الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن العربي: " هذا الذي تفعَلُه الأعراب هو حلوان وزيادةُ على مهر. وهو حرام لا يليق بالأنبياء، فأما إذا شرط الوليُّ شيئاً لنفسه فقد اختلف علماؤنا فيما يخرجه الزوج من يده ولا يدخل في يد المرأة على قولين: أحدهما أنه جائز، والآخر لا يجوز. والذي يصح عندي التقسيم. فان المرأة لا تخلو إما أن تكون بكراً، أو ثيباً، فان كانت ثيّباً جاز لأن نكاحهَا بيدها، وإنما يكون للوليّ مباشرة العقد، ولا يمتنع العِوَض عنه كما يأخذُه الوكيلُ على عقد البيع، وإن كانت بكراً كان العَقْدُ بيده، فكأنه عِوَضٌ في النكاح لغير الزوجة، وذلك باطل، فإن وقع فُسِخ قبل البناء وثبت بعده على مشهور الرواية "((1)) .
المطلب الثاني: الإجارة
تعريفها، وأركانها، ودليل مشروعيتها، والمسائل المتعلقة بها
تعريف الإجارة في اللغة:
الإجارة من أجرَ يَأجِرُ، وهو ما أعطيت من أجر في عمل، والأجر الثواب. والأجر الجزاء على العمل والجمع أجور، أجر الإنسان واستأجره. والأجير المستأجَرُ وجمعه أجَراءُ والاسم منه الإجارة، والأجرة: الكراء ((2)) .
تعريف الإجارة في الاصطلاح:
" تمليك نفع بعوض "((3)) .
وقيل: " عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعرض
معلوم " ((4)) .
أركانها أربعة: عاقدان، وصيغة، وأجرة، ومنفعة ((5)) .
مشروعية الإجارة:
(1) أحكام القُرْآن. مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحمد أبو بكر. المعروف بابن العَرَبي. المَعَافري الاِشْبِيْلي. ت 543 هـ. تحقيق: عَلِيّ مُحَمَّد البجاوي. مطبعة عيسى البِابي الحَلَبي بمصر. سنة 1974 م.: 3/ 1473.
(2)
لِسَان العَرَب: مَادة (أجر) 4/10.
(3)
حاشية الطحاوي على الدر المختار: 4/2.
(4)
مغني المحتاج: 2/332.
(5)
المصدر نفسه: 2 /332.
قال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْه} دليل على أن الإجارة كانت عندهم مشروعة معلومة، وكذلك كانت في كل ملة. وهي من ضرورة الخليقة ومصلحة الخلطة بين الناس ((1)) .
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية عقد الإجارة ما عدا أبا بكر الأصم وإسماعيل بن غُلبة، فأنهم لم يجيزوه. ودليلهم في ذلك أن الإجارة بيع المنفعة والمنافع حال انعقاد العقد معدومة القبض، ثُمَّ تستوفى شيئاً فشيئاً مع الزمن، والمعدوم لا يحتمل البيع، ولا يجوز إضافة البيع إلى شئ في المستقبل.
وقد رد عليهم ابن رشد " إنها وإن كانت معدومة في حال العقد فهي مستوفاة في الغالب، والشرع إنما لحظ من هذه المنافع ما يستوفى في الغالب، أو يكون استفتاؤه وعدم استيفائه على السواء "((2)) .
وقد استدل الجمهور على جواز عقد الإجارة بالقرآن، والسنة:
أولاً ـ القرآن:
قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ((3)) .
قوله تعالى حاكياً قول إحدى ابنتي شعيب (عليه السلام) : {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ} ((4)) . والاستدلال بهذه الآية صحيح عند القائلين بأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ ((5)) .
ثانياً ـ السنة النبوية:
(1) الجامع لأحكام القرآن: 6 /4987.
(2)
بداية المجتهد: 2/218.
(3)
سُوْرَة الطلاق: الآية 6.
(4)
سُوْرَة الْقَصَصِ: الآيتان 26 ـ 28.
(5)
الفقه الإسلامي وأدلته. (د. نش) . وهبة الزحيلي. ط4. دار الفكر. دمشق. سوريا. 1997 م.: 5/3801.
قوله (صلى الله عليه وسلم) : ((أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)) ((1)) .
(1) مُسْنَد أَبِي يَعْلَى: 12 /35. سُنَن ابن مَاجَه. مُحَمَّد بن يَزِيد القَزْويني أبو عَبْد الله. (207 ـ 275) . تحقيق: مُحَمَّد فُؤَاد عَبْد البَاقِي. دار الفكر للطباعة والنشر. بيروت. (د. ت) .: 2/ 817. الروض الداني (المعجم الصغير) . سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني أبو القَاسِم. (260 ـ 360) . تحقيق: مُحَمَّد شكور محمود الحاج أمرير. = = المكتب الإسلامي ، دار عمار. بيروت ، عمان. ط2. 1405 هـ ـ 1985 م.: 1 /43. السنن الكبرى (البيهقي) : 6 /120. روي من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمر، ومن حديث جابر، ومن حديث أنس، فحديث أبي هريرة رواة أبي يعلى في مسنده، وحديث ابن عمر أخرجه ابن ماجة في سننه، وحديث جابر رواه الطبراني في معجمه الصغير، وحديث أنس رواه الترمذي في نوادر الأصول. قال ابن حجر: كلها ضعاف. ينظر نَصْب الرَّايَة لأحاديث الهِداية. جَمَال الدِّيْن بن عَبْد الله بن يوسُف الحَنَفي الزَّيْلَعِي أبو مُحَمَّد. ت 762 هـ. تحقيق: مُحَمَّد يوسف البنوري.. دار الحديث. مصر. ط1. 1357 هـ.: 4/129 وما بعدها. مجمع الزوائد: 4/97. سُبُل السَّلام شرح بلوغ المَرَام من جمع أَدلَّة الأحكام. مُحَمَّد بن إسماعيل الصَّنْعَانِي الأمير. ت 1182هـ. تحقيق: مُحَمَّد عَبْد العزيز الخولي. ط4. دار إحياء التراث العربي. بيروت. 1379 هـ ـ 1960 م.: 3/81.