الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ (1) وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: ابْنُ بَوْش، وَصَاحِب اليَمَن سَيْف الإِسْلَام طُغْتِكِيْن بن أَيُّوْبَ، وَمُقْرِئ وَاسِط ابْن البَاقِلَاّنِيّ، وَالوَزِيْر جلَال الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن يُوْنُسَ الأَزَجِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي البَرَكَات هِبَة اللهِ بن البُخَارِيّ الشَّافِعِيّ، وَالشَّيْخ عُمَر الكُمَيْمَاتِيّ الزَّاهِد، وَمُحَمَّد بن سيّدهُم الدِّمَشْقِيّ ابْن الهَرَّاس، وَأَبُو الفَتْحِ نَاصِر بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَتْحِ الويرج (2) القَطَّان.
112 - أَبُو طَالِبٍ الكَرْخِيُّ المُبَارَكُ بنُ المُبَارَكِ بنِ المُبَارَكِ *
الإِمَامُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، وَصَاحِبُ الخَطِّ المَنْسُوْبِ، أَبُو طَالِبٍ المُبَارَك بن المُبَارَكِ بن المُبَارَكِ الكَرْخِيُّ، صَاحِبُ أَبِي الحَسَنِ ابْنِ
(1) إضافة يقتضيها السياق، وصحة الوفاة يظهر أنها سقطت من الأصل، علما بأن الناسخ وضع قبالتها تاريخ الوفاة بالرقم:593.
(2)
في الأصل: (الوريرح) وهو سبق قلم من الناسخ، والتصحيح من (تاريخ الإسلام)، الورقة: 191 (أحمد الثالث 2917 / 14)، و (العبر) : 4 / 282، وجاء في (النجوم) : الوترح. وانظر أيضا: (التكملة) للمنذري، الترجمة: 412، وابن نقطة في (التقييد)، الورقة:216.
والويرج كما في المعاجيم الفارسية: السوسن الاصفر أو النيلوفر، فلعله عرف بذلك، وتوفي أبو الفتح سنة 593 وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب (الترجمة: 159) .
(*) ترجم له ياقوت في إرشاد الاريب: 6 / 230، وابن الأثير في الكامل: 12 / 18، والمنذري في التكملة، الترجمة: 89، والنعال في مشيخته: 92 وهو الشيخ الحادي والعشرون فيها، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة 24 (باريس 1582)، والعبر: 4 / 257، والمختصر المحتاج إليه: 3 / 177، والسبكي في الطبقات: 7 / 275، والاسنوي في طبقاته: 2 / 353، وابن كثير في البداية: 12 / 334، ابن الملقن في العقد، الورقة: 159، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة: 78، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 110 - 111، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية، الورقة: 74، وابن العماد في الشذرات: 4 / 284.
الخَلِّ، وَهُوَ (1) المُبَارَكُ بنُ أَبِي البَرَكَاتِ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بن الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَارستَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ البَنْدَنِيْجِيّ، وَغَيْرهُ.
كَانَ ذَا جَاه وَحِشْمَة، لِكَوْنِهِ أَدَّب أَوْلَاد النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: شَهِدَ عِنْد قَاضِي القُضَاةِ أَبِي القَاسِمِ الزَّيْنَبِيّ فِي سَنَةِ ثَلَاثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ درّس بِمَدْرَسَة شَيْخه ابْنِ الخَلِّ بَعْدَهُ (2) ، ثُمَّ (3) وَلِي النّظَامِيَّة فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ (4) ، وَكَانَ إِمَامَ وَقته فِي العِلْمِ وَالِدّين وَالزُّهْد وَالوَرَع، لَازم ابْنَ الخَلِّ حَتَّى بَرَعَ فِي المَذْهَب وَالخلَاف
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ مِنَ الوَرَع وَالزُّهْد وَالعفَّة وَالنزَاهَة وَالسَّمْت عَلَى طرِيقَة اشْتهَرَ بِهَا، وَكَانَ أَكْتَب أَهْل زَمَانِهِ لطرِيقَة ابْنِ البوَّاب، وَعَلَيْهِ كتب الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ.
(1)(وهو) يعني المترجم له، ذكرنا ذلك خوف اللبس من أن يتوهم القارئ أن ذلك يعود لابن الخل.
