الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: تجبر قارون واستكباره
المناسبة
لما كان ترك الفرح في قوله تعالى: {انَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} سبباً للزهد، وهو سبب للقرب إلى الله، كأنه قيل: وازهد فيه إن الله يحب الزاهدين ((2)) ، فقال تعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} .
ومن الواضح أن كفره سول له البقاء على ذلك والعياذ بالله تعالى، فخسف الله به وبداره الأرض جزاءً وفاقاً لكفره وتكبره على ما أخبرنا عز وجل في سورة القصص في الآيات التي نحللها هنا.
تحليل الألفاظ
1.
{وَابْتَغِ} :
بَغَى الشيءَ ما كان خيرا أو شراً يَبغِيه بُغاءٍ وبُغىً: طَلَبَه، وبغى ضالّته وكذلك كل طَلبِة، بُغاءً بالضم والمد وبُغايةً.
وقال اللحياني: بَغَى الرجلُ الخير والشر وكلّ ما يطلبه بُغاءً وبِغيَة وبِغّى مقصور والبُغْيَهُ: الحاجة. وقال الأصمعي: بَغَى الرجلُ حاجته أو ضالته يَبغْيها بُغاءً وبُغايةً إذا طلبها ((3)) .
2.
{وَلَا تَنسَ} :
(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآيات 77 -80.
(2)
نظم الدرر: 5/ 518.
(3)
لِسَان العَرَب: مَادة (بغي) 14/ 75 -76.
والنسِيان بكسر النون ضدّ الذِّكر والحِفظ نَسِيِه نِسيْاً ونسيْاناً ونِسْوةً ونَساوة. والنسيان الترك يقال: أنسيته، أي: أمرت بتركه ونَسيِتهُ تَرَكْتهُ ((1)) .
وقال ابن عاشور: " والنهي في {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ} مستعمل في الإباحة والنسيان كناية عن الترك "((2)) .
3.
{نَصِيبَكَ} :
" الحظ والقسط وهو فيصل من النصب، لأن ما يعطى لا حد ينصب له ويميز "((3)) .
4.
{زِينَتِهِ} :
الزَّيْنُ خلاف الشين، وجمعه أزيانٌ زانه زَيْناً وأزانه وأزْيَنَه على الأصل، وتَزَيَّن هو وازْدان بمعنىً، وهو افتعل من الزّينةِ، والَّزينة اسم جامع لكل شيء يُتَزَيَّن به والزَّينَةُ ما يتزين بهِ ((4)) .
القراءات القرآنية
1.
{وابَتغِ} :
ذكر الزمخشري أن هناك من قرأ: (وإتبع) دون أن يذكر من قرأ بذلك ((5)) .
2.
{ءاتَاكَ} :
قرأ حمزة، والكسائي، وورش بالإمالة ((6)) .
3.
{عِندِي} :
قال أبو ربيعة عن البُزي، وقنبل بالإسكان، وفتح نافع (عندِيَ) وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر ((7)) .
القضايا البلاغية
1.
التتميم:
وذلك في قوله تعالى: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} . ففيه تتميم لابد منه، لأنه إذا لم يغتنمها ليعمل للآخرة لم يكن له نصيب فيها ((8)) .
2.
تشبيه:
في قوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ((9)) .
3.
الاستعارة:
(1) لِسَان العَرَب: مَادة (نسي) 15/ 321 –322.
(2)
التحرير والتنوير: 20 /179.
(3)
المصدر نفسه: 20 /179.
(4)
لِسَان العَرَب: مَادة (زين) 13/ 201.
(5)
ينظر الكَشَّاف: 3 /191.
(6)
ينظر معجم القراءات القرآنية: 5/ 32.
(7)
الإقناع في القراءات السبع: 2/ 724.
(8)
الجدول في إعراب القرآن: 20/ 294.
(9)
ينظر ص من هذه الأطروحة.
في قوله تعالى: {وَلا يُلَقَّاهَا إلَاّ الصَّابِرُونَ} ،" التلقية جعل الشيء لاقياً، أي: مجتمعاً مع شيء آخر، وهو مستعمل في الإعطاء على طريقة الاستعارة، أي: لا يعطى تلك الخصلة أو السيرة إلا الصابرون "((1)) .
