الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَفَزع، فَهَرَبَ إِلَى غِيَاثِ الدِّيْنِ، فَبَالَغَ فِي إِكرَامِهِ، فَجَهَّزَ عَلَاء الدِّيْنِ مُقَدَّماً، اسْمُهُ أَمِيْر ملك، فَحَارَبَ غِيَاث الدِّيْنِ إِلَى أَنْ نَزَلَ إِلَيْهِ بِالأَمَانِ، فَجَاءَ الأَمْرُ بِقَتْلِهِ، وَبِقَتْلِ عَلِيّ شَاه، فَقُتِلَا مَعاً بَغْياً وَعُدْوَاناً، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
265 - صَاحِبُ الجَزِيْرَةِ مُعِزُّ الدِّينِ سَنْجَرُ بنُ غَازِي بنِ مَوْدُوْدٍ *
المَلِكُ، مُعِزُّ الدِّيْنِ سَنْجَر ابْنُ المَلِكِ غَازِي بنِ مَوْدُوْدِ بنِ الأَتَابكِ زَنْكِي بنِ آقْسُنْقُر، صَاحِبُ جَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ.
كَانَ ظَالِماً، غَاشماً لِلرَّعِيَّةِ وَللجُنْدِ، وَالحرِيْمِ، سجنَ أَوْلَادَهُ بِقَلْعَةٍ، فَهَرَبَ وَلَدُهُ غَازِي إِلَى المَوْصِلِ، فَأَكْرَمَهُ صَاحِبُهَا، وَقَالَ: اكْفِنَا شَرَّ أَبيكَ، فَرَجَعَ وَاخْتَفَى، ثُمَّ تَسَلَّقَ وَاخْتَفَى عِنْدَ سُرَيَّةٍ (1) ، فَسترَتْ عَلَيْهِ، وَسَكِرَ أَبُوْهُ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ ابْنُهُ فِي الخلَاءِ، فَقَتَلَهُ، فَلَمْ يُمَلِّكُوهُ، بَلْ مَلَّكُوا أَخَاهُ مَحْمُوْداً، وَدخلُوا عَلَى غَازِي فَمَانَعَ عَنْ نَفْسِهِ، فَقتلُوْهُ، وَرُمِيَ، وَتَمَكَّنَ مَحْمُوْدٌ فَقتَلَ أَخَاهُ الآخرَ مَوْدُوْداً.
وَقِيْلَ: بَلْ تَملَّكَ غَازِي يَوْماً وَاحِداً، ثُمَّ أُخِذَ.
وَيُحْكَى مِنْ عُسْفِ سَنْجَر وَقِلَّةِ دِيْنِهِ عَجَائِبَ، طَالَتْ أَيَّامُهُ، وَقُتِلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
266 - ابْنُ طَبَرْزَذَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَمَّرٍ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، الرِّحْلَةُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَمَّر بنِ
(*) سيرته مشهورة في التواريخ المستوعبة لعصره، وله ترجمة في ذيل الروضتين: 67، والمختصر لأبي الفدا: 3 / 117، وتاريخ الإسلام: 18 / 1 / 191 - 192، والعبر: 5 / 12، والوافي بالوفيات: 8 / الورقة: 191، وعقد الجمان للعيني: 17 / الورقة: 316 - 317، وغيرهما.
(1)
تصغير: سرية.
(* *) التقييد لابن نقطة، الورقة: 157، والكامل لابن الأثير: 12 / 122، وتاريخ ابن =
أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ حَسَّانٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّارَقَزِّيُّ، المُؤَدِّبُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ طَبَرْزَذَ.
وَالطَّبَرْزَذ- بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ-: هُوَ السُّكَّرُ.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمَّعَهُ أَخُوْهُ المُحَدِّثُ المُفِيْدُ أَبُو البَقَاءِ مُحَمَّدٌ كَثِيْراً.
وَسَمِعَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَحصَّلَ أُصُوْلاً، وَحفظهَا.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بنَ الحُصَيْنِ، وَأَبَا غَالِب ابْن البَنَّاءِ، وَأَبَا المَوَاهِبِ بنَ مُلُوْكٍ، وَأَبَا القَاسِمِ هِبَةَ اللهِ الشُّرُوْطِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ ابْنَ الزَّاغُوْنِيِّ، وَهِبَةَ اللهِ بنَ الطَّبَرِ، وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ (1) ، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ القَزَّازَ، وَابْنَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَابْنَ خَيْرُوْنَ، وَأَبَا البدْرِ الكَرْخِيَّ، وَأَبَا سَعْدٍ الزَّوْزَنِيَّ، وَعَبْدَ الخَالِقِ بنَ البَدِن، وَأَبَا الفَتْحِ مُفْلِحاً الدُّومِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ طِرَادٍ، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ مُحَمَّدٌ، وَالزَّكِيُّ عَبْدُ العَظِيْمِ،
= الدبيثي، الورقة: 200 - 202 (باريس 5922) ، والتاريخ المجدد لابن النجار، الورقة: 119 - 120 (باريس)، والتكملة للمنذري: 2 / الترجمة: 1158، وذيل الروضتين: 70 - 71، وقد اختلطت ترجمته فيه بترجمة أبي عمر المقدسي المتوفى في السنه نفسها، ووفيات الأعيان: 3 / 452، ومشيخة النجيب الحراني، الورقة: 106 - 109، وهو الشيخ الثامن والخمسون فيها، والمستفاد للحسام الدمياطي، الورقة: 63، وتاريخ الإسلام: 18 / 1 / 280 - 283، والمختصر المحتاج، الورقة: 91، والعبر: 5 / 24، ودول الإسلام: 2 / 85، والبداية لابن كثير: 13 / 61، وعقد الجمان للعيني: 17 / الورقة: 231، وتاريخ ابن الفرات: 9 / الورقة: 48، والنجوم الزاهرة: 6 / 201، وشذرات الذهب: 5 / 26، والتاج المكلل: 94 - 95.
وقيد ابن خلكان: طبرزذ بالحروف فقال: (بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة، وسكون الراء وفتح الزاي وبعدها ذال معجمة) .
وهذه الترجمة أوسع من الترجمة التي في (تاريخ الإسلام) بحيث لا مناسبة بينهما، فراجع ما ذكرناه في تقديمنا لهذا الكتاب من أن (السير) ليس مختصرا لتاريخ الإسلام.
(1)
محمد بن عبد الباقي الأنصاري المعروف بقاضي المارستان.
وَالصَّدْرُ البَكْرِيُّ، وَالكَمَالُ ابْنُ العَدِيْمِ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ، وَالجمال مُحَمَّدُ بنُ عَمرُوْنَ، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَأَخُوْهُ عُمَرُ، وَالمَجْدُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالتَّقِيُّ بنُ أَبِي اليُسْرِ، وَالجمال البَغْدَادِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الكَهَفِيُّ، وَالقُطْبُ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَالفَقِيْهُ أَحْمَدُ بنُ نِعمَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ يلكويه الكَاتِبُ، وَالمُؤَيَّدُ أَسَعْدُ بنُ القَلَانسِيُّ، وَالبَهَاءُ حَسَنُ بنُ صَصْرَى، وَطَاهِرٌ الكَحَّالُ، وَالجمال يَحْيَى ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلَاّنَ، وَالكَمَالُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ، وَأَحْمَدُ بنُ شَيْبَانَ، وَغَازِي الحَلَاوِيُّ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ ابْنُ خَطيبِ المِزَّةِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ المُحَسَّنِ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَسَاكِرَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ مَكِّيٍّ، وَشَامِيَّةُ بِنْتُ البَكْرِيِّ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شُكر، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ رَاجِحٍ (1) ، وَسِتُّ العربِ الكِنْديَّةُ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَبِالإِجَازَةِ: ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَالكَمَالُ الفُويره.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (2) : سَمِعَ (السُّنَنَ (3)) مِنْ أَبِي البَدرِ الكَرْخِيِّ بَعْضَهَا، وَمِنْ مُفلِحٍ الدُّومِيِّ بَعْضَهَا، قَالَا: أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، وَسَمِعَ (الجَامِعَ (4)) : مِنْ أَبِي الفَتْحِ (5) الكَرُوْخِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مُكْثِرٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ، تُوُفِّيَ فِي تَاسعِ رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ حربٍ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: وَردَ دِمَشْقَ، وَازدحَمَتِ الطَّلَبَةُ عَلَيْهِ، وَتَفَرَّدَ بِعِدَّةِ مَشَايِخَ، وَكَتَبَ كُتُباً وَأَجزَاءً، وَكَانَ مُسْنِدَ أَهْلِ زَمَانِهِ.
(1) يعني: بنت ابن راجح، وهو الاصح.
