الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ (1) .
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ خَلِيْل، وَالضِّيَاء، وَابْن عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالنَّجِيْب الحَرَّانِيُّ (2) ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَة: ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، وَالقُطْبُ ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَالفَخْرُ ابْنُ البُخَارِيِّ.
وَفِيْهَا مَاتَ: ابْنُ الجَوْزِيِّ، وَأَبُو المَكَارِمِ اللَّبَّانُ، وَالمُحَدِّثُ تَمِيْمُ ابْنُ البَنْدَنِيْجِيِّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ ابْنِ الطَّوِيْلَةِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ ابْنِ الفَرَسِ الأَنْصَارِيُّ الغَرْنَاطِيّ شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، وَالوَاعِظُ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ الحَرْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيُّ، وَالعِمَادُ الكَاتِبُ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافِرُ بنُ الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ بِمِصْرَ، وَالأَمِيْرُ بَهَاءُ الدِّيْنِ قَرَاقُوْشُ الخَادِمُ الأَبْيَضُ مَوْلَى شِيرْكُوْه الَّذِي بَنَى سُورَ مِصْرَ وَقَلْعَةَ الجَبَلِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الفَارفَانِيّ أَخُو عَفِيْفَةَ، وَالمُقْرِئُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الكَالِ الحِلِّيُّ، وَأَبُو شُجَاعٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ المَقْرُوْنُ اللَّوْزِيّ، المُقْرِئُ.
166 - صَاحِبُ المَغْرِبِ المَنْصُوْرُ أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المُلَقَّبُ بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المَنْصُوْرُ، أَبُو يُوْسُفَ
(1) وقال المنذري في (التكملة) : (ويقال: إنه قارب المئة) .
(2)
قال نجيب الدين عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني (587 - 672) في مشيخته التي من تخريج جمال الدين ابن الطاهري الحنفي: (أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمان بن أبي الكرم محمد بن أبي ياسر هبة الله بن محمد بن عيسى القصري البواب المعروف بابن ملاح الشط البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد في ذي القعدة من سنة خمس وتسعين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ابن الحصين قراءة عليه وأنا أسمع في شعبان من سنة أربع وعشرين وخمس مئة
…
(وذكر حديثا)(الورقة: 12 من نسخة الخزانة الملكية بالرباط، رقم 3649) .
(*) أخباره في التواريخ المستوعبة لعصره ولا سيما التواريخ المعنية بالمغرب والاندلس مثل =
يَعْقُوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ يُوْسُفَ ابْنِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ، الكُوْمِيُّ، المَغْرِبِيُّ، المَرَّاكُشِيُّ، الظَّاهِرِيُّ، وَأُمّه أَمَةٌ رُومِيَّة اسْمهَا سَحَر (1) .
عقدُوا لَهُ بِالأَمْرِ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عِنْد مهلك أَبِيْهِ، فَكَانَ سنُّه يَوْمَئِذٍ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ تَامّ القَامَة، أَسْمَر، صَافِيَا، جَمِيْل الصُّوْرَة، أَعْيَن، أَفوَهَ، أَقنَى، أَكحلَ، سمِيناً، مُسْتدير اللِّحْيَة، جهورِيَّ الصَّوت، جزل العبَارَة، صَادِق اللَّهجَة، فَارِساً، شُجَاعاً، قوِيّ الفرَاسَة، خَبِيْراً بِالأُمُوْر، خليقاً لِلإِمَارَة، يَنطوِي عَلَى دين وَخير وَتَأَلُّه وَرزَانَة.
عمل الوزَارَة لأَبِيْهِ، وَخبَرَ الخَيْر وَالشَّرّ، وَكشف أَحْوَال الدَوَاوِيْن.
وَزَرَ لَهُ عُمَرُ بن أَبِي زَيْدٍ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْن الشَّيْخِ عُمَر إِيْنتِي، ثُمَّ ابْن عَمّ هَذَا مُحَمَّد الَّذِي تَزَهَّد، وَاخْتَفَى، ثُمَّ أَبُو زَيْد الهنتَانِيُّ (2) ، وَزِيْر وَلده مِنْ بَعْدِه.