المعنى العام
1.
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ} :
أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل بها الثواب في الدنيا والآخرة.
2.
{وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} :
فقد اختلف المفسرون فيه، فقال ابن عباس، والجمهور: لا تضيع عمرك في إلا تعمل عملاً صالحاً في دنياك إذ الآخرة إنما يعمل لها في الدنيا، فنصيب الإنسان عمره وعمله الصالح فيها، فالكلام على هذا التأويل شدّة في الموعظة. وقال ابن عطية: فالكلام كله على هذا التأويل شدة في الموعظة.
وقال الحسن، وقتادة: معناه لا تضيع حظك من تمتعك بالحلال وطلبك إياه، ونظرك لعاقبة دنياك ((2)) .
3.
{وَأحْسِنْ كَمَا أحْسَنَ اللَّهُ إلَيْكَ} :
فيه عدة تأويلات:
أحدهما ـ أعط فضل مالك كلما زاد على قدر حاجتك، وهذا معنى قول ابن زيد.
ثانيا ـ وأحسن فيما افترض الله عليك كما أحسن في إنعامه عليك. قاله يحيى بن سلام.
ثالثا ـ أحسن في طلب الحلال كما أحسن إليك في الحلال ((3)) .
(1) التحرير والتنوير: 20/ 185.
(2)
ينظر المحرر الوجيز: 12/ 189. الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: 6/ 503. تفسير القرآن العظيم: 3/ 399.
(3)
ينظر النُّكَت والعُيون: 3 /238.
رابعا ـ وقال القرطبي: " أي أطع الله وأعبده كما أنعم عليك. ومنه حديث ما الإحسان؟ قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه)) ((1)) . وقيل هو أمر بصله المساكين. قال ابن عربي: فيه أقوال كثيرة: جماعها استعمال نعم الله في طاعة الله ((2)) .
4.
{وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ} :
قال البقاعي: " لا ترد إرادة ما بتقتير ولا تبذير، ولا تكبر على عباد الله ولا تحقير، ثم اتبع ذلك علته لأن أكثر المفسدين يبسط لهم في الدنيا، وأكثر الناس يستبعد أن يبسط فيها لغير محبوب، فقيل: {إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} ، أي: لا يعاملهم معاملة من يحبه، فلا يكرمهم "((3)) .
5.
{قَالَ إنَّمَا آوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} :
يقول الله عز وجل في هذه الآية مخبراً عن جواب قارون لقومه حين نصحوه وأرشدوه إلى الخير فيه خمسة أقوال:
أحدها ـ على علم عندي بصنعة الذهب رواه أبو صالح عن ابن عباس. قال الزجاج: وهذا لا أصل له، لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له ((4)) .
والثاني ـ يرضى الله عني. وقال ابن كثير: وقد أجاد في تفسير هذه الآية الإمام عبد الحمن بن زيد بن أسلم فإنه قال في قوله: {قَالَ إنَّمَا آوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} ، قال: لولا رضى الله عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا المال. وقرأ: {أوَلَمْ يَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ قَدْ أهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأكْثَرُ جَمْعاً} . وقال: هكذا يقول من قلَّ علمه إذا رأى مَنْ وسّع الله عليه لولا أن يستحق ذلك لما أعطي ((5)) .
(1) صحيح البخاري: 4 / 1793، وهو جزء من حديث طويل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: 6/ 5030.
(3)
نظم الدرر: 5/ 519.
(4)
ينظر زَاد المَسِيْر: 6/ 242.
(5)
ينظر تفسير القرآن العظيم: 3/ 401.
الثالث ـ على خبرِ عَلِمَهُ، قاله مقاتل.
الرابع ـ إنما أعطيته لفضل علمي، قاله الفراء. قال الزجاج: ادعّى أنه أُعطي المال لعلمه بالتوراة.
الخامس ـ على علم عندي بوجوه المكاسب، حكاه الماوردي ((1)) عن ابن عيسى.
6.
