المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: قارون وكنوزه - سورة القصص دراسة تحليلية - جـ ١

[محمد مطني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الفصل الأول: التمهيدي

- ‌المبحث الأول: دراسة عامة عن السّورة

- ‌المطلب الأول: اسمها

- ‌المطلب الثاني: التعريف اللغوي والاصطلاحي للقصص

- ‌المطلب الثالث ترتيب سورة القصص في المصحف

- ‌المطلب الرابع فضلها

- ‌المطلب الخامس: سورة القصص أمكية هي أم مدنية

- ‌المطلب السادس: الأغراض العامة لسورة القصص ومقاصدها

- ‌المطلب السابع: التناسب والتناسق بين سورة القصص وما قبلها وما بعدها

- ‌المطلب الثامن: التناسب بين بداية السورة وخاتمتها

- ‌المبحث الثاني: الحروف المقطعة في الَقُرْآن الكَرِيم وسُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: أقوال العلماء في معاني الحروف المقطعة

- ‌المطلب الثاني: إعراب الحروف المقطعة

- ‌المبحث الثالث: شبه وجود الأساطير والتكرار في القصة القرآنية والرد عليها

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: أدلة القائلين بوجود الأساطير والتكرار في القرآن الكريم والرد عليهم

- ‌المطلب الثاني: قضية التكرار

- ‌المطلب الثالث: الحكمة من التكرار

- ‌المطلب الرابع: فوائد القصص القرآني

- ‌الفصل الثاني: وقفات بين يدي السّورة

- ‌المبحث الأول: نظرات توجيهية في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: توجيه المعنى في ذاتية السورة

- ‌المطلب الثاني: توجيه الآيات التي أشكل إعرابها

- ‌المطلب الثالث: التوجيه المضموني في سورة القصص ودلالاته

- ‌المطلب الرابع: التوجيه البياني التفسيري في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الخامس: الصورة البلاغية في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب السادس: الحكمة من استخدام الجمل والصيغ والعبارات في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب السابع: الرسم الَقُرْآني في سُوْرَة الْقَصَصِ وعلاقته بأداء المعنى

- ‌المبحث الثاني: الأطر العامة لسُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الأول: دلالة التوحيد في سورة القصص

- ‌المطلب الثاني: المرأة في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المطلب الثالث: الزمن في سورة القصص

- ‌المطلب الرابع: التربية والسلوك في سورة القصص

- ‌المطلب الخامس: النظرة القرآنية لليهود في سورة القصص

- ‌المطلب السادس: المال مفهومه وغاياته في سورة القصص

- ‌المطلب السابع: أسلوب الدعوة في سورة القصص

- ‌المطلب الثامن: النظرة القرآنية للإنسان في سورة القصص

- ‌المطلب التاسع: الإيمان والكفر في سورة القصص

- ‌الفصل الثالث: الطغيان والتكبر في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المبحث الأول: مفهوم الطغيان والتكبر في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌تمهيد

- ‌المطلب الأول: علو فرعون في الأرض

- ‌المطلب الثاني: نصرة المستضعَفين

- ‌المبحث الثاني: الاستعلاء والطغيان بالثروة والمال

- ‌المطلب الأول: قارون وكنوزه

- ‌المطلب الثاني: تجبر قارون واستكباره

- ‌المطلب الثالث: هلاك قارون وماله

- ‌الفصل الرابع: نشأة سيدنا موسى عليه السلام والظروف المحيطة به

- ‌المبحث الأول: ولادة سيدنا موسى عليه السلام

- ‌المطلب الأول: إلقاء سيدنا موسى (عليه السلام) في اليم

- ‌المطلب الثاني: سيدنا موسى في بيت فرعون

- ‌المطلب الثالث: المعجزة الإلهية في تحريم المراضع على سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المبحث الثاني: سيدنا موسى (عليه السلام) في مرحلة البلوغ

