المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الرابع: الفرق بين الرواية التوراتية وسفر الخروج وبين الرواية القرآنية في سورة القصص لقصة موسى (عليه السلام - سورة القصص دراسة تحليلية - جـ ١

[محمد مطني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: التمهيدي

- ‌المبحث الأول: دراسة عامة عن السّورة

- ‌المطلب الأول: اسمها

- ‌المطلب الثاني: التعريف اللغوي والاصطلاحي للقصص

- ‌المطلب الثالث ترتيب سورة القصص في المصحف

- ‌المطلب الرابع فضلها

- ‌المطلب الخامس: سورة القصص أمكية هي أم مدنية

- ‌المطلب السادس: الأغراض العامة لسورة القصص ومقاصدها

- ‌المطلب السابع: التناسب والتناسق بين سورة القصص وما قبلها وما بعدها

- ‌المطلب الثامن: التناسب بين بداية السورة وخاتمتها

- ‌المبحث الثاني: الحروف المقطعة في الَقُرْآن الكَرِيم وسُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: أقوال العلماء في معاني الحروف المقطعة

- ‌المطلب الثاني: إعراب الحروف المقطعة

- ‌المبحث الثالث: شبه وجود الأساطير والتكرار في القصة القرآنية والرد عليها

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة القائلين بوجود الأساطير والتكرار في القرآن الكريم والرد عليهم

- ‌المطلب الثاني: قضية التكرار

- ‌المطلب الثالث: الحكمة من التكرار

- ‌المطلب الرابع: فوائد القصص القرآني

- ‌الفصل الثاني: وقفات بين يدي السّورة

- ‌المبحث الأول: نظرات توجيهية في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: توجيه المعنى في ذاتية السورة

- ‌المطلب الثاني: توجيه الآيات التي أشكل إعرابها

- ‌المطلب الثالث: التوجيه المضموني في سورة القصص ودلالاته

- ‌المطلب الرابع: التوجيه البياني التفسيري في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الخامس: الصورة البلاغية في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب السادس: الحكمة من استخدام الجمل والصيغ والعبارات في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب السابع: الرسم الَقُرْآني في سُوْرَة الْقَصَصِ وعلاقته بأداء المعنى

- ‌المبحث الثاني: الأطر العامة لسُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: دلالة التوحيد في سورة القصص

- ‌المطلب الثاني: المرأة في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الثالث: الزمن في سورة القصص

- ‌المطلب الرابع: التربية والسلوك في سورة القصص

- ‌المطلب الخامس: النظرة القرآنية لليهود في سورة القصص

- ‌المطلب السادس: المال مفهومه وغاياته في سورة القصص

- ‌المطلب السابع: أسلوب الدعوة في سورة القصص

- ‌المطلب الثامن: النظرة القرآنية للإنسان في سورة القصص

- ‌المطلب التاسع: الإيمان والكفر في سورة القصص

- ‌الفصل الثالث: الطغيان والتكبر في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المبحث الأول: مفهوم الطغيان والتكبر في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: علو فرعون في الأرض

- ‌المطلب الثاني: نصرة المستضعَفين

- ‌المبحث الثاني: الاستعلاء والطغيان بالثروة والمال

- ‌المطلب الأول: قارون وكنوزه

- ‌المطلب الثاني: تجبر قارون واستكباره

- ‌المطلب الثالث: هلاك قارون وماله

- ‌الفصل الرابع: نشأة سيدنا موسى عليه السلام والظروف المحيطة به

- ‌المبحث الأول: ولادة سيدنا موسى عليه السلام

- ‌المطلب الأول: إلقاء سيدنا موسى (عليه السلام) في اليم

- ‌المطلب الثاني: سيدنا موسى في بيت فرعون

- ‌المطلب الثالث: المعجزة الإلهية في تحريم المراضع على سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المبحث الثاني: سيدنا موسى (عليه السلام) في مرحلة البلوغ

