الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3849
- (عاشوراء يوم التاسع) .
موضوع
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(9/ 322) عن أبي أمية بن يعلى، عن سعيد المقبري، عن ابن عباس مرفوعاً.
قلت: وهذا متن موضوع، وإسناده ضعيف جداً؛ آفته أبو أمية هذا؛ قال ابن حبان:
"لا يحل الرواية عنه". وضعفه الدارقطني.
وأما أن متنه موضوع؛ فواضح من تواتر أنه اليوم العاشر في أحاديث عدة في صيامه صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، وأمره به، والحض عليه، وبيان فضل صيامه، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة، كلها مجمعة على أن عاشوراء هو يوم العاشر من محرم الحرام.
ولعل أصل الحديث موقوف رفعه أبو أمية؛ فقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(3/ 59) من طريق الحكم بن الأعرج، عن ابن عباس قال:
هو يوم التاسع.
وإسناده صحيح.
وروى أيضاً من طريق عبد الله بن عمير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع". يعني يوم عاشوراء. وهكذا أخرجه مسلم (3/ 151) من طريق ابن أبي شيبة.
ومن الظاهر أن قوله: "يعني يوم عاشوراء" إنما هو تفسير من بعض الرواة، ولعله ابن عباس نفسه، ويؤيده رواية الحكم عنه الموقوفة، وقد أخرجها مسلم عن
ابن أبي شيبة أيضاً بلفظ: قال:
انتهيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم، فقلت: أخبرني عن صوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم؛ فاعدد، وأصبح يوم التاسع صائماً. قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم؟ قال: نعم.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى (4/ 206) :
"أرشد ابن عباس السائل له إلى اليوم الذي يصام فيه، وهو التاسع، ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر؛ لأن ذلك مما لا يسأل عنه، ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة، فابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه؛ أجاب عليه بأنه التاسع. وقوله "نعم" بعد قول السائل: أهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم؟ بمعنى: نعم هكذا كان يصوم لو بقي؛ لأنه قد أخبرنا بذلك، ولا بد من هذا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مات قبل صوم التاسع".
قلت: وهذا أحسن ما قيل في تأويل قول ابن عباس هذا، وبه تجتمع الأحاديث ويزول التعارض الظاهر منها.
ومما يؤكد أن يوم عاشوراء هو العاشر حتى عند ابن عباس نفسه؛ هو سبب ورود حديث ابن عمير المتقدم؛ فقد أخرج مسلم من طريق أخرى عن ابن عباس قال:
حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء،وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصاري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع". قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا نص من ابن عباس على أن التاسع هو غير عاشوراء، فثبت بطلان حديث الترجمة. والله أعلم.