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يهبه الله الحكم والعلم

- ‌المطلب الثاني: سيدنا موسى (عليه السلام) يقتل قبطياً خطأً

- ‌المطلب الثالث: فرعون يريد قتل موسى (عليه السلام) لقتله القبطي

- ‌الفصل الخامس: هجرة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مدين

- ‌المبحث الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) على ماء مدين

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يسقي الماء لبنات شعيب (عليه السلام

- ‌المطلب الثاني: زواج سيدنا موسى (عليه السلام) من ابنة شعيب (عليه السلام

- ‌المبحث الثاني: المسائل الفقهية المتعلقة بهجرة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مدين

- ‌المطلب الأول: المسائل المتعلقة بزواج سيدنا موسى (عليه السلام) من ابنة شعيب (عليه السلام

- ‌أولاً ـ تعريفه وألفاظه ومسائله:

- ‌ثانياً ـ ألفاظ عقد النكاح (الإيجاب ـ القبول)

- ‌ثالثاً ـ مسائله:

- ‌المسألة الأولى - الإشهاد على عقد الزواج

- ‌المسألة الثانية - الولاية في عقد الزواج

- ‌المسألة الثالثة - تعين الزوجة

- ‌المسألة الرابعة - المهر

- ‌المسألة الخامسة - مسألة الدخول قبل النقد

- ‌المسألة السادسة - اشتراط الولي شيئاً من المهر لنفسه

- ‌المطلب الثاني: الإجارة

- ‌تعريفها، وأركانها، ودليل مشروعيتها، والمسائل المتعلقة بها

- ‌المسألة الأولى: ذكر المدة دون ذكر الخدمة

- ‌المسألة الثانية: الإجارة على رعاية الغنم

- ‌المسالة الثالثة: اجتماع إجارة ونكاح

- ‌المسالة الرابعة: شبهات وردها

- ‌الفصل السادس: عودة سيدنا موسى (عليه السلام) إلى مصر

- ‌المبحث الأول: بعثة سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌‌‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يرى ناراً في جانب الطور

- ‌المطلب الأول: سيدنا موسى (عليه السلام) يرى ناراً في جانب الطور

- ‌المطلب الثاني: تكليم الله لسيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المطلب الثالث: تأييد الله لسيدنا موسى (عليه السلام) بنبوة أخيه هارون (عليه السلام

- ‌المطلب الرابع: المقارنة بين سورة النمل وسورة القصص

- ‌المبحث الثاني: موقف فرعون وقومه من دعوة سيدنا موسى (عليه السلام

- ‌المطلب الأول: اتهام سيدنا موسى بالسحر

- ‌المطلب الثاني: ادعاء فرعون الألوهية وتكبره وملؤه في الأرض

- ‌المطلب الثالث: عاقبة فرعون وجنوده

- ‌المطلب الرابع: الفرق بين الرواية التوراتية وسفر الخروج وبين الرواية القرآنية في سُوْرَة الْقَصَصِ لقصة موسى (عليه السلام

- ‌الفصل السابع: الرسول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم) ودعوته في سُوْرَة الْقَصَصِ

- ‌المبحث الأول: الدلائل الَقُرْآنية على صدق الرَّسُول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم) في دعوته

- ‌المطلب الأول: دلالة قصة سيدنا موسى (عليه السلام) على صدق دعوة الرسول مُحَمَّد (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني: إيمان طوائف من أهل الكتاب بدعوته (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: الهداية البيانية والهداية التوفيقية

- ‌المبحث الثاني: موقف المشركين من دعوته (صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: أعذار المشركين والرد عليها

الفصل: ‌المطلب الأول: قارون وكنوزه

وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} .

فهذه الخمسة مقابل تلك الخمسة يثبت صدق الوعد الإلهي ويثبت عاقبة الطغاة.

ثالثا: دلت الآيات كذلك على إحدى المبشرات بانتصار الإسلام والمسلمين على أعدائهم بعد الأخذ بأسباب النصر، فكل أسباب الهلاك متوفرة في أعدائهم، وكل أسباب النصر متوافرة في المؤمنين بدلالات النصّ.