(2)
التقييد، الورقة:157.
(3)
يعني سنن أبي داود.
(4)
جامع الترمذي، والذهبي يتصرف بالنصوص كثيرا حتى لقد كاد يلبس هنا!
(5)
في الأصل: (ابن أبي الفتح) ، وليس بشيء،
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (1) : كَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحاً عَلَى تخلِيطٍ فِيْهِ، سَافرَ إِلَى الشَّامِ، وَحَدَّثَ فِي طرِيقِهِ بِإِرْبِلَ، وَبِالمَوْصِلِ، وَحَرَّانَ، وَحلبَ، وَدِمَشْقَ، وَعَاد إِلَى بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَجَمَعْتُ لَهُ (مَشْيَخَةً) عَنْ ثَلَاثَةٍ وَثَمَانِيْنَ شَيْخاً، وَحَدَّثَ بِهَا مرَاراً، وَأَملَى مَجَالِسَ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً وَسَبْعَةَ أَشهرٍ.
قُلْتُ: يُشيرُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ بِالتَّخليطِ إِلَى أَنَّ أَخَا ابْنِ طَبَرْزَذ ضَعِيْفٌ، وَأَكْثَرُ سَمَاعَاتِ عُمَرَ بقِرَاءةِ أَخِيْهِ، وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : تُوُفِّيَ ابْنُ طَبَرْزَذ، وَكَانَ خليعاً، مَاجناً، سَافرَ بَعْدَ حَنْبَلٍ (3) إِلَى الشَّامِ، وَحصَلَ لَهُ مَالٌ بِسَبَبِ الحَدِيْثِ، وَعَادَ حَنْبَلٌ فَأَقَامَ يَعمل تَجَارَةً بِمَا حصَّلَ، فَسلَكَ ابْنُ طَبَرْزَذ سَبِيلَهُ فِي استعمَالِ كَاغَدٍ وَعتَّابِيٍّ، فَمَرِضَ مُدَّةً وَمَاتَ، وَرجعَ مَا حصَلَ لَهُ إِلَى بَيْتِ المَالِ كحَنْبَلٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (4) : هُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ الحُصَيْنِ، وَابْنِ البَنَّاءِ، وَابْنِ مُلُوْكٍ، وَهِبَةِ اللهِ الوَاسِطِيِّ، وَابْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؛ ابْنَي أَحْمَدَ بنِ دُحْرُوجٍ، وَعَلِيِّ بنِ طِرَادٍ، وَطُلِبَ مِنَ الشَّامِ فَتوجَّهَ إِلَيْهَا، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَحصَّلَ مَالاً حسناً، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ يُحَدِّثُ، سَمِعْتُ مِنْهُ الكَثِيْرَ، وَكَانَ يَعرِفُ شُيُوْخَهُ، وَيذكُرُ مَسْمُوْعَاتِهِ، وَكَانَتْ أُصُوْلُهُ بِيَدِهِ، وَأَكْثَرُهَا بِخَطِّ أَخِيْهِ، وَكَانَ يُؤدِّبُ الصِّبْيَانَ، وَيَكْتُبُ خَطّاً حسناً، وَلَمْ يَكُنْ يَفهَمُ شَيْئاً مِنَ العِلْمِ، وَكَانَ مُتَهَاوِناً بِأُمُوْرِ الدِّينِ، رَأَيْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَبولُ مِنْ قيَامٍ،
(1) ذيل تاريخ مدينة السلام، الورقة: 202 (باريس 5922) .
(2)
الذيل: 70 - 71.
(3)
حنبل بن عبد الله بن فرج الرصافي المتوفى سنة 604.
(4)
التاريخ المجدد، الورقة: 120 (باريس) .
فَإِذَا فَرغَ مِنَ الإِرَاقَةِ، أَرْسَلَ ثَوْبَهُ وَقَعَدَ مِنْ غَيْرِ اسْتنجَاءٍ بِمَاءٍ وَلَا حجرٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ يُرَخِّصُ بِمَذْهَبِ مَنْ لَا يُوجِبُ الاستنجَاءَ.
قَالَ: وَكُنَّا نَسْمَعُ مِنْهُ يَوْماً أَجْمَع، فَنصلِّي وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا، وَلَا يَقومُ لِصَلَاةٍ، وَكَانَ يَطلبُ الأَجرَ عَلَى رِوَايَةِ الحَدِيْثِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سوءِ طرِيقتِهِ، وَخَلَّفَ مَا جمعَهُ مِنَ الحُطَامِ، لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ حَقّاً للهِ- عز وجل.
