الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
207 - القَاسِمُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ، ابْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، العَالِمُ، الرَّئِيْسُ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ مُحَدِّثِ العَصْرِ ثِقَةِ الدِّيْنِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَة اللهِ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ عَسَاكِرَ، وَمَا علمتُ هَذَا الاسْم (1) فِي أَجدَادِهِ، وَلَا مَنْ لُقِّبَ بِهِ مِنْهُم.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: الفُرَاوِيّ، وَزَاهِر، وَقَاضِي المَارستَان، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ المَلِكِ، وَعَبْد المُنْعِمِ ابْن القُشَيْرِيّ، وَابْنُ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الطَّبَرِ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَهِبَة اللهِ بن سَهْلٍ السَّيِّدِيّ، وَعبد
= المؤلف تحديدا لوفاته في (تاريخ الإسلام)، لكنه قال في (العبر) :(توفي في شعبان أو رمضان) . والذي وقفت عليه في النسخة الخطية من (التقييد لابن نقطة وهي نسخة الأزهر: (السابع) من شعبان، وفي (الجامع المختصر) لابن الساعي: السادس عشر من شعبان.
وعليه فإن الذي جاء أعلاه وهم بلا ريب.
(*) ترجمه ابن نقطة في التقييد، الورقة: 194، والمنذري في التكملة، الترجمة: 767، وابن أبي الدم الحموي في التاريخ المظفري، الورقة: 230، وأبو شامة في الذيل: 47، وابن الساعي في الجامع: 9 / 128، والذهبي في تاريخ الإسلام، الورقة: 278 (أحمد الثالث 2917 / 14)، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1368، والعبر: 4 / 314، ودول الإسلام: 2 / 80، والسبكي في الطبقات: 8 / 352، وابن كثير في البداية: 13 / 38، وابن الملقن في العقد، الورقة: 163، والفاسي في ذيل التقييد، الورقة: 250، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 186، وابن العماد في الشذرات: 4 / 347، والكتاني في الرسالة:48.
وترجم له ابن خلكان في ترجمة والده الحافظ أبي القاسم من الوفيات: 3 / 311.
(1)
يعني: (عساكر) ، والقدماء المعاصرون له لم يذكروا لهم هذا فكانوا يقولون عن والده (علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي) أو الشافعي، منهم رفيقه أبو سعد السمعاني والزكي المنذري وابن الدبيثي وغيرهم.
الجَبَّار الخُوَارِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ البِلَاد، لقيهُم وَالِده، وَلَمْ أَجِدْ لَهُ حُضُوْراً، وَلَا لأَبِيْهِ وَعَمِّهِ الصَّائِن.
سَمِعَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ مِنْ: جَمَال الإِسْلَامِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَجدّ أَبِيْهِ القَاضِي الزَّكِيّ يَحْيَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَيَحْيَى بن بِطْرِيْقٍ، وَنَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المصِّيْصِيِّ، وَأَبِي الدُّرّ يَاقُوْت الرُّوْمِيّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوُوْس، وَأَبِي طَالِبٍ عَلِيّ بن أَبِي عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفُتُوْح أُسَامَة بن مُحَمَّدِ بنِ زَيْدٍ العَلَوِيِّ، وَأَبِي الكَرَمِ يَحْيَى بن عَبْدِ الغَفَّارِ عَنْ رِزْق اللهِ، وَخَال أَبِيْهِ أَبِي المَعَالِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، وَنَاصِر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيّ، وَالخَضِر بن الحُسَيْنِ بنِ عَبْدَان، وَعَبْدَان بن زَرِّيْنَ (1) الدُّوِيْنِيّ، وَيَحْيَى بن سعدُوْنَ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظ أَبِي سَعْدٍ ابْنِ السَّمَّان، وَأَبِيْهِ؛ أَبِي القَاسِمِ الحَافِظ، فَأَكْثَر إِلَى الغَايَة، فَإِنَّنِي مَا علمت أَحَداً سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ أَكْثَر مِنْ هَذَا الابْنِ، حَتَّى وَلَا ابْن الإِمَامِ أَحْمَد، لَعَلَّ القَاسِم سَمِعَ مِنْ أَبِيْهِ ثَلَاثَة آلَاف جُزْء.