‌المبحث الثاني: الاستعلاء والطغيان بالثروة والمال

‌المطلب الأول: قارون وكنوزه

{إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} ((1)) .

المناسبة

(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 76.

ص: 233

لما دل قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ امَّةٍ شَهِيدا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا انَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كَانُوا يَفْتَرُونَ} ((1)) " على عجزهم في تلك الدار وعلمهم أن المتصرف في جميع الأقدار إنما هو الواحد القهار، دلّ على أن ذلك له أيضاً في هذه الدار وقوع العلم به بالهلاك أولى البطر والمرح والأثر من غير أن يغنوا عمن أضلوا أو يغني عنهم من أضلهم من ناطق، وما أضلهم من صامت تطبيقاً لعموم {وَكَمْ اهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} ((2)) على بعض الجزئيات تخويفاً لمن كذب النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولاسيما من نسبة إلى السحر، وإعلاماً بأن الأنبياء ـ عَلَيْهم الصَلاة والسَّلام ـ يقاطعون الأشقياء وإن كانوا أقرب الأقرباء لأنه سبحانه وتعالى عذب قارون ومن كان معه بعذاب لم يسبقهم فيه أحدهم من بني إسرائيل ومن أقرب من بني إسرائيل إلى موسى (عليه السلام) "((3)) . فبعد أن بينت الآيات السابقات تخلي الشركاء يوم القيامة عن الاستجابة لمن اتخذوهم شركاء، وضل عنهم ما كانوا يفترون، يبين الله جَلَّ وَعَلا في هذه الآيات تخلى المال عن صاحبه المغتر به، وانتفاء الانتفاع به، وانعدام الفائدة له في إنقاذه من عقاب الله تعَاَلىَ ليستكمل المعنى أنه لا ناصر إلا الله، ولا معز إلا الله، فنلاحظ الترابط بين الآيات والتلازم بين المعاني.

تحليل الألفاظ

1.

{فَبَغَى} :

(1) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 75.

(2)

سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية 58.

(3)

نظم الدرر: 5 /516.

ص: 234

البَغْيُ: التَّعَدَّي، وبَغَى الرجلُ علينا بَغْياً: عدل عن الحق واستطال. وقال الفراء: البَغْي استطالة على الناس. وقال الأزهري: معناه الكبر والَغَي الظُّلم والفساد. والبَغْيُ معظم الأمر، وقال: معنى البَغْي قصد الفساد، ويقال: فلان يَبْغي على الناس إذا ظلمهم وطلب آذاهم، وكل مجاوزة وإفراط على المقدار الذي هو حدّ الشيء بَغْيٌ ((1)) ، بمعنى أن البغي يتلوه سوء العاقبة والخاتمة، والعياذ بالله سبحانه وتعالى.

2.

{الْكُنُوزِ} :

الكَنْزُ، قال الراغب الأصفهاني:" الكَنْزُ جَعْلُ المال بعضَهُ على بعض وحفظُه، وأصْلُه من كنزتُ التّمْرَ في الوِعاءِ "((2)) . " وقيل: الكنز المال المدفون، وجمعه كُنُوزٌ، كَنَزَهُ يَكْنزُه كَنْزاً واكْتَنَزَهُ، وتسمي العرب كلّ كثيرٍ مجموع يتنافس فيه كنزاً "((3)) .

3.

{لَتَنُوءُ} :

" النّأنَأةُ: العَجْزُ والضَّعْفُ، وروى عِكْرمِةُ عن أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) أنه قال: طُوبَى لِمَنْ مات في النَّانَاةَِ، مهموزة يعني أول الإسلام قبل أن يَقْوَى ويكنُزَ أهله وناصريُه والدّاخِلونُ فيه، فهو عند الناس ضعيف. وتَنَأنَأ: ضَعُفَ واستَرخَى، ورجل نَأنأ ونَأناءُ بالمد والقص: عاجز جبان ضعيف، ونَأنَأتُ الرجل نَأنأةً، أي: حَمَلتُه على أن ضَّعُفَ عما أراد وتراخى "((4)) .

4.