وَكَتَبَ لَهُ السّرّ: ابْن مَحْشُوَّة (3) ، ثُمَّ ابْن عَيَّاشٍ (4) الأَدِيْب.
= البيان المغرب، والحلل الموشية، وروض القرطاس، وأعمال الاعلام، والاستقصا، ونفح الطيب، وغيرها، ومن التواريخ المشرقية: الكامل لابن الأثير، والمرآة لسبط ابن الجوزي، وتاريخ الإسلام للذهبي، وغيرها.
وقد ترجم له السبط في المرآة ترجمة جيدة: 8 / 464 فما بعد، وابن خلكان في الوفيات: 7 / 3 - 19 وغيرهم (انظر التعليق على وفيات الأعيان، والاعلام للعلامة المرحوم الزركلي: 9 / 267) .
وقد نقل الذهبي معظم الترجمة من كتاب (المعجب) لعبد الواحد المراكشي: 336 فما بعد.
(1)
في (المعجب) للمراكشي: (ساحر) .
(2)
أبو زيد عبد الرحمان بن موسى بن يوجان الهنتاني.
(3)
أبو الفضل جعفر المعروف بابن محشوة.
(4)
أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن عياش.
وَقضَى لَهُ: ابْنُ مضَاء (1) ، ثُمَّ الوَهْرَانِيّ (2) ، ثُمَّ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَقِيٍّ (3) .
وَلَمَّا تَملَّك، كَانَ حَوْلَهُ منَافسُوْنَ لَهُ مِنْ عُمُومَته وَإِخْوَته، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى سَلَا، وَبِهَا تَمَّت بيعتُه، وَأَرْضَى آله بِالعَطَاء، وَبَنَى مدينَة تلِي مَرَّاكش عَلَى البَحْر (4) ، فَمَا عَتمَ أَن خَرَجَ عَلَيْهِ عَلِيّ بن غَانِيَة الملثّم، فَأَخَذَ بِجَايَة، وَخَطَبَ لِلنَاصِر العَبَّاسِيّ، فَكَانَ الخَطِيْب بِذَلِكَ عَبْد الحَقِّ مصَنّف (الأَحكَام) ، وَلَوْلَا حُضُوْر أَجَله، لأَهْلكه المَنْصُوْر (5) .
ثُمَّ تَملّك ابْن غَانِيَة قَلْعَة حَمَّاد، فَسَارَ المَنْصُوْر، وَاسْتردّ بِجَايَة، وَجَهَّزَ جَيْشه، فَالتقَاهُم ابْن غَانِيَة، فَمزّقهُم، فَسَارَ المَنْصُوْر بِنَفْسِهِ، فَكسر ابْن غَانِيَة، وَذَهَبَ مُثْخَناً بِالجرَاح، فَمَاتَ فِي خيمَةِ أَعرَابيَة (6) ، وَقَدَّمَ جَيْشُه عَلَيْهِم أَخَاهُ يَحْيَى، فَانحَاز بِهِم الَىالصّحرَاء مَعَ الْعَرَب، وَجَرَتْ لَهُ حُرُوْب طَوِيْلَة، وَاسْتردّ المَنْصُوْر قَفْصَة (7) ، وَقَتَلَ فِي أَهْلهَا، فَأَسرف، ثُمَّ قتل عَمَّيه سُلَيْمَان وَعُمَر صَبْراً (8) ، ثُمَّ نَدِم، وَتزَهَّد، وَتَقشّف، وَجَالِس الصُّلَحَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَمَال إِلَى الظَّاهِر، وَأَعرض عَنِ المَالِكِيَّة، وَأَحرق مَا لَا يُحصَى مِنْ كُتُب الفُرُوْع.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ (9) : كُنْت بفَاس، فَشهدْتُ الأَحمَال يُؤْتَى
(1) أبو جعفر أحمد بن مضاء القرطبي.
