث -:

"رواها كلها أحمد وأبو يعلى باختصار، ورجالها رجال الصحيح".

فإن عبد الله بن مولة ليس من رجال "الصحيح" أولاً، ثم هو لا يعرف ثانياً؛ كما بينته آنفاً. ولعله التبس عليه بعبد الله بن حوالة الصحابي المشهور، وإن كنت أستبعد هذا؛ فإن محقق كتاب "المجمع" الذي وقع في هذا الالتباس، قد بين أن الهيثمي ذكره على الصواب؛ فجاء هذا المحقق فأفسده وجعله "عبد الله بن حوالة"، وعلق عليه بقوله:"في الأصل مولة"! وقد اغتر بهذا التصحيح صديقه وزميله في التتلمذ على الشيخ الكوثري؛ ألا وهو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كما يأتي.

(تنبيه) : أخذ بعض متعصبة الحنيفة الهنود من حديث جعدة بن هبيرة أن مراسيل القرن الرابع حجة، فقال في كتابه "قواعد في علوم الحديث"(ص450) بعد أن نقل كلام الحافظ فيه، ورجح صحبة جعدة:

"وعلى هذا؛ فيجوز لنا أن نحتج بمراسيل القرن الرابع أيضاً؛ لاشتراكهم مع الثالث في العلة التي بها قبلنا مراسيلهم"!

ص: 55

وعلق عليه الشيخ أبو غدة متعقباً له - على خلاف عادته -، فقال:

"قلت: هذا توسع غير ناهض؛ فقد جاء ذكر الخيرية للقرن الخامس أيضاً كما في "مجمع الزوائد" (10/ 19) من حديث (عبد الله بن حوالة) . رواه أحمد وأبو يعلى بسند رجاله رجال الصحيح".

قلت: وهذا التعقب وإن كان في نفسه صحيحاً عندنا لموافقته مذهب المحدثين في ترك الاحتجاج بالمرسل - سوى مرسل الصحابي - على ما هو مشروح في علم المصطلح؛ فإن لنا عليه مؤاخذات:

الأولى: أن مؤلف "القواعد" لما ذكر من قبل (ص138) أن المختار عند الحنيفة قبول مرسل أهل القرن الثاني والثالث، لم يعلق عليه أبو غدة، بل تلقاه بالتسليم؛ لأنه مذهبه! بل زاد على ذلك، فاستدل له بحديث البخاري: "خير أمتي قرني

" الحديث؛ بالإضافة إلى استدلال المؤلف على ذلك بالإجماع والمعقول، وكل ذلك مردود عند التحقيق، وليس هذا محل بيان ذلك، فإذا كان استدلال المؤلف واستشهاد المعلق صحيحاً، فيلزمهما طرد هذا الاستدلال، وهذا ما صنعه المؤلف حينما عثر على حديث جعدة بن هبيرة، فاستدل به على الاحتجاج بمرسل القرن الرابع أيضاً كما سبق، فقول الشيخ:

"هذا توسع غير ناهض"؛ نقض لما سلم به هناك؛ لأن الدليل واحد، بل كان الواجب عليه أن يلزم المؤلف بالاحتجاج بمرسل القرن الخامس أيضاً بنفس الدليل الذي استدل به للقرن الرابع وهو حديث بريدة، وإلا؛ كان المؤلف متناقضاً، ولكن المؤلف طرد استدلاله، وأما المعلق فهو الذي تناقض!

والحق؛ أن الحديث ليس له علاقة بتوثيق أهل القرون الثلاثة بالمعنى الذي

ص: 56

يريده أهل الحديث؛ وهو إثبات العدالة التي تنافي الكذب والفسق أولاً، والحفظ والضبط الذي ينافي سوء الحفظ المستلزم لضعف حديث صاحبه ثانياً، وإنما هو يثبت لهم العدالة فقط، وفي الجملة لا في التفصيل، فالاستدلال به على إثبات العدالة لكل فرد من أفراد تلك القرون مما لا يخفى فساده على أهل العلم، وأما إثبات الأمر الثاني وهو الحفظ والضبط؛ فهيهات هيهات.

الثانية: أنه قلد محقق "مجمع الزوائد" في جعله الحديث من رواية عبد الله ابن حوالة، وتحريفه - بجهله - الأصل الذي كان فيه عبد الله بن مولة، والأول صحابي، والآخر تابعي مجهول، (ذلك مبلغهم من العلم) .

