الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
101 - الخبُوْشَانِيُّ أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُوَفَّقِ بنِ سَعِيْدٍ *
الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، الزَّاهِدُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُوَفَّقِ بنِ سَعِيْدٍ الخبُوْشَانِيُّ (1) ، الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
تَفَقَّهَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَبَرَعَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (2) : فَكَانَ يَسْتَحضر كِتَابهُ (الْمُحِيط) وَهُوَ ستّةَ عشرَ مُجَلَّداً.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ (3) : وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنْ: هبَة الرّحمَان ابْن القُشَيْرِيّ.
وَقَدِمَ مِصْر، فَأَقَامَ بِمسجدٍ (4) مُدَّة، ثُمَّ بِتربَةِ
(*) ترجم له ابن أبي الدم الحموي في (التاريخ المظفري) الورقة 224، وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 / 414، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة 154، وابن خلكان في الوفيات: 4 / 239، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 136 (أحمد الثالث 2917 / 14) ، والاعلام، الورقة: 211، والعبر: 4 / 262، والصفدي في الوافي: 5 / 99، والسبكي في الطبقات: 7 / 14، والاسنوي في طبقاته: 1 / 493، وابن كثير في البداية: 12 / 347، وابن الملقن في العقد، الورقة: 71، وطبقات الأولياء، الورقة: 36، وابن الفرات في تاريخه: 2 / الورقة 25، والمقريزي في السلوك: ج (ق) ص 107، وابن حجر في الألقاب، الورقة: 45، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة 133، وابن عبد الهادي في معجمه للشافعية، الورقة، 62، والسيوطي في حسن المحاضرة: 1 / 189، والمناوي في الكوكب: 2 / 100، وابن العماد في الشذرات: 4 / 288.
(1)
قيده المنذري والسبكي وابن السمعاني في (الأنساب) وابن الأثير في (اللباب) بضم الخاء المعجمة والباء الموحدة، وفتح ياقوت الخاء المعجمة كما في (معجم البلدان) : 2 / 300 وتابعه في ذلك ابن عبد الحق في (مراصد الاطلاع) .
(2)
(وفيات الأعيان) : 4 / 239، وكتاب (المحيط) لمحمد بن يحيى المتوفى سنة 548، وقول الذهبي:(وهو ستة عشر مجلدا) لا ينطبق عليه وفيه نظر، وهو ينطبق على كتاب (تحقيق المحيط) الذي ألفه الخبوشاني على (المحيط) ذكر ابن خلكان أنه رآه فهذا وهم من الذهبي رحمه الله.
(3)
(التكملة) : 1 / الترجمة 154.
(4)
هكذا في الأصل، وفي (تكملة) المنذري:(وأقام بالمسجد المعروف به بالقاهرة)
الشَّافِعِيّ، وَتبتَّل لإِنشَائِهَا، وَدرَّس بِهَا، وَأَفتَى، وَصَنَّفَ.
وَخبُوشَان مِنْ قرَى نَيْسَابُوْر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ السُّلْطَان صَلَاح الدِّيْنِ يُقرِّبه، وَيَعتقد فِيْهِ، وَرَأَيْت جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا يَصفُوْنَ فَضله، وَدينه، وَسلَامَة بَاطِنه.
وَقَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ: سكنَ السُّمَيْسَاطِيَّة، وَعرف الأَمِيْر نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَأَخَاهُ، وَكَانَ قشفاً فِي الْعَيْش، يَابساً فِي الدّين، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَصعدُ إِلَى مِصْرَ، وَأُزِيل ملك بنِي عُبيد اليَهودِيّ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَنَزَلَ بِالقَاهِرَةِ، وَصرّح بِثَلْبِ أَهْل القَصْر، وَجَعَلَ سبّهم تَسْبِيحه، فَحَارُوا فِيْهِ، فَنفذُوا إِلَيْهِ بِمَال عَظِيْم، قِيْلَ: أَرْبَعَة آلَاف دِيْنَار، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: وَيْلَك، مَا هَذِهِ البدعَة؟!
فَأَعجله، فَرمَى الذَّهَبَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَضَرَبَه، وَصَارَت عِمَامَته حلقاً، وَأَنْزَله مِنَ السّلم (2) ، وَمَاتَ العَاضد، وَتهيّبوا الخطبَة لِبَنِي العَبَّاسِ، فَوَقَفَ الخبُوْشَانِيّ بعَصَاهُ قُدَّام المِنْبَر، وَأَمر الخَطِيْب بِذَلِكَ، فَفَعَل، وَلَمْ يَكُنْ إِلَاّ الخَيْر، وَزُيّنت بَغْدَاد.
