الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الكلام مهم جداً جداً في بابه ونجاحه في تقرير آية الوجه في سورة القصص، التي هي في نفس الوقت آية من الآيات التي تتضمن دلالة التوحيد بما أراده هو سبحانه وتعالى أن يثبته لنفسه {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ((1)) ، ومن الواضح استناداً إلى ما تقدم أن آيات وجود الله عز وجل في سورة القصص، قد احتوت على كثير من دلالات التوحيد ذات المضمون العام المباشر الظاهر اللفظ والمعنى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ} ((2)) .
المطلب الثاني: المرأة في سُوْرَة الْقَصَصِ
هنالك في سور القرآن الكريم وآياته مواضع كثيرة ذكرت فيها المرأة، وبينت فيها أحكامها، وخوطبت أكرم خطاب وأعزها أعظم إعزاز ((3)) .
وقد كانت المرأة وما زالت مكرمه بإيمانها في النص القرآني، لها ما للرجل، وعليها ماعليه، وحفظ لها القرآن الكريم كرامتها وشخصيتها وبينت ذلك أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبرزت ذلك كله الشريعه السمحاء.
ويذكر ذلك بعض الباحثين فيقول: " إن توجيه الخطاب للمرأة في النصوص القرآنية حظي بأسلوب إلهي خاص جدير بالدراسه إستناداً إلى ظواهر النصوص وبواطنها، ذلك أن آليات المعنى تشير خلافاً إلى ما يزعمه مبغضو الاسلام إلى أن المرأة في الخطاب القرآني الموجه لها حضيت بالإكرام الذي ما بعد إكرام "((4)) .
(1) سُوْرَة الأَعْرَافِ: الآية 180.
(2)
سُوْرَة مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم) : الآية 19.
(3)
ينظر: المعجم المفهرس لألفاظ القُرْآن الكَرِيْم. وضعه مُحَمَّد فُؤَاد عَبْد البَاقِي. مطابع الشعب. ط1. 1378 هـ. مادة (نساء) ، (امرأة) ، (المؤمنات) ، (فتياتكم) . . .. الخ.
(4)
خطاب المرأة الَقُرْآني. د. سعاد الحكيم. الطبعة الأولى. دار المعرفة. بيروت. 1988 م: ص88 - 89.
وقد حاولنا في هذا البحث أن ندرس ـ ضمن دراستنا المتكاملة إن شاء الله تعالى لسورة القصص ـ طبيعة الوصف القرآني للمرأة فيها، وهو ما أوضحه الدكتور مرشد عبد العزيز، فقال في ذلك:
" لقد كانت سورة القصص المكية تجد وصفين لنوعين من أنواع النساء:
1-
النساء المؤمنات (امرأة فرعون. أُم موسى) .
2-
النساء بصورة عامة (يستحيي نساءهم) .
وذلك أوجد نوعاً من ثنائية الوصف الدلالي في إيضاح الصورة القرآنية للمرأة في سورة القصص " ((1)) .
ونحن نجد أن هذا التقييم قاصر في حد ذاته، فسورة القصص تحتوي ضمن وصفها الإلهي للمرأة على عدة أنواع من النساء تتعلق بها عدة طبائع ونوازع يمكن تلخيصها في الآتي بيانه إن شاء الله تعالى:
1.
النساء الأسيرات (يستحيي نساءهم) :
والاستحياء ترك القتل مع الأسر، وقد فعل ذلك فرعون بنساء بني إسرائيل، وهن يظهرن في هذا النص بغير شخصية، فكأنهن ذبن في مجتمع العبيد الفرعوني.
2.
الام:
(1) خطاب المرأة القرآني: ص 191.
وتتجسد ملامح الأم في عدة مواضع من سورة القصص: {وَأَوْحَيْنَا إلى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} ((1)) ، {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ((2)) ، {وَقَالَتْ لأُِخْتِهِ قُصِّيهِ} ((3)) ، {فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ} ((4)) ، ففي هذه المواضع نجد أم موسى (عليه السلام) في أبهى مشاعرها بالامومة من ارضاعة الاول إلى إلقائه في التابوت في البحر، وتوكيل الله تعالى، وعدم الخوف، إلى فراغ فؤادها، وكونها كادت أن تخبر بذلك لولا أن سكَّن الله ذلك عنها، ثم أمرها لأخته بالبحث عنه وإرجاعه إليها بسلام لترضعه من بيت فرعون، فهذه مجموعة مشاعر الأم مجسدة في آيات سورة القصص على حده.
3.
الاخت:
ونجدها هنا صورة الأخت التي تطيع أمها، وتتمتع بقدرات خارقة للنظر عن بعد كما يوحي بذلك سياق الاية:{وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} ((5)) ، {فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} ((6)) .
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 7.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 10.
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 11.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 13.
(5)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 11.
(6)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 12.
فنحن نشاهد في هاتين الآيتين اللطف في خطاب أخت موسى لحاشية فرعون لتعيد أخاها ـ بإذن الله جل جلاله إلى أمها بأمر الله تعالى، والله على كل شيء قدير.
4.
الملكة المؤمنة:
ويصورها النص القرآني بأنها تتلطف في الخطاب لتحافظ على موسى (عليه السلام) من بطش زوجها الكافر. {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} ((1)) .
5.
المرأة المستضعفة:
وهي شخصية تصورها سورة القصص في حكايتها لأخبار ابنتي النبي الكريم شعيب ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ في قوله تعالى: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} ((2)) .
6.
المرأة الحيية:
وهي سورة بليغة في كل بلاغة النص القرآني، وسورة معجزة في الوصف بما صورها الله تعالى في وصف حياء ابنة شعيب (عليه السلام) ، {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} ((3)) .
وتتجسد في هذه السورة أعلى مراحل كرامة المرأة في النص وأعظم مراتب شخصيتها القرآنية.
7.
المرأة المخطوبة:
ويستخدم القرآن الكريم في هذا الموضع صيغة خطبة الأب لإبنته لمن رآه مكافئاً لها كما في قوله تعالى فيها: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} ((4)) .
8.
المرآة المتزوجة:
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 9.
(2)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 23.
(3)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 25.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 27.