أما أبو الحسن ابن الخل، فهو: محمد بن المبارك بن محمد العكبري المتوفى سنة 552، وكان من كبار فقهاء الشافعية، ذكره ابن الجوزي في المنتظم: 10 / 179، وابن الأثير في الكامل: 11 / 88، والذهبي في كتبه ومنها العبر: 4 / 150، والسبكي في طبقاته: 6 / 176، وابن كثير في البداية: 12 / 237، والبدر العيني في عقد الجمان: 16 / الورقة: 293 وغيرهم.
(2)
هي المدرسة المعروفة أيضا بالمدرسة الكمالية، نسبة إلى منشئها كمال الدين أبي الفتوح حمزة بن علي المعروف بابن البقشلام أو البقشلان المتوفى سنة 556، وكان ابن الخل هو الذي رتب فيها مدرسا، لذلك عرفت به أيضا (راجع ابن الجوزي في (المنتظم) : 10 / 179، 199، 203 والمصادر التي ذكرناها في الهامش السابق لترجمة ابن الخل) .
(3)
تولى قبل ذلك أيضا التدريس بالمدرسة الثقتية التي كانت على دجلة تحت دار الخلافة، وهي منسوبة إلى ثقة الدولة ابن الدريني المتوفى سنة 549 (انظر (تكملة) المنذري وتعليقنا عليها) .
(4)
وبقي مدرسها إلى حين وفاته.
قَالَ: وَكَانَ ضنِيناً بِخَطِّهِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ إِذَا شَهِدَ وَكَتَبَ فِي فُتْيَا، كسر الْقَلَم، وَكَتَبَ بِهِ خطّاً رديّاً.
قُلْتُ: درّس، وَأَفتَى، وَدَرَّسَ بِالنّظَامِيَّةِ بَعْد أَبِي الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيّ.
وَعَاشَ: نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ المُوَفَّق عَبْد اللَّطِيْفِ بن يُوْسُفَ: كَانَ رَبّ علم وَعَمل وَعفَاف وَنُسُك، وَكَانَ نَاعم الْعَيْش، يَقوم عَلَى نَفْسِهِ وَبدنه قيَاماً حَكِيْماً، رَأَيْتهُ يُلْقِي الدّرس، فَسَمِعْتُ مِنْهُ فَصَاحَة رَائِعَة، وَنغمَة رَائِقَة، فَقُلْتُ: مَا أَفصح هَذَا الرَّجُل!
فَقَالَ شَيْخنَا ابْنُ عُبَيْدَةَ النَّحْوِيّ: كَانَ أَبُوْهُ عوَّاداً، وَكَانَ هُوَ مَعِي فِي الْمكتب، فَضَرَبَ بِالعُوْد، وَأَجَاد، وَحذق، حَتَّى شَهِدُوا لَهُ أَنَّهُ فِي طَبَقَة مَعْبَد، ثُمَّ أَنِف، وَاشْتَغَل بِالخطّ، إِلَى أَنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ أَكْتَب مِنَ ابْنِ البوَّاب، وَلَا سِيَّمَا فِي الطُّومَار وَالثُّلُث، ثُمَّ أَنِف مِنْهُ، وَاشْتَغَلَ بِالفِقْه، فَصَارَ كَمَا تَرَى، وَعلّم وَلَدَي النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ (1) ، وَأَصلحَا مدَاسه (2) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تُوُفِّيَ فِي ثَامن ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ فِي عصر هَذَا اليَوْم لِلصَّلَاة بِالجَمَاعَة بِالرِّبَاط، فَلَمَّا تَوجّه لِلصَّلَاة، عرضت لَهُ سعلَة، وَتتَابعت، فَسَقَطَ، وَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَمَاتَ فِي وَقْتِهِ، وَحضره خلق كَثِيْر -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-.
(1) وهما الاميران: أبو نصر محمد الذي تولى الخلافة بعد أبيه وعرف بالظاهر، وأبو الحسن علي الذي مات شابا، وكان يعلمهما الخط.
(2)
فانظر - وفقك الله - إلى مكانة العلماء حينما يقوم أولاد الخليفة المؤهلون لتولي الخلافة بإصلاح مداس أستاذهم، فأي تقدير بعد هذا؟ ! رضي الله عنهم.