وَسَمِعْتُ القَاضِي أَبَا القَاسِمِ ابْنَ العَدِيْمِ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز بنَ هِلَالَةَ يَقُوْلُ- وَغَالِبُ ظَنِّي أَنَّنِي سَمِعتُهُ مِنِ ابْنِ هِلَالَةَ بِخُرَاسَانَ، قَالَ-:
رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ طَبَرْزَذ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَزرقُ، فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلتُكَ بِاللهِ مَا لَقِيْتَ بَعْدَ مَوْتِكَ؟
فَقَالَ: أَنَا فِي بَيْتٍ مِنْ نَارٍ دَاخِلَ بَيْتٍ مِنْ نَارٍ.
فَقُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لأَخْذِ الذَّهَب عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَ الذَّهَبَ وَكنَزَهُ وَلَمْ يُزَكِّهِ، فَهَذَا أَشَدُّ مِنْ مُجَرَّدِ الأَخْذِ، فَمَنْ أَخَذَ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالكِبَارِ بِلَا سُؤَالٍ وَهُوَ مُحْتَاجٌ، فَهَذَا مغتَفَرٌ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ بِسُؤَالٍ رُخِّصَ لَهُ بِقَدْرِ القُوْتِ، وَمَا زَادَ فَلَا، وَمَنْ سَأَلَ وَأَخَذَ فَوْقَ الكِفَايَةِ ذُمَّ، وَمَنْ سَأَلَ مَعَ الغِنى وَالكفَايَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ الأَخْذُ، فَإِنْ أَخَذَ المَالَ وَالحَالَة هَذِهِ وَكَنَزَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ حقَّ اللهِ، فَهُوَ مِنَ الظَّالِمِينَ الفَاسِقينَ، فَاسْتَفْتِ قَلْبَكَ، وَكُنْ خَصْماً لِرَبِّكَ عَلَى نَفْسِكَ.
وَأَمَّا تركُهُ الصَّلَاةَ فَقَدْ سَمِعت مَا قِيْلَ عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ ابْنَ الظَّاهِرِيِّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ طَبَرْزَذ لَا يُصَلِّي (1) .
(1) قال بشار بن عواد: ابن الظاهري لم يعاصر ابن طبرزذ، فقد ولد بعد وفاة ابن طبرزذ بتسع عشرة سنة، أعني سنة 626، وهو إنما سمع أو قرأ ذلك واعتقده، فهذا لا يقوي الحجة، رحمهم الله تعالى.
وَأَمَّا التَّخليطُ مِنْ قَبيلِ الرِّوَايَةِ فَغَالِبُ سَمَاعَاتِهِ مَنُوطٌ بِأَخِيْهِ المُفِيْدِ أَبِي البقَاءِ، وَبقِرَاءتِهِ وَتسمِيْعِهِ لَهُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَالَ عُمَرُ بنُ المُبَارَكِ بنِ سهلَانَ:
لَمْ يَكُنْ أَبُو البَقَاءِ بنُ طَبَرْزَذ ثِقَةً، كَانَ كَذَّاباً يَضعُ لِلنَّاسِ أَسْمَاءهُم فِي الأَجزَاءِ، ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِم، عَرَفَ بِذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ الوَهَّابِ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَاصِرٍ وَغَيْرُهُمَا.
قُلْتُ: عَاشَ أَبُو البَقَاءِ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ أَبُو حَفْصٍ بنُ طَبَرْزَذ فِي تَاسعِ رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ حربٍ -وَاللهُ يُسَامحُهُ- فَمعَ مَا أَبدَيْنَا مِنْ ضَعْفِهِ قَدْ تَكَاثرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَانتشرَ حَدِيْثُهُ فِي الآفَاقِ، وَفرِحَ الحُفَّاظُ بعَوَالِيْهِ، ثُمَّ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي تَزَاحمُوا عَلَى أَصْحَابِهِ، وَحَمَلُوا عَنْهُم الكَثِيْرَ، وَأَحْسَنُوا بِهِ الظَّنَّ، وَاللهُ الْموعد، وَوَثَّقَهُ ابْنُ نُقْطَةَ.
(1) يعني ابن سكينة الامين الذي تقدمت ترجمته قبل قليل.