الثالثة: تصحيحه الحديث بجزمه به في قوله: "فقد جاء.."، وهو حديث ضعيف مضطرب، ولو كان عنده ذرة من المعرفة بهذا العلم الشريف؛ لكان مجرد نظره في اختلاف ألفاظ الحديث - وقد ذكرها كلها صاحب "المجمع" - كافياً له في دفعه إلى إمعان النظر فيها وترجيح الراجح منها على المرجوح، ولكن أنى له ذلك، وهو لا يعرف من هذا العلم إلا مجرد النقل والتقليد تقليداً أعمى؛ كما يدل على ذلك تعاليقه الكثيرة على الكتب التي يقوم بطبعها، بل وتحقيقها زعم!!

الرابعة: تقليده الهيثمي في قوله: "رجاله رجال الصحيح"، وابن مولة ليس من رجال "الصحيح" كما سبق، ولعل قول الهيثمي هذا هو الذي غره فصحح الحديث - وهو من جهله بهذا العلم - ثم اعترض به على المؤلف، وإن كان الاعتراض نفسه وارداً عليه ولازماً له كما بينا.

وقد وقع المؤلف نفسه في مثل هذا الاغترار؛ فإنه اكتفى في تصحيح الحديث

ص: 57

للاستلال به على ما ذهب إليه من الأخذ بمرسل القرن الرابع - بقول الحافظ: "رجال ثقات؛ إلا أن جعدة مختلف في صحبته". ففهم من قوله: "رجاله ثقات" أنه يساوي قوله لو قال: "إسناده صحيح"، لولا الاختلاف الذي ذكره، وما دام أن الراجح عند المؤلف أنه صحابي؛ فالإسناد صحيح! وقد عرفت ما فيه من الجهالة والمخالفة للأحاديث الصحيحة التي اتفقت على إثبات القرن الثالث، والشك في الرابع، فلا يزول هذا الشك بزيادة رجل مجهول الحال لم يوثقه إلا متساهل بالتوثيق كما سبق!

ثم جدت أمور لابد من النظر فيها، وبيان ما يجب حولها، فأقول:

أولاً: حديث بريدة الأسلمي المتقدم برواية أحمد عن عفان، وفيه ذكر القرن الرابع، وقد أخرجه ابن أبي شيبة أيضاً في "المصنف" (12/ 177/ 1/ 12463) : حدثنا عفان به. إلا أنه وقع فيه: ".. مع أبي بردة الأسلمي.." كذا: أبي بردة! ولعله خطأ مطبعي أو نسخي؛ فإنه لا وجود لأبي بردة الأسلمي في الصحابة، فلعله في الأصل:"أبي برزة الأسلمي" فإنه صحابي معروف، وقد وقع كذلك عند بعض رواته كما يأتي، لكن قد أخرجه ابن حبان، في أول المجلد الثامن من كتابه "الثقات" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا عفان به، مثل رواية أحمد:".. بريدة الأسلمي.."، فهذا يؤكد خطأ ما في "المصنف".

لكن؛ قد أخرجه أبو يعلى في "مسنده"(13/ 415/ 7420) : حدثنا العباس ابن الوليد النرسي: حدثنا عبد الأعلى أبو محمد السامي: حدثنا سعيد - يعني الجريري -

فساق إسناده المتقدم، ولكنه قال:"أبو برزة الأسلمي"! وليس هذا خطأ مطبعياً؛ فإنه كذلك في بعض المخطوطات، ويؤيد ذلك أنه في جملة أحاديث

ص: 58

ساقها أبو يعلى في "مسند أبي برزة الأسلمي"، فإذن يمكن أن يعتبر هذا اضطراباً آخر من عبد الله بن مولة فإن السند إليه بهذا صحيح أيضاً، فكما اضطرب في متن الحديث كما تقدم، فكذلك اضطرب في إسناده أيضاً، فمرة قال:"بريدة الأسلمي"، ومرة قال:"أبو برزة الأسلمي"!

بل إنه اضطرب في متنه على وجه آخر؛ فإنه لم يذكر القرن الرابع، بل شك في القرن الثالث، فقال كما قال إسماعيل ابن علية في روايته المتقدمة:"ولا أدري أذكر الثالث أم لا؟ ".