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يهبه الله الحكم والعلم

- ‌المطلب الثاني: سيدنا موسى (عليه السلام) يقتل قبطياً خطأً

- ‌المطلب الثالث: فرعون يريد قتل موسى (عليه السلام) لقتله القبطي

- ‌الفصل الخامس: هجرة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مدين

- ‌المبحث الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) على ماء مدين

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يسقي الماء لبنات شعيب (عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: زواج سيدنا موسى (عليه السلام) من ابنة شعيب (عليه السلام

- ‌المبحث الثاني: المسائل الفقهية المتعلقة بهجرة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مدين

- ‌المطلب الأول: المسائل المتعلقة بزواج سيدنا موسى (عليه السلام) من ابنة شعيب (عليه السلام

- ‌أولاً ـ تعريفه وألفاظه ومسائله:

- ‌ثانياً ـ ألفاظ عقد النكاح (الإيجاب ـ القبول)

- ‌ثالثاً ـ مسائله:

- ‌المسألة الأولى - الإشهاد على عقد الزواج

- ‌المسألة الثانية - الولاية في عقد الزواج

- ‌المسألة الثالثة - تعين الزوجة

- ‌المسألة الرابعة - المهر

- ‌المسألة الخامسة - مسألة الدخول قبل النقد

- ‌المسألة السادسة - اشتراط الولي شيئاً من المهر لنفسه

- ‌المطلب الثاني: الإجارة

- ‌تعريفها، وأركانها، ودليل مشروعيتها، والمسائل المتعلقة بها

- ‌المسألة الأولى: ذكر المدة دون ذكر الخدمة

- ‌المسألة الثانية: الإجارة على رعاية الغنم

- ‌المسالة الثالثة: اجتماع إجارة ونكاح

- ‌المسالة الرابعة: شبهات وردها

- ‌الفصل السادس: عودة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مصر

- ‌المبحث الأول: بعثة سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌‌‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يرى ناراً في جانب الطور

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يرى ناراً في جانب الطور

- ‌المطلب الثاني: تكليم الله لسيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المطلب الثالث: تأييد الله لسيدنا موسى (عليه السلام) بنبوة أخيه هارون (عليه السلام

- ‌المطلب الرابع: المقارنة بين سورة النمل وسورة القصص

- ‌المبحث الثاني: موقف فرعون وقومه من دعوة سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المطلب الأول: اتهام سيدنا موسى بالسحر

- ‌المطلب الثاني: ادعاء فرعون الألوهية وتكبره وملؤه في الأرض

- ‌المطلب الثالث: عاقبة فرعون وجنوده

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرواية التوراتية وسفر الخروج وبين الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ لقصة موسى (عليه السلام

- ‌الفصل السابع: الرسول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم) ودعوته في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المبحث الأول: الدلائل الَقُرْآنية على صدق الرَّسُول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم) في دعوته

- ‌المطلب الأول: دلالة قصة سيدنا موسى (عليه السلام) على صدق دعوة الرسول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: إيمان طوائف من أهل الكتاب بدعوته (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: الهداية البيانية والهداية التوفيقية

- ‌المبحث الثاني: موقف المشركين من دعوته (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: أعذار المشركين والرد عليها

الفصل: ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرواية التوراتية وسفر الخروج وبين الرواية القرآنية في سورة القصص لقصة موسى (عليه السلام

‌المطلب الرابع: الفرق بين الرواية التوراتية وسفر الخروج وبين الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ لقصة موسى (عليه السلام

-)

لقد كان الَقُرْآن الكَرِيم ولا زال كتاباً مهيمناً على كلّ الكتب التي سبقته باعتباره أخر الكتب الإلهية المنزلة بعد صحف إِبْرَاهِيمُ وموسى والتوراة وزبور داود وإنجيل عيسى ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ فكيف إذا ما حرفت تلك الكتب من بعد أنبيائها على يد اليهود والنصارى، ونحن في تحليلنا العام لسورة القصص الشريفة استطعنا أن نجد أن الرواية القرآنية ـ إذا جاز لنا استخدام هذا التعبير في وصف كلام الله تعَاَلىَ ـ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كانت ولا زالت مهيمنة وشاملة وعالية فوق النصوص التوراتية لقصة موسى (صلى الله عليه وسلم) منذ طفولته حتَّى غرق فرعون على يديه بنصر الله سبحانه وتعالى.