(2)
أبو عبد الله محمد بن مروان الوهراني.
(3)
أبو القاسم أحمد بن محمد ابن بقي.
(4)
هي مدينة رباط الفتح، انظر تفاصيل ذلك في المعجب:341.
(5)
قد مرت ترجمة ابن غانية، وترجمة عبد الحق الاشبيلي في هذا الكتاب، وانظر تفاصيل هذه الأمور في (المعجب) : 342 - 347.
(6)
(المعجب) : 349.
(7)
انظر التفاصيل في (المعجب) : 349.
(8)
(المعجب) : 352 - 354.
(9)
(المعجب) : 354.
بِهَا، فَتُحرق، وَتهدَّد عَلَى الاشتغَال بِالفُرُوْع، وَأَمر الحُفَّاظ بِجمع كِتَاب فِي الصَّلَاةِ مِنَ (الكُتُب الخَمْسَة) ، وَ (المُوَطَّأ) ، وَ (مُسْنَد ابْن أَبِي شَيْبَةَ) ، وَ (مُسْنَد البَزَّار) ، وَ (سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ) ، وَ (سُنَن البَيْهَقِيّ) ، كَمَا جَمَع ابْن تُوْمَرْت فِي الطّهَارَة.
ثُمَّ كَانَ يُمْلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ عَلَى كِبَارِ دَوْلَته، وَحَفِظَ ذَلِكَ خلق، فَكَانَ لِمَنْ يَحفظُه عَطَاء وَخِلْعَة
…
، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ قصدهُ مَحْو مَذْهَب مَالِك مِنَ البِلَاد، وَحَمَلَ النَّاس عَلَى الظَّاهِر، وَهَذَا الْمَقْصد بِعَيْنِهِ كَانَ مقْصد أَبِيْهِ وَجدّه، فَلَمْ يُظْهِرَاهُ، فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ أَن ابْن الجَدِّ أَخْبَرَهُم، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ يُوْسُف، فَوَجَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ كِتَاب ابْن يُوْنُسَ، فَقَالَ: أَنَا أَنظر فِي هذَة الآرَاء الَّتِي أُحْدثَت فِي الدِّيْنِ، أَرَأَيْت المَسْأَلَة فِيْهَا أَقْوَال، فَفِي أَيِّهَا الحَقّ؟ وَأَيُّهَا يَجِبُ أَنْ يأْخذَ بِهِ المقلِّد؟
فَافْتتحت أُبَيِّن لَهُ، فَقطع كَلَامِي، وَقَالَ: لَيْسَ إِلَاّ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى المُصْحَف، أَوْ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ، أَوْ هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى السَّيْف.
قَالَ يَعْقُوْبُ: يَا مَعْشَر الموحِّدين، أَنْتُم قبَائِل، فَمَنْ نَابه أَمر، فَزِع إِلَى قَبيلَته، وَهَؤُلَاءِ -يَعْنِي: طلبَة العِلْم (1) - لَا قبيل لَهُم إِلَاّ أَنَا، قَالَ: فَعظمُوا عِنْد الموحِّدين.
وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ: غَزَا الفِرنْج، ثُمَّ رَجَعَ، فَمَرِضَ، وَتَكلّم أَخُوْهُ أَبُو يَحْيَى فِي الْملك، فَلَمَّا عوفِي، قَتَلَه، وَتهدَّد القَرَابَة (2) .
وَفِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ: انْتقضت الهدنَة، فَتَجَهَّز، وَعرض جُيُوشه بِإِشْبِيْلِيَة،
(1) يعني طلبة علم الحديث.
(2)
راجع تفاصيل ذلك في (المعجب) : 356 - 358.