فهذا مما يؤكد ضعف الحديث وضعف رواية عبد الله بن مولة، وخطأ من صحح حديثه هذا؛ كما يأتي بيانه فيما يلي:

ثانياً: قال ابن حبان عقب الحديث:

"هذه اللفظة: "ثم الذين يلونهم" في الرابعة، تفرد بها حماد بن سلمة وهو ثقة مأمون، وزيادة الألفاظ عندنا مقبولة عن الثقات..".

قلت: لا شأن لحماد في هذه الزيادة، كما لا شأن له بالزيادة الأخرى:"ثم الذين يلونهم" في الخامسة، كما تقدم في الرواية الأخرى عند أحمد، فتنبه، وإنما هو اضطراب من عبد الله بن مولة كما تقدم.

على أنه يمكن أن ينسب إلى حماد نفسه شيء من هذا الاختلاف؛ فإني وجدت الطحاوي قد روى الحديث في "مشكل الآثار"(3/ 177) من طريق عفان عنه بإسناده، لم يذكر القرن الرابع مطلقاً، وفي حماد كلام يسير في حفظه إلا في روايته عن ثابت - كما تقدم -، فقد يكون منه بعض هذا الاختلاف، إلا؛ فهو من عفان أو من دونه، وهذا مما أستبعده. والله أعلم.

ص: 59

ثالثاً: قد عرفت مما تقدم أن عبد الله بن مولة مجهول، وأنه علة هذا الحديث، ولم يتنبه لهذا المعلق على "مسند أبي يعلى"، فقال:

"إسناده صحيح"!

وركن في ذلك إلى قول الذهبي في ابن مولة في "الكاشف":

"صدوق".

وقول الحافظ في "التقريب":

"مقبول".

وليس يخفى على أحد أنه لا حجة له في شيء من ذلك، أما قول الحافظ، فظاهر لكل من يعرف اصطلاح الحافظ في هذه اللفظة:"مقبول"، فإنه يعني أنه مقبول عند المتابعة، وإلا؛ فلين الحديث، وعليه؛ فالحديث لين؛ لأنه لا متابع له أولاً، ثم هو قد اضطرب في إسناده ومتنه ثانياً كما سبق بيانه، فأنى لحديثه الصحة؟!

وأما قول صاحب "الكاشف" فيه: "صدوق"؛ فهو في الحقيقة يكشف عن وهم لا وجه له أهل العلم، ومنهم الذهبي نفسه؛ فقد صرح - كما تقدم - بأنه ما روى عنه سوى أبي نضرة، فلعل الوهم من بعض الناسخين؛ فإن المعروف عندي عن الذهبي أنه إنما يقولها في التابعي المستور الذي روى عنه جمع من الثقات، وهذا على الغالب، وأما مجهول العين كهذا؛ فلا.

رابعاً: ثم إن حديث داود بن يزيد الأودي المتقدم قد رأيته في "معجم الطبراني الأوسط"(2/ 34/ 2/ 5606) من طريق عقبة بن مكرم قال: حدثنا يونس

ص: 60

ابن بكير، عن داود بن يزيد الأودي، عن أبيه يزيد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به؛ وقال:

"لم يروه عن داود الأودي إلا يونس بن بكير، تفرد به عقبة".

كذا قال! وقد رواه ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 276/ 2643) من طريق عبيد بن يعيش، عن يونس بن عبيد به. ثم رواه من طريق أبي نعيم، عن داود ابن يزيد الأودي، عن أبيه، عن جعدة بن هبيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر:"ثم الرابع.."، وقال:

"وأبو نعيم أحفظ من يونس، وليس لجعدة صحبة".

قلت: كذا وقع في رواية أبي نعيم: "داود بن يزيد"، فإذا صح هذا فهو متابع لإدريس بن يزيد الأودي في روايته المتقدمة، فهو مما يرجح رواية أبي نعيم هذه، وأن الحديث حديث جعدة بن هبيرة، وليس حديث أبي هريرة، وقد عرفت مما سلف أن يزيد الأودي مجهول الحال، فالإسناد ضعيف على كل حال، صحت صحبة جعدة أو لم تصح، والله أعلم.

خامساً: ذكر الهيثمي في "المجمع"(10/ 20) حديث أبي برزة الأسلمي مختصراً جداً بلفظ:

"خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".

وقال:

"وإسناده حسن. رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفه".

فأقول: أخشى أن يكون قوله: "وإسناده حسن" مقحماً من بعض النساخ؛

ص: 61