الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب الزكاة
هي في اللغة: النماء والتطهير.
فمن الأول: قولهم: زكى الزرع، أي نما. فالمال ينمو بإخراج الزكاة من حيث لا يرى. وإن كان في الظاهر يحس بالنقصان. وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام قال:"ما نقص مال من صدقة"(1) وقد وقع ذلك لبعض الصالحين، فوجد وزن ما عنده كما كان قبل الصدقة.
وقيل: يزكو عند الله أجرها كما صح أن الله -تعالى- يربي الصدقة حتى تكون كالجبل.
وقيل: لأن متعلقها الأموال ذات النماء فسميت بالنماء لتعلقها به.
ومن الثاني: قوله -تعالى-: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (2)، وقوله:
(1) مسلم (2588)، ومالك في الموطأ (2/ 1000)، وابن خزيمة (2438)، والترمذي (2029)، والبغوي (1633)، وابن حبان (3248)، والدارمي (1/ 396)، والبيهقي (4/ 187)، وأحمد (2/ 235، 386، 438). انظر زيادة في معناه: الاستذكار (27/ 426).
(2)
سورة التوبة: آية 103.
[{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)} (1)، أي طهرها من دنس المعاصي والمخالفات دليله](2)، قوله - تعالى-:{وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)} (3) أي أخملها بالمعاصي. فالزكاة تطهر النفس من رذيلة البخل وغيره. وقد قيل: من أدى زكاة ماله لم يسم بخيلاً. وتطهر أيضاً من الذنوب، وتطهر المال أيضاً من الخبث.
وقيل: سميت زكاة، لأنها تزكي صاحبها، وتشهد بصحة إيمانه؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:"والصدقة برهان"(4).
وقد قيل: في قوله -تعالى-: {لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (5) لا يشهدون أن لا إله إلَّا الله.
وتسمى أيضاً: صدقة؛ كما نص عليه القرآن والسنَّة، لأنها دليل لتصديق صاحبها وصحة إيمانه ظاهراً وباطناً.
وتسمى أيضاً: حقّاً: قال -تعالى-: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (6)
(1) الشمس: آية 9.
(2)
زيادة من ن ب د.
(3)
الشمس: آية 10.
(4)
مسلم في كتاب الطهارة، باب: فضل الوضوء (223)، والترمذي (5/ 535) في الدعوات، وأحمد (5/ 342)، وأبو عبيد في الطهور (35)، وأول الحديث: "الطهور شطر الإِيمان
…
" الحديث.
(5)
سورة فصلت: آية 7.
(6)
سورة الأنعام: آية 141.
ونفقة: قال -تعالي-: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (1).
وعفواً: قال -تعالى-: {خُذِ الْعَفْوَ} (2)، فهذه خمسة أسماء.
وقوله -تعالى-: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} (3)، وقوله:{غُلَامًا زَكِيًّا} (4) أي طاهراً.
وقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)} (5)، وقوله:{الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18)} (6)، أي يتقرب.
وقيل: يعمل صالحاً.
وجاء في القرآن بمعنى الإِسلام: قال -تعالى-: {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7)} (7).
وبمعنى الحلال: قال -تعالى-: {أَزْكَى طَعَامًا} (8).
(1) سورة التوبة: آية 34.
(2)
سورة الأعراف: آية 199.
(3)
سورة الكهف: آية 74.
(4)
سورة مريم: آية 19. وقال الفيروز آبادي في بصائر ذوى التمييز (3/ 134) على هذه الآية: الحسن واللطافة أي ذات جمال.
(5)
سورة الأعلى: آية 14.
(6)
سورة الليل: آية 18.
(7)
سورة عبس: آية 7.
(8)
سورة الكهف: آية 19.وذكر المصنف -رحمنا الله وإياه- للزكاة تسعة معانٍ: وإكمالاً للفائدة نضيف ما ورد في كتاب بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي (3/ 134)، فإنه: الصلاح والصيانة (أن يبدلهما ربهما خيراً =
ومن العجب العجاب إنكار داود الظاهري: وجود الزكاة لغة وقال: إنما عرفت بالشرع.
وهي في الشرع: اسم لما يخرج من المال طهارة له.
وشرعت لمصلحة الدافع طهرةً له وتضعيفاً لأجره، ولمصلحة الآخذ سدّاً لخلته.
وأفهم الشرع أنها وجبت للمساواة، وأنها لا تكون إلَاّ في مال له بال وهو النصاب. ثم جعلها في الأموال النامية وهي العين والزرع والماشية. وأجمعوا على [(1)](2) وجوب الزكاة في هذه الأنواع.
واختلفوا فيما سواها كالعروض. والجمهور: على الوجوب فيها خلافاً لداود مستدلاًّ بالحديث الآتي: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة"(3).
= منه زكاة)، أي صلاحاً، وبمعنى النبوة والرسالة:(لأهب لكِ غلاماً زكياً) أي رسولاً نبيَّاً وبمعنى الدعوة والعبادة: (وأوصاني بالصلاة والزكاة)، وبمعنى الاحتراز عن الفواحش:"ما زكى منكم من أحد أبداً" وبمعنى الإِقبال على الخدمة "ومن تزكّى فإِنما يتزكّى لنفسه" وبمعنى الثناء والمدح: "فلا تزكّوا أنفسكم" وبمعنى النقاء والطهارة: "قد أفلح من زكّاها" وبمعنى التوبة من دعوى الربوبية: "هل لك إلى أن تزكّي" وبمعنى أداء الزكاة الشرعية: " {آتُوا الزَّكَاةَ} "ويؤتوا الزكاة" ولها نظائر كثيرة. اهـ.
(1)
في ن ب ساقطة.
(2)
في ن ب زيادة (ذلك).
(3)
البخاري (1463، 1464)، ومسلم (982)، وأبو داود (1595) في الزكاة، باب: صدقة الرقيق، والترمذي (628) في الزكاة، باب: ما جاء =
وحمله الجمهور على ما كان للقنية كما ستعلمه في الباب وحدد الشرع نصاب كل جنس بما يحتمل المواساة.
فنصاب الفضة خمس أواق: وهي مائَتا درهم بنص الحديث والإِجماع.
وأما الذهب: فعشرون مثقالاً بنص الحديث والإِجماع أيضاً، وإن كان فيه خلاف شاذ.
وأما الزرع والثمار والماشية: فنصبها معلومة.
ورتب الشرع مقدار الواجب بحسب المؤنة والتعب في المال، فأعلاها وأقلها تعباً الركاز وفيه الخُمُسُ لعدم التعب فيه، ويليه الزرع والثمر فإن سقي بماء السماء ونحوه ففيه العشر وإلَاّ فنصفه، لأن في الأول التعب من طرفين والثاني من طرفين، ويليه الذهب والفضة والتجارة ففيها ربع العشر، لأنه يحتاج إلى العمل فيه جميع السنة، ويليه الماشية فإنه يدخلها الأوقاص بخلاف الأنواع السابقة فالمأخوذ إذن: الخمس، ونصفه، وربعه، وثمنه. وهذا من حسن ترتيب الشريعة وهو التدريج في المأخوذ:
إذا عرفت هذه المقدمة فلنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول ذكر المصنف رحمه الله في الباب ستة أحاديث:
= ليس في الخيل والرقيق صدقة، والنسائي (5/ 35)، وابن ماجه (1812)، والشافعي (1/ 226)، وابن خزيمة (2285، 2288، 2289)، وأحمد (2/ 242، 254، 470، 477)، والدارمي (1/ 384)، وابن حبان (3271)، ومالك في الموطأ (1/ 277)، وعبد الرزاق (6878).