وَأَنفق الأَمْوَال، فَقَصَدهُ أَلْفُنْش (1) ، فَالتَقَوا، وَكَانَ نصراً عزِيزاً، مَا نَجَا أَلْفُنش إِلَاّ فِي شُريذِمَة، وَاسْتُشْهِدَ مِنَ الكِبَارِ جَمَاعَة، وَاسْتَوْلَى يَعْقُوْب عَلَى قلاع، وَنَازل طليطلَة، ثُمَّ رَجَعَ، ثُمَّ غَزَا، وَوَغل، بِحَيْثُ انْتَهَى إِلَى أَرْضٍ مَا وَصلت إِلَيْهَا المُلُوْك، فَطَلبَ أَلْفُنْش المهَادنَة، فَعُقدتْ عشراً، ثُمَّ رَدَّ السُّلْطَان إِلَى مَرَّاكش بَعْد سَنَتَيْنِ، وَصرَّح بِقصد مِصْر.
وَكَانَ يَتولَّى الصَّلَاة بِنَفْسِهِ أَشْهُراً، فَتعوَّق يَوْماً، ثُمَّ خَرَجَ، وَهُم يَنْتظرُوْنَهُ، فَلَامهُم، وَقَالَ: قَدْ قَدَّمَ الصَّحَابَة عَبْد الرَّحْمَانِ بن عَوْف لِلْعذر، ثُمَّ قرّر إِمَاماً عَنْهُ (2) .
وَكَانَ يَجلسُ لِلْحَكَمِ، حَتَّى اخْتصم إِلَيْهِ اثْنَانِ فِي نِصْفِ (3) ، فَقضَى، ثُمَّ أَدَّبهُمَا، وَقَالَ: أَمَّا كَانَ فِي البَلَد حكَّام؟
وَكَانَ يَسْمَع حَكَم ابْن بَقِيٍّ مِنْ وَرَاء السّتر، وَيدخل إِلَيْهِ أُمنَاء الأَسواق، فَيَسْأَلهُم عَنِ الأُمُوْر.
وَتَصدّق فِي الغَزْوَة المَاضيَة (4) بِأَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَكَانَ يَجْمَع الأَيْتَام فِي العَامِ، فَيَأْمُر لِلصبِيِّ بدِيْنَار وَثَوْب وَرَغِيْف وَرُمانَة.
وَبَنَى مَارستَان مَا أَظَنّ (5) مِثْله، غرس فِيْهِ مِنْ جَمِيْع الأَشجَار، وَزخرفَه، وَأَجرَى فِيْهِ المِيَاهَ، وَرتَّب لَهُ كُلّ يَوْم ثَلَاثِيْنَ دِيْنَاراً لِلأَدويَة، وَكَانَ يَعُوْد المَرْضَى فِي الجُمُعَة.
(1) ويكتب: (الادفنش) أيضا، وهو ألفونس الثامن ملك قشتالة.
(2)
(المعجب) : 361.
(3)
يعني في نصف درهم.
(4)
وهي الغزوة الثانية سنة 592.
(5)
القول لعبد الواحد بن علي المراكشي: 364.
وَوَرَدَ عَلَيْهِ أُمَرَاء مِنْ مِصْرَ، فَأَقطع وَاحِداً تِسْعَة آلَاف دِيْنَار (1) .
وَكَانَ لَا يَقُوْلُ بالعِصْمَة فِي ابْن تُوْمَرْت (2) .
وَسَأَل فَقِيْهاً (3) : مَا قَرَأْت؟
قَالَ: تَوَالِيف الإِمَام (4) .
قَالَ: فَزَوَرَنِي (5)، وَقَالَ: مَا كَذَا يَقُوْلُ الطَّالب! حُكْمك أَنْ تَقُوْلَ: قَرَأْت كِتَاب اللهِ، وَقَرَأْت مِنَ السّنَّة، ثُمَّ بَعْد ذَا قُل مَا شِئْت.