وإن ما ذكره الَقُرْآن الكَرِيم كان منزهاً لموسى (عليه السلام) ، بل وزائداً على ما في العهد القديم المسمى بالتوراة زيادات فيها فائدة وتوجب حقائق تاريخية ألهمها الله تعَاَلىَ وأوحاها إلى رسوله مُحَمَّد بن عَبْد الله النبي الأمي (صلى الله عليه وسلم) مما لم يكن هو

(صلى الله عليه وسلم) ولا قومه يعرفونه من قبل، وهو ما جعل اليهود يتميزون من الغيظ حسداً وحقداً على ما آتاهم الله من كتابه، فنسوه وحرفوه واشتروا بآياته ثمناً قليلاً ثُمَّ نبذوه وراء ظهورهم، فأنزل الله تعَاَلىَ كتاباً أخر على الرَّسُول (صلى الله عليه وسلم) .

ولا ننسى هاهنا أن سُوْرَة الْقَصَصِ مكية أنزلت قبل أن يقدم رَسُول الله

(صلى الله عليه وسلم) المدينة المنورة حتَّى لا يقول قائل أن أحداً علم رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) تلك القصة.

ص: 449

وسوف نحاول فيما يلي استعراض الروايتين وفق جداول علمية للمقارنة، ثُمَّ بعد ذلك ـ إِنْ شاء الله العلي العظيم ـ نجري مقارنة نقدية بين الروايتين، لنرجح أي الروايتين هما الأصح والأدق تاريخياً:

ت

الخروج

سُوْرَة الْقَصَصِ

(وقام ملك جديد على مصر

فأقاموا عليهم وكلاء تسخير

فاستخدم المصريون بني إسرائيل) (1: 14) .

{إِنَّ فِرْعَوْنَ علَا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءهُمْ} (4)

(ولما لم تستطع أن تخفيه بعد أخذت له سفطاً من بردى

وجعلت الولد فيه) (2: 4)

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} (7)

(ووقفت أخته من بعيد لتنظر ما يقع له)(5: 2)

{وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} (11)

(فقالت أخته لابنة فرعون هل أذهب وأدعو لك مرضعاً)(2: 8)

{فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ} (12)

(فأخذت المرأة الصبي وأرضعته)(2: 10)

{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} (13)

(إذا برجل مصري يضرب رجلاً عبرانياً من اخوته

فقتل العبري) (2:13)

{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} (15)

(ثُمَّ خرج في اليوم الثاني فإذا برجلين عبرانيين يتضاربان)(2: 14)

{فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} (18)

(أتريد أن تقتلني كما قتلت المصري)(2: 15)

{أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ} (19)

ص: 450

(وسمع فرعون بهذا الخبر فطلب أن يقتل موسى)(2: 16)

{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} (20)

(فهرب موسى من وجه فرعون)(2: 26)

{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (21)

(وصار إلى أرض مدين وقعد عند البئر)

{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ} (22)

(وكان لكاهن مدين سبع بنات)(2: 17)

{وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ} (23)

(فجئن واستقين وملأن المساقي ليسقين غنم أبيهن فجاء الرعاء وطردوهن فقام موسى ونجدهن وسقى غنمهن)(2: 118 –19)

{فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (24)

(فقال لبناته وأين هو لم تتركن الرجل ادعونه ليأكل طعاماً)(2: 21)

{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (25)

(فارتضى موسى أن يقيم عند الرجل فزوجه صفورة أبنته)(2: 22)

{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} (27)

(وكان موسى يرعى غنم بيثرو حميه كاهن مدين فساق الغنم إلى ما وراء البرية حتَّى أفضى إلى جبل الله حوريب)(3: 2)

