الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ صِبيَانِ القَاعَةِ، فَأَلقَى سِكِّيناً فِي الخَنْدَقِ، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ هَذِهِ فَليقَعْ خلْفَهَا، فَتبَادرُوا جَمِيْعاً خلفهَا وَثْباً، فَتقطَّعُوا، فَعُدْنَا، فَصَالَحَهُ صَلَاحُ الدِّيْنِ.
وَذَكَرَ قُطْبُ الدِّيْنِ فِي (تَارِيْخِهِ) : أَنَّ سنَاناً سَيَّرَ رَسُوْلاً إِلَى صَلَاحِ الدِّيْنِ، فَلَمْ يَجِدْ مَعَهُ مَا يَخَافُهُ، فَأَخلَى لَهُ المَجْلِسَ سِوَى نَفرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ حَتَّى يَخْرُجُوا، فَأَخْرَجَهُم كلَّهُم سِوَى مَمْلُوْكَيْنِ، فَقَالَ: أُمِرْتُ أَنْ لَا أُؤَدِّي إِلَاّ خَلْوَةً.
قَالَ: هَذَانِ مَا يخرجَانِ، فَإِنْ أَدَّيْتَ وَإِلَاّ فَقُم، فَهُمَا مِثْلُ أَوْلَادِي، فَالْتَفَتَ إِلَيهُمَا، وَقَالَ: إِذَا أَمرتُكُمَا عَنْ مَخْدُومِي بِقَتْلِ هَذَا السُّلْطَانِ أَتقتلَانِهِ؟
قَالَا: نَعم، وَجَذَبا سَيْفَهُماً، فَبُهِتَ السُّلْطَانُ، وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعَ الرَّسُولِ، فَدَخَلَ السُّلْطَانُ فِي مرضَاةِ سنَانٍ، وَمِنْ شِعْرِهِ:
مَا أَكْثَرَ النَّاسَ وَمَا أَقلَّهُمُ
…
وَمَا أَقلُّ فِي القَلِيْلِ النُّجَبَا
ليتَهُم إِذْ لَمْ يَكُوْنُوا خُلِقُوا
…
مُهَذَّبِيْنَ صَحِبُوا مُهَذَّبا
مَاتَ سنَانٌ -كَمَا قُلْنَا-: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
94 - الطَّالْقَانِيُّ أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلَاّمَةُ، الوَاعِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، رضِيُّ الدِّينِ، أَبُو الخَيْرِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يُوْسُفَ الطَّالْقَانِيُّ، القَزْوِيْنِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
(*) ترجم له السمعاني في (الطالقاني) من الأنساب، وتابعه ابن الأثير في اللباب، وزاد فذكر وفاته لتأخرها عن وفاة السمعاني، وابن جبير في رحلته: 197، وابن نقطة في التقييد، الورقة: 92، وابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 163 (باريس 5921)، والسبط في المرآة: 8 / 443، والمنذري في التكملة: 1 / الترجمة: 224، والنعال في مشيخته: 116، وأبو شامة في الذيل: 6، والذهبي في تاريخ الإسلام: الورقة 163 أحمد الثالث 2917 / 14) ، والعبر: =
مَوْلِدُهُ بقَزْوِيْنَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى ملكدَاذ بنِ عَلِيٍّ العُمَرَكِيِّ (1) ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَتفقَّهَ بِمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيِّ، وَعَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَهِبَةِ اللهِ السَّيِّدِيِّ، وَزَاهِرٍ الشَّحَّامِيِّ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ القُشَيْرِيِّ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ الخُوَارِيِّ، وَسَمِعَ: الكُتُبَ الكِبَارَ.
وَدَرَّسَ بقَزْوِيْنَ وَبِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ البَطِّيِّ، وَوَعَظَ، وَنَفَقَ سُوْقهُ، ثُمَّ درَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ إِمَاماً فِي المَذْهَبِ، وَالأُصُوْلِ، وَالتَّفْسِيْرِ، وَالخلَافِ، وَالتَّذْكيرِ، وَحَدَّثَ (بصَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَ (مُسْنَدِ ابْنِ رَاهَوَيْه) ، وَ (تَارِيخِ الحَاكِمِ) ، وَ (السُّنَنِ الكَبِيْرِ) ، وَ (دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ) ، وَ (البَعْثِ) لِلْبَيْهَقِيِّ (2) ، وَأَملَى مَجَالِسَ، وَوعظَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ لحُسْنِ سَمْتِهِ، وَحَلَاوَةِ مَنْطِقهِ، وَكَثْرَةِ مَحْفُوْظَاتِهِ، وَكثُرَ التَّعصّبُ لَهُ مِنَ الأُمَرَاءِ وَالخَوَاصِّ، وَأَحَبَّهُ العوَامُّ، وَكَانَ يَجلسُ بِجَامِعِ القَصْرِ، وَبِالنّظَامِيَّةِ، وَتحضرُهُ أُمَمٌ.