وَسَمِعَ مِنْ: عَمّه الصَّائِن، وَمِنْ: أَبِي يَعْلَى ابْنِ الحُبُوْبِيِّ، وَحَمْزَة بن كَرُّوْسٍ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَأَبِي البَرَكَاتِ الخَضِر بن عَبْدٍ الحَارِثِيّ، وَنَصْر بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل، وَأَخِيْهِ؛ عَلِيّ بن أَحْمَدَ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ، وَفَضَائِل بن الحَسَنِ، وَأَبِي العشَائِر مُحَمَّد بن خَلِيْل، وَالوَزِيْر الفَلَكِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ غَالِب بن أَحْمَدَ، وَنَصْر بن قَاسم المَقْدِسِيّ المُلَقِّن، وَحُفَّاظ بن الحَسَنِ الغَسَّانِيّ، وَمَحْفُوْظ بن صَصْرَى التَّغْلِبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَامِلٍ بن دَيْسَمٍ، وَعَلِيّ بن
(1) قال الذهبي في (المشتبه) : (رزين - جماعة. وبزاي مفتوحة ثم مشددة..وعبدان بن زرين الدويني شيخ ابن أبي لقمة)(ص: 315 - 316) .
الحُسَيْن بن أَشلِيهَا، وَحَمْزَة بن الحَسَنِ بنِ مُفَرِّجٍ الأَزْدِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ رَاشِد بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ ابْنِ النَّبِيْهِ، وَعَلِيّ بن زَيْدٍ، وَعَلِيّ بن هِبَةِ اللهِ بنِ خَلْدُوْنَ، وَهِبَة اللهِ بن الْمُسلم الرَّحَبِيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَهُوَ أَوسع رِوَايَة وَسَمَاعاً مِنْ أَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَلَهُ عَمل جَيِّد، وَلَكِن ابْن الجَوْزِيّ أَعْلَم مِنْهُ بِكَثِيْر بِالرِّجَال وَالمتُوْن وَبعدَة فُنُوْن، وَكُلّ مِنْهُمَا لَمْ يَرْحَلْ، بَلْ قنع أَبُو مُحَمَّد بِبلده وَوَالِده، وَنَاهيك بِذَلِكَ، وَقنع أَبُو الفَرَجِ بِبَغْدَادَ.
نعم (1) ، وَحَجّ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي سَنَةِ 555، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: مَسْعُوْد بن الحُصَيْنِ، وَأَحْمَد بن المُقَرِّبِ، وَأَبِي النَّجِيْب السُّهْرَوَرْدِيّ، وَفَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَة.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَبِالحِجَاز، وَبَيْت المَقْدِسِ، وَدِمَشْق.
وَكَتَبَ مَا لَا يُوْصَف كَثْرَة بِخَطِّهِ العَدِيْم الجوْدَة، وَأَملَى، وَصَنَّفَ، وَنُعِتَ بِالحِفْظ وَالفهمِ، وَلَكِنّ خطّه نَادر النَّقْط وَالشّكل.
جمع كِتَاباً كَبِيْراً فِي الجِهَادِ، وَمَا قَصَّر فِيْهِ، وَمُجَلَّداً فِي فَضَائِل القُدْس، وَمُجَلَّداً فِي المَنَاسِك، وَكِتَاباً فِي مَنْ حَدَّثَ بِمَدَائِنِ الشَّامِ وَقُرَاهَا، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ مُوَافقَات وَأَبَدَالاً وَسُبَاعِيَات، وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس، وَرَوَى الكَثِيْر، وَتَفَرَّد بِأَشيَاء عَالية.
ذكره العِزُّ النَّسَّابَةُ، فَقَالَ: كَانَ أَحَبَّ مَا إِلَيْهِ المُزَاحُ.