{بِالْعُصْبَةِ} :

" العُصبةُ والعِصابةُ جماعة ما بين العشرة إلى الأربعين، وقال الأخفش: والعُصبة والعِصَابة جماعة ليس لها واحد، والتَّعَصُّبُ من العَصَبِيَّة أن يَدعُوَ الرجلَ إلى نُصرة عَصَبِته والتَالُّبِ معهم على من يناوئهم.

(1) لِسَان العَرَب: مَادة (بغي) 17 /78.

(2)

معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص 460.

(3)

لِسَان العَرَب: مَادة (كنز) 5 /402.

(4)

لِسَان العَرَب: مادة (نأي) 1 /161 – 162.

ص: 235

واعصَوصَبُوا: استَجمعوا فإذا تَجَمَعَّوُا على فريق آخر قيل: تَعَصَبَّوُا واعصَوصَبُوا استَجمعوا " ((1)) . وقال الراغب: " والعُصبَةُ جماعةٌ مُتَعَصِّبَةٌ مُتَعَاضِدَةٌ " ((2)) .

5.

{الْفَرِحِينَ} :

" الفرح نقيض الحزن. وقال ثعلب: إن يجد في قلبه خِفَّةً، فَرِحَ فَرَحاً، ورجل فَرِحٌ وفَرُحٌ ومفروح. وعن ابن جني: وفرحانُ من قوم فَراحَى وفرَحَى، وامرأةُ فَرِحةُ وفَرحَى، وامرأةٌ فَرِحةٌ وفَرحَى وفَرحانة "((3)) .

القراءات القرآنية

1.

{عَلَيْهُمْ} :

قرأها حمزه بضم الهاء وسكون الميم ((4)) .

2.

{فَبَغَى} :

وقرأ بالإمالة كل من حمزة، والكسائي، وخلف، وورش ((5)) .

3.

{مَفَاتِحَه لتنوّاُ} :

قرأ الأعمش: (مفاتيحه لتنوء) .

وقرأ بديل بن ميسرة: (مفتاحه لينوء) .

وروي أيضاً عن يديل بن ميسرة: (مفاتحه لينوء)((6)) .

4.

{الفَرِحيِنَ} :

وقرأ (الفَارحين) حكاه عيسى بن سليمان ((7)) .

5.

{وَاتَبعِ} :

وقرأ واتَّبعْ ((8)) .

القضايا البلاغية

1.

القلب:

(1) المصدر نفسه: مَادة (عصب) 1 /605- 606.

(2)

معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص 348.

(3)

لِسَان العَرَب: مَادة (فرح) 2/ 541.

(4)

معجم القراءات القرآنية: 5 /31.

(5)

المصدر نفسه: 5/ 32.

(6)

الكَشَّاف: 3 /190. البَحْر المُحِيْط: 7/132. معجم القراءات القرآنية: 5/ 32.

(7)

البَحْر المُحِيْط: 7 /133. روح المعاني: 20 /112. معجم القراءات القرآنية: 5 /32.

(8)

الكَشَّاف: 3/191.

ص: 236

وذلك في قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا انَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} الأصل هو: لتنوء العصبة بالمفاتح، أي: لتنهض بها بجهد. وقال أبو عبيد هو كقولهم: عرضت الناقة على الحوض، وأصله عرضت الحوض على الناقة. وقيل: يجوز أن لا يكون هناك قلب لأن المفاتح تنهض ملابسة للعصبة إذا نهضت العصبة بها، ورجح الآلوسي الرأي الأول فهو منقول عن الخليل، وسيبويه، والفراء، واختاره النحاس ((1)) .

2.

المبالغة:

وذلك في وصف كنوز قارون حيث ذكرها جمعاً الكنوز والمفاتح، والنوء والعصبة، وأولي القوة. وقال محي الدين درويش:

" وهذه المبالغة في القرآن من أحسن المبالغات وأغربها عند الحذاق وهي أن يتقصى جميع ما يدل على الكثرة، وتعدد ما يتعلق بما يملكه "((2)) .