{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ} (29)

(فتجلى له ملاك الرب في لهيب نار من وسط العليقة)(3:3)

{آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا} (29)

ص: 451

(ورأى الرب أنه قد مال لينظر فناداه الله من وسط العليقة وقال: موسى موسى. قال ها أنذا)(3: 5)

{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ} (30)

(قال لا تدن إلى هاهنا أخلع نعليك من رجلك فإن الموضع الذي انت فيه أرض مقدسة)(3: 6)

{أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ} (31)

(فالآن تعال أبعثك إلى فرعون وأخرج بني إسرائيل من مصر)(3: 11)

{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (32)

(قال موسى لله من أنا حتَّى أمضي إلى فرعون)(3: 12)

{إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي} (33)

(قال أنا أكون معك)(3: 12)

(وقال إنهم لا يصدقوني)(4: 2)

{فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا} (35)

{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي} (34)

(فقال الرب ما تلك التي بيدك قال عصا قال ألقها على الأرض فألقاها على الأرض فصارت حية تسعى فهرب موسى من وجهها فقال الرب لموسى خذ يدك وأمسك بذنبها فمد يده فأمسكها فعادت منا في يده)(4: 1 – 5)

{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ} (31)

(أدخل يدك في جيبك فأدخل يده في جيبه ثُمَّ أخرجها فإذا يده برصاء كالثلج قال أردد يدك في جيبك فرد يده في جيبه ثُمَّ أخرجها من جيبه فعادت كسائر بدنه)(4: 6-8)

{اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ} (32)

ص: 452

(فإن لم يصدقوك ولم يسمعوا لصوت الآية الأولى يصدقون صوت الآية الأخرى)(4: 9)

{فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} (32)

(فقال موسى للرب رحماك يا رب إني لست أحسن الكلام)(4: 11)

{وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} (34)

(يا رب أبعث من أنت باعثه)(4: 14)

{فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} (34)

(فاتقد غضب الرب على موسى وقال ألست أعلم أن أخاك هارون اللاوي هو فصيح اللسان وهاهو أيضاً خارج للقائك)(4: 15)

{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} (35)

(فإني أكون مع فيك وأعلمكما ما تصنعان)(4: 16)

{فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} (35)

(فقال فرعون من هو الرب فاسمع لقوله وأطلق إسرائيل لا أعرف الرب ولا أطلق إسرائيل)(5: 3)

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (38)

(وأمر فرعون في ذلك مسخري الشعب ومدبريهم قائلاً لا تعطوا الشعب)(5: 6 –7)

{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ} (39)

(فغرق الرب المصريين في وسط البحر)(14: 28)

{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} (40)

ص: 453

فحيث نجد في الفقرة الأولى أن الرواية التوراتية تنسب التسخير للمصريين في عهد الملك الجديد، أما الرواية القرآنية فتجعل إسناد الفعل إلى فرعون وهو الأليق والأًصوب لأنه ليس كلّ المصريين كانوا يضطهدون بني إسرائيل، وهذا من الحقد اليهودي العام على كلّ الأمم، أما الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ فتجعل الإلقاء عاماً في اليم، وتوضحها آية أخرى إذ تجعل الإلقاء في التابوت، فالنص القرآني أوضح تاريخياً.

ونجد تقارباً بين الفقرة الثالثة في الروايتين التوراتية والقرآنية في المعنى فقط دون اللفظ، فالقرآن استخدم كلمة (قصيه) أي تتبع الأثر فهي تتبع أثر التابوت إلى أنَّ وصل إلى قصر فرعون، فهي أبلغ وأدل على الواقع من العبارة العامية لرواية التوراة، فقد استفاد حاخامات بني إسرائيل من الترجمة العربية للتوراة من النصوص القرآنية التي أعادوا صياغتها.