(1) هذا من أسلوب الذهبي الشائع ويريد به استدراكا على قوله أولا إنه لم يرحل وإنه قنع ببلده ووالده.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (1) : هُوَ ثِقَةٌ، لَكِنّ خطّه لَا يُشبِه خطّ أَهْل الضَّبْط.
وَذَكَرَ المُحَدِّث عَبْد الرَّحْمَانِ بن مُقَرّبٍ، عَنْ نَدَى العُرضِيّ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى بَهَاء الدِّيْنِ القَاسِمِ، فَقُلْتُ: عَنِ ابْنِ لَهِيْعَة، فَردّ عليّ بِالضمِّ (2) !
قُلْتُ: ذكر مُحَدِّث (3) أَنَّهُ اجْتَمَع بِالمَدِيْنَةِ بِبَهَاء الدِّيْنِ القَاسِم، فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثهُ، فَرَوَى لَهُ مِنْ حِفْظِهِ أَحَادِيْث، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ قَابل تِلْكَ الأَحَادِيْث بِأَصلهَا، فَوَافَقت، وَبمثل هَذَا يُوْصَف المُحَدِّث فِي زَمَانِنَا بِالحِفْظ.
وَبَلَغَنِي: أَنَّ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ وَلِي بَعْد أَبِيْهِ مَشْيَخة النّورِيَّة، فَمَا تَنَاول مِنَ الجَامكيَّة شَيْئاً، بَلْ كَانَ يُعْطِيه لِمَنْ يَرحل فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المَوَاهِبِ بنُ صَصْرَى، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المُفَضَّلِ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَيُوْسُف بن خَلِيْل، وَوَلَده؛ عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القَاسِمِ، وَأَبُو الطَّاهِرِ ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ، وَالتَّاج القُرْطُبِيّ، وَفتَاهُ فَرَج، وَالتَّقِيّ اليَلْدَانِيّ، وَالشِّهَاب القُوْصِيّ، وَعَبْد الغَنِيِّ بن بَنِينَ، وَبَدَل بن أَبِي المُعَمَّر التَّبْرِيْزِيّ، وَالزَّيْن خَالِد بن يُوْسُفَ، وَالمَجْد مُحَمَّد بن عَسَاكِرَ، وَالتَّقِيّ
(1)(التقييد)، الورقة: 194 وأصل العبارة فيه: (وكان ثقة في الحديث مكرما للفقراء، وكتب كثيرا إلا أن خطه لا يشبه خط أهل الضبط والإتقان)
(2)
يعني ضم اللام من لهيعة.
(3)
هذا المحدث هو أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611، وقد روى هذه الحكاية لتلميذه الحافظ أبي محمد عبد العظيم المنذري حينما سأله: أقول حدثنا القاسم بن علي الحافظ بالكسر نسبة إلى والده؟ فقال له أبو الحسن المقدسي: بالضم فإني اجتمعت به بالمدينة فأملى علي..الخ (تاريخ الإسلام، الورقة: 278 أحمد الثالث 2917 / 14) .
وقال المنذري في ترجمته من (التكملة) : (ولقيه شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي بالحجاز وكان يذكره بالحفظ وكان القاسم أيضا يثني على شيخنا)
إِسْمَاعِيْل بن أَبِي اليُسْرِ، وَالنُّشْبِيّ، وَوَلَده (1) أَبُو بَكْرٍ، وَالكَمَال عَبْد العَزِيْزِ بن عَبْدِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن زَين الأُمَنَاءِ، وَفرَاس بن عَلِيٍّ العَسْقَلَانِيّ، وَعِمَاد الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ بن الحرستَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: أَحْمَد بن سَلَامَةَ الحَدَّاد، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلَاّنَ، وَطَائِفَة.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَلَاّنَ، وَابْن سَلَامَةَ كِتَابَةً، عَنِ القَاسِمِ بن عَلِيٍّ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو المُفَضَّل يَحْيَى بن عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا حَيْدَرَة بن عَلِيٍّ المُعَبِّر، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ حَذْلَم، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنِي عُقْبَة بن مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ:
شَهِدت عَلِيّاً وَعُثْمَان بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِيْنَة، وَعُثْمَان يَنْهَى عَنِ المتعَة، وَأَنْ لَا يُجْمَع بَيْنهُمَا، وَأَبَى عَلِيٌّ ذَلِكَ، أَهَلَّ بِهِمَا، فَقَالَ: لبّيك بعُمْرَة وَحجَّة مَعاً.