3.

بلاغة التعليل:

وذلك في قوله: {إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ انَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} . حسن تعليل جميل بجملة {انَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} ((3)) .

المعنى العام

1.

{انَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} :

{فَبَغَى عَلَيْهِمْ} فيه وجوه:

أولاً ـ إنه بغى بسبب ماله، وبغيه إنه استخف بالفقراء ولم يرع لهم حق الإيمان ولا عظمهم مع كثرة أمواله.

الثاني ـ إنه من الظلم، قيل: ملكه فرعون على بني إسرائيل فظلمهم.

الثالث ـ بغى عليهم، أي: طلب الفضل عليهم وأن يكونوا تحت يده ((4)

(1) إعراب القرآن (النحاس) : 2/ 558. روح المعاني: 20/ 111.

(2)

إعراب القرآن وبيانه وصرفه: 5/ 380.

(3)

المصدر نفسه: 5/ 380.

(4)

نقل الطبري عن ابن جريج: هو قارون بن يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب كان من قوم موسى يقول كان من عشيرة موسى بن عمران النبي وهو ابن عمه لأبيه وأمه. جامع البيان: 10 /99.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة: " كان قارون ابن عم موسى أخي أبيه، وكان قطع البحر مع بني إسرائيل، وكان يسمى المنور من حسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري فأهلكه الله لبغيه. ينظر تفسير ابن أبي حاتم: 9/ 3005.

ونقل الطبري عن ابن إسحاق: " إن يصهر بن قاهث تزوج سميت بنت بتاويت بن بركنا بن بقشان بن إبراهيم، فولدت له عمران بن يصهر وقارون بن يصهر، فنكح عمران بخنت بنت شمويل بن بركنا بن بقشان بن بركنا، فولدت له هارون بن عمران، وموسى بن عمران صفي الله ونبيه، فموسى على ما ذكر ابن إسحاق ابن أخي قارون، وقارون هو عمه أخو أبيه لأبيه ولأمه. وأكثر أهل العلم في ذلك على ما قاله ابن جريج. ينظر جامع البيان: 10/ 99. تاريخ الطَّبَري (تاريخ الرُّسُل والملوك) . أبو جعفر مُحَمَّد بن جَرْير الطَّبَري. ت 310 هـ. تحقيق: مُحَمَّد أَبِي الفَضْل إبراهيم. دار المعارف بمصر. ط2. 1967 ـ 1976 م: 1 /385. الكامل في التاريخ: 1 /115

ص: 237

) .

الرابع ـ قال الضحاك: طغى عليهم واستطال، فلم يوفقهم في أمر.

الخامس ـ قال ابن عباس: تجبر وتكبر عليهم وسخط عليهم.

السادس ـ قال شهر بن حوشب: بغيه عليهم إنه زاد عليهم في الثياب شبراً، وهذا يعود إلى التكبر.

السابع ـ أخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: " كان ابن عمه، وكان يبتغي العلم حتَّى جمع علماً، فلم يزل في أمره ذلك حتَّى أبقى على موسى (عليه السلام) وحده، وقال له موسى (عليه السلام) : إن الله أمرني أن آخذ الزكاة فآبي، فقال: إن موسى (عليه السلام) يريد أن يأكل أموالكم جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها، فتحملوه إن تعطوه أموالكم؟ قالوا: لا نحتمل، فما ترى؟ فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل فنرسلها إليه فترميه بأنه أرادها على نفسها، فأرسلوا إليها فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى (عليه السلام) إنه فجر بك، قالت: نعم، فجاء قارون إلى موسى (عليه السلام)، قال: اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك، قال: نعم، فجمعهم، فقالوا له: بم أمرك ربك؟ قال: أمرني ربي أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وأن تصلوا الرحم كذا وكذا، وقد أمرني في الزاني إذا زنى وقد أحصن بالرجم قالوا: وإن كنت أنت؟ قال: نعم، قالوا: فإنك قد زنيت، قال: أنا، فأرسلوا إلى المرأة فجاءت فقالوا: ما تشهدين على موسى (عليه السلام) ؟ فقال لها موسى (عليه السلام) : أشهدك بالله آلا ما صدقت؟ قالت: آما إذ أنشدتني بالله، فإنهم دعوني وجعلوا لي جعلاً على أن أقذفك بنفسي، وأنا أشهد أنك بريء وأنك رسول الله. فخر موسى (عليه السلام) ساجداً يبكي، فأوحى الله إليه: ما يبكيك! قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك، فرفع رأسه فقال: خذيهم، فأخذتهم

