المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس والسادس - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٥

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الزكاة

- ‌33 - باب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌34 - باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌35 - باب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌36 - باب الصوم في السفر [وغيره]

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌37 - باب فضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌38 - باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌39 - باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌الحديث الخامس والسادس

‌الحديث الخامس والسادس

182، 183/ 5، 6/ 35 - عن عائشة، وأم سلمة رضي الله عنهما، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يُدْرِكهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أهْلِهِ ثمَّ يَغْتَسِل وَيَصومُ"(1).

الكلام عليه من وجوه:

الأول: في التعريف براويه: أما التعريف بعائشة: فسلف في الطهارة.

وأما التعريف بأم سلمة: فسلف في باب الجنابة.

[الوجه](2) الثاني: أجمع العلماء على صحة صوم من أصبح جنباً من احتلام، كما نقله الماوردي (3).

(1) البخاري (1925، 1930، 1931 - 1926، 1932)، ومسلم (1109)، والنسائي في الكبرى (2/ 183، 184)، ومالك في الموطأ (1/ 290)، وعبد الرزاق (7398)، والبيهقي (4/ 214)، ومعرفة السنن (6/ 8634)، وأحمد (6/ 289)، والترمذي (779)، وابن حبان (3486، 3487)، وابن أبي شيبة (3/ 81)، النسائي (4/ 143).

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

(3/ 264).

ص: 195

لكن في النسائي (1) من حديث الزهري قال: أخبرني [عبد الله بن](2) عبد الله بن عمر "أنه احتلم ليلاً في رمضان، فاستيقظ قبل أن يطلع الفجر، ثم نام قبل أن يغتسل فلم يستيقظ حتى أصبح، فلقى أبا هريرة فاستفتاه في ذلك، فقال: أفطر. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالفطر إذا أصبح الرجل جنباً. قال عبد الله بن عبد الله بن عمر: فجئت عبد الله بن عمر فذكرت له الذي أفتاني به أبو هريرة، فقال: أقسم بالله! لإِن أفطرت لأوجعن متنيك، صم، فإن بدا لك أن تصوم يوماً آخر فافعل".

واختلفوا فيمن أصبح جنباً من جماع:

فالجمهور من الصحابة والتابعين: على صحة صومه. لهذا الحديث الذي ذكره المصنف، ولقوله -تعالى-:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} (3)، فإنه يقتضي جواز الوطء ما دام الليل إلى آخر جزء منه، ومن ضرورة من وطأ إلى آخر جزء منه أن يصبح جنباً (4).

وفيه قول ثان: أنه لا يصح صومه، وإليه ذهب أبو هريرة،

(1) النسائي في الكبرى (2/ 176، 177). انظر: التمهيد (17/ 422)، والاستذكار (10/ 45)، والمحلى (6/ 218). قال ابن عبد في الاستذكار: واختلف في اسم ابن عبد الله بن عمر هذا؛ فقيل: عبد الله، وقيل: عبيد الله. وكان ما يروى كلاهما ثقة ثبت. اهـ.

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

سورة البقرة: آية 87.

(4)

ينقل المناظرة التي في السنن والمعرفة (6/ 253).

ص: 196

ورواه عن الفضل ابن عباس، وأسامة بن زيد مرفوعاً:"من أدركه الفجر جنباً فلا يصم"، والأول أخرجه مسلم (1)، والثاني النسائي (2)، وفي رواية مالك (3)"أفطر"، وفي النسائي (4) عن أبي هريرة أنه قال:"لا ورب هذا البيت! ما أنا قلت: من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصوم، محمد ورب الكعبة! قاله"، لكن لما بلغه حديث عائشة وأم سلمة رجع إليه، وترك حديث الفضل وأسامة (5)، ورآه منسوخاً، لأنه كان في أول الأمر حين كان الجماع محرماً في الليل بعد النوم، كما كان الطعام والشراب محرماً، كما جاء في البخاري (6) من حديث البراء بن عازب، في قصة قيس بن صرمة، ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة فكان يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ فرجع إليه، وهذا أحسن ما قيل فيه.

وكذلك ما يقال جواباً عمن قال به بعده: أنه بلغهم ورجعوا،

(1) انظر: حديث الباب والسنن الكبرى للنسائي (2/ 180).

(2)

السنن الكبرى للنسائي (2/ 179).

(3)

الموطأ (1/ 290)، ولفظه:"من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم".

(4)

النسائي في الكبرى (2/ 176)، والاستذكار (10/ 45).

(5)

مسلم (1109)، والبيهقي (4/ 215)، وفتح الباري (4/ 146، 147).

(6)

البخاري (1915)، والترمذي (2968)،والنسائي (4/ 147، 148)، وأبو داود (2314) في الصيام، باب: مبدأ فرض الصيام، وأحمد (4/ 295)، وابن حبان (3460)، والطبري (2939)، والبيهقي (4/ 201)، والسنن الكبرى للنسائي (2/ 80)، وإلى هذا ذهب أبو بكر بن المنذر إلى النسخ كما نقله البيهقي في المعرفة (6/ 254).

ص: 197

وأبعد من قال بعدم رجوع أبي هريرة عن ذلك، ففي صحيح مسلم (1) رجوعه عنه صريحاً.

وعنه جواب ثان: وهو حمله على من طلع الفجر وهو مجامع فاستدام، وفيه بعد من حيث تسمية المجامع حال جماعه عرفاً جنباً.