وتجعل الفقرة الرابعة الخطاب مباشراً بين أخت موسى وابنة فرعون، وهو ما تبهمه الرواية القرآنية لحكمة إلهية لتجعل النصّ القرآني أبلغ في التعبير بإبهام المقصود بخطاب الأخت.

أما الفقرة الخامسة فتتشابه الروايتان إلَا أَن صياغة النصّ القرآني أجمل وابلغ وأدق في الدلالة، وهذا وجه من وجوه الإعجاز القرآني في مبناه ومعناه.

ص: 454

وتصرح الفقرة السادسة بالنسب الخاص بالمتشاجرين، أما النصّ القرآني فجعل النصّ مبهماً (من شيعته)(من عدوه)(يستصرخه) دون تعيين. والفقرة الثامنة تصرح بأن المقتول مصري، أما النصّ القرآني فيستمر في الإبهام، وذلك لأن آفاق إعجاز الإبهام في الَقُرْآن الكَرِيم تتمثل في أن الإبهام لما يأتي بيانه من بعده كون ما قبله أهم منه في الذكر، فقوله تعالى:{مِنْ شِيعَتِهِ} إلهام لهذه الشيعة التي تقدم ذكرها في قوله تعالى: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} وهذا ترابط في النصّ الَقُرْآنيّ، ولم يقل الله عز وجل:(وهذا من بني إسرائيل) ولو قيل ذلك لكان غير بليغ، وغير دال بل أبهم الله عز وجل الضمير في الخطاب حتَّى يفسر ما تقدم من تقسيم فرعون لأبناء مصر على شيع (أي: جماعات) وفيهم بنو إسرائيل، فهذا من شيعته أي من بني إسرائيل، وهذا وجه مهم إدراكه.

ويأتي الإبهام إما تعظيماً، وإما تفخيماً، فجاء النصّ مبهماً في سُوْرَة الْقَصَصِ كذلك وفق الأسلوب القرآني، ولأن الإبهام القرآني قد يراد به في بعض الآراء أن يبحث المسلم في ما أبهم ولا يتكل على الصراحة القرآنية.

وتجعل الفقرة التاسعة فرعون هو الذي يأتمر بقتل موسى، أما النصّ القرآني فيجعل الملأ هم الذين يأتمرون بقتل موسى دون تصريح بمن هم أولئك الملأ وهو ما يتعلق بالفقرة العاشرة، إذ تجعل الرواية التوراتية الهرب من فرعون، أما الرواية القرآنية فتجعل الهرب بترقب من المدينة.

وفي الفقرة الحادية عشر تتشابه الروايتان إلَا أَن الفقرة الثانية عشر تجعل نبي الله شعيب (عليه السلام) كاهن مدين، وهذا انتقاص منه (عليه السلام) خلافاً للنصّ القرآنيّ، أما عدد البنات فتجعله الرواية التوراتية سبعاً على عادة اليهود في تقديس الرقم سبعة، أما الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ فتجعل عدد بناته اثنين.

ص: 455

وتطيل الرواية التوراتية في الفقرة الثالثة عشر في قصة الاستسقاء بينما توجز ذلك الرواية القرآنية وتجعل موسى (عليه السلام) في صورة الحيي الكريم ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ.

وفي الفقرة الرابعة عشر يجري الحوار بين شعيب (عليه السلام) وبين بناته، أما الرواية القرآنية فهي من الإعجاز الوصفي بمكان عالٍ جداً إذ تقول هذه الرواية الإلهية ـ ومن أصدق من الله قيلاً ـ {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} ولا وصف أبلغ من هذا الوصف الإلهي لحياء هذه الفتاة المؤمنة وهو ما أتى بصيغة الحال.

وتظهر الفقرة الخامسة عشر رضا موسى (عليه السلام) بالمقام عند شعيب

(عليه السلام) ، وتعلن أن نتيجة هذا المقام الزواج. أما الرواية القرآنية فتظهر أن الخاطب هو والد الفتاتين، أي: شعيب (عليه السلام) مقابل تأجير موسى (عليه السلام) لنفسه لديه ثماني أو عشر سنين، والنصّ القرآني أبلغ وأفصح وأبين.