ص: 238

إلى أعقابهم، فجعلوا يقولون: يا موسى! يا موسى! ، فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، فجعلوا يقولون: يا موسى! يا موسى! فقال: خذيهم فانطبقت عليهم، فأوحى الله: يا موسى سالك عبادي وتضرعوا إليك فلم تجبهم، وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم.

قال ابن عباس: وذلك قوله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} ((1)) .

2.

{وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} :

قال أبو السعود: " أي: الأموال المدخرة "((2)) .

ونقل الرازي رواية عن سعيد بن المسيب، والضحاك " بأن سيدنا موسى (عليه السلام) أنزل عليه علم الكيمياء من السماء، فعلّم قارون ثلث العلم ويوشع ثلثه، وكالب ثلثه، فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما إلى علمه فكان يأخذ الرصاص فيجعله فضه والنحاس يجعله ذهباً "((3)) .

(1) ينظر الكِتَاب المصنف في الأحاديث والآثار. أبو بكر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن أَبِي شيبة الكوفي. (159 ـ 235) . تحقيق: كمال يوسف الحوت. مَكْتَبَة الرشد. الرياض. ط1. 1409 هـ.: 6/ 334. تفسير ابن أبي حاتم: 9/ 3006. المستدرك على الصحيحين. الحاكم النيسابوري. مُحَمَّد بن عَبْد الله أبو عَبْد الله. ت 405 هـ. وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي. دار الكِتَاب العربي. بيروت. (د. ت.) : 2 /443 قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. جامع البيان: 20 /117. تاريخ الرُّسُل والملوك: 1 /264. مفاتيح الغيب: 13 /15. الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمَأَثُوْر. الإِمَام جلال الدِّيْن السيوطي. ت 911 هـ. ضبط النصّ والتصحيح وإسناد الآيات ووضع الحواشي والفهارس بإشراف دار الفكر. دار الفكر للطباعة والنشر. بيروت. (د. ت.) .: 6 /436.

(2)

إرْشَاد العَقل السَّلِيم: 7/ 24.

(3)

مفاتيح الغيب: 13/ 17.

ص: 239

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} ، قال: أصاب كنزاً من كنوز يوسف (عليه السلام)((1)) .

3.

{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} :

قيل في معنى المفاتح وجوه:

المفاتح ظاهرها أنها الذي يفتح بها، ويحتمل أن يريد أنها الخزائن والأوعية الكبار قاله الضحاك، لأن المفتح في كلام العرب الخزانة ((2)) .

وأخرج ابن أبي حاتم عن خيثمة قال: " كانت مفاتح كنوز قارون من جلود، كلّ مفتاح مثل الإصبع، كلّ مفتاح على خزانة على حدة، فإذا ركب حملت المفاتيح على ستين بغلاً أغراً محجلاً "((3)) .

إن مفاتح الكنوز: إحاطة علمه بها، حكاه ابن بحر ((4)) لقول الله تعالى:{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْب} ((5)) ، ونقل الرازي إن هناك من طعن بذلك من وجهين:

أولاً: إن مال الرجل الواحد لا يبلغ هذا المبلغ، ولو أنا قدرنا بلدةً مملوءة من الذهب والجواهر لكفاها أعداد قليلة من المفاتح، فأي حاجة إلى تكثير هذه المفاتح.

ثانياً: إن الكنوز هي الأموال المدخرة في الأرض، فلا يجوز أن يكون لها مفاتح.