ثُمَّ عَادَ
= 4 / 271، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 174، والاعلام: 211، والسبكي في طبقاته: 6 / 7، وابن كثير في البداية: 13 / 9، وابن الملقن في العقد، الورقة: 69، وابن الجزري في غاية النهاية: 1 / 39، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة 186، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 134 وراجع هامش التكملة تجد مصادر أخرى.
(1)
نسبة إلى (عمرك) وهو عمر، وتزيد الاعاجم كافا في مثل هذه الأسماء فيقولون: أحمدك، وعليك، وعمرك وهلم جرا، ثم ينسبون إليها، وتوفي ملكداذ هذا سنة 535 وكان من كبار الشافعية.
(2)
يعني الكتب الثلاثة للبيهقي.
أما البعث فاسمه الكامل هو (البعث والنشور) وهو من الكتب التي اختصرها الذهبي مؤلف الكتاب (الذهبي ومنهجه: 232) .
سَنَة ثَمَانِيْنَ إِلَى بلدِهِ (1) ، وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ وَالصَّلَاةِ، دَائِمَ الذِّكرِ، قَلِيْلَ المَأكل، يَشتملُ مَجْلِسُهُ عَلَى التَّفْسِيْرِ، وَالحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ، وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِيْنَ، بِلَا سجعٍ وَلَا تَزويقٍ وَلَا شِعرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ فِي رِوَايَتِهِ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ يَوْمٍ مَعَ دوَامِ الصَّوْمِ، وَيُفْطِرُ عَلَى قرصٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (2) : أَملَى عِدَّةَ مَجَالِسَ، وَكَانَ مُقْبِلاً عَلَى الخَيْرِ، كَثِيْرَ الصَّلَاةِ، لَهُ يَدٌ بَاسِطَةٌ فِي النَّظَرِ، وَاطِّلاعٌ عَلَى العلُوْمِ، وَمَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، كَانَ جَمَّاعَةً لِلْفنُوْنِ رحمه الله رُدَّ إِلَى بلدِهِ، فَأَقَامَ مُشْتَغِلاً بِالعِبَادَةِ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ (4) : حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَزَالُ لِسَانُهُ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ اللهِ، مَاتَ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَنْبَأَنَا مَحْفُوْظُ (5) ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ (6)) ، قَالَ: أَبُو الخَيْرِ
(1) نقل ابن النجار عن شيخه الزاهد أبي أحمد عبد الوهاب بن سكينة المتوفى سنة 607 أن القزويني إنما ترك بغداد بسبب ما أظهره مجد الدين هبة الله علي ابن الصاحب من الرفض فيها، فقال أبو الخير القزويني لابن سكينة: معاذ الله أن أقيم ببلدة يجهر فيها بسبب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (طبقات السبكي: 6 / 11) .
(2)
(ذيل تاريخ مدينة السلام) ، الورقة 164 163 (باريس 5921) .
(3)
هذه رواية ابن الدبيثي والمنذري وابن الأثير ومن تابعهم، أما ابن النجار، فقد أرخ وفاته في سنة 589، وتابعه الذين نقلوا عنه، ومنهم ابن الملقن في (العقد المذهب) وغيره، وأشار الذهبي في (تاريخ الإسلام) إلى هذا الاختلاف.
(4)
(التكملة) : 1 / الترجمة 224.
(5)
هو محفوظ بن معتوق بن أبي بكر الصدر أبو بكر ابن البزوري البغدادي السفار، ذكره الذهبي في (معجم شيوخه) وذكر أنه توفي سنة 694 (2 / الورقة: 28) ، وترجم له في وفيات السنة من (تاريخ الإسلام)(أيا صوفيا 3014) .
(6)
تاريخه هذا هو الذيل على (المنتظم) لابن الجوزي، وقد مدحه الذهبي، ونقل عنه كثيرا في تاريخ الإسلام وغيره من كتبه، قال: (وصنف تاريخا كبيرا ذيل به على المنتظم لابن =