الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذّهب، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: ردَّ عَلَيْهِ مَالَه، وَقُلْ لَهُ: إِيَّاك وَالعَوْد إِلَى مِثْلهَا فَمَا كُلُّ ملكٍ يَكُوْن عَادِلاً، أَنَا مَا أَبيع أَهْل الإِسْكَنْدَرِيَّة بِهَذَا المَال.
قَالَ جهَاركس: فَوجمتُ، وَظهَرَ عليَّ، فَقَالَ: أَرَاك أَخذْتَ شَيْئاً؟
قُلْتُ: نَعم، خَمْسَة آلَاف دِيْنَار.
قَالَ: أَعْطَاك مَالاً يَنفعُ مرَّةً، وَأَنَا أُعْطيكَ مَا تَنْتَفعُ بِهِ مَرَّات.
ثُمَّ وَقَّعَ لِي بِإِطلَاق طُنبذَة (1) ، كُنْتُ أَسْتَغلُّهَا سَبْعَة آلَاف دِيْنَار.
قُلْتُ: تَملّك دِمَشْق، وَأَنشَأَ بِهَا العَزِيْزِيَّة إِلَى جَانب تربَة أَبِيْهِ.
وَخلّف وَلده النَّاصِرَ مُحَمَّداً، فَحلفُوا لَهُ، فَامْتَنَعَ عمَّاهُ المُؤَيَّد وَالمعزّ إِلَاّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُمَا الأَتَابكيةُ، ثُمَّ حَلَفَا، وَاخْتَلَفت الآرَاء، ثُمَّ كَاتِبُوا الْملك الأَفْضَل مِنْ مِصْرَ، فَخَرَجَ مِنْ صَرْخَدُ إِلَيْهِم فِي عِشْرِيْنَ رَاكِباً.
ثُمَّ جرت أُمُوْر، وَأَقْبَلَ العَادلُ، وَتَمَكَّنَ، وَأَجلس ابْنه الكَامِل، وَضَعُفَ حَال الأفضلِ، وَعُزِلَ النَّاصِرُ، وَانضمَّ إِلَى عَمّه بِحَلَبَ.
153 - الأَفْضَلُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ *
(2)
(1) اسم مكان، وراجع كلاما جيدا عليها للمرحوم الدكتور الشيال في تعليقه على (مفرج الكروب) : 3 / 86 هامش 3.
(*) ترجم له ابن الأثير في الكامل: 12 / 176، وسبط ابن الجوزي في المرآة: 8 / 637، والمنذري في التكملة، الترجمة: 2020، وأبو شامة في الذيل: 145، وابن خلكان في الوفيات: 3 / 419، وأبو الفداء في المختصر: 3 / 142، والذهبي في دول الإسلام: 2 / 96، والعبر: 5 / 91، والصفدي في الوافي: 12 / 234، وابن كثير في البداية: 13 / 108، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 262، والمقريزي في السلوك 1 / 116، وابن العماد في الشذرات: 5 / 101 وغيرهم.
(2)
في الأصل: (أبو الفتح عثمان) ، وهو وهم واضح جدا لعله من سبق القلم، والصحيح ما أثبتناه من جميع المصادر ومنها (تاريخ الإسلام) للذهبي، وهو بخطه (الورقة: =
تَمَلَّكَ دِمَشْقَ، ثُمَّ حَارَبَهُ العَزِيْزُ أَخُوْهُ، وَقَهَرَهُ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ العَزِيْزُ، أَسْرَعَ الأَفْضَلُ إِلَى مِصْرَ، وَنَابَ فِي المُلْكِ، وَسَارَ بِالعَسْكَرِ المِصْرِيِّ، فَقصد دِمَشْق، وَبِهَا عَمُّه العَادل، قَدْ بَادرَ إِلَيْهَا مِنْ مَارْدِيْن قَبْل مجِيْء الأَفْضَل بيَوْمَيْنِ، فَحَصَرَهُ الأفضلُ، وَأحرق الحوَاضر وَالبسَاتين، وَعَمِلَ كُلّ قَبِيح، وَدَخَلَ البَلَد، وَضجَّتِ الرَّعِيَّة بشعَاره، وَكَانَ مَحْبُوباً، فَكَادَ العَادلُ أَنْ يَسْتَسلِمَ، فَتمَاسك، وَشدَّ أَصْحَابه عَلَى أَصْحَابِ الْأَفْضَل، فَأَخرجُوْهُم، ثُمَّ قَدِمَ الظَّاهِر وَمَعَهُ صَاحِب حِمْص، وَهمُّوا بِالزّحف، فَلَمْ يَتَهَيَّأَ أَمرٌ، ثُمَّ سَفُل أَمر الأَفْضَل، وَعَاد إِلَى صَرْخَدُ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى سُمَيْسَاط، وَقنَع بِهَا، وَفِيْهِ تَشيّع بِلَا رفض.
وَلَهُ نَظْمٌ وَفضِيْلَة، وَإِلَيه عهد أَبُوْهُ بِالسلطنَة لمَا احتُضِر، وَكَانَ أَسنّ إِخْوَته، وَهُوَ القَائِلُ فِي عَمّه العَادل:
ذِي سنَّةٍ بَيْنَ الأَنَامِ قَدِيْمَةٍ
…
أَبَداً أَبُو بَكْرٍ يَجُورُ عَلَى عليّ
وَقَدْ كتب مِنْ نَظمه إِلَى الخَلِيْفَة النَّاصِر -وَفِي النَّاصِر تَشيّع-:
مَوْلَايَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَاحِبَهُ
…
عُثْمَانَ قَدْ غَصَبَا (1) بِالسَّيْفِ حقَّ عَلِي
وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَدْ وَلَاّهُ وَالِدُه
…
عَلَيْهِمَا وَاسْتقَامَ الأَمْرُ حِيْنَ وَلِي
فَخَالفَاهُ وَحَلَاّ عَقْدَ بَيْعَتِهِ
…
وَالأَمْرُ بَيْنهُمَا وَالنَّصُّ فِيْهِ جَلِي
فَانظر إِلَى حَظِّ هَذَا الاسْم كَيْفَ لقِي
…
مِنَ الأَوَاخِرِ مَا لَاقَى مِنَ الأُوَلِ
فَأَجَابوهُ مِنَ الدِّيْوَان:
وَافَى كِتَابُكَ يَا ابْنَ يُوْسُفَ مُعْلِناً
…
بِالودِّ يُخْبِرُ أَنْ أَصْلَكَ طَاهِرُ
= 23 - أيا صوفيا 3012)
(1)
في الأصل: (عصيا) والتصحيح من (تاريخ الإسلام) ، وابن خلكان.