قَالَ تَاج الدِّيْنِ ابْن حَمُّوَيْه: دَخَلت مَرَّاكش فِي أَيَّامِ يَعْقُوْب (6) ، فَلَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا بسيَادته مجملَة، يُقصَد لِفَضْلِهِ وَلعدله وَلبذله وَحسن مُعْتَقده، فَأَعذب موردِي، وَأَنجح مقصدِي، وَكَانَتْ مَجَالِسُه مُزَيَّنَة بِحُضُوْرِ العُلَمَاء وَالفُضَلَاء، تُفتتَح بِالتِّلَاوَة ثُمَّ بِالحَدِيْثِ، ثُمَّ يَدعُو هُوَ، وَكَانَ يُجِيْد حَفِظ القُرْآن، وَيَحفظ الحَدِيْث، وَيَتكلَّم فِي الفِقْه، وَيُنَاظر، وَيَنسبونه إِلَى مَذْهَب الظَّاهِر.
وَكَانَ فَصِيْحاً، مَهِيْباً، حسن الصُّوْرَة، تَامّ الخلقه، لَا يُرَى مِنْهُ اكفهرَار، وَلَا عَنْ مَجَالِسه إِعرَاض، بزِيّ الزُّهَّاد وَالعُلَمَاء، وَعَلَيْهِ جَلَالَة المُلُوْك، صَنّف فِي العِبَادَات، وَلَهُ (فَتَاو) ، وَبَلَغَنِي أَنَّ السودَان قَدَّمُوا لَهُ
(1) انظر تفاصيل ذلك في (المعجب) : 365 - 366.
(2)
كانت العامة تعتقد أن ابن تومرت هو المهدي.
(3)
هذا الفقيه هو أبو بكر بن هاني الجياني، وأصل الحكاية مفصلة عند عبد الواحد في (المعجب) وهو الذي رواها عن هذا الفقيه:369.
(4)
يعني ابن تومرت.
(5)
في أصل (المعجب) : فنظر إلي نظرة المغضب.
(6)
زار تاج الدين عبد الله بن عمر بن حمويه المغرب سنة 593 وعاش في بلاط الموحدين وكان على صلة وثيقة بيعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبقي هناك إلى سنة 600 فدون مذكراته في كتاب نقل منه الذهبي كثيرا في كتبه (الذهبي ومنهجه: 408) وقد وقف عليه ابن خلكان أيضا سنة 668 ونقل منه في (الوفيات)(راجع (الوفيات) : 7 / 5) وتوفي تاج الدين هذا سنة 642 (السبط في (المرآة) : 8 / 748 والمقري في (نفح الطيب) : 2 / 707 وكتب الذهبي في سنة وفاته) .
فِيلاً، فَوصلهُم، وَردّه، وَقَالَ: لَا نُرِيْد أَن نَكُوْن أَصْحَاب الفِيْل.
ثُمَّ طوّل التَّاج فِي عدله وَكرمه، وَكَانَ يَجْمَع الزَّكَاة، وَيُفرّقهَا بِنَفْسِهِ، وَعَمِلَ مكتباً لِلأَيتَام، فِيْهِ نَحْو أَلف صَبِيّ، وَعَشْرَة مُعَلِّمُوْنَ.
حَكَى لِي بَعْض عُمَّاله: أَنَّهُ فَرّق فِي عيد نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفَ شَاة.
وَقَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ (1) : كَانَ مُهتّماً بِالبنَاء، كُلّ وَقت يُجدِّد قَصْراً أَوْ مدينَة، وَأَنَّ الَّذِيْنَ أَسلمُوا كرهَا أَمرهُم بِلبْس كحلِيّ وَأَكمَام مُفرِطَة الطّول، وَكلوتَاتّ ضَخْمَة بشعَة، ثُمَّ أَلْبَسَهُم ابْنه العَمَائِم الصُّفْر، حمل يَعْقُوْب عَلَى ذَلِكَ شكّه فِي إِسلَامهِم، وَلَمْ تَنعقد عِنْدنَا ذِمَّة ليَهُوْدِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ مُنْذُ قَامَ أَمر المَصَامِدَة، وَلَا فِي جَمِيْع المَغْرِب كنِيسَة، وَإِنَّمَا اليَهُوْد عِنْدنَا يُظهرُوْنَ الإِسْلَام، وَيُصلُّوْنَ، وَيُقرِئون أَولَادَهُمُ القُرْآنَ جَارِيْنَ عَلَى مِلَّتنَا (2) .