وجواب ثالث: أنه إرشاد إلى الأفضل، وهو الاغتسال قبل الفجر، وتركه عليه الصلاة والسلام هذا الأفضل في حديث عائشة وأم سلمة لبيان الجواز، مع أن فعله عليه الصلاة والسلام[الشيء](2) بياناً لجوازه أفضل في حقه من حيث إنه مأمور، كما توضأ مرة مرة، وطاف على البعير مع أن الوضوء ثلاثاً والطواف ماشياً أفضل، لأنه المتكرر من فعله، ونظائر ذلك كثيرة.

وهذا الكلام يرجع إلى مسألة أصولية [وهو](3) أن الوجوب إذا نسخ هل يبقى الاستحباب؟ والصحيح بقاؤه، فالاغتسال قبل الفجر في الصوم للجنب كان واجباً، فلما نسخ بقي استحبابه.

وفي المسألة قول ثالث: أنه إن علم بجنابته لم يصح، وإلَاّ فيصح (4). قاله طاوس وعروة والنخعي، وحُكِيَ عن أبي هريرة أيضاً.

(1) مسلم (1109).

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

في ن ب د (وهي).

(4)

انظر: الاستذكار (10/ 47)، وطرح التثريب (4/ 123).

ص: 198

وقول رابع: أنه يحرم في صوم التطوع دون الفرض، قاله الحسن البصري، وحكي عن النخعي أيضاً (1).

وقول خامس: أنه يصومه ويقضيه (2) حُكِيَ عن سالم بن عبد الله، والحسن البصري، وحكي عن الحسن البصري كقول أبي هريرة، ثم ارتفع الخلاف، ووقع الإِجماع بعد هؤلاء على صحة صومه.

وفي صحة الإِجماع بعد الخلاف خلاف مشهور لأهل الأصول، وحديث عائشة وأم سلمة حجة على كل مخالف.

وصح أيضاً أنه عليه الصلاة والسلام أخبر بذلك عن نفسه (3).

ووقع في شرح الفاكهي حكاية عن عروة والحسن وطاوس

(1) انظر: تفسير القرطبي (2/ 326)، والاعتبار للحازمي (344)، والاستذكار (10/ 47)، والمغني (3/ 138).

(2)

انظر: الاستذكار (10/ 47).

(3)

ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! يدركني الصبح وأنا جنب، فأصوم يومي ذلك؟ فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ربما أدركني الصبح وأنا جنب، فأقوم وأغتسل وأصلي الصبح، وأصوم يومي ذلك". انظر: مسلم (1110)، والنسائي في الكبرى (2/ 195)، وابن خزيمة (2014)، وأبو داود (2389) في الصيام، باب: فيمن أصبح جنباً في شهر رمضان، ومالك في الموطأ (1/ 289)، والبيهقي (4/ 213)، وأحمد (6/ 67، 156، 245)، والطحاوي (2/ 106).

ص: 199

وعطاء وسالم: أن صوم الجنب باطل، وأنه إذا علم بجنابته ثم لم يغتسل حتى أصبح وجب عليه صوم ذلك اليوم، وقضاء يوم مكانه، ثم حكي عن النخعي صحة صوم التطوع من غير قضاء، ويتم الفرض ويقضيه إلَّا إذا كان غير متعمد فلا قضاء عليه، وفيه مخالفة لما أسلفناه عنهم، والذي قدمنا حكايته هو ما ذكره النووي في شرحه لمسلم (1).

فرع: [في معنى هذه المسألة](2) الحائض يدركها الفجر قبل الغسل ثم تتركه حتى تصبح. والجمهور على أنه لا قضاء عليها، سواء تركته عمداً أو سهواً (3).

وشذ محمد بن مسلمة فقال: لا يجزئها، وعليها الكفارة والقضاء، وهذا في المفرطة والمتوانية، فأما التي رأت الطهر فبادرت وطلع الفجر قبل تمامه، فقد قال مالك: هي كمن طلع عليها وهي حائض، يومها يوم فطر. وقاله عبد الملك.

قال القرطبي في "مفهمه": وقد ذكر بعضهم قول عبد الملك هذا في المتوانية وهو [أبعد](4) من قول ابن مسلمة.

قلت: وعليه اقتصر الفاكهي في حكايته عنه.

(1) انظر: شرح مسلم (7/ 222).

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

انظر: الاستذكار (10/ 48).

(4)

زيادة من ن ب د.

ص: 200

وعبارة الشيخ تقي الدين في شرحه (1): إذا طهرت وطلع عليها الفجر قبل أن تغتسل، ففي مذهب مالك في وجوب القضاء قولان.

وقال النووي (2): مذهبنا ومذهب العلماء كافة أنه إذا انقطع دم الحائض والنفساء ليلاً ثم طلع الفجر قبل اغتسالهما صح صومهما، ووجب عليهما إتمامه، سواء تركت الغسل عمداً أو سهواً بعذر أم بغير عذر: كالجنب إلَّا ما حكي عن بعض السلف مما لا يعلم صح عنه أم لا.

الوجه الثالث: قولها: "من أهله" أي جماع أهله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وفي رواية:"من جماع غير احتلام"، وفيه دلالة لمن يقول بجواز الاحتلام على الأنبياء، وفيه خلاف، والأشهر امتناعه لأنه من تلاعب الشيطان، وهم منزهون [عن ذلك](3)، ويتأولون هذا الحديث على أن المراد يصبح جنباً من جماع، ولا يجنب من احتلام لامتناعه منه، ويكون قريباً من معنى قوله -تعالى-:{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (4) ومعلوم أن قتلهم لا يكون بحق.

(1) انظر: إحكام الأحكام (3/ 338).

(2)

انظر: شرح مسلم (7/ 222)، وما بين القوسين ليس في الشرح الموجود نسخته بين يديّ.

(3)

في ن ب د (عنه).

(4)

سورة البقرة: آية 61.

ص: 201