قال المراغي: في معناها " أَنسي ولم يعلم حين زعم أنه أوتي الكنوز لفضل علم عنده، فاستحق بذلك أن يؤتى ما أوتي؟ إن الله قد أهلك من قبله من الأمم من هم أشد منه بطشاً وأكثر جمعاً للأموال؟ ولو كان الله يؤتى الأموال من يؤتيه لفضل فيه وخير عنده ورضاه عنه، لم يهلك من أهلك من أرباب الأموال الذين كانوا أكثر منه مالاً، لأن من يرضى عنه فمحال أن يهلكه وهو عنه راضٍ، وإنما يهلك من كان عليه ساخطاً، ألم يشاهد فرعون وهو في أبَّهة ملكه، وحقق أمره يوم هُلْكه، وفي هذا الأسلوب تعجيب ما من حاله، وتوبيخ له على اغتراره بقوته وكثرة ماله مع علمه بذلك "((2)) .
7.
{وَلا يُسْالُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} :
" فأخرج أبي حاتم عن قتادة في معنى هذه الآية يقول: المشركون لا يسألون عن ذنوبهم، يعذبون ولا يحاسبون. وأخرج أبي حاتم عن الربيع بن أنس قوله: لا يسألون عن إحصائها، يقول: هاتوا فبينوها لنا ولكن أعطوها في كتب فلم يشكوا الظلم يومئذٍ، ولكن شكوا الإحصاء.
وهذه الآية نظير قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُم} ((3)) أي: سود الوجوه زرقاً، الملائكة لا تسال عنهم قد عرفتهم، كما روي عن مجاهد ((4)) .
8.
(1) ينظر النُّكَت والعُيون: 3/ 239.
(2)
تفسير المراغي: 20 /95.
(3)
سُوْرَة الرَّحْمَنِ: الآية 41.
(4)
تفسير ابن أبي حاتم: 9/ 3013.
قال ابن عطية: " إن قارون خرج على قومه وقد أظهر قدرته من الملابس والمراكب وزينته الدنيا. قال جابر، ومجاهد خرج: في ثياب حمر. وقال ابن زيد: خرج هو وجملته في ثياب معصفرة. وقيل: في ثياب الأرجوان ((1)) . وقيل غير هذا. وأكثر المفسرين في تحديد زينة قارون وتعينها بما لا صحة له "((2)) .
9.
{قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} :
أي: الذين معه تعلقت إرادتهم فيها، وصارت منتهى رغبتهم ليس لهم إرادة في سواها ((3)) .
10.
{يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أوتِيَ قَارُونُ} :
من الدنيا ومتاعها وزهرتها.
11.
{إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} :
وصدقوا إنه لذو حظ عظيم لو كان الأمر منتهياً إلى رغباتهم، وإنه ليس وراء الدنيا دار أخرى، فإنه قد أعطي منها ما به غاية التنعيم بنعيم الدنيا، واقتدر بذلك على جميع مطالبه، فصار هذا الحظ العظيم بحسب همتهم، وأن همة جعلت هذا غاية مرادها ومنتهى مطالبها لمن أدنى الهمم وأسفلها، وليس لها أدنى صعد إلى المرادات العالية والمطالب الغالية ((4)) .
12.
{وَقَالَ الَّذِينَ آوتُوا الْعِلْمَ} :
قال أبو السعود: " أي بأحوال الدنيا واكثر المفسرون كما ينبغي وإنما لم يوصفوا بإرادة ثواب الآخرة تنبيهاً على أن العلم بأحوال النشأتين يقتضي الإعراض عن الأولى والإقبال على الثانية حتماً، وأن تمني المتمنين إلا لعدم علمهم بها كما ينبغي "((5)) .
(1) الأرجوان: صبغ أحمر، ينظر الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: 6/ 5033.
(2)
المحرر الوجيز: 12/ 191.
(3)
ينظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي. (1307 ـ 1376 هـ) دار الصفا للنشر. الزقازيق. (د. ت) .: 4/ 43.
(4)
ينظر تيسير الكريم الرحمن: 4/ 43.
(5)
إرْشَاد العَقل السَّلِيم: 7 /26.
13.
{وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} :
قال الخازن: " أي ما عند الله من الثواب والخير لمن آمن وصدق بتوحيد الله وعمل صالحاً خيرٌ مما أوتي قارون في الدنيا "((1)) .
14.