أما الفقرة السادسة عشر فهي تتناقض في الرواية التوراتية التي تجعل يوم إنزال الوحي هو يوم سوق الغنم إلى جبل الله حوريب مع الرواية القرآنية التي تجعل ذلك بعد قضاء موسى (عليه السلام) الأجل وسيره نحو جبل الطور في سيناء، ولا ريب أن تغيير الحقيقة الواحدة من قبل حاخامات بني إسرائيل الذين يحرفون الكلم عن مواضعه إنما كان لمآرب إسرائيلية. وبذلك يتبين لنا أن التحديد القرآني للطور بأنه يوم بدء الوحي لموسى (عليه السلام) هو الحقيقة التاريخية المطلقة والمهيمنة على النصّ والرواية التوراتية في سفر الخروج الذي تعرض لتحريف شديد.

أما الفقرة الثامنة عشر في الرواية التوراتية فتجعل نداء الرب من وسط شجرة العليق، والرواية القرآنية تجعل النداء الإلهي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة، وهو تحديد فيه البلاغة كلّ البلاغة والفصاحة كلّ الفصاحة.

ص: 456

وهناك تناقض في الفقرة التاسعة عشر إذ تجعل النداء نهياً لموسى (عليه السلام) عن القدوم، أما الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ فتجعل الخطاب الإلهي لموسى (عليه السلام) أشرف خطاب بطمأنته ودعوته للإقبال في قوله تعالى:{أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ} وهو نص تكرر في عدة مواضع من الَقُرْآن الكَرِيم.

وفي الفقرة العشرين كان سبب الدعوة إخراج بني إسرائيل من مصر، أما الرواية القرآنية فتبين أن السبب هو دعوة فرعون وملأه للهداية إذ كانوا قوماً فاسدين وهذا أسلوب الهداية العالمية القرآنية خلافاً لأسلوب الشعب المختار توراتياً.

أما الفقرة الحادية والعشرون فتنسب لموسى (عليه السلام) خوفه من البعثة واستهانته بنفسه على العموم، إلَا أَن الرواية القرآنية تكرم موسى (عليه السلام) وتجعل سبب خوفه قتله نفساً من عندهم، وفي هذا قمة التكريم الإلهي لموسى (عليه السلام) .

وتجعل الفقرة الثانية والعشرون من الله مخاطباً في التوراة لموسى (عليه السلام) وهو ما يستقيم به النصّ، أما التكملة فتجعل الخوف من أن لا يُصدق المصريون موسى، أما الرواية القرآنية فتجعل الخوف من التكذيب، وكأن الحاخامات اليهود من بني إسرائيل اقتبسوا هذه الفقرة القرآنية هاهنا في رواية سفر الخروج.

ونجد في الفقرة الثالثة والعشرين تشابه بين الرواية التوراتية المأخوذة من الرواية القرآنية في زمن ترجمة التوراة إلى العربية في العصر العباسي على ما حققه التاريخ، لذلك جاءت الروايتان متشابهتان.

أما الفقرة الرابعة والعشرون فتجعل اليد برصاء بعد خروجها من الجيب بينما تجعلها الرواية القرآنية {بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} أي منيرة وتزيد على الرواية التوراتية بضم الجناح من الرهب، وهذ معجزة قرآنية في الزيادة على اليهود في توراتهم ما لم يكونوا يعرفونه حتَّى في مروياتهم.

ص: 457

ونجد الفقرة الخامسة والعشرين تتشابه في معناها العام مع الرواية القرآنية في وجود البرهانين الذين تسميهما الرواية التوراتية آيتين، وهو من اختلاف الترجمة في النقل من الآرامية والعبرانية إلى العربية، وهذا ما يعزز ما ذهبنا إليه في هذا البحث من أن حاخامات اليهود اعتمدوا بخفاء على الرواية القرآنية في تنقيح ترجمتهم للتوراة، وهذا ما استندنا في اكتشافه إلى تحليلنا العام لسورة القصص.