وَلَمَّا بَنَى مَكَان الشَّافِعِيّ، نبش عِظَام ابْن الكِيْزَانِيّ، وَقَالَ: لَا يَكُوْن صدِّيْق وَزِنْدِيْق مَعاً.
فَشدّ الحَنَابِلَة عَلَيْهِ، وَتَأَلَّبُوا، وَصَارَ بَيْنهُم حملَاتٌ حربيَة، وَغلبهُم.
وَجَاءَ العَزِيْز (3) إِلَى زِيَارته، وَصَافحه، فَطَلبَ مَاء، وَغسل يَده، وَقَالَ: يَا وَلدِي إِنَّك تَمسّ العنَان، وَلَا يَتوقَّى الغلمَان.
قَالَ: فَاغسلْ وَجهك، فَإِنَّك مَسَحْت وَجهك.
قَالَ: نَعَمْ، وَغَسَلَهُ.
(1)(وفيات الأعيان) : 4 / 240
(2)
في (طبقات) السبكي، 7 / 15: وأنزله من السلم وهو يرمي بالدنانير على رأسه ويسب أهل القصر.
(3)
يعني الملك العزيز.
وَكَانَ أَصْحَابُه يَأْكلُوْنَ بِسَببِهِ الدُّنْيَا، وَلَا يَسْمَعُ فِيهِم، وَهُم عِنْدَهُ مَعْصُوْمُوْنَ.
وَكَانَ مَتَى رَأَى ذِمِّياً رَاكِباً، قصد قتلَهُ، فَظَفِرَ بوَاحِد طيبٍ يُعرف بِابْنِ شُوعَة، فَأَندر عينه بعَصَاهُ، فَذَهَبت هدراً.
وَقِيْلَ: الْتمس مِنَ السُّلْطَان إِسقَاط ضرَائِب لَا يَمكن إِسقَاطهَا، وَسَاء خلقه، فَقَالَ: قُمْ لَا نَصرك الله! وَوكزه بعَصَاهُ، فَوَقَعت قَلَنْسُوَته، فَوجم لِذَلِكَ، ثُمَّ حضَر وَقْعَة، فَكُسِر، فَظَنّ أَنَّهُ بدعَائِهِ (1) ، فَجَاءَ وَقبل يَدَيْهِ، وَسَأَلَهُ الْعَفو.
وَجَاءهُ حَاجِب نَائِب مِصْر المُظَفَّر تَقِيِّ الدِّيْنِ عُمَر، وَقَالَ لَهُ: تَقِيُّ الدِّيْنِ يُسلِّم عَلَيْك.
فَقَالَ الخبُوْشَانِيّ (2) : قل: بَلْ شَقِيّ الدِّيْنِ لَا سلَّم الله عَلَيْهِ.
قَالَ: إِنَّهُ يَعتذرُ، وَيَقُوْلُ: لَيْسَ لَهُ مَوْضِعٌ لبيع المِزْرِ (3) .
قَالَ: يَكْذِب.
قَالَ: إِنْ كَانَ ثَمَّ مَكَانٌ، فَأَرنَاهُ.
قَالَ: ادْنُ.
فَدنَا، فَأَمسك
(1) قال التاج السبكي: (وانظر إلى كلام الذهبي هنا في تاريخه وقوله: ظن السلطان أن ذلك بدعوته. ولو كانت هذه الحكاية لمن هو على معتقده من المبتدعة لهول أمرها)(الطبقات: 7 / 16) وهو جزء من تحامل التاج السبكي على شيخه الذهبي في غير موضع من كتابه، وما كان ينبغي له أن يفرط مثل هذا الإفراط بحيث قال في الخبوشاني هذا:(والذي نقوله: إنه لا ينبغي أن يسمع كلامه في حنفي ولا شافعي، ولا تؤخذ تراجمهم من كتبه، فإنه يتعصب عليهم كثيرا) .
والعجب أن السبكي شحن كتابه بالنقل من كتب الذهبي، ومنها هذه الترجمة فتأمل قوله وتطبيقه - سامحه الله -.
(2)
إضافة من عندنا يقتضيها السياق ولتوضيح المعنى.
(3)
المزر: بكسر الميم، نبيذ يتخذ من الذرة، وقيل: من الشعير أو الحنطة كما في النهاية لابن الأثير: 4 / 324 وكأنه يشبه (البيرة) في أيامنا.
وكان لتقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين مواضع يباع فيها المزر على ما قيل، فكتب الشيخ الخبوشاني ورقة إلى صلاح الدين يذكر له هذا، فسيرها صلاح الدين إلى ابن أخيه وطلب منه ارضاء الشيخ، فركب إليه، وطلب منه حاجبه أن يقف بباب مدرسة الخبوشاني ريثما يهيئ له الأمور فتحادث مع الشيخ بهذا الحديث المذكور (انظر (تاريخ الإسلام)(وطبقات) السبكي وغيرهما) .