{وَلا يُلَقَّاهَا إلَاّ الصَّابِرُون} :
قال ابن عطية: " أي يُمكن فيها ويخولها إلا الصابر على طاعة الله وعن شهوات نفسه، وهذا هو جماع الخيرُ كله "((2)) .
ما يستفاد من النصّ
يمكن إن نستنبط من هذه الآيات المعاني الآتية:
أولاً ـ اعتدال المنهج الرباني فيما يخص الإنسان وعلاقته بالدنيا والآخرة فقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} . وقال: {وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} . وقد بين سيد قطب أن في الآية توازناً يتمثل باعتدال " المنهج الإلهي القويم المنهج الذي يعلق قلب واجد المال بالآخرة، ولا يحرمه أن يأخذ بقسط من المتاع في هذه الحياة، بل يحضه على هذا ويكلفه إياه تكليفاً كي لا يتزهد الزهد الذي يهمل الحياة ويضعفها "((3)) .
ونلاحظ أن الله عز وعلا أكد أولاً على الآخرة، وأن يوظف الإنسان هذا المال الذي هو مال الله أصلاً في طاعة الله، والتقرب إليه بأنواع القربات، وأن لا يستخدم هذا المال فيما لا يحل له، وهذا المنهج الرباني ينبغي أن تعمل عليه الدول الإسلامية في توظيف ثروات وأموال المسلمين ومواردهم التي أنعم الله بها عليهم في طاعة الله وخدمة الإنسانية.
(1) لُبَاب التَأَوْيِل: 3/ 421.
(2)
المحرر الوجيز: 12/ 192.
(3)
في ظلال القرآن: 6/ 374.
ثانياً ـ وجهت الآيات من خلال قصة قارون الأغنياء على مساعدة الفقراء عيال الله، فقال تعالى حكاية عن نصيحة المؤمنين لقارون:{وَأحسن كَمَا أحسن اللَّهُ إلَيْكَ} . قال ابن كثير: " أي أحسن إلى خلقه كما أحسن هو إليك "((1)) ، فالمال هو مال الله، وإحسان منه اختص به بعض عباده، فليقابل من اختصم الله بنعمته بالإحسان إلى الفقراء. قال تعالى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ((2)) .
ثالثا ـ كثرة المال قد توقع صاحبه في البغي والبطر، فإن المال فتنة، قال تعالى:
{إنَّمَا أمْوَالُكُمْ وَأوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ} ((3)) ، فيمتحن الله بهذا المال عباده. " ووجه الفتنة في المال أنه يوقع صاحبه في الشحّ والبخل، وعدم القيام بشكره بإخراج حق الله فيه، كما أن كثرة المال تسهل عليه سبل الترف والطغيان ـوبطر النعمة، فيصير من المترفين الطاغين البطرين "((4)) .
وهذا ما حصل فعلاً مع قارون، فقد أطغاه المال فبغى على قومه وادعى أنه حصل على هذا المال بعلمه:{قَالَ إنَّمَا آوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} ، وليس هذا يعني ان على المسلم أن يبتعد عن المال مخافة أن يطغيه، ولا بأس من أن يمتلك المسلم المال إذا أطاع به الله.
(1) تفسير القرآن العظيم: 3/ 399.
(2)
سُوْرَة النُّوْرِ: الآية 33.
(3)
سُوْرَة التَّغَابُن: الآية 15.
(4)
المستفاد من قصص القرآن: 1/ 533.
فالمسلم الحقيقي هو من ينبغي أن يكون لديه المال، فهو أمين على ما استخلفه الله فيه، يساعد الفقراء، ويجاهد في سبيل الله كما فعل سيدنا عثمان (رضي الله عنه) بتجهيزه جيش العسرة، فامتدح اللهُ الرسولَ وأصحابَه، قال تعالى:{لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ وَأولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} ((1)) وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأمْوَالِهِمْ وَأنْفُسِهِمْ أعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} ((2)) .
رابعاً ـ ودلت الآيات كذلك على أن على الدعاة واجب النصح لأهل الأموال الذين نسوا الله وشغلتهم أموالهم عن طاعته، فشابه حالهم حال قارون، وتذكيرهم لما جرى لقارون:{إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} .
(1) سُوْرَة التَّوْبَةِ: الآية 88.
(2)
سُوْرَة التَّوْبَةِ: الآية 20.