والفقرة السادسة والعشرون تجعل موسى لا يحسن الكلام، أما الرواية القرآنية فتنسب لموسى (عليه السلام) من تواضعه أنه جعل أخاه هارون (عليه السلام) أفصح منه لساناً، ونلاحظ هاهنا أن الرواية التوراتية في سفر الخروج تتعمد الانتقاص بصورة غير مباشرة من موسى (عليه السلام) ، وهذه عادة اليهود وديدنهم في الانتقاص من الأنبياء، فهم قتلتهم ومن رموهم بالكبائر والصغائر، ومصداق ذلك في الفقرة السابعة والعشرين التي تجعل موسى يخاطب الله تعَاَلىَ ـ حاشاه ـ خطاباً جافاً (أبعث من أنت باعثه) . أما الرواية القرآنية فتجعل الخطاب ألطف خطاب {فَأَرْسِلْهُ مَعِي} وهذا دليل على كمال النصّ القرآني وهيمنته على النصّ التوراتي.

ص: 458

وكذلك نجد أن الفقرة الثامنة والعشرين من هذه الفقرات تنتقص انتقاصاً جد عظيم من نبي الله موسى (عليه السلام) بسبب حقد بني إسرائيل على أنبياء الله ـ عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ فهي تجعل غضب الرب متعمداً على موسى

(عليه السلام) ـ وحاشاه ـ ويمن عليه بهارون (عليه السلام) ، وهذا خلاف الحقيقة، فإن الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ تجعل الخطاب الإلهي مؤازراً لموسى (عليه السلام)

{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا} وهو ما يتناسب مع واقع الحال كلّ التناسب وليس فيه انتقاص من سيدنا موسى (عليه السلام) ، بل على العكس، فإن فيه تكريم له بشد عضده بأخيه.

ونجد في الفقرة التاسعة والعشرين تشابهاً بين الرواية التوراتية والنصّ القرآني وإن كان الخطاب القرآني أعمق في الدلالة والأمر. كذلك في الفقرة الثلاثين وإن اختلف الخطاب في الأمر بإطلاق إسرائيل، ولكن صيغة الخطاب القرآني تجعل إسناد الألوهية لفرعون، وهو ما أغفل عنه النصّ التوراتي المحرف المنحول في أساسه كله على ما قدمناه.

أما الفقرة الحادية والثلاثون فتجعل إسناد الأمر من فرعون لأعوانه من مسخري الشعب، بينما يجعل النصّ القرآني إسناد الاستكبار لفرعون وجنوده وينسب إليهم الاعتقاد الذي أثبته علم الحفريات من أن فرعون وقومه يومذاك في مصر كانوا يظنون أنهم لا يرجعون إلى الله سبحانه وتعالى، بل يرجعون إلى دنيا أخرى يحكم فيها فرعون الإله، فسبق النصّ القرآني علم الحفريات الحديث في إثباته اعتقاد الفراعنة بعالم آخر ولكنهم لا يرجعون فيه إلى الله ليحاسبهم، بل إلى فرعون، وهو ما غفل عنه كُتّاب التوراة، وهذا مما يقتضي التنبيه عليه.

ص: 459

أما الفقرة الثانية والثلاثون فتختصر الرواية التوراتية القصة إلى الإغراق، أما النصّ القرآني فهو يزيد بلاغة على بلاغة، إذ يجعل الإغراق بأخذ فرعون وجنوده والتذكير بعاقبة الظالمين، وهذا أحد أوجه الإعجاز القرآني.

فإذا استبان لنا من خلال الجدول السابق وتحليلنا له الفرق الشاسع بين الروايتين، فنستطيع أن نؤكد أن العقل السليم يدلّ على أن الرواية القرآنية أصدق دلالة وأكثر تاريخية من تلك الرواية التوراتية لكل الحقائق التاريخية.

ص: 460