وأجاب الرازي عن الأول: إن المال إذا كان من جنس العروض لا من جنس النقد؛ جاز أن يبلغ في الكثرة إلى هذا الحد. وأيضاً فهذا الذي يقال: إن تلك المفاتح بلغت ستين حملاً ليس مذكوراً في القران، فلا تقبل هذه الرواية، وتفسير القران إن تلك المفاتح كانت كثيرة، وكان كلّ واحد منها معيناً لشيء آخر، فكان يثقل على الصعبة ضبطها ومعرفتها بسبب كثرتها، وعلى هذا الوجه يزول الاستبعاد.

(1) تفسير ابن أبي حاتم: 9 /3007. الدَّرُّ المَنْثُوْرُ: 6/437.

(2)

المحرر الوجيز: 12/ 186.

(3)

تفسير ابن أبي حاتم: 9/ 3007.

(4)

النُّكَت والعُيون: 3/ 237.

(5)

سُوْرَة الأَنْعَامِ: الآية 59.

ص: 240

وعن الثاني: إن ظاهر الكنز وإن كان من جهة العرف ما قالوا، فقد يقع على المال المجموع في المواضع التي عليها إغلاق ((1)) .

4.

{لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ}

أي: نثقل وتميلهم ((2)) .

(والعصبة) : قال الطبري: فإنها الجماعة، واختلف أهل التأويل في مبلغ عددها الذي أريد به في هذا الوضع:

مبلغ عددها أربعون رجلا

وعن قتادة: إن العصبة ما بين العشرة إلى الأربعين.

قال آخرون: ستون رجلاً.

وعن ابن عباس: العصبة (ثلاثة)، وقال أيضاً: العصبة ما بين الثلاثة إلى العشرة.

وقيل: كانت تحمل على ما بين عشرة إلى خمسة عشر ((3)) .

والذي أرجحه أن كل تلك عبارة عن روايات، ولا يعلم الحقيقي إلا الله عز وجل، لأنه مما لا ينضبط عدداً.

5.

{أُولِي الْقُوَّةِ} :

قال الطبري: أولي الشدة ((4)) .

6.

{ِ إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} :

أخرج ابن حاتم عن السدي في قوله تعالى: {إذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} قال: هم المؤمنون منهم قالوا: يا قارون لا تفرح بما أوليت، فتبطر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قوله: لأن الله لا يحب الفرحين المتمدحين الأشرين البطرين الذين لا يشكرون الله فيما أعطاهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أيضاً: إن الفرح هنا البغي. وعن السدي قوله: إن الله لا يحب الفرح بطراً ((5)) .

ما يستفاد من النصّ

(1) مفاتيح الغيب: 13 /16.

(2)

زَاد المَسِيْر: 6/ 240.

(3)

جامع البيان: 10 /104.

(4)

المصدر نفسه: 10 /102.

(5)

تفسير ابن أبي حاتم: 9/ 3009.

ص: 241

" عرضت السورة في بدايتها قوة السلطات والحكم، وكيف باءت بالبوار مع البغي والظلم والكفران بالله والبعد عن هداه، والآن تجيء قصة قارون لتعرض سلطان المال والعلم، وكيف ينتهي بالبوار مع البغي والبطر والاستكبار على الخلق، وجحود نعمة الخالق "((1)) .

وسنعرض فيما يأتي بعض المعاني والعبر التي يمكن استقصائها من قصة قارون:

أولا: دلت آيات على أن قارون كان من قوم موسى (عليه السلام) ولم تمنعه قرابته من عذاب الله ومقته بعد أن بغى وبطر، واستكبر وابتعد عن منهج الله، ولم يسمع نصيحة الناصحين. فإن ما يمرّ به المسلمون اليوم من ضعف وتكالب الأعداء عليهم شبيه بقصة قارون، فكثير من الدول الإسلامية اليوم، وأغنياء المسلمين يملكون من الأموال الكثير، لكن هذه الأموال والموارد الكثيرة لم تستغل بالشكل الصحيح في طاعة الله، ووفق منهج الله وسنته في المال، وبينما يعيش قسم من دول المسلمين في حالة رفاهية مطبقة وترف كبير وبذخ في الملذات وفيما يغضب الله، هناك من المسلمين من يصارع الموت من الجوع والمرض بسبب الفقر، فلم تنفع المسلمين أموالهم في صد كيد الأعداء المتكالبين، فكثير من أثرياء المسلمين اليوم يستثمر أمواله في البنوك الغربية، ولا يستثمرها في البنوك الإسلامية المحتاجة.