قُلْتُ: هَؤُلَاءِ مُسْلِمُوْنَ، وَالسَّلَام.
وَكَانَ ابْن رُشْدٍ الحَفِيْد (3) قَدْ هذّب لَهُ كِتَاب (الحيوَان (4)) ، وَقَالَ: الزُّرَافَة رَأَيْتُهَا عِنْد ملك البَرْبَر، كَذَا قَالَ غَيْر مُهتبل، فَأَحنَقَهُم هَذَا، ثُمَّ سَعَى فِيْهِ مَنْ يُنَاوئه عِنْد يَعْقُوْب، فَأَرَوهُ بِخَطِّهِ حَاكياً عَنِ الفَلَاسِفَة أَنَّ الزُّهرَة أَحَد الآلهَة، فَطَلَبَهُ، فَقَالَ: أَهَذَا خطّك؟
فَأَنْكَر، فَقَالَ: لَعَنَ اللهُ مَنْ كتبه، وَأَمر الحَاضِرِيْنَ بِلَعْنِهِ، ثُمَّ أَقَامَه مُهَاناً، وَأَحرق كتب الفَلْسَفَة سِوَى الطِّبّ وَالهندسَة.
وَقِيْلَ: لَمَّا رَجَعَ إِلَى مَرَّاكش، أَحَبّ النَّظَر فِي الفَلْسَفَة، وَطلب
(1)(المعجب) : 383، ولكن النص الذي يشير إلى اهتمامه بالبناء لم يقله عبد الواحد، ولعله من استنتاج الذهبي لما ذكره عبد الواحد من الابنية:341.
(2)
ثم قال: (والله أعلم بما تكن صدورهم وتحويه بيوتهم) ..
(3)
قد مرت ترجمته قبل قليل.
(4)
كتاب (الحيوان) لارسطاطاليس.
ابْنَ رُشْدٍ ليُحسن إِلَيْهِ، فَحضر، وَمَاتَ، ثُمَّ بَعْد يَسير مَاتَ يَعْقُوْب.
وَقَدْ كتب صَلَاح الدِّيْنِ إِلَى يَعْقُوْبَ يَسْتَنجد بِهِ فِي حِصَار عكَّا، وَنفّذ إِلَيْهِ تَقدمَةً، وَخضع لَهُ، فَمَا رضِي لِكَوْنِهِ مَا لقّبه بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، وَلَقَدْ سمح بِهَا، فَامْتَنَعَ مِنْهَا كَاتبه القَاضِي الفَاضِل (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّ يَعْقُوْب أَبطل الخَمْر فِي مَمَالِكه، وَتوعّد عَلَيْهَا فَعدمت، ثُمَّ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ الطَّبِيْب: ركِّب لَنَا ترِيَاقاً، فَأَعوزَه خمر، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: تلطّف فِي تَحْصِيله سرّاً، فَحرص، فَعَجِزَ، فَقَالَ الْملك: مَا كَانَ لِي بِالتِّرْيَاق حَاجَة، لَكِن أَردت اخْتبَار بلَادِي.
قِيْلَ: إِنَّ الأَدفنش كتب إِلَيْهِ يُهدِّده، وَيُعنِّفه، وَيطلب مِنْهُ بَعْض البِلَاد، وَيَقُوْلُ: وَأَنْت تُمَاطل نَفْسك، وَتُقدِّم رِجْلاً، وَتُؤخِّر أُخْرَى، فَمَا أَدْرِي الجبنُ بَطَّأَ بِك، أَوِ التَّكذِيب بِمَا وَعدك نَبِيّك؟
فَلَمَّا قرَأَ الْكتاب، تَنمَّر، وَغَضِبَ، وَمزّقه، وَكَتَبَ عَلَى رقعَة مِنْهُ: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُوْدٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا
…
} الآيَةَ [النَّمْلُ: 37] ، الجَوَابُ مَا تَرَى لَا مَا تسَمِع.