فَقَالَ عُثْمَانُ: أَنْهَى النَّاسَ، وَأَنْت تَفْعَلُه؟!
فَقَالَ: لَمْ أَكن أَدع سُنَّة رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِقَوْل أَحَد مِنَ النَّاس.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ (2)، وَفِيْهِ: أَن مَذْهَب الإِمَام عَلِيّ كَانَ يَرَى مُخَالَفَة وَلِيّ
(1) يعني ولد النشبي، وهو أبو بكر محمد بن علي بن المظفر بن القاسم النشبي الدمشقي، وقد تكلمنا عليهم فيما مر.
(2)
قال شعيب: 5 / 148 في الحج: باب القران، من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن أبي عامر، عن شعبة بهذا الإسناد، ورجاله ثقات.
وأخرج أحمد 1 / 92 بإسناد قوي عن عبد الله بن الزبير، قال: والله إنا لمع عثمان بن عفان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام فيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان - وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج -: إن أتم للحج والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحج، فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين، كان أفضل، فإن الله تعالى قد وسع في الخير، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في بطن الوادي يعلف بعيرا، قال: فبلغه الذي قال عثمان، فأقبل حتى وقف على عثمان، فقال: أعمدت إلى سنة سنها رسول الله صلى الله عليه =
الأَمْر لأَجْل متَابعَة السُّنَّة، وَهَذَا حسن لِمَنْ قَوِيَ، وَلَمْ يُؤْذِهِ إِمَامه، فَإِنْ آذَاهُ، فَلَهُ ترك السّنَّة، وَلَيْسَ لَهُ ترك الْفَرْض، إِلَاّ أَنْ يَخَافَ السَّيْفَ.
أَخْبَرَنِي ابْنُ رَافِعٍ: أَنَّهُ قرَأَ بِخَطِّ عِمَاد الدِّيْنِ عَلِيّ بن القَاسِمِ الحَافِظ تَرْجَمَة لأَبِيْهِ (1)، فَقَالَ:
كَانَ وَالِدِي بَهَاء الدِّيْنِ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالعُلَمَاء حِيْنَ بلغَ حدّ السَّمْعِ، سَمَّعَهُ عَمَّاهُ الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ مِنَ المَشَايِخ الأَعيَان، ثُمَّ قَدِمَ أَبُوْهُ -يَعْنِي مِنَ الرّحلَة- سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ (2) ، فَأَسْمَعَهُ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَتَقْرُبُ عِدَّةُ مَشَايِخه مِنْ مائَة شَيْخ، تَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ أَكْثَرِهِم، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ، وَيَكْتُب، وَيُؤَلِّف.
قَالَ: وَحَجّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، فَسَمِعَ بِمَكَّةَ
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَوْلَا تَبييضُه لِكِتَابِ التَّارِيْخ، وَنقله مِنَ المسوّدَة، لَمَّا قدر الشَّيْخ الكَبِيْر -يَعْنِي وَالِده- عَلَى إِتقَانه، وَلَا جَوَّده، فَإِنَّهُ حِيْنَ فَرغ مِنْ تَسْوِيده، عجز عَنْ نَقله، وَتَجديده، وَضَبْطِ مَا فِيْهِ مِنَ المشْكِلِ، وَتَحدِيده، كَأنَّ نَظره قَدْ كَلَّ، وَبصره قَدْ قلّ، فَلَمْ يَزَلْ وَالِدِي يَكتب، وَيَنْقله مِنَ الأَورَاق الصّغَار وَالظُهُوْر، وَيهذّب إِلَى أَنْ نَجز مِنْهُ نَحْو مائَة وَخَمْسِيْنَ جُزْءاً، وَكَأنَّ بَيْنَهُمَا نَفرَة، فَكَانَ لَا يَحضر السَّمَاع تِلْكَ المُدَّة، فَحكَى لِي وَالِدِي، قَالَ:
ضَاق صَدْرِي، فَأَتَيْتُ الوَالِد لَيْلَة النِّصْف فِي المنَارَة الشَّرْقِيَّة، وَزَال مَا فِي قَلْبه.
وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ كَثِيْراً يَقُوْلُ: عِنْد غَيبَة وَالِدك عَنْهُ: جزَاهُ الله عَنِّي خَيراً، فَلولَاهُ مَا تَمّ التَّارِيْخ، هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ.
= وسلم ورخصة رخص الله تعالى بها للعباد في كتابه، تضيق عليهم فيها، وتنهى عنها، وقد كانت لذي الحاجة ولنائي الدار، ثم أهل بحجة وعمرة معا، فأقبل عثمان على الناس رضي الله عنه، فقال: وهل نهيت عنها؟ إني لم أنه عنها، إنما كان رأيا أشرت به، فمن شاء أخذ به، ومن شاء تركه.
(1)
نقل منها أيضا ابن نقطة في (التقييد) .
(2)
هذه هي رحلته الثانية وكانت مخصصة لمشرق العالم الإسلامي وقد مر ببغداد عند رجوعه فمكث فيها قليلا (انظر: ابن عساكر في بغداد، للدكتور بشار عواد معروف) .
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّ الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ حَلَفَ أَنَّهُ لَايُكَلِّم ابْنَهُ حَتَّى يَكتبَ التَّارِيْخَ، فَكَتَبَهُ، وَلَمَّا عَمل بَهَاءُ الدِّيْنِ كِتَاب (الجِهَاد) سَمِعَهُ مِنْهُ كُلّه السُّلْطَان صَلَاح الدِّيْنِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ.
قَالَ: فَدعوت فِي أَوله وَآخره بِفَتح بَيْت المَقْدِسِ، فَاسْتجَاب الله ذَلِكَ، وَلَهُ الْحَمد، وَفتح بَيْت المَقْدِسِ فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَجَب، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنَا حَاضِرٌ فَتحه.
تُوُفِّيَ الحَافِظ بَهَاء الدِّيْنِ: فِي تَاسع صفر، سَنَة سِتّ مائَة، وَكَانَتْ جِنَازَته مَشْهُوْدَة.
208
- شُمَيْمٌ * أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ (1) بنُ الحَسَنِ بنِ عَنْتَرَ الحِلِّيُّ
الأَدِيْبُ.
شَاعِرٌ، لغوِيٌّ، مُتَقَعِّرٌ، رقيعٌ، أَحْمَقُ، قَلِيْلُ الخَيْر.
لَهُ عِدَّةُ تَوَالِيف أَدبيَّة، فِيْهَا الغثُّ وَالسَّمِينُ.
(*) ترجمه ياقوت في إرشاد الاريب: 5 / 129، وابن الدبيثي في تاريخه، الورقة: 137 من مجلد كيمبرج، وابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة: 102 - 112 ظاهرية، والقفطي في إنباه الرواة: 2 / 243، والمنذري في التكملة، الترجمة: 883، وأبو شامة في الذيل: 52، وابن الساعي في الجامع: 9 / 157، وابن خلكان في الوفيات: 3 / 339، وابن سعيد في الغصون: 5، والذهبي في تاريخ الإسلام: م 18 ق 1 ص: 68 (تحقيق الدكتور بشار)، والعبر: 5 / 2، وابن مكتوم في التلخيص، الورقة: 133، والصفدي في الوافي: 12 / الورقة: 30، وابن كثير في البداية: 13 / 41، والدلجي في الفلاكة: 90، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة، الورقة: 208، وابن الفرات في تاريخه: 9 / الورقة: 14، والسيوطي في البغية: 2 / 156، وابن العماد في الشذرات: 5 / 4 وغيرهم.
(1)
في الأصل (الحسن بن علي) وهو وهم جدواضح من الناسخ صححناه من كتب الذهبي الأخرى ومصادر ترجمته المذكورة.