(1) في ظلال القرآن: 6/ 312.

ص: 242

ثانيا: الغنى والفقر لا يعنيان رضا الله أو سخطه على عبدة، إن الله عز وجل يعطي المال للمؤمن والكافر. قال تعالى:{كُلاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} ((1)) ، فالله جل وعلا رب العالمين، وقد وعد واخبر بأنه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} ((2)) ، فكل ذي روح يدب على الأرض، فإن الله يرزقه ويهيأ له أسباب تلقى هذا الرزق سواء كان كافراً أو مؤمناً ((3)) . فلا يعني أبداً وجود المال عند شخص ما أن الله راضي عنه، ولا يعني أبداً أن تضيق الرزق على عبد ما أو فقره على سخط الله على هذا العبد. فلقد أعطى الله تعالى المال الكثير والكنوز لقارون، ولم يكن ذلك دليلاً على رضا الله عنه، لأن الله خسف به وبداره الأرض. وقال تعالى:{فَأمَّا الإَنْسَانُ إذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَاكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي اكْرَمَنِ * وَأمَّا إذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أهَانَنِ} ((4)) ، فقد أنكر جل وعلا في هذه الآيات على الإنسان اعتقاده إن توسعة الرزق على الإنسان دليل على إكرام الله، أو اعتقاده أنَّ تضيق الرزق على الإنسان دليل على إهانة الله له ((5)) .

(1) سُوْرَة الإِسْرَاءِ: الآية 20.

(2)

سُوْرَة هُوْد: الآية 6.

(3)

ينظر السنن الإلهية. د. عبد الكريم زيدان. الشركة المتحدة للتوزيع. مؤسسة الرسالة. بيروت. (د. ت) .: ص 270.

(4)

سُوْرَة الفَجْرِ: الآيات 16 - 18.

(5)

ينظر المستفاد من قصص القرآن: 1/ 531- 533.

ص: 243

ثالثاً: ودلت الآيات كذلك على ذم الله للبطر والفرح بالدنيا وزهوتها، والاغترار بالمال إثر نصيحة قوم قارون له. قال الآلوسي: " والفرح بالدنيا لذاتها مذموم، لأنه نتيجة حبها والرضا بها، والذهول عن ذهابها، فإن العلم بان ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح حتماً، كما قال أبو الطيب:

أشدُّ الضم عندي في سرور

تيقن عنه صاحبه انتقالاً ((1))

ولذلك قال تعالى: {لِكَيْلا تَأسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ((2)) ، وعلل سبحانه النهي هاهنا بكون الفرح مانعاً من محبته عز وجل، فقال تعالى:{انَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} ، فهو دليل على أن الفرح بالدنيا مذموم شرعاً. وإنما قلنا إن الفرح بها لذاتها مذموم، لأن الفرح بها لكونها وسيلة إلى أمر من أمور الآخرة غير مذموم.

وليس المقصود هو النهي عن الفرح مطلقاً، فالفرح والحزن فطرة فطر الناس عليها، فالمؤمن يفرح بما يفرحه ويشكر الله على ذلك وإذا أصابه ما يحزنه يصبر. فالفرح المنهي عنه هو فرح البطرين الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم، ولما في هذا الفرح من تفضيل الدنيا على الآخرة التي هي دار الخلود" ((3)) .

(1) ديوان المتنبي. أبو الطيب المتنبي. دار صادر. بيروت: ص 224.

(2)

سُوْرَة الحَدِيْد: الآية 23.

(3)

روح المعاني: 20 /112.

ص: 244