وَلَا كُتْب إِلَاّ المشرفِيَّةُ عِنْدنَا
…
وَلَا رُسْل إِلَاّ لِلْخَمِيْسِ العَرَمْرَمِ
ثُمَّ اسْتنْفرَ سَائِر النَّاس، وَحشد، وَجَمَعَ حَتَّى احتوَى دِيْوَانُ جَيْشه
(1) كان ذلك في أواخر 587، وكان السفير شمس الدين عبد الرحمان بن منقذ حيث وصل هناك في العشرين من ذي الحجة، وبقي إلى عاشوراء من المحرم سنة 588، وكان طلب صلاح الدين يتلخص في إرسال مراكب في البحر تكون عونا للمسلمين على مراكب الصليبيين، وكان القاضي الفاضل قد نصح صلاح الدين بعدم الارسال، لكنها كانت محاولة، وفشلت.
وقد أورد أبو شامة نص الكتاب الذي أرسله السلطان من إنشاء القاضي الفاضل، وأراد أن يذكر فيه لقب (أمير المؤمنين) ، لكن القاضي الفاضل امتنع خوفا من إغضاب العباسيين.
(وانظر ابن كثير في (البداية) : 12 / 339، وابن واصل في (مفرج الكروب) : 2 / 496) .
عَلَى مائَة أَلْف، وَمِنَ المطَّوِّعَة مِثْلهُم، وَعدَّى إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَتمّت المَلْحَمَة الكُبْرَى، وَنَزَلَ النَّصْر وَالظفر، فَقِيْلَ: غنمُوا سِتِّيْنَ أَلْفَ زرديَّة.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: قُتِلَ مِنَ العَدُوّ مائَة أَلْف وَسِتَّة وَأَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، وَمِنَ المُسْلِمِيْنَ عِشْرُوْنَ أَلْفاً.
وَذكره أَبُو شَامَةَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ (1) : وَبعد هَذَا فَاختلفت الأَقْوَال فِي أَمره، فَقِيْلَ: إِنَّهُ ترك مَا كَانَ فِيْهِ، وَتَجرّد، وَسَاح، حَتَّى قَدِمَ المَشْرِق مُتَخفِّياً، وَمَاتَ خَامِلاً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ مَاتَ بِبَعْلَبَكَّ، وَمِنْهُم مَنْ يَقُوْلُ: رَجَعَ إِلَى مَرَّاكش، فَمَاتَ بِهَا، وَقِيْلَ: مَاتَ بِسَلَا، وَعَاشَ بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: إِلَيْهِ تُنسب الدَّنَانِيْر اليَعْقُوْبيَّة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (2) : حَكَى لِي جمع كَبِيْر بِدِمَشْقَ أَن بِالبِقَاعِ بِالقُرْبِ مِنَ الْمجْدَل قَرْيَة يُقَالُ لَهَا: حَمَّارَة، بِهَا مشْهد يُعرف بِقَبْر الأَمِيْر يَعْقُوْب ملك المَغْرِب، وَكُلّ أَهْل تِلْكَ النَّاحيَة متفقُوْنَ عَلَى ذَلِكَ.
قيل: الأَظهر مَوْته بِالمَغْرِبِ، فَقِيْلَ: مَاتَ فِي أَوَّلِ جُمَادَى الأُوْلَى، وَقِيْلَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، وَقِيْلَ: مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ مَاتَ مِثْل هَذَا السُّلْطَان فِي مقرّ عزّه، لَمْ يُخْتَلَفْ هَكَذَا فِي وَفَاتِهِ -فَاللهُ أَعْلَم- لَكِن بُوْيِع فِي هَذَا الْحِين وَلده مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيّ.
(1)(الروضتين) ، حوادث سنة 587.
(2)
(وفيات) : 7 / 10.